تحقيق عسكري

مصدر النخبة ومنشأ المهارات العسكرية
إعداد: ندين البلعة

أهلاً بكم فرساناً للمغامرة والتحدّي

«نسعى في المدرسة لأن يكون تدريبنا حرباً من دون دماء وأن تكون حربنا تمريناً دامياً»... بهذه العبارة يختصر قائد المدرسة السابق العميد الركن مارون حتي (مدير العمليات حالياً)، دور مدرسة القوات الخاصة. فهي مدرسة تدرّب نخبة من المقاتلين في الجيش لتنفيذ مهمات يصعب على المقاتل العادي تنفيذها.
بالتالي يكون عناصر القوات الخاصة هم نخبة المقاتلين في الجيش، يتلقون تدريباً خاصاً في التنشئة البدنية والنفسية والتقنية والتكتية ويجهزون تجهيزاً خاصاً حتى يصبح بإمكانهم القتال في جميع الظروف بكفاءة عالية وتنفيذ المهام التي تصعب على المقاتل العادي.
تتألف القوات الخاصة من الوحدات التالية: فوج المغاوير، فوج مغاوير البحر، فرع مكافحة الإرهاب والتجسّس، الفوج المجوقل، فرع القوة الضاربة، وأي وحدات أخرى قد تنشئها القيادة أو تحددها.

 

لمحة تاريخية
كانت دورات المغاوير تُنظم في فوج المغاوير عضوياً داخل كل سرية، فيصبح الناجحون بنهايتها من عناصر السرية التي كُلفت التدريب. بتاريخ 7/8/1992 أُنشئت مدرسة القوات الخاصة وأُطلقت عليها تسمية مدرسة المغاوير والقوات الخاصة وارتبطت عضوياً بفوج المغاوير، وكانت مهمتها تدريب عناصر مغاوير للفوج وتخريجهم.
العام 1994 عُدِّلت تسمية المدرسة وأصبحت تُعرف بمدرسة المغاوير.
بتاريخ 2 / 9 / 1996 أُنشئت المدرسة الحالية وأُوقف العمل بمذكرة إنشاء مدرسة المغاوير، وعُرفت المدرسة بمدرسة القوات الخاصة وارتبطت بقيادة الجيش عملانياً وإدارياً بفوج المغاوير.
ومنذ العام 2000 وبعد قرار إنشاء القوات الخاصة، أصبح على عاتق المدرسة تحضير عناصر هذه القوات.

 

شعار المدرسة ودلالاته
ينتصب في وسط الدرع سيف يرمز الى وقفة الجندي بالمرصاد لأعداء الوطن، وفي قوة الذهب على حد السيف إشارة الى قوة الحق.
تحيط بالسيف ألسنة اللهب، يتمازج فيها اللونان الأحمر والبرتقالي دلالةً على ضرورة اقتران القوة بالمعرفة والحكمة.
ويبرز الدرع باللون الأحمر القاني وهو يرمز الى الشهداء الذين وقفوا دروعاً للوطن وبذلوا دماءهم فداءً له.

 

الدورات
قائد المدرسة، العقيد الركن منصور دياب، يقدّم لنا لمحة عن الدورات التي تُقام في مدرسة القوات الخاصة فيقسّمها الى أربعة أنواع:
- دورات أساسية: وهي دورة مغوار ودورة مدرّب مغوار.
- دورات روتينية: أي دورات إختصاص قوات خاصة لمكاتب الدراسة 1 - 2 - 3 - 4 و5؛ ودورات تخشّن لتلامذة ضباط المدرسة الحربية ومدرسة الرتباء.
- دورات عادية.
- دورات تقرّرها القيادة بطلب من القطع.

 

دورة المغاوير
من خلال اللمحة التاريخية لتأسيس مدرسة القوات الخاصة، نستشف مدى أهمية دورة المغاوير. ويحدّد قائد المدرسة هذه الدورة بأنها تهدف الى إعداد نخبة من المقاتلين الذين يتمتعون بلياقة بدنية ونفسية وتقنية عالية من أجل العمل في ظروف غير إعتيادية، وتنفيذ مهام خلف خطوط العدو، يصعب على المقاتل العادي تنفيذها. حيث تصبح دورة المغاوير دورة الأساس لمختلف عناصر القوات الخاصة وبعدها يصبح كل عنصر مؤهلاً ليتخصّص بأي قوة خاصة.

 

• من ينتسب الى هذه الدورة؟
- ينتسب الى دورة المغاوير العسكريون من مختلف الرتب، الذين يهوون التنافس والمغامرة والتحدي واختبار الإرادة والنفس، والذين يريدون أن يكونوا النخبة في الجيش ويرغبون بمناداتهم «مغوار».

