مأساة التهجير

الجيش ومأساة التهجير: جسر العودة ودرعها
إعداد: الرقيب كرستينا عباس

شهد صيف ١٩٩٤ عودة الروح إلى الجبل بعودة المهجرين إليه. الجيش كان «جسر العودة» ودرعها. البزة التي جسدت وحدة اللبنانيين نشرت الأمان ورعت مسيرة العائدين تحت شعار: «الجيش ضمان العودة، لا للتعدي.. لا للتحدي». وزنود العسكريين تعهدت المساعدة في توفير المقومات الأساسية، مفارز الهندسة والإشارة وغيرها من وحداتٍ أسهمت في توفير الخدمات المعيشية والاجتماعية.
المقيمون في الجبل والعائدون إليه نشروا فرحهم وردًا وأرزًّا وقرع أجراس. كانت لحظة تاريخية في مسيرة استعادة الوطن من مآسي الحرب...
عاد المهجرون إلى بيوتهم وأرزاقهم، عادت أحواض الزهر ترمي عطورها تحية للعابرين، وعادت البيوت عامرة بأهلها وأحلام شبابها وأطفالها.
في أحد أيام العودة قالت طفلة: «بدي قول للجيش إنو يضل عنا حتى يحمي الوطن ويحمينا». أما أمها فرشّت الأرزّ الذي أحضرته من بيروت على طلائع القوى العسكرية، ووجهت دعوتها: «تفضلوا هون بيتنا واسع مش متل بيوت بيروت».

 

تألّفت القوى المنتشرة من اللواء الثالث، اللواء السادس، اللواء العاشر، اللواء الحادي عشر وفوج التدخل الثالث، ترافقهم قوة احتياط مؤلّفة من فوج المغاوير وفوج تدخل. كانت المهمة الأولى للجيش تقضي بتأمين عودة المهجرين سالمين وفي ظروف طبيعية إلى قراهم، ومنع التعديات والأعمال المخِلّة بالأمن. أما المهمة الثانية، فكانت تأمين الخدمات للعائدين، من خلال وضع مفارز هندسة وإشارة لتوفير البنى التحتية اللازمة بالتنسيق مع الوزارات المعنية.
استغرقت عملية الانتشار ثلاثة أيام وتمّت وسط ترحيب من قبل المقيمين والعائدين على حدٍ سواء. واعتبر المواطنون هذا الانتشار ضمانة للأمن والعيش المشترك. سيّر الجيش الدوريات، أقام الحواجز الثابتة والمتنقّلة وحصّن مراكزه، الأمر الذي زرع الطمأنينة في النفوس، وباشر المواطنون أعمال الترميم والبناء بمواكبةٍ من الوحدات العسكرية التي كانت جاهزة لتسهيل الأمور. فقد عملت الفرق المختصّة في الجيش على إزالة الركام ورفع الأنقاض، وتولّت جرافات الجيش ورفوشه الآلية استصلاح الأراضي وإعادة تأهيلها للزراعة والاستثمار. زنود مجندي خدمة العلم شاركت في هذه الورشة.
كما ساعد الجيش في توصيل الخدمات وإقامة البنى التحتية اللازمة لها، فواكب العمل على شق الطرقات وتعبيدها، وإعادة التيار الكهربائي والخطوط الهاتفية وإصلاح شبكة المجارير، وذلك عقب المسح الذي أجراه لتحديد الحاجات.

 

مأساة التهجير
أدت عمليات التهجير التي حصلت خلال الحرب إلى انعدام التوازن في توزّع السكان، فباتت بعض المناطق مزدحمة، فيما بعضها الآخر شبه خالٍ أو مدمَّر بالكامل. من الناحية الاقتصادية، خسر الكثير من الأفراد موارد دخلهم كليًا أو جزئيًا وحقوقهم في الاستثمارات. عدد كبير من العاملين في المهن الحرة تحوّلوا من أرباب عمل إلى العمل المأجور، وانخرط البعض في صفوف الميليشيات. وتضرّرت القطاعات الإنتاجية الزراعية، الصناعية، السياحية والتجارية فتكبّدت خسائر فادحة.


جيش يحمي وسواعد تبني
نهوض مؤسسة الجيش واضطلاعها بدورها الوطني، كان عاملًا أساسيًا لبدء عودة الحياة إلى هدوئها وطبيعتها في مختلف المناطق، خصوصًا تلك التي أصابها التهجير أكثر من سواها، وفي طليعتها جبل لبنان. فمع انتشار الجيش، تمّت عمليات إخلاء المنازل والممتلكات والمباني العامة والخاصة التي كان يشغلها البعض بصورةٍ غير شرعية، وبدأت عجلة الحياة تدور في مختلف أنحاء الوطن.

 

بالأرقام...
في ما يأتي بعض أهم الأرقام حول حجم الدمار الذي طال القرى في المحافظات وحركة التهجير التي حصلت فيها.

 

 

1- حجم دمار المنازل:

حجم الدمار

عدد المنازل

 

تدمير كلي

18928

 

تدمير جزئي

9751

 

غير صالح للسكن

7235

 

 

 

2- حجم الدمار بحسب القرى:

المحافظة

عدد القرى المدمّرة

تدميرًا كليًا

عدد القرى المدمّرة

تدميرًا جزئيًا

جبل لبنان

57

69

الجنوب

24

17

البقاع

١

٣

الشمال

١

٢

 

 

3- حركة التهجير بالنسبة المئوية بين الأسَر:

المحافظة

الأسر المهجَرة

الأسر الوافدة

بيروت

7.7%

20.18%

جبل لبنان

62%

52.7%

الشمال

4.8%

3.75%

الجنوب

23.7%

15.81%

البقاع

2.22%

5.81%

خارج لبنان

-

1.44%