تربية وطفولة

العنف يولّد العنف
إعداد: ماري الأشقر
اختصاصية في علم النفس

تحذّر القوانين العالمية التي أقرّتها مؤسسات تُعنى بحقوق الإنسان، من مغبّة ضرب الأطفال. غير أنّ الواقع الملموس يؤكّد عدم تقيّد البالغين بهذه القوانين: غالبية الأهل يُدخلون أولادهم في دوامة العنف، ويجعلونهم ضحيةً لها من دون أن يدركوا أحيانًا، ولذلك من الضروري الابتعاد عن العنف مع أطفالنا، خصوصًا أنّهم غالبًا ما يكونون «كبش محرقة» لتوتّرات في كنف عائلاتهم. ووفق علماء النفس، فإنّ لاعتماد الضرب وسيلة لعقاب الأطفال وتصحيح أخطائهم، آثارًا سلبية خطيرة.


والحوار أساس التربية السليمة

توارث العنف
يشدّد علم النفس على أنّ الضّرب ممنوع في تربية الطفل في البيت أو المدرسة، إلّا في حالات نادرة جدًا، حيث لا يتعدّى العقاب «الضربة» الخفيفة على يده ليمتنع عن تكرار الخطأ.
وهنا لا بدّ من الإشارة إلى أنّ وقوع الأطفال في الخطأ حتميّ، لأنّهم يتعلّمون من أخطائهم، وبالتالي لا يجوز أن يعتادوا الضرب كلّما أخطأوا، لأنّ أساليب العنف لن تمنعهم من الوقوع في الخطأ مجددًا، وسيلجأون الى تعنيف أطفالهم بدورهم متى يكبرون. إنطلاقًا من هنا، نرى القمع متوارثًا من جيل إلى جيل في عائلة تعتمد الضرب أساسًا في التربية.

 

فقدان الثقة بالنفس
الضرب يُفقِد الطفل ثقته بنفسه ويُضعف شخصيته، فيدافع عن نفسه بضرب الآخرين أيضًا، وهنا لا بدّ من التأكيد أنّه لا يمكننا غضّ الطرف عن معاقبة أطفالنا، ولكن علينا الامتناع عن ضربهم، وبالتالي يمكننا اعتماد سبل مختلفة للعقاب، تكون مبنيّة على الحوار والتفاهم، بعيدًا عن القمع والقمع المؤجّل (كأن تهدد الأم طفلها وتتوعّده في انتظار وصول الأب لتنفيذ العقاب).
وفي أحيان كثيرة قد يؤجّل العقاب من الصباح حتى المساء، فيكون الطفل قد نسيَ فعلته، ونسيَ بالتالي سبب عقابه. وقد يتمادى في أخطائه إذ إنّه يعلم مسبقًا بالعقاب الذي ينتظره.

 

الحوار أولًا وأخيرًا
إنطلاقًا ممّا سبق ذكره، نشدّد على أهمية لجوء الأم إلى العقاب الفوري عن طريق الحوار، خصوصًا وأنّ الطفل يفهم ما يقال له، ولكن على الأم أيضًا التعاطي مع ابنها بحسب قدرته على الاستيعاب، والتحلّي بالصبر قدر المستطاع، لأنّ قدرة الاستيعاب تختلف من طفلٍ إلى آخر.
كذلك على الأم عدم الربط بين الخطأ الذي ارتكبه طفلها وحبّها له، كأن تقول له على سبيل المثال: «لم أعد أحبّك»، فهذا خطأ تربوي يؤثّر سلبًا في نموّه ونفسيته، وعليها الاستعاضة عنه بعبارة: «أنا أحبّك، لكنك ستعاقب لأنّك ارتكبت ما هو ممنوع».