الواجب خلف الحدود

قدر الحرفية العالية للجيش اللبناني
إعداد: ريما سليم ضومط - تريز منصور - ليال صقر - ماري الحصري

قائد القطاع الغربي:جاهزون للمساندة في ردّ أي اعتداء

 

مواقع الانتشار ومميزات القطاع
يمتد القطاع الغربي من القاسمية ساحلاً وصولاً الى الناقورة مروراً بعلما الشعب، بنت جبيل، ومارون الراس. ويضم هذا القطاع القوات الإيطالية، الفرنسية، الغانية، الكورية والقطرية (كتيبة لوجستية).
بالاضافة الى المهام الأمنية الموكلة اليها وفقاً للقرار 1701، تنفذ هذه القوات مهاماً إنسانية واجتماعية وتنموية...
لإلقاء المزيد من الضوء على مميزات هذا القطاع ومواقع انتشاره والمهام الموكلة اليه، التقت مجلة «الجيش» قائد القطاع الغربي وقائد القوات الإيطالية العميد الركن باولو روجييرو في مركز القيادة في بلدة تبنين، الذي أعرب عن فرحه لوجوده في لبنان، القريب جداً في طبيعته الى بلده إيطاليا، وتوليه هذا المنصب الحساس الذي يرتب مسؤوليات كبيرة تجاه المواطنين اللبنانيين، والدولة اللبنانية، والمجتمع الدولي ومجلس الأمن.
عن القطاع الغربي الذي يتولى قيادته قال العميد الركن باولو روجييرو: يمتد القطاع الغربي على طول 40 كلم وبعمق 30 كلم ويقسم الى خمسة مراكز عمليات أو قطاعات. تسعى القوات الإيطالية الى توطيد أواصر الصداقة مع المواطنين وإيضاح طبيعة الدور الذي تقوم به يونيفيل - 2 في لبنان. كما إننا نشارك في عملية نزع الألغام والقنابل العنقودية والقنابل غير المنفجرة في المنطقة التي تحتاج الى تنظيف، وذلك بالتعاون مع «M.A.C» والجيش اللبناني.
وعن علاقة اليونيفيل بالجيش اللبناني قال العميد الركن روجييرو: إن العلاقة مع الجيش اللبناني جيدة جداً ويسودها التفاهم والتنسيق وتبادل المعلومات، إنها علاقة مميزة في التعاون. فبالاضافة الى التعاون العسكري في مجال استتباب الأمن من خلال الدوريات المشتركة لتفقد النقاط العسكرية والأمنية وكذلك التدريبات والتمارين، هناك المشاركة في نشاطات ثقافية واجتماعية. وهنا لا بد من الإشارة الى أن عمل الجيش اللبناني ممتاز وهو ينفّذ المهام الصعبة والدقيقة الموكلة اليه، بحرفية عسكرية رفيعة المستوى. كما وأن عناصره كافة من ضباط وأفراد يتمتعون بكفاءة مهنية عالية، بالرغم من الإمكانات والتجهيزات البسيطة والمحدودة لديه. والجدير بالذكر هنا أن العلاقة بين الجيشين اللبناني والإيطالي قديمة العهد خصوصاً في مجال التدريبات العسكرية، وأذكر جيداً أنه كان لي زملاء كثر من الضباط اللبنانيين في الأكاديمية العسكرية في روما. وتجري حالياً المحادثات بين قيادتي الجيش الإيطالي والجيش اللبناني، حول كيفية تقديم الدعم للجيش اللبناني. ولقد تمّ الإتفاق حول تقديم مساعدة من البترول (غاز) بقيمة مليون يورو تمّ تسلّمها في شهر تشرين الثاني الماضي. كما تجري المحادثات اليوم حول إمكان تقديم بعض المعدات العسكرية.

 

جاهزون لمساندة الجيش
عن المشاريع المستقبلية لليونيفيل قال: «تتبدل قوات اليونيفيل العاملة في جنوب لبنان كل ستة أشهر. وإنني لا أرى في القريب المنظور (سنة على الأقل) أية بوادر تشير الى انتهاء دور اليونيفيل في جنوب لبنان، ولكن كلما كانت الظروف الأمنية والسياسية مؤاتية كلما كانت مدة بقاء اليونيفيل أقصر. وما نرغب به، هو أن يعم السلام في هذا البلد الجميل وأن ينعم أبناؤه بالطمأنينة وراحة البال».
وأكد العميد روجييرو أن «اليونيفيل جاهزة لمساندة الجيش اللبناني في ردّ أي اعتداء يتعرض له الخط الأزرق أو أية عملية تسلل أو احتلال من قبل اسرائيل، وبالوسائل المناسبة. نحن نعلم أن المهمة التي نقوم بها دقيقة، ولهذا السبب جئنا بجيوشنا وأسلحتنا. لن نقول إننا خائفون ولكننا حذرون ومتيقظون في كل لحظة، حيث المخاطر موجودة، ولكننا بشكل عام نشعر بالطمأنينة والراحة، ولا عقبات أمام تأدية واجبنا».
أما في ما خص شعوره حيال لبنان، فقد أكد أنه يرغب في التعرّف على هذا البلد الجميل الذي يتحدثون عنه، في القريب العاجل، وأكثر ما أحب لغاية الآن، ثقافة الشعب اللبناني وعزمه على الصمود وتخطي الصعاب وحب الحياة. فلقد عانى هذا الشعب طويلاً منذ زهاء الثلاثين عاماً ولم يزل، إنه يستحق الحياة الكريمة والهادئة، وهو قادر على تخطي الصعاب إذا أراد ذلك. كما أكد أنه أحب طبيعة لبنان الجميلة والمناظر الخلابة، التي تشبه الى حد كبير طبيعة بلده إيطاليا وخصوصاً بلدة المنصوري، وكذلك أحب الحلويات اللبنانية والنبيذ اللبناني.
وأعرب أخيراً عن اعتزازه وفخره بمشاركة اليونيفيل في توفير الأمن والسلام لهذا البلد الجميل لبنان.

