كلمتي قائد الجيش العماد جوزاف عون في حفل تكريم العسكريين الشهداء وفي الحفل التكريمي للوحدات التي شاركت في عملية فجر الجرود

الثلاثاء, 19 أيلول 2017

كلمة قائد الجيش العماد جوزاف عون في حفل تكريم العسكريين الشهداء في وزارة الدفاع - اليرزة

 

فخامة رئيس الجمهورية العماد ميشال عون
دولة رئيس مجلس النواب الاستاذ نبيه بري
دولة رئيس مجلس الوزراء الشيخ سعد الحريري
قادة الأجهزة الأمنية
الشخصيات الرسمية والروحية والاجتماعية
عائلات الشهداء – أيها الحضور الكريم

نلتقي وإياكُم اليومَ في هذهِ المناسبةِ المؤثِّرة، والمليئةِ بالتضحياتِ الجليلةِ لأبناءِ المؤسسةِ العسكرية، الذين ومنذُ لحظاتِ اختطافِهم على أيدي الإرهابِ الغاشم، قد أعلنوا إقدامَهُم للدفاعِ عن الوطنِ والإستشهادِ في سبيلِه، فكانوا عنوانَ معركةِ "فجرِ الجرود".

 

فخامة رئيس الجمهورية العماد ميشال عون
 لقد كان لحضورِكُم شخصياً معَ ساعاتِ الفجرِ الأولى إلى غرفةِ عملياتِ القيادة، بالغُ الأثرِ في رفعِ معنوياتِ الجيش، حيثُ تابعتُم سيرَ المعركةِ ميدانياً، وخاطبتُم العسكريينَ ضباطاً وجنوداً أبطالاً في ساحةِ المعركة، داعمينَ لهم، واثقينَ بهم وبانتصارِهم على الإرهاب،
ومؤكِّدينَ للبنانيينَ وللعالمِ على الملأ، أنَّ وحدةَ أراضي لبنانَ يصونُها الجيشُ وشهداؤُه، وأنَّ النصرَ على الإرهابِ آتٍ لا محالة، كما عبَّر عن الموقفِ نفسهِ دولةُ رئيس مجلس النواب الأستاذ نبيه بري، الذي ما كلَّ يوماً عن دعمِ المؤسسةِ العسكرية ومؤازرتِها في مختلفِ الظروف، وهو القائل: "الجيشُ دائماً على حق"، كذلك موقفُ دولةِ رئيس مجلس الوزراء الشيخ سعد الحريري الذي بدورهِ  زارَ الأراضي المستعادةَ وتفقَدَ جنودَنا في الميدان، وقدَّمَ كاملَ الدَّعمِ لإنجازِ المهمَّاتِ الموكلةِ إلينا، فما كانَ لعمليةِ "فجرِ الجرود" أن تتحقَّق لولا دعمُكم جميعاً، ولولا القرارُ السيادي اللبناني الذي اتخذتهُ الحكومةُ اللبنانية.

 

أيها الشهداء الأبطال
فرحتُنا بالإنتصارِ على الإرهابِ تبقى حزينة، فقد كنَّا نأملُ ونعملُ على تحريرِكُم من خطفِ الإرهابِ سالمين، لتعودوا إلى جيشِكم وعائلاتِكم وتشاركونا هذا الإنجازَ التاريخي، إلاَّ أنَّ يدَ الإرهابِ الوحشي خافتْ من الإيمانِ الراسخِ بوطنِكم، فَأَخْفَتْكُمْ شهداءَ أجِلَّاءَ تحتَ ترابِ الوطنِ الذي ارتوى من دمائِكم الطاهرة.
ففي حضرتِكم أيها الشهداءُ يتسابقُ الخشوعُ مع الافتخار، وأمامَ نعوشِكم يتوجَّبُ الإنحناءُ إجلالاً، لكنَّنا دائماً وأبداً سنبقى مرفوعي الرأسِ بكم وبتضحياتِكم، فأنتم وسامٌ يُعَلَّقُ على صدورِ الضباطِ والرتباءِ والأفراد، الذين خاضوا "فجرَ الجرود" لأنَكم أولُ المضحِّينَ في هذهِ المعركة!

 

أيها الجنود الأبطال
باسمِ لبنانَ والعسكريينَ المختطفينَ الشهداء ودماءِ الشهداءِ الأبرار، وباسمِ أبطالِ جيشِنا العظيم، أُطلِقَتْ عمليةُ "فجرِ الجرود"، وتحقَّقتْ أهدافَها.
 لقد تسابقتُم إلى الميدانِ بإرادةِ قتالٍ لا تُقْهَرْ، فكانتْ حرفيَّتُكم وبسالتُكم وبطولتُكم، وكنتُم تلكَ القوّةَ التي صنعتِ الانتصارَ واستعادتِ الأرض.
 إلاّ أنَّهُ وعلى الرغمِ من أهميةِ هذا الإنجازِ التاريخي، لن ننسى ولن يسهى عن بالِنا خلايا الإرهابِ السرطانيةِ النائمة، التي قد تسعى إلى الإنتقامِ لهزيمتِها وطردِها بمختلفِ الأساليب، وفي مقدِّمها أسلوبُ الذئابِ المنفردة، وهذا يتطلبُ منَّا البقاءَ متيقظينَ وحاضرينَ للتصدي لها والقضاءِ عليها.

