متاحف في بلادي

المتحف الوطني رمز وحدة اللبنانيين وحارس تاريخهم المشترك
إعداد: جان دارك ابي ياغي

في قاعات المتحف الوطني في بيروت وجنباته، تقيم الأزمنة والحضارات. روائع أثرية تعود إلى عصور مختلفة بدءًا بما قبل التاريخ، تروي تاريخ شعوب وثقافات تعاقبت في وطننا. ومن بين هذه الروائع مجموعة من الكنوز الأثرية التي يكشف عنها للمرة الاولى.

 

تاريخ المتحف في سطور
بدأت نواة المتحف الوطني في بيروت بقطع أثرية كان قد جمعها في العام 1914 الضابط الفرنسي ريمون ويل تمّ العثور عليها في بيروت وجوارها. فقرر وضعها في مبنى المرسلات الألمانيات في شارع جورج بيكو حيث اتّخذت قاعة العرض صفة متحف موقت. وفي العام 1923، تألفت لجنة تأسيسية جمعت التبرّعات بهدف بناء متحف على طريق الشام قرب مركز سباق الخيل.
بعد دراسة العروض المقترحة لهندسة البناء، تم اختيار المشروع المقدم من المهندسين أنطوان نحاس وبيار لوبرينس-رينغي. وقد استغرقت الأشغال سبع سنوات امتدت من العام 1930 ولغاية العام 1937. وتمّ تدشين المتحف في 27 أيار العام 1942 في حضور رئيس الجمهورية اللبنانية ألفرد نقاش.
في العام 1937، قرّر حافظ المتحف آنذاك، الأمير موريس شهاب، أن يكون المتحف الوطني المكان الذي تعرض فيه كل المكتشفات الأثرية في لبنان. في العام 1975، ومع اندلاع الحرب الأهلية في لبنان، أغلق المتحف أبوابه أمام الزوار بانتظار عودة الهدوء. لكن الهدوء لم يكن قريبًا، طريق الشام أصبحت خطًا يفصل بين شطري بيروت، وبات المتحف الوطني أشبه بثكنة لعناصر مسلّحة. في ظل هذا الواقع قام الأمير موريس شهاب خلال فترات وقف إطلاق النار، بإخفاء القطع الصغيرة التي كانت معرضة للنهب أو للسرقة في مستودعات الطابق السفلي الذي أحيط بجدران من الاسمنت المسلّح لحمايتها. وفي الطابق الأرضي، غطّيت قطع الفسيفساء المركّزة في الأرضية بطبقة من الإسمنت، في حين أخفيت القطع الكبيرة المتعذّر نقلها- كالنواويس والتماثيل- بأكياس رملية تمّ استبدالها في العام 1982 مع تأزم الوضع بقوالب خشبية تعلوها طبقة من الإسمنت المسلّح.
عند انتهاء الحرب في العام 1991، كان الخراب هائلًا في المتحف وفي المديرية العامة للآثار. بدا المتحف الوطني كجرح ينزف، من السقف والشبابيك المخلّعة تتسرّب مياه الأمطار، الجدران تحمل آثار القذائف من ثغرات وفجوات إضافة إلى كتابات المسلّحين... على صعيد القطع الأثرية، كان الوضع خطيرًا نظرًا لارتفاع درجات الرطوبة داخل المستودعات على مدى 15 عامًا، وعدم توافر شروط الحفظ الملائمة. من جهة أخرى، أتى حريق ناتج عن قصف المبنى الملاصق للمتحف على قسم كبير من أرشيفه (خرائط، صور، إضبارات...) وأتلف حوالى 45 صندوقًا من القطع الأثرية إضافة إلى تجهيزات المختبر بكاملها. وكانت البداية من الصفر.


