نحن والقانون

جرائم الإفلاس في القانون اللبناني
إعداد: الدكتور نادر عبد العزيز شافي
محام بالإستئناف

عندما يعجز المدين عن الوفاء بديونه، يحق لدائنيه أن يستوفوا حقوقهم عن طريق التنفيذ على أمواله. أما إذا كان المدين تاجراً وتوقف عن دفع ديونه التجارية في مواعيد استحقاقها، فيتم إعلان إفلاسه بحكم من المحكمة المختصة، بغض النظر عما إذا كان المدين تاجراً موسراً أو معسراً. ويقوم نظام الإفلاس على تصفية أموال المدين تصفية جماعية وتوزيع الثمن الناتج منها على الدائنين، كلٌ بنسبة دينه تحقيقاً للمساواة بين الدائنين، وإبطال التصرفات التي يبرمها المدين خلال الفترة السابقة على الإفلاس (المسماة بفترة الريبة)، وغلّ يد المفلس عن إدارة أمواله والتصرّف بها. وقد نصت المادة 489 من قانون التجارة على أنه «يعتبر في حالة الإفلاس كل تاجر ينقطع عن دفع ديونه التجارية، وكل تاجر لا يدعم الثقة المالية به إلا بوسائل يظهر بجلاء أنها غير شرعية».  فنظام الإفلاس هو نظام خاص بالتجار وحدهم، ولا يطبّق على غيرهم.
غير أنه قد يكون الإفلاس ناجماً عن أفعال جرمية يرتكبها التاجر بقصد الإعتداء على حقوق دائنيه وحرمانهم من استيفاء حقوقهم أو جزء منها. وقد نصت المادة 689 وما يليها من قانون العقوبات اللبناني على الحالات التي يعتبر الإفلاس فيها جرماً جزائياً يعاقب عليه القانون. ويتبين أن هذه الجرائم هي على نوعين: الإفلاس الاحتيالي والإفلاس التقصيري.

 

الشروط العامة لإعلان الإفلاس
يشترط لإعلان الإفلاس: أن يكون المدين تاجراً، وأن يتوقف عن دفع ديونه التجارية.


