وجهة نظر

عام التحولات الكبرى في الشرق الأوسط القضية الفلسطينية ما بين تغيير الخرائط أو تغيير الضوابط
إعداد: جورج علم
كاتب سياسي

ينبلج فجر جديد على الشرق الأوسط، من رمال غزّة المخصّبة بدماء أطفالها، وترتسم معالمه وفق هندسة تمليها مقتضيات المصالح، وصراع النفوذ لتحقيق مكاسب استراتيجية جديدة في قلب منطقة حساسة كانت منبع الحضارات، وهي الآن منبع الثورات حول الثروات.
غيّرت الحرب في غزة الكثير من المعالم. تبدّلت حسابات، وتأجلت ملفات، وسقطت عناوين كثيرة خلال ومضة زمن. لم يعد الحديث عن شبكة سكك الحديد التي تربط الهند بالخليج، ولا عن "طريق الحرير"، ومشروع "الحزام والطريق" الصيني، ولا عن مستوى تخصيب اليورانيوم الإيراني، ولا شبكة المساعي الدبلوماسية التي كانت ناشطة في غير عاصمة إقليمية ودولية لإبرام اتفاق ثنائي أميركي – إيراني حول النووي، ولا عن مشاريع التطبيع، واتفاقيات "الصندوق الإبراهيمي"...

 

الأسئلة الصعبة
لقد أخذ العدوان على غزة في طريقه الكثير. خطف براءة الطفولة، أطاح بالقيم الإنسانية، جرّد منظمات حقوق الإنسان، واستخفّ بقرارات الشرعية الدولية، حتى الرقم حوّله الى عدّاد نهم، ماذا عن عشرات الألوف من الضحايا؟ ماذا عن أطفال غزّة، ونسائها، وشيوخها، والمرضى؟ وأي عصر هذا الذي  تحوّلت فيه المستشفيات والمدارس وحاضنات الأطفال إلى ساحات قتال؟ وأيّ هولاكو هذا الذي يقتل من دون شفقة، ويترك وراءه الأكفان البيضاء تفترش الأرض؟
منذ السابع من تشرين الأول الماضي، ومع مطلع كلّ فجر، يحمل النهار حقيبته ويتوجّه إلى مصنع المفاجآت، يتعايش مع الصدمة المرعبة، مع الأخبار الموشحة بالسواد، ويمشي على درب فلسطين. كم هي مكلفة تلك الدرب؟ وكم هو باهظ الثمن؟ يكفي ما على جنباتها من شقائق النعمان، ومن حدائق مغروسة بحنطة القضيّة، والحقوق المشروعة، والمروية بدماء الشهداء، وقوافل المؤمنين بالحريّة، والعدالة والعيش الكريم فوق تراب الآباء والأجداد الذين حملوا الشعلة، وكلهم إيمان بأن لا يموت حق وراءه مطالب.
 
