الواجب خلف الحدود

قوات الواجب القطرية
إعداد: ريما سليم ضومط - ماري الحصري

... وما إن وصلنا الى هناك حتى تبددت مصاعب الطريق

شوارع قطر في طرقات الطيري!
 في الطيري غرب نهر الليطاني تتمركز «قوات الواجب القطرية»، انطلقنا من بيروت في الثامنة صباحاً، لكننا لم نصل قبل الحادية عشر ظهراً. ثلاث ساعات ونحن تحت وطأة أشعة الشمس الحارقة. لكن ما إن وصلنا المخيم القطري حتى نسينا الطريق ومصاعبها. عرّفنا عن أنفسنا فانهالت عبارات الترحيب من كل حدب وصوب، وكان وقعها في نفوسنا أطيب من المياه الباردة التي قدّمت لنا وأعادت الينا النشاط والحيوية.
بين مدخل المخيم ومكتب قائد القوة بالوكالة المقدم الركن الطيار محمد أحمد السبيعي طريق قصير نسبياً يلفتك فيه إطلاق أسماء شوارع في قطر على عدد من الطرقات التي تمّ تنظيمها داخل الموقع.
 

واجب الضيافة أولاً
داخل المكتب يتجلى الكرم العربي بوضوح! فالمقدم الركن الطيار السبيعي أبى إلا أن يقدّم لنا بنفسه التمر القطري والحلويات العربية، ثم طلب العصير والقهوة ومختلف أنواع «الضيافات» قبل مباشرة حوارنا الصحفي.
بادرناه بالسؤال عن رأيه بوطننا، فأجاب «لبنان بلد جميل، ذو طبيعة خلابة، وأناسه طيبون للغاية»، موضحاً أن كل بلدة تدخلها القوات القطرية تلاقي فيها الترحيب من جميع الطوائف والفئات والأعمار. وأشار أنه حين يحتاج العسكريون لشراء شيء ما خلال عملهم الميداني، يرفض البائعون اللبنانيون أن يتقاضوا ثمن المشتريات. وأضاف: «نحن نشعر بالفعل أننا بين أهلنا وأعتقد أن الشعور متبادل بيننا وبين المواطنين». وأشار الى أن القوة القطرية تسعى باستمرار الى توطيد العلاقات مع الأهالي بهدف خدمتهم بشكل أفضل. ويتم ذلك عن طريق الزيارات المتبادلة بصورة مستمرة مع المخاتير ورؤساء البلديات، إضافة الى تلبية الدعوات الرسمية، والمشاركة في مختلف المناسبات.

 

مساندة الجيش وخدمات للأهالي
من جهة أخرى تحدث المقدم الركن الطيار السبيعي عن الدور الذي تضطلع به قوة الواجب القطرية ضمن اليونيفيل، فأوضح أنها تشارك في تطبيق القرار 1701، بما فيه الحفاظ على الأمن والإستقرار في الجنوب عبر مراقبة الحدود ومساعدة الجيش اللبناني، إضافة الى تذليل أي صعوبة قد تعترض وصول المساعدات الإنسانية للمجتمع المدني.
وتطرق القائد القطري الى الأعمال الإنمائية والإنسانية التي تقوم بها قوة بلاده، ومن بينها إعادة ترميم المجالس البلدية في بعض القرى الجنوبية، وإنشاء عيادات مجهّزة بمختلف المستلزمات الطبية في عدد من المناطق في الجنوب، إضافة الى توفير كمية كبيرة من الأدوية المجانية للمرضى.
كما أشار الى أن فريقاً طبياً تابعاً للقوة القطرية يتولى زيارة مناطق جنوبية للإطلاع على حاجات المواطنين من الأدوية التي يتم تأمينها من الصيدليات المحلية، ومن ثم إيصالها الى الجهة التي تحتاجها بإشراف رئيس البلدية.
في الإطار نفسه، ذكر المقدم الركن السبيعي أن قوة الواجب القطرية تستقبل المرضى في عيادتها الخاصة داخل المخيم، كما تتكفّل بعلاج بعض المرضى في مستشفيات الجنوب وبيروت، وتتولى توفير الأجهزة اللازمة لمساعدة مصابي الحرب على مواصلة حياتهم بشكل سليم قدر المستطاع. وأضاف أنها قدمت عدداً من سيارات الإسعاف المجهّزة لبعض القرى الجنوبية بهدف نقل المرضى والمصابين الى المستشفيات، كما شاركت في أعمال إنسانية في مركز عيتا الشعب لذوي الإحتياجات الخاصة.

 

مهمتنا تكلّلت بالنجاح
في تقييم لدور قوات الواجب القطرية في لبنان أوضح القائد القطري أن بلاده تشارك للمرة الأولى في عملية حفظ السلام، مؤكداً أن هذه المهمة قد تكلّلت بالنجاح بسبب دعم المسؤولين القطريين، والتدريب المكثف الذي خضع له عناصر القوة في وطنهم.
وأضاف أن هناك عملية تثقيف مستمرة للعسكريين من خلال المحاضرات إضافة الى التدريب العسكري الخاص بالقوة والتمارين المشتركة مع القوات الفرنسية بحكم وجودها في موقع مجاور.
وأشار أيضاً الى التنسيق المستمر مع الجيش اللبناني وبشكل خاص اللواء الحادي عشر، مؤكداً أن العلاقة بين الطرفين ممتازة وهناك دائماً زيارات متبادلة ومشاركة في الإحتفالات التكريمية والدعوات الرسمية.
وعن الوضع المعنوي للعسكريين في ظل وجودهم خارج موطنهم وبعيداً عن عائلاتهم، أكد المقدم السبيعي أن العلاقة الطيبة التي تربط ما بين عناصر القوة القطرية والشعب اللبناني كفيلة بإزالة أي شعور بالغربة. كما أشار الى أن القوة قد أنشأت قرية رياضية داخل المخيم بهدف الترفيه عن العسكريين في أوقات فراغهم، موضحاً أن هذه القرية تستقبل النوادي المدنية في مباريات رياضية بين الطرفين.
وختم قائد القوة القطرية حديثه قائلاً: قد يكون حجم قوة الواجب صغيراً (203 عسكريين)، إلا أن إدارة المهمة بشكل صحيح وتضافر الجهود بين الجميع لإدارة الوظائف على أكمل وجه يؤدي الى نجاح وإنجازات كبيرة.

 

الأرض والناس
مضى على وجود النقيب جاسم العطية في لبنان بضعة أشهر لم يشعر خلالها بأي غربة من حيث العادات والتقاليد. كلنا عرب يقول، والشعب اللبناني مضياف وطيب. أما الطعام اللبناني فلذيذ جداً خصوصاً المقبلات اللبنانية، ويضيف: لقد أحببت طبيعة الأرض والناس.
وحول وتيرة العمل يقول: لحظة بدء الدوام، أي في السابعة صباحاً، يتم توزيع المهام على أفراد القوة من اكتشاف المناطق، ومساعدة الناس والقيام بدوريات. ننطلق في مهامنا وفي نهاية الدوام، تقدّم التقارير حول تنفيذها. أما في أوقات الفراغ فنمارس الرياضة ونجهّز أنفسنا لليوم التالي.


أعلنت قطر سحب كتيبتها العاملة قي يونيفيل في 7 شباط 2008 فيما كان العدد قيد التحضير للطبع

تصوير: راشيل تابت