• صفة التاجر:
سنداً للمادة 9 من قانون التجارة، التجار هم أولاً الأشخاص الذين تكون مهنتهم القيام بأعمال تجارية. وثانياً: الشركات التي يكون موضوعها تجارياً. أما الشركات التي يكون موضوعها مدنياً ولكنها اتخذت صفة الشركات المغفلة أو شركات التوصية المساهمة فتخضع لجميع موجبات التجار ولأحكام الصلح الإحتياطي والإفلاس. فالتاجر هو الفرد الذي يحترف القيام بالأعمال التجارية؛ أي أن يقوم بتلك الأعمال على سبيل الاحتراف، ولحسابه الخاص. أما الشخص الذي يقوم بعمل تجاري واحد فلا يعتبر تاجراً أياً كانت أهمية هذا العمل. ولم يشترط القانون أن يكون الشخص مسجلاً في السجل التجاري لاعتباره تاجراً؛ إذ يكفي أن يقوم بالأعمال التجارية على سبيل الاحتراف ولحسابه الخاص، حتى ولو كان محظوراً عليه القيام بالأعمال التجارية بمقتضى القوانين؛ كالموظفين والمحامين، وحتى ولو كان مستتراً وراء شخص آخر، حيث يجوز شهر إفلاسه، إضافة الى الجزاءات التأديبية والمسلكية لممارسة الأعمال التجارية خلافاً للقوانين المرعية الإجراء. وإذا كان القانون يعفي صغار التجار؛ كالبائع الطواف أو بالمياومة، من بعض الموجبات المفروضة على التجار، مثل مسك الدفاتر التجارية والتسجيل في السجل التجاري، فهم يخضعون لنظام الإفلاس ويجوز إعلان افلاسهم إذا توقفوا عن دفع ديونهم التجارية.
كما يتناول الإفلاس الشركات التي يكون موضوعها تجارياً، والتي يكون موضوعها مدنياً واتخذت صفة الشركات المغفلة أو شركات التوصية المساهمة، ومن خلال الأشخاص الذين يقومون بإدارتها وفقاً لنص المادتين 692 و693 من قانون العقوبات. فعند إفلاس شركة تجارية، ينال العقاب: الشركاء المضاربون الذين اعتادوا التدخل في أعمال الشركة، ومديرو شركة التوصية بالأسهم والشركات المحدودة المسؤولية، والمديرون وأعضاء مجلس الإدارة والوكلاء المفوضون وأعضاء مجالس المراقبة ومفوضو المحاسبة وعمال الشركات المذكورة والشركات المغفلة، إذا أقدموا بأنفسهم على ارتكاب عمل من أعمال الإفلاس الاحتيالي أو سهلوا أو أتاحو ارتكابه عن قصد منهم، أو إذا نشروا بيانات أو موازنات غير حقيقية أو وزعوا أنصبة وهمية (مادة 692 عقوبات). وإذا أفلست شركة تجارية، يعاقب بعقوبة الإفلاس التقصيري كل من أقدم من الأشخاص المذكورين في إدارة الشركة أو العمل لمصلحتها على ارتكاب جرم من الجرائم المنصوص عليها في المادة 690/1 و2 و3 وفي المادة 691 عقوبات.
الى ذلك، فإن القاصر المأذون له في ممارسة التجارة قبل أن يبلغ سن الرشد (ثمانية عشر عاماً) يعامل كمن بلغ سن الرشد سنداً للمادة 217 من قانون الموجبات والعقود، وبالتالي يجوز شهر إفلاسه.
ويجب أن تتوافر في المدين صفة التاجر وقت ارتكابه الفعل الذي تقوم به جريمة الإفلاس، حتى ولو زالت عنه تلك الصفة بتاريخ ملاحقته بهذا الجرم.


• التوقف عن دفع الديون التجارية:
أي عدم دفع الديون التجارية في مواعيد استحقاقها. ولا يشترط أن ينقطع التاجر عن دفع جميع ديونه التجارية، بل يكفي أن ينقطع عن دفع أحدها فقط، سواء أكان مصدر تلك الديون عقدياً أم غير عقدي، نقدياً أم غير نقدي. ويجب أن يكون الدين غير المدفوع تجارياً أو لحاجات تجارية، وليس مدنياً؛ كأن يكون لحاجاته الشخصية أو لحاجات عائلته أو منزله. ولا يجوز إعلان إفلاس التاجر، ولو كان معسراً، ما دام يفي ديونه التجارية في مواعيد استحقاقها، شرط أن تكون وسائل الإيفاء مشروعة. إذ يعتبر التاجر متوقفاً عن الدفع ايضاً إذا لم يدعم الثقة المالية به إلا بوسائل يظهر بجلاء أنها غير مشروعة. ويجب أن يكون الدين المتوقف عن دفعه تجارياً بتاريخ التوقف عن الدفع، وأن يكون خالياً من النزاع، ومعين المقدار، ومستحق الأداء.
ويعود للقاضي الجزائي تقدير مدى اعتبار التاجر متوقفاً عن دفع ديونه التجارية، فلا حجية لقرار المحكمة التجارية في شأن التوقف عن الدفع وفي شهر الإفلاس، إذ يجوز للمحكمة الجزائية المختصة أن تحكم بجريمة الإفلاس حتى ولو كانت المحكمة التجارية المختصة قد قضت بعدم توافر شروط الإفلاس. وإذا ظهر للمحكمة عرضاً في أثناء محاكمة مدنية أو تجارية أو جزائية ان التاجر في حالة إفلاس ظاهرة فيحق لها، وإن يكن الإفلاس لم يعلن، أن تطبق أحكام الإفلاس وفقاً للمادة 498 من قانون التجارة. ويجوز إثبات التوقف عن دفع الديون التجارية بوسائل الإثبات الشخصية والخطية كافة، حيث يعود تقديرها للقاضي الناظر بالنزاع.

