مقابلة

اللواء دل كول: توحيد الجهود والموارد لمواجهة كوفيد -١٩

إلى جانب دورها كقوة سلام، تضطلع قوات الأمم المتحدة المؤقتة في جنوب لبنان بمهماتٍ متعددة، من بينها المساعدة في تلبية حاجات المواطنين اللبنانيين. وقد شكّلت مواجهة جائحة كورونا مجالًا إضافيًا قدّمت اليونيفيل من خلاله خدمات أساسية لحماية المواطنين بالإضافة إلى حماية جنودها.

في هذه المقابلة يتحدث قائد اليونيفيل اللواء ستيفانو دل كول عن الاستراتيجية التي اعتُمدت لمواجهة الوباء وتنفيذ المهمات في ظل الوضع الذي فرضه.

 

• ما هي الاستراتيجية المعتمدة من قبل اليونيفيل على المستوى المحلي لمواجهة فيروس كورونا وكيف يتم تطبيقها؟

- منذ بداية تفشّي الجائحة في شباط ٢٠٢٠، اتخذت اليونيفيل كل التدابير الاحترازية والوقائية تماشيًا مع التوجيهات التي أصدرتها منظمة الصحة العالمية والحكومة اللبنانية. وقبل وقت طويل على تأكيد تسجيل أول إصابة بالفيروس في لبنان، حرصت اليونيفيل على التطبيق الصارم لهذه التدابير والبروتوكولات الوقائية، وأحيانًا أكثر مما يلزم، للحؤول دون تفشّي الجائحة في صفوف عناصر اليونيفيل والمجتمعات المضيفة.

وشمل ذلك تدابير الحجر الصحي وفحص درجات الحرارة وتعقيم المرافق، فضلًا عن اعتماد طرائق العمل البديلة. فقد قمنا بمراجعة أدوار الموظفين المدنيين جميعًا في اليونيفيل ولجأنا إلى اعتماد عدة تدابير، بما في ذلك «العمل من المنزل». وتتم مراجعة هذا الإجراء المؤقت بشكلٍ دوري.

وعلى مدى أكثر من شهر، قامت اليونيفيل والدول المساهمة بقوات حفظ السلام بتكثيف الدعم للسلطات المحلية من خلال إنشاء عيادات الفرز وتأمين مختلف معدات حماية الأفراد والأدوات الصحية والإمدادات الطبية الأساسية. وقد لقي هذا الأمر ترحيبًا كبيرًا من جانب المجتمعات المحلية في منطقة عملياتنا في جنوب لبنان.

ووفق تطورات الوضع، اضطررنا إلى تكييف أنشطتنا العملانية. فبينما تُواصل اليونيفيل تنسيق أنشطتها مع القوات المسلحة اللبنانية، طرأ تراجع على عدد الأنشطة المشتركة مثل الدوريات. يتماشى هذا التعديل مع بروتوكولات التباعد الاجتماعي، وكذلك مع الحاجة إلى تعزيز القوات المسلحة اللبنانية لوجودها في أجزاء أخرى من البلد حيث تواجه مشكلات أمنية صعبة، وتعمل على تنفيذ تدابير وقائية تهدف إلى منع انتشار فيروس «كوفيد-١٩».

 

• كيف قامت اليونيفيل بتأمين حماية أفرادها في خضم أزمة فيروس كورونا وهل واجهتم صعوبات لوجستية في هذا المجال؟

- تم تنفيذ مجموعة من الإجراءات ليس فقط على مستوى اليونيفيل، وإنما أيضًا على أعلى مستوى في مقر الأمم المتحدة لاحتواء انتشار الفيروس أو الحد منه. إنّ حماية عناصر قوات حفظ السلام والمجتمعات التي تخدمها باستمرارٍ منذ ٤٢ عامًا وسلامتهم هي أولويتنا القصوى. وتسعى هذه الإجراءات إلى التأكد من أنّ اليونيفيل يمكنها تنفيذ أنشطتها المكلفة بها في بيئة سليمة وآمنة بشكلٍ يضمن الحفاظ على الاستقرار المستمر، ويسمح للناس بممارسة أعمالهم اليومية. وقد تم تنفيذ الإجراءات اللوجستية كافة بشكلٍ سلس وبدعمٍ كامل من السلطات اللبنانية.

 

• هل أجبرت الأزمة اليونيفيل على القيام بمهماتٍ إضافية؟

- نحن نواصل تنفيذ المهمات المكلفين بها برًا (على طول الخط الأزرق) وبحرًا بشكل عادي. فرغم الأوضاع يُواصل حوالى ١١٠٠٠ جندي وموظف مدني، يعملون ضمن قوات حفظ السلام، القيام بعملهم على مدار الساعة لتنفيذ قرار مجلس الأمن ١٧٠١ والقرارات ذات الصلة. والأوضاع في منطقة عمليات اليونيفيل وعلى طول الخط الأزرق ما زالت هادئة.