 

• بماذا تتميّز دورة المغاوير عن باقي الدورات؟
- يعتقد البعض أن هذه الدورة هي تعليمية ولكنها في الواقع عبارة عن إختبارات قتالية، وصعوبات يومية جديدة، على المتدرّب أو التلميذ تخطّيها.
تختلف هذه الدورة عن باقي الدورات ولها خصوصيتها على مستويين: العسكريون الذين يتابعونها، والضغط الذي يتحمّلونه حيث يعملون 20 ساعة يومياً، إضافة الى الحواجز التي تتّسم بالخطر، ويشطب إسم كل تلميذ لا يستطيع تنفيذها...
وتتضمن الدورة القيام بتمارين السير مع الأوزان المختلفة التي تؤدي الى إنسحاب التلميذ الذي لا يتمتّع بالإرادة القوية والصلبة، الى الإختبارات المتواصلة والدائمة، لأنه عُرضة في كل تمرين يقوم به الى الفشل ما يؤدي بالتالي الى إخراجه من الدورة. فالتلميذ يبقى طوال فترة الدورة تحت هذا الضغط.

 

مراحل الدورة
• ما هي مراحل دورة المغاوير؟
- تقسم دورة المغاوير الى ثلاث مراحل:
مرحلة التحدي والتحمّل، وهي تشمل النشاطات الجسدية والنفسية المرهقة. تهدف الى زيادة القدرات الجسدية لدى التلامذة وقدرتهم على تحمّل الصعاب والمشقّات والعمل تحت الظروف الضاغطة. تكثر في هذه المرحلة جولات الثقة والمخاطرة... التي تعزّز لدى المغوار الثقة بالنفس والتغلّب على الخوف وعدم الإكتراث للموت. وأيضاً تمارين السير، التي تزيد إرادة التلميذ على تحمّل الأوجاع والمشقات.
أضف الى ذلك عمل التلميذ 19 ساعة يومياً خلال الدورة، من دون تهاون من قبل المدرّبين ولا تلكؤ من قبل التلميذ النشيط. وأحياناً يعمل بعض التلامذة ما بين 19 و24 ساعة حسب العقوبات و«تسعيرتها»، فكل تأخير أو تلكؤ له عقوبته التي يرافقها إعطاء إنذار في حال تكرار الخطأ نفسه الذي سبّب العقوبة.

 

• ما هي العقوبات التي تدفع التلميذ الى مغادرة الدورة؟
- خلال دورة المغاوير وتخطي الحواجز فيها، يخضع التلميذ لتمرينات شاقة تتطلّب منه مجهوداً كبيراً، علماً أن الخطأ ممنوع. فمثلاً تأخير في تمرين السير لمدة دقيقة، يؤدي الى إعادته مرة واحدة خلال فترة إستراحته. وفي تكرار التأخير لمدة دقيقة أيضاً، يُعطى إنذاراً؛ وعند إعادته للمرة الثالثة وتأخير لمدة دقيقة يُشطب من الدورة.
أو مثلاً، خلال تنفيذ حلقات الإشتباك والحراب، تُسجل علامات لكل درس. وفي حال بقي التلميذ على وضعه وعلاماته سيئة، في الجلسة الثالثة يُطرد من حلقة الإشتباك والحراب زحفاً ويخرج من الدورة.

 

• هل من دروس نظرية خلال هذه الدورة؟
- يمكن إيجاد بعض الدروس النظرية اللازمة خلال دورة المغاوير منها:
قراءة خرائط وGPS، تقنيات الدوريات، التعامل مع مختلف الأسلحة، النسف والتدمير، علم الأسلحة، التعايش النظري، وكل هذه المواد النظرية تطبّق في المرحلة الثانية.
وفي نهاية هذه المرحلة يأخذ التلميذ المغوار لقب «مغ» ويبقى أن يجهد ليحصل على «وار» ويصبح «مغواراً» حقاً في المرحلة الأخيرة من الدورة.

 

• وما هي المرحلة الأخيرة؟
- المرحلة الأخيرة من دورة المغاوير مدتها أربعة أسابيع، وخلالها ينفّذ التلميذ المغوار دوريات ومهمات داخل أراضي الصديق وخارجها، وفي مختلف الظروف وتحت الضغط.
يتخلّل هذه المرحلة التعيّش لمدة أربعة أيام ودروس الأسر والرماية بمختلف الأسلحة ودروس «قتال في الأماكن الآهلة».
في هذه المرحلة يحمل التلميذ عتاده على ظهره كونه يتنقّل دائماً ويُغيّر مبيته، ويقطع مسافات طويلة.
وفي النهاية فإن الناجحين في المراحل الثلاث يكونون أصحاب الإرادة والبنية الجسدية القوية ويستحقون بفخر لقب «مغوار» وحمل شعار المغاوير وحيازة شهادة المغاوير.