 

قائد الفوج الأول:
مزيد من الروابط مع الشعب اللبناني
في بقعة قاحلة من أرض بلدة معركة، تتمركز القوات الإيطالية بعديد يتجاوز الألفي عسكري.
وصلناها صباحاً، قائد الفوج الأول الكولونيل مانيلو سكوبينيو الذي استقبلنا بالترحاب دعانا لمرافقته الى بلدة دير قانون حيث تفتتح القوات الإيطالية في مبنى البلدية دورة في اللغة الإيطالية لأهالي البلدة والقرى المجاورة.
لقد أراد أن يضعنا مباشرة أمام نموذج عن إحدى المهام التي تؤديها اليونيفيل والمتصلة بالخدمات الانمائية، فلبينا الدعوة بسرور...
رئيس بلدية دير قانون المهندس حسين قصير كان حاضراً في حفل الافتتاح والى جانبه حشد من المواطنين الذين أبدوا رغبة وحماسة شديدين لتعلم اللغة الإيطالية.
ما الهدف من هذه الدورة؟ سألنا الكولونيل سكوبينيو الذي قال: اللغة تلغي الحواجز بين الثقافات المختلفة، وتخلق تقارباً فكرياً وإجتماعياً. وأوضح أنه بعد الانتهاء من الدورة ستقوم القوات الإيطالية باتصالات بجامعات في إيطاليا للحصول على منح دراسية لطلاب لبنانيين يرغبون بالتخصص في الخارج ولا يملكون الإمكانات المادية لتحقيق هذه الغاية.
وأشار الى أن هذا المشروع يندرج ضمن الشق الإنساني والإجتماعي من مهمة اليونيفيل. وأضاف أنه في الإطار نفسه، قام فوج المظليين في القوات الدولية الإيطالية باتصالات مباشرة مع عدد من الجمعيات الإيطالية قبل مغادرته سيينا (حيث يتمركز في إيطاليا)، جمعت بنتيجته كمية من الأموال التي وظفت في خدمة المجتمع اللبناني، والجنوب بشكل خاص، وقال: لقد رممنا عدداً من المستوصفات في الجنوب وقمنا بتجهيزها. وأكد على الأهمية الكبرى التي توليها القوات الدولية الإيطالية للطبابة، مشيراً الى أن عدداً من الأطباء الإيطاليين التابعين لليونيفيل يقدمون خدمات طبية مجانية في المستوصفات الجنوبية لخدمة المواطنين.
وفي السياق نفسه أضاف: القوات الإيطالية في اتصال مستمر مع المنظمات الإجتماعية في وطنها بهدف تقديم خدمات طبية لأهالي الجنوب، لقد تولينا نقل أحد المواطنين اللبنانيين من بلدة البياض الى إيطاليا للعلاج من جراء حادث أدى الى بتر ساقيه.

 

وللجنديات دورهن...
واهتمام خاص بالأطفال
ولفت الكولونيل سكوبينيو في حديثه الى العلاقة الطيبة التي تجمع ما بين القوات الإيطالية والمواطنين الجنوبيين، مؤكداً على التواصل المستمر بين الطرفين واصفاً إياه  بالمنفتح والممتاز.
وتطرق في هذا الإطـار الى دور الجنـود الإنـاث في القوات الدولية الإيطالية، موضحاً أن قسماً منهن قام بتأسيس تجمع هدفه تبادل الأفكار والآراء مع النساء اللبنانيات حول دور المرأة في المجتمع.
وأوضح أن هذه المجموعة تجوب القرى الجنوبية لإقامة اتصالات ولقاءات دائمة مع نساء جنوبيات، أثمرت حتى الآن عن تبادل خبرة قيّمة بين الطرفين حول دور المرأة على الأصعدة الإجتماعية والثقافية والصحية، إضافة الى اكتساب معرفة متبادلة حول العادات والتقاليد وفن الطبخ والمائدة في كل من البلدين.
وأشار الكولونيل الإيطالي في حديثه الى الأهمية التي توليها قوات بلاده للأطفال في لبنان موضحاً أنها أقامت عدداً من الحفلات للأطفال في الجنوب وزعت خلالها الكتب والهدايا، كما ساهمت في عملية التوعية للحد من خطر الألغام المزروعة في الجنوب، فقدمت في هذا الإطار مسرحية للأطفال في «طورا» تتناول القنابل العنقودية وأخطارها وسبل الوقاية منها.
 