 

عائلات الشهداء الأعزاء
أبناؤكُم الشهداءُ شركاءُ أساسيونَ في صنعِ الإنتصار. والفخرُ أنَّهُم أصبحوا أيقونةَ التحريرِ ودحرِ الإرهاب!
والفخرُ أنَّهُم سكنوا قلوبَ اللبنانيينَ جميعاً، فبتضحياتِهم خضنا "فجرَ الجرود"، وتوحَّدَ اللبنانيونَ حولَ الجيشِ وقدسيةِ مهمَّتِه، فكانتْ معركةٌ شريفةٌ ونظيفةٌ وبطولية، نبراسُها تضحياتُ أبنائِكم الشهداء. سنواتُ الانتظارِ والأملِ بعودةِ أبنائِكم، كانتْ ثقيلةً وقاسيةً عليكم، لكنَّكُم لم تفقدوا لحظةً ثقتَكُم بالمؤسسةِ العسكرية، وإيمانَكم بالوطنِ الذي تهونُ في سبيلهِ أغلى التضحيات.

 

أيها الحضور الكريم
على الرغمِ من هذا الإنتصار، لا تزالُ أمامَنا تضحياتٌ كبرى لا تقلُّ أهميةً عن دحرِنا للإرهابِ العالمي، فالجيشُ سينتشرُ من الآنِ وصاعداً على امتدادِ الحدودِ الشرقيةِ للدفاعِ عنها. ويجبُ أن لا ننسى الإرهابَ الأساسيَّ والأهمَّ الذي يتربَّصُ بحدودِ جنوبِنا العزيز، ألا وهو العدوُّ الإسرائيلي،
إذ علينا الدفاعُ وحمايةُ هذا الترابِ الغالي، حيثُ لا يمكنُ أن نكونَ حرَّاسَ حدودٍ للعدوِّ الغاصِب، ترفدُنا في ذلكَ عزيمةٌ لا تلينُ ولا تضعف، مدعومةً من أركانِ الدولة، وفي مقدِّمِهم فخامةُ رئيسِ البلاد، ومدعومةً أيضاً من الشعبِ اللبناني الذي ما كلَّ يوماً عن ممارسةِ حقِّهِ في مقاومةِ الاحتلالِ الإسرائيلي، والالتفافِ حولَ الجيشِ ودعمِهِ له. وفي هذا الإطار، نؤكِّدُ التزامَنا التامَّ القرار 1701 ومندرجاتِهِ كافةً، والتعاونَ الأقصى مع القواتِ الدوليةِ للحفاظِ على  استقرارِ الحدودِ الجنوبية.
ومن على منبرِ الشهادةِ والانتصار، أؤكِّدُ اليومَ أنَّ ردَّ الجيشِ مستقبلاً، سيكونُ هو نفسُهُ على كلِّ من يحاولُ العبثَ بالأمنِ والتطاولَ على السيادةِ الوطنية أو التعرُّضَ للسلمِ الأهلي وإرادةِ العيشِ المشترك.  والجيشُ سيكونُ على مسافةٍ واحدةٍ من مختلفِ الأطيافِ والفرقاء، وفي جميعِ الاستحقاقاتِ الدستورية، وسيكونُ في أعلى الجهوزيةِ للدفاعِ عن وطنِنا الغالي. ودعمُكم لنا يا فخامةَ الرئيس قد أرسى هذهِ القاعدة!

أخلصُ مشاعرِ التعزيةِ والمواساةِ لكم والتضامنِ معكم أيها الأهلُ الأعزَّاء، وثِقُوا بأنَّ حجمَ تعاطفِنا معَكم واعتزازِنا بكم، هو بحجمِ صبرِكم وتضحياتِ أبنائِكم، فأنتُم قدوةُ أهلِ هذهِ الأرض، وأبناؤُكُم عظماءُ مؤسسةِ الشرفِ والتضحيةِ والوفاء!
الرحمةُ والخلودُ لشهدائِنا الأبرار والمجدُ والكرامةُ لوطنِنا لبنان

 

عشتم- عاش الجيش - عاش لبنان

 

 

 

كلمة قائد الجيش في الحفل التكريمي للوحدات التي شاركت في عملية فجر الجرود

 

