مشاريع ومبادرات

السفينة الفينيقية تعود الى المتوسط حاملةً رسالة بيئية
إعداد: باسكال معوّض بومارون

الفكرة ليست جديدة عالميًا، لكنّ الجامعة اللبنانية الأميركية LAU نفّذتها للمرة الأولى في المنطقة. فقد مخرت سفينة فينيقية عباب المتوسط من جديد، مستذكرة ماضي أجدادنا العريق، ومستبقة وحاملة الأمل بمستقبل زاهر لأولادنا في بيئة غير ملوّثة... سفينة القناني البلاستيكية بشراعها الحامل تواقيع المساهمين في تنفيذ هذا المشروع، رست في مرفأ بيروت، بعد أن مرّت على طول الشاطىء من جونيه إلى بيروت.

 

في حرم الجامعة في جبيل، تحدّث مدير المشروع السيد ألان كيروز Associate campus activities Manager ومساعده السيد إدمون القزح Assisstant activities coordinator إلى مجلة «الجيش» عن هذه المغامرة المشوّقة، التي بدأت بوادرها منذ 3 سنوات. يقول كيروز: «شاهدت هيكلًا حديديًا مهملًا يتآكله الصدأ في وسط بيروت. وبعد السؤال اتضح أنّه يعود لجمعية «شريك» Chreek التي تُعنى بالبيئة، والتي كانت في وقت سابق قد بدأت بالتخطيط لتنفيذ مشروع بناء سفينة من القناني البلاستيكية».

 

العمل في المشروع
قامت الجامعة وبالتنسيق مع الجمعية المذكورة، بإحضار الهيكل الحديدي إلى حرمها في جبيل، واستنفرت طاقميها الأكاديمي والإداري وطلابها للمساهمة في هذا المشروع؛ وقد عمل عند وصول الهيكل إلى الجامعة المهندسون المختصّون في هذا المجال إضافة إلى قسمي الـDesign & Architecture والـArt & Science.
في خطوة أولى بدأنا بمعالجة الصدأ وقمنا بتدعيم الهيكل (2.5 طن) وتقسيمه إلى حجراتٍ بشكل أقفاص بهدف ضمان متانته، فأصبح وزنه بعد هذه العمليّة 3,5 طن. بعدها انتقلنا إلى القسم الخارجي للسفينة، والذي استدعى ضغط 22 ألف ليتر من الهواء داخل عبوات بلاستيكية، عمل طلاب الجامعات والمدارس على فرزها بحسب سعتها، ثمّ تمّ ضغطها كي تبقى متماسكة وتتحمّل ضغط المياه والأمواج.
وبفضل جهود الدفاع المدني، وُضِعت السفينة في مياه بحر جبيل، وصعد على متنها حوالى 17 شخصًا، فأبحرت بواسطة مراكب للدفاع المدني راحت تجرّها وصولًا إلى مرفأ بيروت بسرعة حوالى 10 عقد بسبب ثقل وزنها (7.5 أطنان). استغرقت الرحلة حوالى الست ساعات، قام خلالها فريق من قسم العلوم الطبيعية في الجامعة بأخذ عينات من عدة مناطق داخل البحر بعيدًا من الشاطىء، لفحص نسبة التلوّث فيها وقد شملت العيّنات: الصفرا، طبرجا، معاملتين، زوق مصبح، ضبيه، برج حمّود، وبيروت.
وقال كيروز: «إنّ العمل على إنجاز هذا المشروع الرائد والضخم استمرّ طوال 5 أشهر من دون أي توقّف، وقد شارك في تنفيذه العديد من المدارس والمنظمات غير الحكومية والبلديات والكشافة والشركات والمؤسسات التجارية التي قدّمت دعمًا كبيرًا على جميع الصُعُد؛ حتى أنّ الكثير من متطوّعي المجتمع المدني عملوا معنا جنبًا إلى جنب في عطل الأسبوع والعطل الرسمية. لقد وضعنا مستوعبات لتجميع القناني البلاستيكية في بيروت وجبيل، وبعد أن طلبنا عددًا محدّدًا منها (50 ألف قنينة) وصلنا ضعف هذه الكمية، حتى أنّنا نستطيع القول إنّ كلّ مواطن لبناني أسهم بطريقته الخاصة في هذا المشروع الوطني».

 

أهداف المشروع
أهداف المشروع بحسب كيروز كانت زيادة الوعي بأهمية إعادة التدوير وإعادة الاستعمال للحدّ من التلوّث البيئي، وتعزيز التربية المدنية والشعور بالانتماء الوطني لدى طلاب المدارس والشباب من أطياف المجتمع كافة، إضافة إلى تنمية العلاقات بين أبناء الوطن الواحد من مختلف الانتماءات، هدفنا كان مستقبل لبنان ككل.
خصائص السفينة حدّثنا عنها القزح مشيرًا إلى أن طولها بلغ 13 مترًا، وعرضها 4 أمتار، وارتفاعها 3 أمتار، ووزنها 4,5 أطنان. وكانت مقدمتها عبارة عن حصان يمثّل الشعار الفينيقي للسفينة وهو في الوقت نفسه جزء من شعار الجامعة، وقد انطلقت من أقدم مرفأ فينيقي في العالم.
«لقد ربحنا الرهان» بحسب كيروز والقزح «ولم تفلت أيّ قنينة بلاستيكية من السفينة، ووصلنا إلى برّ الأمان وكان الاحتفال كبيرًا. أما لاحقًا، فسوف يتمّ وضع السفينة في وسط بيروت في ساحة الشهداء حيث تصبح شاهدةً على وعيٍ بيئيٍ نتمنّاه جماعيًا على صعيد الوطن ككل. ونحن نأمل كفريق عملٍ في هذا المشروع، وكجامعة ٍعُرِف عنها بأنّها من روّاد المهتمّين بالبيئة، أن نكون قــد أوصلنــا رسالــة هادفــة رفعــت لــواء الوطــن والبيئة والأجيال القادمة».