متقاعد يتذكر

حبّ الوطن والجيش... من الآباء إلى الأبناء
إعداد: باسكال معوض بو مارون

المؤهل المتقاعد حسن مرمك

سبعيني قضى نصف عمره يخدم
جيشه ووطنه ويعرّض حياته للخطر
في أحلك فترات الحرب سواداً...
نفّذ العديد من المهام الصعبة والسرية متفانياً في أداء واجبه. إنه المؤهّل المتقاعد حسن مرمك الذي له من الذكريات في حياته العسكرية
ما دفعه للتفكير في جمعها بكتاب.


بداية، يروي المؤهل المتقاعد حسن مرمك بداية رحلته في المؤسسة العسكرية ويقول: أنا من مواليد العام 1931؛ عندما بلغت سن العشرين، قررت أن أحذو حذو أخي الكبير الذي كان جندياً في الجيش. "وهيك صار"، فقد كانت المؤسسة العسكرية بالنسبة لي حلماً. ساعة الحقيقة دقّت في الواحد والثلاثين من الشهر الخامس من العام 1951، حين تقدمت للتطوّع وكنّا سبعة أشخاص. وعندما أتى المسؤول لرؤيتنا، رفض الستة الباقين وقبلني وحدي نظراً لبنيتي الجسدية. فكانت فرحتي لا توصف وسط خيبة الآخرين.
تطوعت لصالح الفوج الثالث في ثكنة زغيب في صيدا. بعدها توجّهنا الى ثكنة القبة في طرابلس حيث خضعنا لدورة أغرار لمدة ستة أشهر قضيتها بسعادة كبيرة لأنني كنت أشعر يوماً بعد يوم بأن قدراتي تتطوّر.
في معهد التعليم في طرابلس كنت الألمع بين الجنود في الدورة فرشّحني ضابط مسؤول لدورة عريف.
وفي طرابلس ترقيت لرتبة عريف ثم عريف أول ثم رقيب. ثم نقلت الى عرمان حيث كنا ندرب الجنود وبقيت هناك حتى رقيت لرتبة معاون أول.
من معهد التعليم شكّلت الى وزارة الدفاع، وكان ذلك في العام 1971 واختاروني لأكون في الشعبة الثانية وتحديداً في المكافحة ضمن مهمات عملانية. وأثناء عملي في الشعبة الثانية زار الجيش رئيس المخابرات في الجيش العراقي وطلب أن ينتدب الجيش اللبناني من قبله عنصراً مميزاً من الشعبة الثانية إلى العراق ليدرّب عدداً من عناصر الجيش العراقي، نظراً لما اشتهرت به هذه الشعبة اللبنانية من خبرة وتخصص في مجال عملها. اختارني الضابط المسؤول عني آنذاك وسافرت الى العراق وأنجزت المهمة بنجاح.
وبقيت في المكافحة طوال فترة خدمتي في الجيش حيث عملت في مهمات على الأرض خلال أحلك ظروف الحرب اللبنانية.
وقد انفصلت عن عائلتي في أحيان كثيرة حيث كنت أعمل في منطقة وهم في أخرى.
في العام 1985 تمّ نقلي الى مديرية أمن الدولة، والتي كانت آنذاك في طور التأسيس، فعملت على تدريب العناصر والتأسيس لهذه المديرية حتى العام 1988 حيث سرّحت من الجيش برتبة مؤهّل. ثم ما لبثت أن تعاقدت مجدداً مع المديرية. وبقيت أعمل فيها لمدة 10 سنوات.
ويختم المؤهّل المتقاعد مرمك حديثه بالقول:
"لقد ربيت أولادي الثمانية من خير المؤسسة العسكرية. وقد ربيتهم على مبادئها وأخلاقياتها حتى أن اثنين منهم انخرطــا فيها فيما اختار الثالث مديرية أمن الدولة، فحب الوطن الذي زرعته فيهم أثمر في نفوسهم فأصبحوا أشجاراً في حقل الجيش والوطن".

 

 

تصوير: فادي البيطار

 

صفحة الذكريات هذه يكتبها كل عدد فرد متقاعد من المؤسسة العسكرية، لم يتقاعد حبه المخزون للوطن وللبذلة المرقطة. صفحة تحاول اختزال حياة من الشرف والتضحية والوفاء، وضغطها في مقابلة اهم ما فيها انها صورة مضيئة لرتباء وافراد رهنوا حياتهم وعرقهم ودمهم للجيش، وكسبوا الرهان.