 

• ما هو عديد العناصر المتخرّجين من الدورة ومميزاتهم؟
- تُعتبر هذه الدورة أساساً إختيارية، فلا يمكن أن يلتحق بها أي عسكري إلاّ إذا كان شديد الحماس للقيام بها.
يتخرّج النخبة وبأعداد ضئيلة كون العديد من التلامذة لا يستطيعون متابعة الدورة بكاملها، بحيث توازي نسبة الناجحين في الدورات ما بين 10 الى 25 بالمئة من العدد المنتسب أصلاً اليها.
يتخرّج المغوار ملماً بمختلف الإختصاصات ويتمتّع بلياقة بدنية تخوّله القيام بمختلف المهمات وعلى المستويات كافة، ويستطيع متابعة أي دورة يمكن افتتاحها في أي قطعة، بالإضافة الى قدرته على التعامل مع الطوافات جواً والتأقلم مع البحر.
وأشير هنا الى أنه بالإضافة الى لقب مغوار، صدرت برقية بتاريخ 17 / 12 / 2008 تعطي الناجحين في الدورات الخاصة، حافزاً مادياً، وكان نصيب دورة المغاوير الحافز المادي الأعلى.

 

• من هم المدرّبون في هذه الدورة؟
- المدرّبون في الدورة هم العناصر الحائزون شهادة مغوار وتابعوا دورة مدرّب مغوار في الداخل، والضباط الذين تابعوا دورة المغاوير في الداخل والخارج.

 

دورة معلّم هبوط
يوم إجراء المقابلة مع قائد مدرسة القوات الخاصة، كان آخر يوم من دورة «معلّم هبوط» التي جرت في المدرسة على امتداد سبعة أسابيع.

مدير الدورة الرائد أندريه حداد شرح لنا ماهية الدورة قبل أن نلتقي بعض العسكريين الذين تابعوها. قال: «تعتبر دورة «معلّم هبوط» تخصصاً في مجال القوات الخاصة لناحية التسلّق والهبوط بأشكاله كافة، وتتيح معرفة تامة بالحبال والعتاد المستعمل، الى التركيز على دروس الهبوط والتعامل مع الطوافات عند تنفيذ التمارين والمهام التكتية.
يشمل المنهاج عدة تدريبات على كيفية التعامل مع الطوافات والتدريب على عنصر التنسيق الجوي (PGA)، وعبور الحواجز المائية والجبلية وجميع أنواع التسلّق والهبوط».
وعن المشاركين في الدورة يقول الرائد حداد: «يتم اختيار المرشحين لمتابعة دورة معلّم هبوط من العسكريين الذين يجتازون الإختبارات الرياضية وفق منهاج الدورة المعتمد، ممّن تابعوا دورات قوات خاصة ومن رتبة عريف وما فوق».

النقيب سامر دياب من اللواء الأول، شارك في دورة «معلّم هبوط» كمتدرّب. يقول: «كما يشير إسم الدورة، هي ليست دورة تأسيسية لعسكري يخضع للمرة الأولى للتدريب؛ بل ينتسب اليها من خضع لعدة دورات خاصة ليتمكّن من الوصول الى تعليم الآخرين كيفية الهبوط والتسلّق، فيكون بالتالي مسؤولاً عن حياة الآخرين الذين يمارسون هذه الرياضة».
ويشدّد النقيب دياب على ضرورة تحلّي المدرّب بمستوى فكري وبدني وجسدي مميّز ليستطيع تحمّل المسؤولية التي تُلقى على عاتقه. «فإذا وقع خطأ في أي مشغل هبوط أو تسلّق، يتحمّل هو المسؤولية كاملة، فعنه يصدر الأمر ومن عنده تُطلق الإشارة ويتم التحضير وتنفيذ المشاغل».

 

رأي المدرّب
عن نقاط الضعف التي يمكن أن تعرقل تدريب الفرد ونجاحه، يقول الملازم الأول جورج صليبي وهو مدرّب في دورة «معلّم هبوط»: كل من يتغيّب عن أي مشغل أو نقطة تدريب أو عن أي مادة تدريبية لفترة طويلة، يمكن أن ينساها. من هنا فإن المرحلة الأولى من هذه الدورة هي مرحلة تذكيرية بكل الأسس المتعلقة بالحبال.
وخلال الدورة، تظهر عراقيل عديدة، تظل قليلة نسبياً نظراً الى معرفة العسكر وخبرتهم في التعاطي مع الحبال. ولكن يمنع كل من لا يتأقلم مع التدريبات والحبال، من المتابعة نظراً الى خطورة هذه الرياضة ودقتها والمسؤولية الكبرى التي تقع على عاتق «معلّم الهبوط».

