صحة و وقاية

النوم هو أكثر من وقت للراحة وتجديد النشاط
إعداد: ريما سليم ضومط

النوم ضروري لقدرات التذكر والإبداع والنمو...

 

في ختـام يوم من العـمل المضني، ليس هنالك أفضل من الاستغراق في سبات عميق للتخلص من تعب النهار والاستعداد لصباح جديد مليء بالنشاط والحيوية.
ولـكن هـل تقتصر فـوائـد النـوم على الراحـة الجسديـة؟ ومـا علاقـة النوم بالدمـاغ وبالذاكـرة وبالقـدرة على الإنـتاج والإبـداع؟
أسئلة حملناها إلى الدكتور الياس باشا الاختصاصي في جراحة الدماغ والأعصاب، فكان الحوار التالي.

 

نوعية النوم

* ما رأيك في قول الشاعر «لا طوّل النوم عمراً ولا قصّر في الأعمار طول السهر»؟

- في ما مضى اعتبر القدماء أن النوم مضيعة للوقت ليس إلاّ، أما اليوم فقد أثبت العلم الحديث أن الدماغ يعمل خلال النوم خمسة أضعاف ما يعمله خلال الوعي. وقد تم الاستنتاج علمياً أن النوم الصحّي يعود على المرء بفوائد جمّة أبرزها تحسين قدرة الذاكرة، وتقوية جهاز المناعة، والمساعدة على النمو، وزيادة القدرة على الإنتاج والإبداع، إضافة إلى إراحة العضلات لا سيما عضلة القلب.

 

* أشرت في حديثك إلى النوم «الصحّي» فهل هنالك من نوم صحي وآخر غير ذلك؟

- بالطبع، ولكي نفهم الفرق ما بين الإثنين، يجب أن نعرّف بالنوم ومراحله المختلفة. فالنوم هو حالة من اللاوعي يقسم إلى خمس مراحل أولها النعاس، ثم النوم السطحي، فالنوم العميق، يليه النوم العميق جداً، ثم مرحلة الأحلام.
وقد سمّيت المرحلتان الأولتان بالنوم السطحي غير المنتج، في حين عرفت المراحل الثلاث الباقية بالنوم العميق المنتج.
وتشكل المراحل الخمس مجتمعة «دورة النوم» ومدّتها تسعون دقيقة، علماً أنه على المرء أن يجتاز جميع هذه المراحل بمعدّل خمس إلى سبع مرات ليلياً لكي يعتبر نومه صحياً. وفي حال لم يفعل ذلك لمدة طويلة فسوف يعاني من اضطرابات في النوم، تؤدي بدورها إلى مشاكل مختلفة.

 

مراحل النوم

* ما هي تحديداً النتائج المترتبة عن اجتياز المراحل الخمس للنوم؟

 اثر ليال متتالية من النوم الطبيعي والصحي، لا بد من الحصول على نتائج إيجابية بالغة الأهمية، نذكر منها ما يلي:

- تنشيط الذاكرة: خلال مرحلة الحلم، يتم تصنيف أحداث اليوم السابق وتسجيلها في الذاكرة، وهو أمر لا يحدث في حالة الوعي. لذا، فإن الأشخاص الذين ينامون نوماً سطحياً يفقدون الذاكرة تدريجياً، ويكررون نفس الأخطاء غير مستفيدين من خبراتهم، كما يصبحون بحاجة إلى التركيز أكثر فأكثر مما يؤثر على مهارتهم المهنية وإنتاجهم. أما النوم السطحي عند الأطفال فيمكن أن يقود إلى صعوبات ومشاكل في استيعاب الدروس.

- القدرة على التعلّم: في فترة النوم الخفيف، يُصار إلى إعادة ترتيب الأفكار وبلورتها. من هنا، فإن معظم المؤلفات والمنحوتات والسمفونيات تولد خلال فترة النوم الخفيف الذي يمثل 60% من معدّل النوم بشكل عام.

- التقلّبات المزاجية: الحلم مسؤول عن مزاجنا الصباحي. فإذا لم نحلم بما فيه الكفاية استيقظنا بمزاج سيء والعكس صحيح. وذلك أن الأحلام تتيح لنا عيش رغباتنا في حالة اللاوعي، وبالتالي فإنها تبعد عنا شبح الإحباط.

- تقوية جهاز المناعة: خلال المرحلة الثالثة من النوم يتم إفراز الهورمونات المسماة بالانترلوكين 1 وانترلوكين 2 التي تساعد على تقوية جهاز المناعة. من هنا، فإن الذين لا يتجاوزون المرحلة الثانية من النوم معرّضون لضعف في جهاز المناعة، مما يزيد فرص إصابتهم بالأمراض السارية بشكل متكرر وحاجتهم إلى فترة نقاهة أطول من الذين يتمتعون بنوم عميق.