قبل السابع من تشرين الأول الماضي، كانت الأنظار مشدودة نحو أوكرانيا، وتفاصيل المواجهات ما بين الروسي، والغرب الأوروبي – الأميركي، وقد استنزفت، وما تزال، الكثير من الضحايا، والطاقات، والإمكانات، ثم بدأ التحوّل نحو بحر الصين الجنوبي، وحشد الأساطيل الحربية الأميركية والقوى الحليفة. كانت المناورات العسكرية، والتحالفات الاستراتيجية تشي بأنّ شبح الحرب يخيّم على الشرق الأقصى، وإذ فجأة "يطوف الأقصى"، وتنفجر براكين الدماء في الشرق الأوسط، وتنتقل بسحر ساحر البوارج الحربية من بحار العالم إلى البحر الأحمر، وتنهال الأسئلة الصعبة من مراكز القرار. من خطّط للعملية وهي مسألة تحتاج إلى سنوات من الإعداد، والتدريب، وجمع المعلومات، والتفنن في استخدام التقنيات، وتضليل الأجهزة، وتحاشي مناظير الطائرات الإسرائيلية المحلّقة دومًا في فضاء غزّة؟ وهل تستطيع "حماس" أن تتخذ بمفردها قرارًا بإطلاق "طوفان" بهذا الحجم؟ وهل فوجئ حلفاؤها فعلًا بالعملية العسكرية، أم فقط بموعد تنفيذها؟ وهل في حسابات "حماس" بأنّ "الطوفان" سيؤدي حكمًا إلى حرب طاحنة، وردة فعل غير مسبوقة؟ وهل كانت تراهن  على اندلاع حرب إقليمية كبرى تعيد خلط الكثير من الأوراق الصعبة في المنطقة؟ وهل تستطيع "حماس"، على سبيل الذكر لا الحصر، قبول وقف لإطلاق النار إذا كان مشروطًا برفض إسرائيل والولايات المتحدة، عودتها إلى الحكم في غزّة؟ وماذا لو كانت أي عملية لإعادة  إعمار غزّة مشروطة بغياب "حماس" عنها؟ والسؤال الأكبر، والأصعب، هل تقبل بأن تدفع وجودها العسكري في غزّة ثمنًا لإعادة حل الدولتين إلى لائحة أولويات الولايات المتحدة الأميركيّة والدول الكبرى، من دون أن يكون لها أي دور أو وظيفة؟
أسئلة برسم العام 2024، وحده القادر أن يُجيب. خزانته ملأى بالأيام، والأيام ملأى بالمفاجآت، والمفاجآت ملأى بحقائق صاعقة تعيد صياغة الحدث من منطلقات راسخة.

 

ما حدث لم يأتِ من فراغ
يقول الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش ، "إنّ ما حدث في 7 تشرين الأول لم يأتِ من فراغ".
الحقيقة أنه لم يكن هناك فراغ، كان على البيدر الدولي - الإقليمي الكثير من الأكوام. وكانت التحولات الكبرى تتجدول نحو عالم متعدد الأقطاب، وترفض الانسياق في مجرى القطب الواحد. كانت الصين تحتل حيّزًا مهمًا في الفضاء العالمي. منطادها فوق الولايات المتحدة أقلق دوائر البيت الأبيض والبنتاغون. توغلها نحو آبار النفط في الخليج، واتفاقياتها الاستراتيجية مع كل من المملكة العربية السعودية والجمهورية الإسلامية الإيرانية وضعتها وكالة المخابرات المركزية بمرتبة الاختراق العدواني للاستراتيجية الأميركية في الشرق الأوسط، والقائمة على حماية النفط وطرق الإمداد وبوابات العبور وأمن إسرائيل.
هدّدت واشنطن، واتخذت من تايوان منصّة لإطلاق هجوم معاكس، وفرضت قيودًا على معدنين صينيّين لصناعة الرقائق الإلكترونية، ولوّحت بفرض عقوبات تطال شركات ورجال أعمال. لكنّ الجرّافة الصينيّة ضاعفت عملها في حقل الألغام، غير عابئة بسياسة التهويل، الأمر الذي استدعى مرونة في التعاطي، خصوصًا بعد إسقاط المنطاد في آذار الماضي، فأوفد الرئيس جو بايدن وزير خارجيته أنتوني بلينكن إلى بكين في حزيران لإعادة بناء جدار الثقة، ثم توالت الزيارات من المبعوث الأميركي للمناخ ووزير الخارجية السابق جون كيري، إلى زيارة وزيرة الخزانة الأميركية جانيت يلين التي سعت إلى تهدئة العلاقات التجارية وتحريرها من التوتر، والتطرق إلى ملفات صناعة الرقائق الإلكترونية والتكنولوجيا المتقدمة والعمالة الأميركية والشراكة. كما زارت وزيرة التجارة جينا ريموندو بكين وشانغهاي وأجرت مناقشات بنّاءة بشأن القضايا العالقة، والتحديات التي تواجهها الشركات الأميركية ومجالات التعاون الممكنة.
حصل ما حصل في 7 تشرين الأول... وفي 16 تشرين الثاني التقى الرئيس جو بايدن نظيره الصيني شي جينبينغ في نيو مكسيكو، كان الهدف من القمّة تصفير المشاكل، لكنّ وجهات النظر كانت متباينة حول "الطوفان" وما بعده، والأهداف التي جاءت من أجلها الأساطيل الأميركية والأطلسية إلى بحار المنطقة وبواباتها الاستراتيجية.