إعادة التأهيل والترميم
تركّزت الأعمال بين العامين 1995 و1997، على إعادة تأهيل مبنى المتحف (الإنارة، التكييف، الصوت، نظام الحماية، تركيب المصاعد، تركيز الواجهات، تجفيف طبقة المياه الجوفية، إضافة إلى توثيق القطع الأثرية وترميمها). أتى هذا التأهيل نتيجة تضافر جهود وزارة الثقافة والمديرية العامة للآثار والمؤسسة الوطنية للتراث. وفي 25 تشرين الثاني 1997، دشّن رئيس الجمهورية الياس الهراوي المتحف الذي عاد مجددًا لاستقبال الزوار، وإنما فقط في الطابق الأرضي وقسم من الطابق السفلي بالتوازي مع استكمال أعمال التأهيل فيه (تجفيف طبقة المياه الجوفية، ترميم الممرّين في الطابق الأول).
كان الهدف من هذا الافتتاح الجزئي إعادة الصلة بين المجتمع اللبناني وماضيه، وقد أتاحت هذه المناسبة للزوّار تقدير ما نفّذ من أشغال وتقدير ما تبقّى من جهود لكي يضاهي المتحف الوطني المتاحف العالمية الكبرى.
في تموز 1998، أغلق المتحف أبوابه من جديد لإنجاز ما بقي من أعمال بما يلبي متطلّبات المتاحف الحديثة. وأعيد افتتاحه نهائيًا في 8 تشرين الأول 1999، برعاية رئيس الجمهورية العماد إميل لحود. وقد عرضت فيه أكثر من 1300 قطعة أثرية من فترات مختلفة بدءًا من عصور ما قبل التاريخ وصولاً إلى الحقبة العثمانية.
في العام 2011، افتتح «مدفن صور» في الطابق السفلي من المتحف الوطني بعد أن كان قد تمّ ترميم الجداريات العائدة إلى القرن الثاني ميلادي بدعم من السفارة الإيطالية في لبنان بهدف إبراز هذا المعلم الروماني.
وفي العام 2013، افتتحت في الطابق الأرضي من المتحف الوطني «صالة موريس شهاب» (تقديرًا لأول مدير عام للآثار في لبنان)، التي تعرض فيها مجموعة من التماثيل والمذابح والفسيفساء من الفترة الكلاسيكية حتى الحقبة البيزنطية.

 

جولة داخل المتحف
في كل مرة ندخل فيها إلى المتحف الوطني في بيروت، نقدّر أكثر عظمة تاريخنا. أثريات تشعّ تحت الأضواء فتبدو وكأنها لوحات نقشت عليها العصور معالمها. مديرة المتحف السيدة آن ماري عفيش التي رافقتنا في الجولة، حرصت على شرح أدق التفاصيل، واقترحت علينا أن نبدأ من الطابق السفلي، الذي افتتح مؤخرًا وفيه كنوز أثرية يُكشف عنها للمرة الأولى، وهي تضم أكبر مجموعة من النواويس المجسمة في العالم، إضافة إلى نصب فينيقية ومومياءات تعود للقرون الوسطى. وتتألف هذه المجموعة من 529 قطعة أثرية تتصل بالجنائز ودفن الموتى، وتمتد من العصر الحجري حتى عهد السلطنة العثمانية.
ومن الكنوز التي تتضمنها، قبر منحوت في الصخر اكتشفه صدفة فلاح في منطقة صور جنوب لبنان في العام 1937، وهو يحمل نقوشًا مستوحاة من الأساطير الدينية اليونانية.
أقدم معروضات هذا القسم سنّ لإنسان «هوموسابيانس» الذي عاش في أرض لبنان منذ 70 ألف سنة قبل الميلاد. أما أحدث المعروضات عهدًا، فهو نصب يعود إلى زمن الدولة العثمانية وتحديدًا العام 1830.
افتتاح الطابق السفلي وفق مديرة المتحف «درس في الشجاعة والأمل، فبعد 41 عامًا على إقفال المتحف في العام 1974، نحن الآن قادرون على استقبال الزوار في طبقاتنا الثلاث».
وتضيف عفيش «يتوجب علينا أن نعرض للجمهور هذا التراث اللبناني والإنساني الموجود في خزائن متحفنا». وعلى غرار كل المعروضات في المتحف، فقد استخرجت كل القطع المعروضة في القسم الجديد، من حفريات نفذت في لبنان.
نكمل الجولة لنكتشف ناووسًا رومانيًا عثر عليه في بيروت، تروي نقوشه أسطورة ايكاروس اليونانية القديمة، وهي عن شاب كان محتجزًا في متاهة في جزيرة كريت، وهرب من محبسه بجناحين من شمع، لكنه اقترب من الشمس فذاب جناحاه وهوى صريعًا.
ومن بين المعروضات أكبر مجموعة نواويس مجسمة في العالم (حاليًا تمّ عرض 31 ناووسًا) وهي فينيقية تعود إلى ما بين القرنين السادس والرابع قبل الميلاد عثر عليها في مدينة صيدا الجنوبية، وتشكّل خليطًا من الأنماط المصرية القديمة واليونانية.