- الجنس والتكاثر: إن إفراز الهورمونات الجنسية يتم في المرحلتين الثالثة والرابعة من النوم، لذا فإن النوم السطحي يمكن أن يؤدي إلى برودة جنسية عند المرأة وإلى ضعف جنسي عند الرجل.

- نمو الأولاد: خلال فترة النوم العميق يكثر إفراز «هورمون النمو» الذي يتيح للأولاد النمو بطريقة طبيعية. كما يساعد هذا الهورمون على محاربة ترقق العظام عند البالغين.

- التيقظ: بعد ليـلة من الـنوم العميق، لا بد وأن يرافق المرء شـعور بالنشاط والتيـقظ يلازمه طوال النهار ويساعده على التفكير والإبداع.

 

اضطرابات النوم

* ما هي الأعراض التي تشير إلى وجود اضطرابات في النوم؟

- من يشكو من واحدة أو أكثر من المشاكل المذكورة أدناه، يعاني من اضطراب في النوم، ويلزمه مراجعة الطبيب:

- صعوبة في البدء في النوم.

- صعوبة في الحفاظ على نوم عميق مريح طوال الليل.

- الاستيقاظ مرات عدة خلال الليل مع صعوبة في العودة إلى النوم.

- عدم الاكتفاء من النوم وعدم الرغبة في الاستيقاظ.

- النوم في النهار من دون أي قدرة لمنـع ذلك.

- الكوابيس.

- السيــر اللاواعي فـي الليـل.

- التكلّم أثناء النوم والشخير المزعج.

- قلة تركيز.

- ذاكرة سيئة.

- اضطرابات في الدورة الشهرية عنـد المرأة.

- برود وعجز جنسي.- اضطرابات في نبض القلب، الدوار المزمن، الصـداع، التعـب المزمن، الرجفة في اليديـن، كثرة التعـرّق، وعسـر الهضـم.

- الفشل في الوصول إلى الغاية المرجوة في المدرسة أو المهنة.

- مشاكل التصرّف عند الأولاد كثيري الحركة.

 

علاج الأرق

* ما رأيك في علاج الأرق بالمنومات والحبوب المهدئة؟

- انني ضد استخدام هذه الوسائل كونها تقود إلى نوم غير صحّي، إذ تحرم النائم من المرور بالمراحل الخمس التي أشرنا إليها سابقاً، ولا سيما مرحلة الحلم، مما يفقد النوم الغاية المرجوة منه.

 

* إذاً ما هو الحل البديل؟

- مـع تطـوّر علـم النوم برزت «عيـادات النـوم» التي تعالـج اضطـرابات النوم مـن دون اللجـوء إلى العقاقير والأدوية. لذلك، من المفـيد جداً أن يقصد المريض مثـل هذه العيـادات. كما أنـه من الضـروري أن يتخـلّى عن العادات السـيئة التي يمكـن أن تـؤدي إلى أرق واضطرابات في النـوم، ومن بينها تنـاول المأكولات والمشـروبات الغـنية بالكافيـين (قهوة، شاي، شوكـولا، مشروبـات غازية)، وجـود التلفزيـون في غرفــة الـنوم الذي يؤدي إلى نـوم متقـطع، تـناول الطعـام أو القـيام بتـمارين رياضـية قبل الـنوم بفـترة تقـلّ عن ثلاث ساعـات ما يقـود إلى الأرق والاضـطراب في النـوم.

 

نصائح لنوم صحي

- حافظ على موعد ثابت للنوم طوال أيام الأسبوع بما في ذلك يومي السبت والأحد.

- حاول خلق بيئة مناسبة للنوم عبر إطفاء أضواء المنزل، والابتعاد عن شاشة التلفزيون والكموبيتر قبل فترة نصف ساعة من الذهاب إلى السرير.

- ابتعد عن مادة الكافيين خلال فترة ما بعد الظهر. واحرص على تناول طعام العشاء قبل أربع ساعات من موعد النوم، متفادياً قدر المستطاع المأكولات الحارة.

- تجنّب الجدل مع الآخرين في الساعة التي تسبق موعد النوم.

 

هل تعلم

- أن الإنسان يقضي ثلث عمره في النوم؟

- أن الفيل ينام أربع ساعات فقط في اليوم الواحد، وأنه ينام واقفاً معظم الوقت؟

- أن الدلفين ينام وهو يسبح؟

- أن الأسد ينام اثنتي عشرة ساعة في اليوم الواحد؟

- أن ثلث سكان العالم مصابون باضطرابات في النوم؟ (تقرير لمنظمة الصحة العالمية).

- أن 20% من حوادث السير المميتة سببها الاضطرابات في النوم؟ (دراسة للأمم المتحدة).

- ان اضطرابات النوم تزيد بنسبة كبيرة قبل أسبوعين من ظهور النوبة القلبية عند المريض؟