أرقام وحقائق

خفض موازنة التغذية ليس بالفاصوليا وحدها يتغذى العسكري
إعداد: تريز منصور

عندما تُذكر مسألة التغذية في الجيش يُذكر تلقائيًا طبق الفاصوليا الذي يحظى بشهرةٍ واسعة، فرغم تواضع مكوّناته وانخفاض كلفته، يبرع الطهاة في الجيش في إعداده بمذاقٍ شهي يجعله في مصاف ألذّ الأطباق.

لكن، ليس بالفاصوليا وحدها يغذّى العسكري... فالتغذية في الجيش مسألة بالغة الدقة، وهي تتمّ وفق أسس علمية، وتعتمد معايير علمية بغية تأمين العناصر الغذائية والسعرات الحرارية التي يحتاجها العسكريون، لتأدية مهماتهم والحفاظ على صحتهم وسلامة بنيتهم الجسدية، وأيضًا معنوياتهم...أليس الغذاء السليم من أبسط حقوق الإنسان؟
على ما يبدو، سيكون على اختصاصيي التغذية في الجيش إعادة النظر في لوائح الطعام وابتكار خطط جديدة كي لا يصبح التوفير تقتيرًا...فموازنة التغذية تقلّصت علمًا أنّها كانت بالكاد كافية. كلفة تغذية العسكري يوميًا كانت بمعدل 7500 ليرة لبنانية فقط لا غير وللوجبات الثلاث (فطور، غداء، وعشاء)، هل هذا كثير؟


ترتبط موازنة التغذية في وزارة الدفاع الوطني بعدة عناصر أبرزها: متوّسط العديد المتغذّي خلال عام كامل، نوعية المواد الغذائية التي يتمّ اختيارها وتصدر في لائحة طعامٍ نصف شهرية عن مديرية القوامة، وفق الحصة الفردية للمتغذّي الواحد.
ويراعى في تغذية العسكريين توفير 3200 سعرة حرارية يوميًا، وهي ترتفع إلى 4200 في الوحدات الخاصة نظرًا إلى طبيعة المهمات التي تؤديها والتدريبات التي تتابعها.
 
تطوّر كلفة التغذية في الجيش بين 1990 و2019
تطورت كلفة المتغذّي الواحد يوميًا (فطور، غداء، وعشاء)، من 3000 ليرة لبنانية في العام 1990 لتصبح اليوم 7500 ليرة لبنانية، نتيجة ارتفاع أسعار المواد الغذائية وزيادة بعض المكوّنات (مثلًا زيادة كمية اللحوم من 100 غرام إلى 120 غرام في حصّة المتغذّي الواحد، تؤدي إلى رفع الكلفة)، كما أنّ نسبة جهوزية العديد الكلي على صعيد الجيش تؤثر أيضًا، وهي تحدّد وفق الأوضاع الأمنية والمناسبات الوطنية إذ يمكن أن تصل إلى 100 % أحيانًا.
إنّ ارتفاع كلفة أسعار المواد الغذائية عامًا بعد عام، واستخدام بعض الطهاة المدنيين لتحسين نوعية الطهي، إضافة إلى المهمات التي استوجبت زيادة نسبة الجهوزية، رفعت قيمة اعتمادات التغذية الملحوظة في الموازنة العامة للجيش من 56 مليارًا في العام 2010 إلى 75 مليارًا في العام 2018، وقد انخفضت بنسبة 15 % في موازنة 2019.
ولا بدّ من الإشارة هنا إلى أنّ عديد الجيش اليوم هو في حدود 80 ألف عسكري، وعدد الوجبات المقدمة يوميًا هو 45 ألفًا تقريبًا، ومن الطبيعي أن يرتفع هذا الرقم مع ارتفاع نسبة الجهوزية.

 

الإدارة الجيدة للموارد والقدرات
تحرص مديرية القوامة في الجيش على تأمين التغذية الصحيّة والسليمة للعسكريين، وذلك من خلال مراقبة دقيقة للمكوّنات وتطبيق المواصفات الغذائية العالمية في مختلف المراحل بدءًا من تسلّم المواد الأولية وصولًا إلى تقديم الوجبات للمتغذّين.
فاللحوم، والأسماك، والحبوب، والخضار، والفواكه والمعلبات تخضع جميعها لكشوفاتٍ مخبرية من قبل لجنة مؤلفة من أطباء للتأكد من خلوّها من الجرائيم وصلاحيتها للاستهلاك البشري.
كما تتمّ عمليات التخزين والنقل والطهي... وفق إجراءات دقيقة تكفل سلامة الطعام وعدم وجود هدر في أي من المراحل، فضلًا عن الوفر الذي تحقّقه من خلال آليات شراء المواد.
وقد كان لقيادة الجيش في السابق عدّة محاولات لتحقيق نوع من الاكتفاء الذاتي على صعيد التغذية، إذ إنّها كانت تملك أفرانًا للخبز داخل ثكناتها في مناطق عكار وبعلبك وحمانا، ولكنّها توقفت عن العمل في ثمانينيات القرن الماضي بسبب الحرب اللبنانية. وفي هذا السياق، يُذكر أنّ عدة جيوش عربية من بينها الجيشان السوري والمصري حاولت اللجوء إلى الاكتفاء الذاتي من خلال إنشاء مزارع للبقر والدواجن وزرع الخضار، إلّا أنّ هذه التجارب لم تكن مشجّعة على الصعيد العام. وفي أي حال، لا تتوافر في لبنان إمكانات لاعتماد حلول مماثلة، ويبقى شراء المواد من السوق الحلّ الأفضل. والكميات التي يشتريها الجيش تُسهم في تحريك الدورة الاقتصادية، وتحلّ أزمة تصريف الإنتاج الذي يعانيه مزارعو الزيتون والتفاح بشكلٍ خاص.
أخيرًا، إذا كانت قيادة الجيش قادرة على توفير الغذاء الصحي والمناسب بكلفة 7500 ليرة لبنانية للمتغذّي الواحد يوميًا، فإنّ ذلك يعود بشكلٍ أساسي للإدارة الجيدة للموارد والقدرات. لكن في النهاية ثمّة حدّ أدنى لا يمكن تجاوزه. فهل يعني خفض موازنة التغذية أنّ طبق الفاصوليا سيصبح خيارًا يوميًا؟

 

السنة

الاعتماد الملحوظ للتغذية

الرصيد المتوافر حتى نهاية العام

2010

56٫000٫000٫000٫00

856٫818٫274٫52

2011

56٫000٫000٫000٫00

311٫754٫419٫58

2012

60٫000٫000٫000٫00

613٫628٫784٫46

2013

64٫600٫000٫000٫00

22٫529٫122٫62

2014

77٫000٫000٫000٫00

55٫794٫563٫78

2015

80٫000٫000٫000٫00

80٫110٫320٫38

2016

74٫000٫000٫000٫00

59٫856٫934٫49

2017

74٫000٫000٫000٫00

*تمّ طلب سلفة بقيمة 16 مليار ليرة نتيجة معركة «فجر الجرود».

15٫892٫836٫79

2018

75٫000٫000٫000

554٫530٫587٫12

2019

80٫000٫000٫000

72٫000٫000٫000