ناس وحقوق

قانون حماية النساء من العنف الأسري لم يكن على قدر الآمال
إعداد: جان دارك أبي ياغي

هل تردم الأحكام القضائية ثغرًا خلّفها التشريع؟


العام 2008 توجّه التحالف الوطني لتشريع حماية النساء من العنف الأسري إلى مجلس الوزراء لتشريع قانون حماية النساء من العنف الأسري، والذي صيغ بعد دراسة معمّقة لجرائم قتل النساء داخل الأسرة وللعقبات التي تقف عائقًا أمامهن وتمنعهنّ من اللجوء إلى القضاء أو تدفعهنّ إلى إسقاط حقوقهنّ.
القانون خرج من مجلس النواب بصيغة صدمت هيئات المجتمع المدني التي رأت أن قانون مكافحة العنف الأسري الذي يشمل جميع أفراد الأسرة، تغاضى عن جوهر القضية، ألا وهو حماية النساء من العنف الأسري.


البدايات
النساء المعنّفات لا يلجأن إلى القضاء لأن ليس لديهنّ مسكن بديل عن منزل الأسرة وهنّ يتراجعن عن شكواهنّ لأنهنّ لا يتمتّعن بالاستقلال الاقتصادي ولا يمكنهنّ الإنفاق على أنفسهنّ أو على أطفالهنّ. كما أنهنّ يتردّدن باللجوء إلى القضاء لأنهنّ يرفضن الخروج من المنزل الزوجي بدون أطفالهنّ، وهذا ما يدفع الكثيرات إلى الصمت على العنف المُمارس عليهنّ. في المقابل فإن معظم الشكاوى المقدَّمة من النساء تنتهي بإلزام المعنِّف التوقيع على تعهّد بعدم التعرّض والذي لا يترتّب على مخالفته أي مفعول قانوني، كما أن أبشع أشكال العنف التي تتعرّض لها النساء غير مجرّمة في قانون العقوبات (الاغتصاب الزوجي).
كلّ هذه الأسباب دفعت بالتحالف الوطني إلى التقدّم بمسودة مشروع قانون لحماية النساء من العنف الأسري وإزالة العقبات التي تمنعهنّ من اللجوء إلى القضاء لوقف العنف المُمارَس عليهنّ.

 

من يحمي المرأة؟
في الواقع واجه مشروع القانون معارضة شرسة من قبل بعض رجال الدين الذين رأوا فيه تقويضًا لموقع الرجل وسلطته في الأسرة.
وهكذا صدر القانون من دون أن يتضمن إعطاء المرأة حقًا حصريًا في طلب الحماية من أجهزة الدولة المدنية، على خلفية رفض إعطاء المرأة أية امتيازات خاصّة، مع العلم أن النساء هنّ من يتعرّضن للعنف وللقتل في مجتمع ذكوري يكرِّس سلطة الرجل في إطار القوانين والأعراف الناظمة للعلاقات الأسرية.
بتاريخ 1-4-2014 أقرّ المجلس النيابي اللبناني قانون «حماية النساء من العنف الأسري» بعد إطلاق منظمة «كفى» الناشطة في الدفاع عن حقوق المرأة، إضافة إلى هيئات أخرى، سلسلة من الحملات والإعتصامات. لكن القانون أقر من دون التعديلات التي طالبت بها الجمعية التي عبّرت عن عدم رضاها موضحة أنها ستتابع تحركاتها وضغوطاتها من أجل تحقيق حماية النساء من العنف ومكافحة كل أشكال التمييز ضدهنّ.
ويأتي هذا الضغط بعد مقتل 30 امرأة من جراء العنف الأسري خلال العام 2013، وامرأتين خلال الأشهر الأولى من العام 2014.