 

جناية الإفلاس الإحتيالي
نصت المادة 689 من قانون العقوبات على أنه «يعتبر مفلساً محتالاً ويعاقب بالأشغال الشاقة المؤقتة حتى سبع سنوات كل تاجر مفلس أخفى دفاتره أو اختلس أو بدّد قسماً من ماله أو اعترف مواضعة بديون غير متوجبة عليه، سواء في دفاتر أو صكوك رسمية أو عادية أو بموازنته». كما نصت المادة 693 من قانون التجارة على أن «كل تاجر مفلس أخفى دفاتره أو اختلس أو أخفى جزءاً من موجوداته أو اتضح أنه ادعى احتيالاً كونه مديوناً بدين ليس عليه، سواء كان ذلك في مدرجات دفاتره أو في صكوك رسمية أو في التزامات ذات توقيع خاص أو في الموازنة، يعد مفلساً محتالاً ويعاقب بالعقوبة المختصة بالإفلاس الإحتيالي».


• إخفاء الدفاتر:
الإخفاء هو إبعاد الدفاتر ذاتها أو محتوياتها عن إطلاع الدائنين، إما بتمزيقها أو إحراقها، وإما عبر طمس محتوياتها أو محوها أو كشطها بصرف النظر عما إذا كانت تلك الدفاتر إلزامية بمقتضى القانون أم إختيارية.


• إختلاس المال أو بعضه أو تبديده:
يقصد بالإختلاس إبعاد مال المدين التاجر عن متناول دائنيه لمنعهم من استعمال حقهم في التنفيذ عليه لاستيفاء حقوقهم، أو إتلافه أو استهلاكه أو التخلي عنه أو بيعه أو وهبه أو إيداعه في مصرف بإسم شخص آخر. أما إخفاء المال فيعني إنكار وجوده أو إنكار إنتمائه الى أموال التفليسة؛ كنقل المال أو جزء منه من متجر معروف الى متجر مجهول أو الى بيت التاجر أو قريبه، أو الإدعاء بأنه ملك الزوجة. وسواء أكان المال منقولاً أم عقاراً، مادياً أم مجرد حق قابل للتقدير بالنقود.


• الإعتراف مواضعة بديون غير متوجبة:
أي الإعتراف بديون لشخص آخر بقصد غش الدائنين وخداعهم والإضرار بهم؛ كأن يقر المفلس بدين وهمي آخر في ذمته لا وجود له قط، فيكون الدين غير حقيقي ويتوافر التواطؤ بين التاجر المفلس والدائن المزعوم.


• عقوبة جريمة الإفلاس الإحتيالي:
هي الأشغال الشاقة المؤقتة حتى سبع سنوات (المادة 689 عقوبات)، إضافة الى إمكان تعليق القرار ونشره وفرض تدابير المنع المؤقت أو المؤبد عن ممارسة التجارة أو القيام في شركة بإحدى وظائف أو أعمال الإدارة أو المراقبة أو المحاسبة (م 698 عقوبات).
كما يستحق عقوبة الإفلاس الإحتيالي سنداً للمادة 695 من قانون العقوبات:
1- من أقدم لمصلحة المفلس على اختلاس أو إخفاء أو كتم أمواله أو بعضها، الثابتة منها والمنقولة.
2- من تقدّم احتيالاً بإسمه أو بإسم مستعار لتثبيت ديون وهمية في طابق الإفلاس.
3- من ارتكب وهو يتعاطى التجارة بإسم وهمي جريمة الإفلاس الإحتيالي.

 

جنحة الإفلاس التقصيري
يختلف الإفلاس التقصيري عن الإفلاس الإحتيالي أنه في الحالة الأولى لم يقصد المدين المفلس الإضرار بدائنيه، إنما لم يبذل العناية والحرص الواجبين في عمله فأهمل إدارته أو أقدم على تصرفات متّسمة بالرعونة أدّت الى إنهيار مشروعه التجاري وعرّضت حقوق الدائنين للضياع، خلافاً لحالة الإفلاس الإحتيالي التي تفترض توافر النية الجرمية لدى المفلس بالإضرار بدائنيه وفق ما جرى تفصيله.
ويقسم الإفلاس التقصيري الى نوعين: وجوبي (إلزامي)، وجوازي (إختياري).