 

محاصرة التقارب السعودي - الهندي
لم يأت "الطوفان" من فراغ. عند عتبته كان تقارب سعودي – هندي أقلق كلًّا من إسرائيل والإدارة الأميركية على السواء. ففي 12 أيلول، وقّعت السعودية والهند أكثر من 50 اتفاقية، خلال زيارة ولي العهد الأمير محمد بن سلمان إلى نيودلهي، بينها "تحقيق الممر الاقتصادي على أرض الواقع". وقال يومها "إنّ المشروع سيسهم في تطوير وتأهيل البنية التحتيّة التي تشمل السكك الحديدية، وربط الموانئ وزيادة مرور السلع والخدمات وتحسين التبادل التجاري، ومدّ خطوط أنابيب تصدير واستيراد الكهرباء والهيدروجين لتعزيز أمن إمدادات الطاقة العالمي، بالإضافة إلى كابلات نقل البيانات من خلال شبكة عابرة للحدود ذات كفاءة عالية".
وأكد يومها وزير الاستثمار السعودي خالد الفالح "بأنّ صندوق الاستثمارات العامة يدير أصولًا تفوق 750 مليار دولار، ويدرس فتح فرع له في نيودلهي، ما يؤشر إلى اهتمام الصندوق السيادي بالاستثمار في الشركات الهندية التي شهدت – على حدّ قوله – نشاطًا لافتًا في الآونة الأخيرة".

 

منع تمدد دول "بريكس"
ولم يأت "الطوفان" من فراغ، كان قبله القلق الأميركي من قمّة دول "بريكس" المؤلفة من البرازيل، روسيا، الهند، الصين، وجنوب إفريقيا. انعقدت القمّة نهاية آب الماضي في جوهانسبورغ، واتخذت قرارين، السعي إلى قيام عالم متعدد الأقطاب لمواجهة سياسة القطب الواحد، وتوسيع إطار المجموعة بضم كلّ من إيران، ومصر، والمملكة العربية السعودية، ودولة الإمارات العربية المتحدة، والأرجنتين، وأثيوبيا إليها، اعتبارًا من أول كانون الثاني 2024.
أقلق القراران الإدارة الأميركية التي اغتنمت ما حدث في غزة لحشد أساطيلها في المتوسط، والخليج بهدف منع حصول "الضم" إذا أمكن، وتعطيله بالطرق شتى، كونه يستهدف مصالحها الحيوية، ويحاصر حضورها على المسرح الدولي، آخذة بعين الاعتبار أنّ مساحة الدول الخمس (بريكس) تشكل ربع مساحة اليابسة، وعدد سكانها يقارب الـ40 بالمئة من سكّان الأرض، وبإمكان اقتصاداتها أن تنافس مع مطلع العام 2050، اقتصاد أغنى دولة في العالم حاليًّا، حسب  مجموعة "غولدمان ساكس" البنكية العالمية.
هذا الملف كان مفتوحًا قبل "الطوفان"، وسيتفاعل بعده؟

 