قادة الأجهزة الأمنية
قائد قوات الأمم المتحدة المؤقتة في لبنان الجنرال مايكل بيري
جانب الملحقين العسكريين
عائلات العسكريين الشهداء
قادة الوحدات
أيها الضباط والرتباء والأفراد – أيها الحضور الكريم

نحتفلُ اليومَ وإيّاكُم بانتهاءِ عمليةِ فجرِ الجرود، التي انجلى غبارُها بانتصارِكم الحاسمِ على الإرهاب، هذا العدوُّ الخطِر الذي كانَ قد جثَمَ لسنواتٍ طويلةٍ فوقَ حدودِنا الشرقية، فاستباحَ أرضَها وأرهبَ أبناءَها، لكنَّه بفضلِ عزيمتِكم وشجاعتِكم وإرادةِ القتالِ اللا محدودةِ لديكم، وبفضلِ دماءِ رفاقِكم الشهداءِ السبعة والجرحى البواسل، كانَ الانتصارُ عليهِ بدحرِهِ عن هذه الأرضِ إلى غيرِ رجعة، لتعودَ إلى أهلِها وإلى كنَفِ السيادةِ الوطنية، يرفرفُ علمُ البلادِ فوقَ جبالِها الشامخة، ويصونُها جيشُكُم الذي وثِقَ به الجميع، وراهنَ على دورِه، فكانَ على قدرِ الثقةِ والرهان.

 

أيها العسكريون الأبطال
إنَّ هذه المعركةَ التي خضتُم غمارَها بقرارٍ حازمٍ ورؤيةٍ واضحة، كانتْ على المستوى العَمَلاني وبشهادةِ قادةِ الجيوشِ الصديقة، والخبراءِ والمحللينَ العسكريين، المحليينَ والدوليين، أكثرَ من ناجحة بكلِّ المعاييرِ والمبادئِ العسكرية: من سرعةِ حسمِها وإنجازِها خلالَ أيامٍ معدودة، إلى الحِرفيةِ القتاليةِ في الأداء، إلى التنسيقِ والتكاملِ بينَ مختلفِ أسلحةِ الجيش، البريةِ منها والجويةِ واللوجستيةِ والإدارية، وصولاً إلى الإلتزامِ التامِّ بالقانونِ الدولي الإنساني. وفي الخلاصة حقَّقتم الهدفينِ الأساسيينِ للمعركة: الأوَّل؛ تحريرُ الأرضِ من الإرهاب، والثاني؛ كشفُ مصيرِ العسكريينَ المخطوفينَ لدى الجماعاتِ الإرهابية المجرمة، حيثُ استُرِدَّتْ جثامينُهم الطاهرة إلى عائلاتِهِم وقُراهُم وبلداتِهِم، وكُرِّموا أجلَّ تكريمٍ على مستوى الجيشِ والوطنِ بأسره.
فهنيئاً لكم هذا الإنجازُ التاريخي وهنيئاً للجيشِ الذي رصَّعتُم صدرَه بأوسمةِ العزّةِ والكرامةِ والعنفوان.

 