تعاون تام مع الجيش اللبناني
من جهة أخرى تناول الكولونيل سكوبينيو المهام الأمنية للقوات الإيطالية في جنوب لبنان، مشيراً الى أنها تتلخص بتنفيذ القرار 1701 داخل القطاع الغربي. وأوضح أنه من ضمن هذه المهام تنفيذ دوريات راجلة ومؤللة والقيام بعمليات مراقبة لا سيما في أثناء الليل لمنع دخول السلاح. وأشار في هذ الإطار الى التعاون التام والكامل مع الجيش اللبناني، موضحاً أن هناك عمليات تدريب مشتركة مع بعض ألوية الجيش اللبناني تهدف الى خلق تواصل دائم وتجانس تام بين الطرفين.
وختم بالحديث عن الوضع المعنوي للجنود الإيطاليين الموجودين في منأى عن أهلهم وعائلاتهم، فأوضح أن ما لمسه هؤلاء من تعاطف وود من الشعب اللبناني جعلهم يشعرون وكأنهم بين أهلهم، وحدّ بالتالي من وطأة الشوق والحنين الى الوطن.

 

قائد الكتيبة الأولى: الصداقة بيننا
والشعب اللبناني تبدد الشعور بالغربة

في بلدة معركة حيث تتمركز القوات الإيطالية إلتقت مجلة «الجيش» قائد الكتيبة الأولى العقيد ميكالي شيتاديلا، الذي أعرب عن سروره في تأدية المهام الموكلة اليه ضمن قوات الطوارئ الدولية في لبنان، لافتاً الى أن الكتيبة الأولى كانت من بين الكتائب التي شاركت في اليونيفيل - 1 منذ العام 1982. وقال: مهامنا الأساسية هنا تصب في خانة تطبيق قرار مجلس الأمن 1701، المتعلق بمساعدة القوات العسكرية اللبنانية في توفير الأمن وبسط سلطتها في هذه المنطقة الممتدة من جنوب الليطاني وحتى الخط الأزرق. إننا نعمل بتنسيق وتواصل مستمرين مع قادة الجيش اللبناني، حيث إننا نقوم بدوريات مستقلة ومشتركة مع الجيش، هذا بالاضافة الى الدوريات الراجلة التي تتم على ضفاف نهر الليطاني في معظم الأحيان، إضافة الى التمارين والتدريبات المشتركة.
وعن العلاقة التي تربطهم بالمواطن الجنوبي أوضح العقيد شيتاديلا: تربط الجيش الإيطالي علاقة صداقة بالشعب اللبناني الطيب والمضياف، تعوّضنا عن الشعور بالغربة والحنين الى أهلنا. فالنشاطات الاجتماعية والثقافية التي نشارك بها مع الأهالي عديدة ومتنوعة، منها دورات باللغة الإيطالية إضافة الى النشاطات النسائية في مركز الكتيبة مع السيدات العسكريات أو في المنازل...
وأكد أنهم يشعرون بالأمان والطمأنينة في لبنان، ويؤدون المهام الدقيقة المطلوبة منهم على أكمل وجه ومن دون صعوبات.

 

كنت حزيناً... ومع الوقت اكتشفنا وطناً جميلاً
مع النقيب الإيطالي أليساندرو فيغاريلي وهو آمر دورية في قطاع معركة - دير قانون ننتقل الى شهادة أخرى... يتحدث عن تجربته في قوات اليونيفيل بعيداً عن عائلته، فيقول: حين غادرت موطني مخلفاً ورائي زوجة وطفلة في عامها الثاني كنت حزيناً كالآخرين وأعاني مثلهم غصّة الفراق. وأضاف: حين وصلنا الى لبنان، وبعد أن اختبرنا العيش فيه لأشهر قليلة، تعرفنا الى أسماء الأشخاص في محيط إقامتنا وصرنا نتوقف لإلقاء التحية عليهم، فاكتشفنا مع الوقت وطناً جميلاً وشعباً طيباً جاهزاً لمنحنا صداقته ولطفه، الأمر الذي ساعدنا في تخطي الإحساس بالغربة، ليحل محله شعور بالإستقرار لوجودنا ضمن أهل لنا يقدمون لنا محبتهم ودعمهم الكامل.
وتحدث النقيب الإيطالي عن إعجابه بالعادات اللبنانية والمطبخ اللبناني والأماكن الأثرية في الجنوب، ولا سيما في مدينة صور حيث أتيحت له رؤية الآثار الرومانية في أثناء تنفيذ مهمة له في المنطقة. وأكد أن أكثر ما يحب في لبنان هو بحره الرائع وأناسه الطيبين.

تصوير: راشيل تابت