ديناميّة التطبيع
ولم يأت "الطوفان" من فراغ. قبل حصوله كان الأميركي يسعى إلى تطبيع العلاقات بين إسرائيل والمملكة العربية السعودية، ودول خليجية أخرى. في تموز الماضي حطّ مستشار الأمن القومي الأميركي جيك سوليفان رحاله في الرياض فاتحًا الملف من زواياه الأربع، يومها كان الرئيس الأميركي جو بايدن يُعلن أنّ "اتفاق التطبيع بين السعودية وإسرائيل قد يكون في الطريق".
 ويردّ عليه المتحدث الرسمي باسم وزارة الخارجية الإيرانية ناصر كنعاني :"إنّ تطبيع العلاقات بين السعودية وإسرائيل من شأنه أن يلحق ضررًا في السلم والاستقرار في المنطقة"، فيما نسبت "فايننشال تايمز" لمستشار الأمن القومي الإسرائيلي  تساحي هنغبي قوله "إنّ الطريق ما زال طويلًا".
ووفق الصحيفة، فإنّ السعودية تقدمت بلائحة من المطالب التي اعتبرتها إسرائيل في حينه تعجيزية، منها اشتراط قيام الدولة الفلسطينية طبقًا لمقررات قمّة بيروت العربية (2002)، وعاصمتها القدس الشرقية، ووقف التوسع الإستيطاني والتعهّد بعدم ضم الضفة الغربية وتوفير ضمانات أمنية، والحصول على أسلحة متطوّرة، ودعم برنامج نووي مدني، والإصرار على معادلة: "إذا ما امتلكت إيران قنبلة نووية، فإنّ السعودية تصرّ على امتلاك قنبلة مماثلة"...
هنا يؤكد مراقبون دوليّون أنّ أحد أغراض "الطوفان"، وقف مسارات التطبيع في الخليج، كونها تزعج بعض الدول، وتتعارض مع مصالحها؟!.

 

ماذا بعد؟ وإلى أين تتجه المنطقة؟
واضح أنّ ما يجري يقترب من "صراع الأصوليات"، وكأنّ الهدف تصفية الحسابات في ما بينها،  وإضعاف الضعيف منها، والاستقواء على القوي في صفوفها. حرب من دون أفق، وأهداف من دون سقف. لقد استدرج "الطوفان" إسرائيل إلى غزّة لشن حرب إبادة، وارتكاب مجازر يندى لها الجبين. واستدرج اعتراض البوارج التجارية عند باب المندب، قوات "التحالف الدولي" إلى مياه المنطقة للإمساك جيدًا بحركة العبور، وأمن المعابر وشبكات الطاقة، إنتاجًا وأسعارًا وتصديرًا وأسواقًا. واستحدث مخفرًا على الطريق للتدقيق في العلاقات بين الصين، وكلّ من السعودية وإيران من جهة، والهند ودول الخليج من جهة أخرى...

 

 

نوافذ العام 2024
يطلّ العام 2024 على العالم من عدّة نوافذ:

 مجلس الأمن.. والقانون الدولي الإنساني:
تلقّى النظام العالمي متعدد الأطراف ضربة موجعة في العام المنصرم، وتخلّف مجلس الأمن عن أداء دوره. الصراع الروسي – الأميركي حول أوكرانيا حوّل المجلس إلى حائط مبكى، ومكّن الدولة القائمة بالاحتلال العسكري غير المشروع من ممارسة القتل الجماعي، واستهداف مناطق سكنية هائلة محمية بمقتضى القانون الدولي.
لقد انتهى العام 2023 على سلبيتين: أولهما أنّ الدول راعية النظام الدولي قد تخلّت عنه. والثانية، أنّ على الجميع أن يبحث عن أسباب القوّة التي أصبحت وسيلة حل النزاعات.
إن ما تحقّق في القرن العشرين من حق تقرير المصير للشعوب وإزالة الاستعمار وتحقيق استقلال الدول وعقود التنمية الاقتصادية والاجتماعية، والعمل على دعم الأمم المتحدة وميثاقها ومؤسساتها لتحقيق علاقات دولية إيجابية مستندة إلى أطر متفق عليها من مبادئ القانون الدولي واتفاقياته ومحاكمه، بدا وكأنه يذهب اليوم مع الريح... وذلك يشي  بمواجهة طويلة المدى تنتهي نهاية قد لا تبقي ولا تذر.
 