• الإفلاس التقصيري الوجوبي:
نصت المادة 690 من قانون العقوبات على أنه «يعتبر مفلساً مقصراً ويعاقب بالحبس من شهر الى سنة كل تاجر متوقف عن الدفع:
1- إذا كان قد استهلك مبالغ باهظة في عمليات وهمية على البضائع أو بالبورصة.
2- إذا أقدم بعد التوقف عن الدفع وفي سبيل تأخير الإفلاس على شراء بضائع لبيعها بأقل من ثمنها أو عقد للغاية نفسها قروضاً أو تداول سندات أو توسل بطرق أخرى للحصول على المال.
3- إذا أقدم بعد التوقف عن الدفع على إيفاء دائن إضراراً بكتلة الدائنين.
4- إذا وُجِدت نفقاته الشخصية أو نفقات بيته زائدة عن الحد. وتناولت المادة 633 من القانون التجاري حالات الإفلاس التقصيري الوجوبي وحددتها ايضاً بأربع حالات هي نفسها التي نص عليها قانون العقوبات.
هذه الحالات محدّدة على سبيل الحصر، فإذا تحقّق القاضي الجزائي المختص من توافر حالة منها، وجب عليه إدانة التاجر المنقطع عن دفع ديونه التجارية بالإفلاس التقصيري الوجوبي ومعاقبته بالحبس من شهر الى سنة.


- إستهلاك مبالغ باهظة في عمليات وهمية على البضائع أو بالبورصة: أي إقدام التاجر المتوقف عن دفع ديونه التجارية على إنفاق مبالغ كبيرة في عمليات وهمية؛ مثل عمليات الحظ والقمار والمجازفات في البورصة.


- إقدام المفلس بعد التوقف عن الدفع، وفي سبيل تأخير الإفلاس، على شراء بضائع لبيعها بأقل من ثمنها أو عقد للغاية نفسها قروضاً أو تداول سندات أو توسل بطرق أخرى مرهقة للحصول على المال: وهنا يجب توافر شرطين: إقتراف هذه الأفعال بعد التوقف عن الدفع، وأن يكون الهدف منها تأخير شهر إفلاسه. ويعود للقاضي الناظر بالنزاع تحديد تاريخ توقف المفلس عن دفع ديونه التجارية وتاريخ إرتكابه تلك الأفعال، واستخلاص نية المفلس وهدفه منها في سبيل تأخير إعلان إفلاسه. كأن يقدم التاجر المفلس، بعد ثبوت توقفه عن دفع ديونه التجارية وفي سبيل تأخير إعلان إفلاسه، الى وسائل ملتوية من أجل تأخير إنهيار مشروع التجاري.


- إقدام المفلس بعد التوقف عن الدفع على إيفاء دائن إضراراً بكتلة الدائنين: وهذا يشكّل إخلالاً واضحاً بمبدأ المساواة بين الدائنين، ويشترط في هذه الحالة أن يكون الإيفاء بعد توقف التاجر المفلس عن دفع ديونه التجارية، حتى ولو لم تتوافر لدى المفلس نية الإضرار بالدائنين، ويعود تقدير ذلك للمحكمة الناظرة بالنزاع.


- زيادة نفقات المفلس الشخصية أو نفقات بيته عن الحد: أي أن يقدم التاجر المفلس على زيادة نفقاته الشخصية على نفسه أو زيادة نفقات بيته عن الحد المعقول على الرغم من ضائقته المالية؛ كأن تكون نفقاته مفرطة أو فاحشة بالنسبة الى إيراداته. وتُعدّ تلك النفقات زائدة عن الحد إذا جاوزت ما ينفقه شخص عادي له المورد ذاته وفي مثل ظروفه.