 

مومياءات وادي قاديشا
للمرة الأولى في العالم، تعرض ثلاث مومياءات اكتشفها في العام 1989 متخصصون في سبر المغاور في وادي قاديشا (الوادي المقدس) المدرج على قائمة منظمة اليونسكو للتراث العالمي، والذي شكل ملجأ للمسيحيين الموارنة المضطهدين على يد الروم البيزنطيين ومن ثم المماليك. وقد عثر في مغارة على ثماني مومياءات محنطة طبيعيًا وملابسها عليها، ومنها ما حيك من الحرير، وهي على حالها منذ القرن الثالث عشر.
ساهمت إيطاليا بمبلغ مليون وعشرين ألف يورو لترميم المجموعة المعروضة في القسم الجديد، وتمّت الاستعانة بخبراء إيطاليين مثل انتونيو غياناروستي وماركو ساماديلي.

 

أقدم تصوير لمريم العذراء في لبنان
نبقى في الطابق السفلي حيث تطالعنا مجموعة قطع تروي تطور مراسم الدفن على امتداد العصور التي تعاقبت على لبنان، مثل القبر العائد للعصر الحجري الحديث في الألفية السادسة قبل الميلاد، وجرة دفنت في قبر إبان العصر النحاسي في الألفية الرابعة قبل الميلاد، عثر عليها في مدينة جبيل.
وتشهد مقتنيات جنائزية أخرى على طقوس الدفن في عهد الفينيقيين، وصولاً إلى العهد البيزنطي الذي تؤرّخ له واجهة قبر مزين بوجه لمريم العذراء يعود الى العام 440. وتقول عفيش «نعتقد أن هذا أقدم تصوير لوجه العذراء يعثر عليه في لبنان».

 

في الطابقين الأرضي والأول
نكمل الجولة ونصعد إلى الطابقين الأرضي والأول. هناك تطالعك مقتنيات تعود إلى ما قبل التاريخ، إلى العصر الحجري حيث نشاهد أبرز ما استخدمه الإنسان الأول الذي عاش على شواطئ لبنان، صوّانيات نادرة من العصر الحجري الحديث (9000 - 4000 ق.م.) كرأس حربة من صوّان كانت تستخدم للصيد، وأدوات أخرى من العصر الكلكوليتي (4000 - 3200 ق.م.) كصنارة من النحاس (تعتبر من أولى الأدوات المعدنية التي استخدمها الإنسان الجبيلي لصيد الأسماك)...

 

العصر البرونزي
العصر البرونزي، بأقسامه الثلاثة (القديم والمتوسط والحديث)، هو عصر نشوء الحضارة المدينية، وظهور الكتابة، وكتب عنه علماء الآثار الكثير. وقد كشفت الحفريات الأثرية أسوارًا ومساكن ومعابد ومدافن لهذه المدن القديمة، حيث وجد عدد كبير من القطع ذات الطابع المدفني أو الديني والتي سمحت بالتعرف إلى بعض جوانب حياة السكان اليومية وإلى معتقداتهم وصناعاتهم.
فالحلي وقلادة الملك إب شمو أبي مثلاً التي عثر عليها ضمن اللوازم التي دفنت معه (تعود للعصر البرونزي المتوسط، 2000 - 1500 ق.م) تدل بوضوح على إتقان السكان فنّ صناعة الذهب والفضة. كما أن فرس البحر المصنوعة من الخزف والتي تمثل القرابين، تدل من جهة على اتقان صناعة الخزف، ومن جهة أخرى تظهر التأثير المصري على سكان تلك المدن.
ننتقل إلى تحف العصر البرونزي الحديث (1500 - 1200 ق.م) ومن بينها القطع العاجية المصنوعة من أسنان فرس البحر، وأهمها علب التبرج (على شكل بط) المكتشفة في صيدا والتي أظهرت ذوقا مميّزًا وحِرفية عالية لدى السكان. هذه القطع هي من النماذج القلائل المكتشفة في لبنان، فقد سلب معظمها الملوك الأشوريون خلال غزوهم للبلاد.
ناووس أحيرام، ملك جبيل، يعتبر من أهم القطع المعروضة في المتحف الوطني، إذ إنه يتميز بالنقوش والكتابات التي تغطي الجرن والغطاء مع بقايا دهان أحمر في بعض الأماكن، وهو الشاهد الأول على الأبجدية الفينيقية التي نشرها الفينيقيون في الألف الأول ق.م.
نرى أيضًا تمثال الإلهة حتحور وتمثال آخر يمثل عازفًا على آلة موسيقية. وهذان النموذجان يظهران براعة الحرفيين المحليين في نحت العاج، وقد تمّ اكتشافهما في بلدة كامد اللوز البقاعية.