 

 تغيير الخرائط:ويُطل العام 2024 من النافذة الأوكرانية على محاولات تغيير الخرائط، وتعديل الحدود، وإعادة رسم بعضها من جديد.
ما حصل في أوكرانيا تمدّد ليصل إلى أذربيجان، وبدأ يتمدد نحو غزّة على خلفيّة إصرار رئيس الوزراء الإسرائيلي على ترحيل الغزّاويين إلى سيناء، ومواطني الضفة الغربية إلى الجوار. المؤشرات مقلقة، ولا تحمل تباشير الاطمئنان، بقدر ما تحمل نذير الشؤم.
وما يزيد من مخاوف تغيير الخرائط رفض الحكومة الإسرائيلية إعطاء تصوّر واضح ونهائي لليوم التالي، لمرحلة ما بعد وقف إطلاق النار في غزّة. واضح أنّها لا تريد دولة فلسطينية، ولا تريد الدخول في أي نقاش حول هذا الحق البديهي، وتصرّ على ترحيل الغزّاويين إلى رفح كمرحلة أولى، ومنها إلى سيناء كمرحلة ثانية، والدليل أنّ بنيامين نتنياهو ما زال يؤكّد على تنفيذ كامل بنك أهدافه من خلال آلة الموت والدمار، ورسم أكثر من "سيناريو" جهنمي لمستقبل القطاع.

 

اليوم التالي
يطلّ العام 2024 من نافذة "اليوم التالي". ماذا يُعد لغزّة؟ ماذا عن وقف إطلاق النار، وما هي خارطة الطريق المرسومة لما بعد وقف إطلاق النار؟
الأسئلة الكبرى المصيرية في عهدة الولايات المتحدة الأميركية كونها الحاضر والفاعل والمؤثر على مجريات الأمور، وهي وحدها القادرة على إنزال الجميع من أعلى الشجرة، بعدما رفعوا مطالبهم إلى حدّ التعجيز، من دون أن يضمنوا خط العودة، ولا حتى حبال الإنقاذ.
يقول الأمين العام السابق لجامعة الدول العربية عمرو موسى بأنّ العام 2024 هو الوعاء الزمني الذي يسمح بتبادل الرأي في ما يجب عمله لكنه يستبعد أن يكون عام الحل.
وتقول الإدارة الأميركية إنّ بداية الطريق، مرحلة انتقالية مؤقتة تمتد من عام إلى عامين، مع تكوين قوة دولية شبيهة بالسلطة الانتقالية للأمم المتحدة في كمبوديا لملء الفراغ بعد انسحاب القوات الإسرائيلية، وبالتزامن يصار إلى إصلاح السلطة الفلسطينية و"تنشيطها" قبل إعادة سيطرتها على القطاع، والشروع بإعادة إعمار ضخمة بدعم عربي ودولي، وإجراء انتخابات في غضون 18 شهرًا.
لقد حدّدت الدبلوماسية الأميركية معالم الدور الذي تضطلع به :"تحديد الوجهة السياسية. دولتان لشعبين  تحت شعار إنهاء الاحتلال بما يتوافق مع الحاجات الأمنية الإسرائيلية، ومعالجة ما يحتاج إليه الفلسطينيّون وهو معرفة أنه ستكون هناك نهاية احتلال، لأنّ "أوسلو" فشل كونه لم يُنهِ الاحتلال".
ويدعو الأميركي إلى معالجة كل المسائل في سياق "عملية جامعة". ويرى أنّ المرحلة الأولى من إعادة بناء غزّة يجب أن تضمن عدم إعادة تسليحها. أما المرحلة الثانية فتشمل إعادة صوغ السلطة الفلسطينية وتنشيطها في ما يمكن أن يستمر سنة أو سنتين، وهنا يأتي دور الدول العربية التي يترتب عليها إيجاد "أفق سياسي" لكي يكون هناك إحساس بماهية نقطة النهاية بين الفلسطينيّين والإسرائيليّين.
ويتعيّن  تجاوز العنف قبل القيام بأي شيء آخر لوضع اللبنات الأساسية، وأولها اللبنة المتعلقة بطبيعة الإدارة في غزّة قبل عودة السلطة الفلسطينية. ولكن يبقى السؤال: أيّ خيار سينتصر؟