• الإفلاس التقصيري الجوازي:
نصت المادة 691 من قانون العقوبات على أنه يمكن أن يعتبر مفلساً مقصراً ويعاقب بالحبس المفروض أعلاه كل تاجر مفلس:
1- إذا عقد لمصلحة الغير بدون عوض، تعهدات جسيمة بالنسبة الى وضعيته عندما تعهد بها.
2- إذا لم يتقيّد بالقواعد المتعلقة بتنظيم سجل التجارة.
3- إذا لم يقدم في خلال عشرين يوماً من توقفه عن الدفع التصريح اللازم بمقتضى قانون التجارة الى قلم المحكمة، أو إذا كان هذا التصريح لا يتضمّن أسماء جميع الشركاء المتضامنين.
4- إذا لم يمسك دفاتر تجارية أو لم ينظّم الجردة بالضبط، أو إذا كانت دفاتره أو جردته ناقصة أو غير أصولية أو لا تبيّن حقيقة ما له وما عليه ولم يكن مع ذلك ثمة غش.
5- إذا تكرّر إفلاسه ولم يتم شروط عقد الصلح السابق.
ونصت المادة 634 من القانون التجاري على أن كل تاجر يوجد في إحدى الحالات الآتية يمكن اعتباره مفلساً مقصراً:
- أولاً: إذا أخذ على نفسه لحساب الغير بدون مقابل التزامات تعتبر باهظة جداً بالنظر الى حالته وقت التزامها.
ثانياً: إذا أعلن عن افلاسه مجدداً ولم يكن قد أوفى الموجبات المفروضة عليه بمقتضى صلح سابق.
- ثالثاً: إذا لم يعمل بمقتضى الموجبات المختصة بسجل التجارة.
- رابعاً: إذا لم يقدّم لقلم المحكمة خلال عشرين يوماً من تاريخ انقطاعه عن الدفع التصريح الذي يوجبه هذا القانون، أو كان التصريح المذكور لا يتضمّن أسماء جميع الشركاء المتضامنين.
- خامساً: إذا لم ينظّم دفاتر ولم يقم بجرد صحيح أو كانت الدفاتر وقوائم الجرد ناقصة أو مخالفة للأصول أو لم تكن مطابقة لحالته الحقيقية في ما له وما عليه، ما لم يكن هناك خداع.
فإذا توافرت هذه الحالات وكان التاجر متوقفاً عن دفع ديونه التجارية، يمكن للقاضي الناظر بالنزاع إعلان إفلاسه ومعاقبته بالحبس من شهر الى سنة، بما له من سلطة تقديرية بالنظر الى حسن نية التاجر وسمعته، فلا تكون المحكمة مجبرة على إعلان الإفلاس في هذه الحالات وإنزال العقوبة المذكورة.


- عقد تعهدات جسيمة لمصلحة الغير بدون عوض: أي إقدام التاجر المفلس على عقد تعهدات جسيمة بالنسبة الى وضعيته عندما تعهد بها لمصلحة الغير بدون عوض، مما يؤدي الى إثقال ذمة التاجر وإرهاق مشروعه التجاري بدون مقابل لما تعهد به؛ كقبول التاجر سندات مجاملة بدون مقابل أو رهن ماله تأميناً لدين شخص آخر بدون مقابل. ويجب إثبات جسامة هذه التعهدات بالنظر الى وضعية التاجر عندما تعهد بها، مما يهدد كيان مشروعه التجاري أو يؤدي الى اضطرابه.


- عدم التقيّد بالقواعد المتعلقة بتنظيم سجل التجارة: لقد فرض قانون التجارة على التاجر بعض الموجبات؛ مثل التسجيل في السجل التجاري وذكر مكان ورقم التسجيل في المراسلات والفواتير والإيصالات الصادرة عنه وعدم التقدّم ببيانات غير صحيحة عن سوء نية. فإذا لم يتقيّد التاجر بهذه القواعد وتوقف عن دفع ديونه التجارية، يمكن للمحكمة إدانته ومعاقبته بجرم الإفلاس التقصيري إضافة الى العقوبات الخاصة بكل مخالفة لتلك القواعد.