 

العصر الحديدي
بلغت الحضارة الفينيقية أوجها في العصر الحديدي (1200 - 330 ق.م)، من خلال الانتشار التجاري في محيط البحر الأبيض المتوسط ونشر الأبجدية في العالم بفضل قدموس الصوري. وينقسم هذا العصر إلى ثلاثة أقسام: العصر الحديدي الأول (القرن الثاني عشر - القرن العاشر ق.م) والحديدي الثاني (القرن التاسع - القرن السابع ق.م) والحديدي الثالث (القرن السادس - القرن الرابع ق.م).
وقد تنوعت الموجودات التي تعود إلى هذا العصر، من ذهب وعقيق (كالقلادة، والعقد الذي يزينه وجه، اللذين اكتشفا في مغارة طبلون قرب صيدا)، والفخار المستورد من اليونان وقبرص (بحسب ما دلت عليه النقوش والزخرفة التي وجدت على إناء بشكل رأس خنزير وآخر مزين بشكل بط). أما تماثيل الرخام التي اكتشفت في عين الحلوة وصيدا ومعبد أشمون (بستان الشيخ) فدلت على تأثر الفينيقيين بالحضارات الأخرى كالفارسية واليونانية وغيرها، وعلى الطقوس المتبعة آنذاك، هذا ما يظهره مثلاً تمثال الطفل (مع كتابة فينيقية) الذي قدم إلى إله الشفاء أشمون عربون شكر لشفائه أطفالهم.

 

العصر الهليني
الآثار المتبقية هي من العصر الهليني (333- 64 ق.م) وقد غلب عليها الطابع اليوناني إذ فتحت المدن الساحلية أبوابها للإسكندر الكبير الذي انتصر على الفرس في سنة 333 ق.م.
تتنوّع هذه الآثار بين منبر من رخام وجد في معبد أشمون قرب صيدا والذي يعتبر نموذجًا للمنتوجات اليونانية المصنوعة في فينيقيا، وتماثيل الآلهة، كتمثال فينوس المصنوع من الرخام (عثر عليه في بيروت) وتمثال لإله الحب وآخر للإله هيرمس (من الفخار وقد وجدا في منطقة الخرايب قرب صور). تظهر هذه القطع الأثر اليوناني المباشر في الحياة اليومية آنذاك، لكن هذا الأمر لم يمنع الفينيقيين من المحافظة على لغتهم وأبجديتهم وطقوسهم المحلية، ويتضح ذلك من خلال نصب بعلشمار الذي وجد في أم العامد، وهو مصنوع من حجر كلسي، وقد نقشت عليه كتابات فينيقية.