وعلى الرغم من أنّ الكثير من جهودنا يتركّز على الحد من انتشار «كوفيد-١٩»، إلا أنّنا لم ننحرف إطلاقًا عن مهماتنا الأساسية المكلّفين بها. ويُواصل جنود حفظ السلام لدينا تسيير دوريات ومساعدة السلطات اللبنانية مع التزام الإجراءات والبروتوكولات الموضوعة لاحتواء انتشار الفيروس. وبسبب الوضع المستجد وجّهنا جزءًا من تمويلنا لمساعدة المجتمعات في كفاحها ضد تفشّي «كوفيد-١٩». وقد تم تطبيع هذه المهمات، إلى جانب تنفيذ تدابير وقائية صارمة.

 

• لقد قدّمتم المساعدات للقوات المسلحة اللبنانية لمؤازرتها في مواجهة فيروس كورونا. ما طبيعة هذه المساعدات؟ وهل هناك تعاون مشترك بينكما لمواجهة الوباء؟

- تشارك اليونيفيل مع الحكومة اللبنانية وشريكها الاستراتيجي الجيش اللبناني في الكفاح المشترك ضد تفشّي «كوفيد-١٩». ولتسهيل مهمات القوات المسلحة اللبنانية وحاجتها المتزايدة إلى تكثيف الأنشطة والمساعدة في أجزاء مختلفة من البلاد وخارج منطقة عمليات اليونيفيل، عملنا على تكثيف دورياتنا على الأرض مع التركيز بشكلٍ خاص على الخط الأزرق.

 

• تقوم اليونيفيل عادة بتبديل قواتها بشكلٍ دوري، هل واجهت صعوبات في هذا الصدد بسبب أزمة «كوفيد-١٩»؟

- أصدر الأمين العام للأمم المتحدة مؤخرًا أمرًا بتعليق عمليات التناوب جميعها وإعادة الجنود إلى أوطانهم ونشر الجنود حتى ٣٠ حزيران ٢٠٢٠ للتخفيف من انتقال عدوى «كوفيد-١٩». في بعض الظروف المخففة، قد يقرر مقر الأمم المتحدة أنّ عددًا من الوحدات أو الأفراد النظاميين يجب إعادة نشرهم أو تبديلهم، من أجل الاستمرار في تنفيذ التفويض.

بدأت بعض الوحدات عمليات تبديل مع الأخذ بعين الاعتبار الإجراءات الوقائية والحجر، وسيتطلب الأمر وقتًا إضافيًا وقد يتم تطبيق بعض الاستثناءات من أجل تجنّب وقوع ثغرات في القدرات التشغيلية مثل حالات الطوارئ الطبية أو العائلية. لكنني أود التأكيد مرة أخرى أنّ اليونيفيل، ومنذ ما قبل اعتماد هذا التوجّه، كانت قد اتخذت بالفعل التدابير الاحترازية كلها، واتّبعت، وتجاوزت في بعض الأحيان، البروتوكولات كافة لمنع انتشار الفيروس. وتشمل هذه التدابير الحجر الصحي في مرافق خاصة داخل قواعدنا وتدابير وقائية صارمة تُطبّق على كل موظفينا الوافدين.

 

• تُنفذ اليونيفيل مهمات مرتبطة بمساعدة السكان المحليين في مختلف المجالات. هل أدّت مؤخرًا دورًا في حمايتهم من انتشار الفيروس التاجي؟

- أود أن أشدّد على أنّنا نمر جميعًا بفترةٍ بالغة الصعوبة وحافلة بالتحديات، وأنّ رعاية بعضنا بعضًا واجب حتمي علينا جميعًا. إنّه وضع غير مسبوق يستلزم اتخاذ تدابير استثنائية وفهمًا وتنسيقًا من قبل الأطراف كلها. من الأهمية بمكان أن يؤمّن عناصر اليونيفيل والبلدان المشاركة بقوات اليونيفيل جميعًا أقصى قدر من التعاون لمساعدة السكان المحليين والمجتمعات التي رحبت بنا واستضافتنا منذ العام ١٩٧٨.

أنا مؤمن بقوة أنّ أولويتنا خلال هذه الفترة الصعبة، هي توحيد الجهود والموارد في إطار كفاحنا المشترك لمواجهة وباء «كوفيد-١٩». وفي إطار الدعم المستمر الذي تقدّمه اليونيفيل لمساعدة السكان المضيفين في هذه المعركة في جنوب لبنان، عززت قوات حفظ السلام لدينا والدول المساهمة بهذه القوات الدعم للمجتمعات المضيفة لنا من خلال إنشاء عيادات فرز وتأمين معدات حماية مختلفة للأفراد ومستلزمات صحية وأساسية وإمدادات طبية وتبرعات أخرى. وقد رحّبت المجتمعات بهذه المبادرات، وهو أمر أساسي للحفاظ على الهدوء في منطقة عمليات البعثة.