- عدم تقديم التصريح اللازم خلال عشرين يوماً من توقفه عن الدفع أو إذا كان هذا التصريح لا يتضمّن أسماء جميع الشركاء المتضامنين: نصت المادة 491 من قانون التجارة على أنه يجوز أن ترفع قضية الإفلاس الى المحكمة بتصريح من التاجر نفسه، ويجب عليه أن يتقدّم بهذا التصريح في خلال عشرين يوماً من تاريخ انقطاعه عن الدفع وإلا استهدف لارتكاب جنحة الإفلاس التقصيري، وعليه أن يودع في الوقت نفسه موازنة مفصّلة ومصدّق على كونها مطابقة لحالة موجوداته والديون المطلوبة منه. فإذا لم يتقيّد التاجر بهذه القواعد وتوقف عن دفع ديونه التجارية، يمكن للمحكمة إدانته ومعاقبته بجرم الإفلاس التقصيري.


- عدم مسك دفاتر تجارية وتنظيم الجردة وفق الأصول: فإذا تبيّن أن المفلس لم يمسك دفاتر تجارية أو لم ينظّم الجردة بالضبط أو إذا كانت دفاتره أو جردته ناقصة أو غير أصولية أو لا تبيّن حقيقة ما له وما عليه ولم يكن مع ذلك ثمة غش (أي لم يكن هناك خداع أو نية الإضرار بالدائنين)، فيمكن للمحكمة إدانته ومعاقبته بجرم الإفلاس التقصيري.


- تكرار إفلاس التاجر من دون أن ينفذ شروط عقد الصلح السابق: إذا كان قد جرى شهر إفلاس التاجر ثم حصل على صلح بسيط للوفاء بديونه التجارية، لكنه لم ينفّذ شروط هذا الصلح وجرى شهر إفلاسه مرة جديدة لعدم دفع ديونه التجارية، يمكن للمحكمة إدانته ومعاقبته بجرم الإفلاس التقصيري.


• عقوبة جريمة الإفلاس التقصيري:
هي الحبس من شهر الى سنة (المادة 690 و691 عقوبات)، إضافة الى إمكان تعليق القرار ونشره وفرض تدابير المنع المؤقت أو المؤبد عن ممارسة التجارة أو القيام في شركة بإحدى وظائف أو أعمال الإدارة أو المراقبة أو المحاسبة (م698 عقوبات).
كما أن الدائن الذي يشترط لنفسه، سواء مع المفلس أو مع أي شخص آخر، نفعاً خاصاً بسبب اشتراكه في اقتراع أرباب الديون، أو يجري اتفاقاً خصوصياً ليستجلب نفعاً لمصلحته من أموال المفلس، يعاقب بالحبس مع الشغل من شهر الى سنة وبغرامة لا تجاوز الستماية ألف ليرة، ويمكن أن ترفع عقوبة الحبس الى سنتين (المادة 696 عقوبات).
ويعاقب زوج المفلس وفروعه وأصوله وأصهاره من الدرجات نفسها، الذين يختلسون أو يسرقون أو يخفون سندات تخص طابق التفليسة، من دون أن يكونوا على إتفاق مع المفلس أو يتدخلون تدخلاً فرعياً معه، وتكون عقوبتهم هي عقوبة السرقة المحددة في المادة 648 عقوبات وهي الحبس مع الشغل من ستة أشهر الى سنتين والغرامة حتى عشرة آلاف ليرة لبنانية (المادة 697 عقوبات).


• المراجع:
- د. مصطفى كمال طه: القانون التجاري، الأوراق التجارية والإفلاس، الدار الجامعية للطباعة والنشر، بيروت، 1992.
- د. محمود نجيب حسني: جرائم الاعتداء على الأموال، منشورات الحلبي الحقوقية، بيروت.
- د. عاطف النقيب: محاضرات في قانون العقوبات، القسم الخاص، بيروت، 1995.