 

العصر الروماني
يعتبر العصر الروماني (64 ق.م - 395 م) عصر العمران بالنسبة لفينيقيا، حيث تميزت سياسة الرومان في المنطقة الساحلية بإحياء التطور المدني، وتمكنت المدن الفينيقية من توسيع رقعتها وشيدت أبنية دينية ومدنية (معابد، بازيليكا، أسواق تجارية، مسارح)، وتطورت الصناعات المحلية (الصياغة والزجاج والنسيج والفخار).
ومن التحف الأثرية المعروضة في المتحف الوطني، أوان من الزجاج كانت تستخدم في الحياة اليومية، وفي التجارة والطقوس، وقد اكتشفت في صور. كما تمّ اكتشاف مدفن في منطقة البرج الشمالي قرب صور، على جدرانه مشاهد مقتبسة من الميتولوجيا مرتبطة بعالم الأموات، وقد أعيد تركيبه في مبنى المتحف. وكان للرخام حصة من خلال التماثيل الرائعة للآلهة، كتمثال هيجيا إلهة الصحة (جبيل) ورأس الإله ديونيزوس ذو القرنين (صور) أو حتى ناووس أسطورة آخيل الذي اكتشف في صور. أما الفسيفساء فموجودة أيضًا، ولعل أشهرها تلك التي تمثل اختطاف الإلهة أوروبا ابنة ملك صور وقد خطفها «زفس» الذي تحول إلى ثور...

 

العصر البيزنطي
في العصر البيزنطي (395 م - 635 م)، انضمت المدن الساحلية اللبنانية إلى الأمبراطورية الشرقية. وقد اعتنقت هذه المدن الديانة المسيحية فهدمت المعابد الوثنية، لاسيما بعد أن أصبحت المسيحية دين الدولة الرسمي. على الرغم من ذلك، فقد بقيت بعض الطقوس الوثنية منتشرة كعبادة الإله أدونيس وجوبيتر وذلك لقرون عديدة.
ومن خصائص هذا العصر بناء الكنائس في جميع المدن الساحلية، كبيروت وخلدة وشحيم والزهراني وصور، ومدن أخرى جبلية، كبيت مري والغينة في كسروان وبعلبك، وقد زينت أرضيتها بفسيفساء تمثل مواضيع دينية.
وتنوعت الآثار المعروضة التي تعود لهذا العصر، من تماثيل خزفية إلى الحلي على أنواعها (سوار مع رأس كبش، أقراط، خاتم) والمصنوعة من الذهب واللؤلؤ والأحجار نصف الكريمة، وقد اكتشفت في بيروت.
أما النقوش على الرخام، فقد كثرت في تلك الحقبة، وغلب عليها الطابع الديني حيث كانت تمثل مواضيع توراتية (مبارزة داوود والأسد، أو ذبيحة ابن إبراهيم).
في المعابد والكنائس استخدمت الفسيفساء إلى استخدامها عند مداخل بيوت الأثرياء كفسيفساء «الحسد» التي اكتشفت في قلب مدينة بيروت البيزنطية.

 

من الفتح العربي إلى نهاية العصر المملوكي
من الفتح العربي إلى نهاية العصر المملوكي (636 م - 1516 م) شعوب كثيرة مرت على لبنان عملت على نهضته خصوصًا بعد الزلزال الذي ضرب مدنه الساحلية. فقد تعاقب الأمويون والعباسيون والفاطميون والسلاجقة والأيوبيون والصليبيون والمماليك على احتلال البلد، وترك كل منهم أثرًا واضحًا في العادات والبناء والصناعة وغيرها.
وهكذا نجد أن الحلي المتعددة الأصناف (عقد، سوار، خاتم، بكلة...) والمصنوعة من الذهب والأحجار نصف الكريمة والمينا التي تحمل نقوشًا عربية وأشكالاً هندسية ووجوهًا بشرية، تظهر بمجملها البراعة التي تميّز بها صاغة العصر المملوكي.
والفخاريات التي اكتشفت في صور (من نوع سجرافياتو) تميّزت بتقنيات طلاء الإناء ومن ثم نقشه بطلاء ملون بمزيج من الخطوط والرسوم والنقوش والكتابات العربية التي ميزت تلك الحقبة.
قبل أن نغادر المتحف نمر ببهو المدخل حيث غرفة مخصصة لعرض الأفلام الوثائقية حول عملية إحياء المتحف الوطني، ومتجر مخصص لبيع التذكارات. ونستفسر عن أوقات الزيارة، فيأتينا الجواب: طوال أيام الأسبوع ما عدا يوم الإثنين، من الساعة التاسعة صباحًا ولغاية الخامسة مساء.