 

هكذا نتميّز
يخفي المتخرجون من دورة «معلّم هبوط» حماستهم وافتخارهم بتجاوز هذه الدورة في آخر يوم منها، فهم لم يعودوا مجرّد عسكريين عاديين في قطعهم.
العريف كامل دياب من الفوج المجوقل يركّز على صفة الإختيارية في الخضوع لهذه الدورة. «نحن نعيش مع الحبال ونتعامل معها باستمرار في مهماتنا العسكرية، من هنا لم تكن هذه الدورة صعبة بل زادت من خبرتنا وثقتنا بأنفسنا وبالتدريب وبالحبال أيضاً».

 

أما العريف جرجس منصور فيختصر يوماً تدريبياً من هذه الدورة كالتالي:
«نستيقظ منذ الصباح الباكر، إذ لا ننام سوى أربع ساعات في اليوم، فنبدأ بالتدريبات الصباحية، بعدها نباشر بدروس الهبوط و«درس العقد»، و«تسلّق الجرف»... حتى آخر الليل. وهنا تكمن الصعوبة، فبعد بذل مجهود كبير خلال النهار، يأتي التسلّق ليلاً ما قد يعرّض أحدنا للإصابات بسبب التعب».
الجندي حسن أبو زين يشدّد بدوره على ضرورة أن يملك العسكري ثقة بقدراته لينتسب الى أي دورة كانت. «وأعتبر أننا بمجرد خضوعنا لدورة معلّم هبوط، أو «Master Rappel»، فإن ذلك يميّزنا في القطع والألوية التي نخدم فيها. إذ أصبح لدينا الخبرة والمقدرة الكافية على تعليم الآخرين أسس التسلّق والهبوط وأصولها والتعامل مع الحبال. ولا ننسى أهمية ذلك بالنسبة الى الترقيات والتقدّم في مجال عملنا العسكري».

ويرى العريف علي السيّد من اللواء الخامس أنه يجب أن يتوافر في كل قطع الجيش وألويته مدرّبو هبوط. «ففي حال حصول أي طارئ والحاجة الى الهبوط أو التسلّق، يمكن تلبية ذلك بسرعة، خصوصاً وأن عناصر مدرسة القوات الخاصة لا يمكنهم تلبية حاجات كل القطع».
توحّد جميع الخاضعين لهذه الدورة كما المدرّبين، وعلى رأسهم قائد المدرسة العقيد الركن منصور دياب، دعوة واحدة يوجّهونها الى كل العسكريين، لتشجيعهم على الإنتساب الى دورات تدريبية تزيدهم خبرة وتخصصاً، من دورة مغاوير الى سواها من الدورات التي تتوافر في المدرسة.

 

المنشآت التدريبية
تتضمن المدرسة عدة مشاغل تدريب منها:
- جولة المقاتل: قياسية تجري فيها المباريات كافة على صعيد الجيش.
- جولة هوائية: قسم في حرم المدرسة وقسم في محيطها.
- برجا هبوط: واحد باطون وآخر حديد.
- برج تسلّق.
- دهم بالذخيرة الحية.
- حقل تفجير.
- رماية مسدس.

دورات عادية
- دورة بحث وإنقاذ.
- دورة معلم هبوط.
- دورة قتال في الأماكن الآهلة.
- دورة دهم.
- دورة دعم هندسي.
- دورة كالي.
- دورة قناص.
- دورة تدخل.

دورات خاصة
- دورة مجوقل.
- دورة مدرب مجوقل.

 

دورات تقرّرها القيادة بطلب من القطع
- اختبارات رياضية للضباط المنتدبين لمتابعة أي دورة خاصة في الخارج.
- دورات تحضيرية للضباط المنتدبين الى أميركا لمتابعة دورة مغوار وقوات خاصة.
- دورة قيادة زوارق مطاطية.
- دورة تخشّن للأمن الداخلي وبعض قطع الجيش.
- تمرّس على القتال.
- إعادة تأهيل لعناصر الألوية.
- مخيمات تدريب.
بالإضافة الى الدورات تكلّف المدرسة بوضع منهاج لعدة دورات مختلفة بالتنسيق مع بعض القطع.