أيها العسكريون الأبطال
انتصرتم فانتصرَ بكُمِ الجيشُ والوطن، وباتتْ مؤسَّستُكم في ظلِّ الالتفافِ الشعبيِّ العارمِ حولَها، تتوسّطُ البلادَ كما تتوسّطُ الأرزةُ العلم، إذ هبَّ اللبنانيونَ خلالَ المعركةِ وبعدها، وعلى اختلافِ مكوِّناتِهم الطائفيةِ والمناطقية، لاحتضانِكم والتوحُّدِ حولَكم، في إجماعٍ وطنيٍّ عارمٍ لم يسبُقْ له مثيل، فاشتعلتْ بهُم ساحاتُ الوطن، وهم يتسابقونَ إلى تكريمِكُم والتعبيرِ عن الاعتزازِ بكم.
انتصرتُم فانتصرتْ بكم الدولةُ لأنَّها أصبحتْ أكثرَ مناعةٍ في مواجهةِ التحدياتِ الإقليميةِ والداخلية، وأكثرَ قدرةً على دفعِ ورشةِ النهوضِ الاقتصادي والانمائي في البلاد.
لكنَّه وعلى الرغمِ من ذلك، لا يزالُ أمامَنا الكثيرُ من الجهدِ والعمل، فلا يجبُ أن تحرِفَنا نشوةُ النصر، عن مواصلةِ الحربِ الاستباقيةِ ضدَّ الإرهاب، بخلاياهِ النائمة وذئابِه المنفردة، وعن متابعةِ مسيرةِ الأمنِ والاستقرارِ في الداخل، وملاحقةِ كلِّ من تطاولَ على أمنِ لبنانَ والجيش.
وها قد بدأتْ سلسلةُ التوقيفات، وسيجري إلقاءُ القبضِ على كلِّ من يثبتُ اعتداؤُهُ على المواطنين، أو على الجيش ومراكزِهِ خلالَ الفترةِ السابقة، وهذا عهدٌ قطعْنَاهُ على أنفسِنا وسنمضي بهِ حتى النهاية.
وكونوا على ثقة، أنَّه لن يبقى في داخلِ البلاد أيُّ مكانٍ آمنٍ لمثيري الشغب، ولمطلقي النارِ من السلاحِ المتفلّت، فسلامةُ المواطنينَ أمانةٌ في أعناقِنا، سنحافظُ عليها مهما تطلبتْ من تضحيات. كذلك لا مكانَ آمناً لمن يعبثُ بالأمنِ الاجتماعي ومستقبلِ الشبابِ اللبناني، من مروِّجي المخدراتِ وتجّارِها، مهما ظنّوا زوراً علوَّ مقامِهِم وشأنِهِم، فكما كنَّا السيفَ القاطعَ في وجهِ الارهاب، كذلك سنكونُ في وجهِ هؤلاءِ العابثين.
وفي موازاةِ هذه المهمَّاتِ كلِّها، عليكُم مضاعفةُ الجهوزيةِ والاستعدادُ لمواجهةِ إرهابِ الدولة أي العدوِّ الإسرائيلي المتربصِ شرّاً بالوطنِ على حدودِ جنوبِنا الغالي، والذي ما انفكَّ يطلقُ تهديداتِهِ ضدَّ لبنان، ويواصلُ ممارساتِهِ العدوانية التي تشكِّلُ خرقاً واضحاً للقرار 1701.
لكنَّ ذلكَ لن يُرهِبَنا ولن يُثنينا عن أداءِ واجبِنا المقدَّس، بحيثُ عمدْنا بعدَ انتهاءِ عمليةِ "فجر الجرود" إلى تعزيزِ انتشارِ الجيش على الحدودِ الجنوبيةِ للدفاعِ عنها، وذلكَ جنباً إلى جنب مع التزامِنا الكاملِ القرارَ المذكورَ بمختلفِ مندرجاتِه، والحرصِ الأقصى على التعاونِ والتنسيقِ مع القوات الدولية، لترسيخِ أمنِ الحدود، وتعزيزِ صمودِ أهلِنا في بلداتِهِم وقُراهِم، ومواجهةِ جميعِ محاولاتِ العدوِّ الهادفةِ إلى ضربِ استقرارِ المنطقة.

 

أيّها العسكريون الشجعان
الفخرُ لرفاقِكُم الذينَ خطفَهُم الإرهاب، واستشهدوا على أيديهِ الآثمة، لأنَّهم سكنوا ضميرَ الوطن، وأضاؤوا بأسمائِهِم سجلَّ الخلود، وكانوا نبراسَ عمليةِ "فجر الجرود".
الفخرُ لرفاقِكُم الشهداءِ السبعة ولجميعِ الجرحى الأبطال، الذين أصيبوا خلالَ المعركة، لأنَّهم رووا بدمائِهِم الزكيّةِ ترابَ الوطن، ولوَّنوا لوحةَ الانتصار، وكانوا وقودَ مشعلِ التحرير.
الفخرُ لكم أنتم، ضباطاً ورتباءَ وأفراداً، لأنَّكم كنتُم على أرضِ المعركةِ مشاريعَ شهداء، لكنَّكم جابهتُم واستبسلتُم بين حدَّي النصرِ والشهادة، فلم تهابوا الخطرَ لحظةً ولم تتردَّدوا.
الفخرُ لجميعِ اللبنانيين على اختلافِ مكوِّناتِهِم وأطيافِهِم ومناطقِهِم، فما نحنُ إلّا جنودٌ من بلداتِهِم وقُراهُم وبيوتِهِم وعائلاتِهِم الوطنيةِ الوفيّة.
الشكرُ والتقدير إلى هيئاتِ المجتمعِ المدني والمؤسساتِ والأشخاص، الذين بادروا إلى تقديمِ المساعداتِ المادية والعينية للوحداتِ العسكرية خلالَ المعركةِ وبعدَها، لأنَّهم كانوا رمزاً للتلاحمِ الوطني بين الجيشِ وأهلِه.
الشكرُ والتقدير للمجتمعِ الدولي والدولِ الصديقة على دعمِها العسكري والمعنوي للجيش، ما أسهمَ بفعاليةٍ في تأمينِ مقوِّماتِ المعركة.  
أختُمُ بتحيةِ إكبارٍ واجلال إلى جميعِ أرواحِ شهداءِ المؤسسةِ الأبرار، وبالقولِ لكم يا أبطالَ الجيش: لا خوفَ على وطنٍ أنتم رجالُهُ وسياجُ حدودِه.

 

عشتم – عاش الجيش – عاش لبنان