- En
- Fr
- عربي
كلمة ...
تسعى المؤسسات عمومًا والجيوش خصوصًا إلى ضمان الاستمرارية القائمة على أساس صلب من المبادئ والقيم، إلى جانب عقيدة عسكرية قوية تعكس التزام الجيش بواجبه الوطني. هذه الاستمرارية ترتكز في جزء كبير منها على انتقال السلطة بسلاسة وفاعلية، بصورة تتيح التجدد وتطوير الرؤيا وخلق حركة في السلَّم الوظيفي، مع الحفاظ على الثوابت الوطنية، وصون الذاكرة المؤسسية، أي مجموع المعارف والمهارات التي تُحدد هوية المؤسسة ومدى كفاءتها.
لقد انطلق الجيش في الآونة الأخيرة نحو مرحلة جديدة من الاستمرارية عنوانها تعيين العماد رودولف هيكل في سدة القيادة، بعد فترة حافلة بالصعوبات نتيجة الظروف الاستثنائية التي شهدها لبنان. صحيح أن التحديات جمّة أمام القيادة الجديدة، بدءًا من الاعتداءات المتواصلة من جانب العدو الإسرائيلي، مرورًا بضبط الحدود الشمالية والشرقية، وصولًا إلى حفظ الأمن في الداخل وبسط سلطة الدولة على جميع الأراضي اللبنانية. لكنّ درب الشرف والتضحية والوفاء لم تكن يومًا، على مدى تاريخ الجيش، الدرب الأسهل والأكثر أمانًا، ورسالة الجندية لم تكن يومًا قرينة الراحة.
على العكس من ذلك، فإن عناصر الجيش من مختلف الرتب يجدون راحة الضمير في خوض المشقات والتضحية بلا حساب، وبذل الغالي والنفيس حتى الشهادة إذا اقتضى الواجب. ليس من طبيعة الجيش إذًا التراجع أمام العقبات، بل مواجهتها بإقدام وانضباط وتماسك في سبيل الوطن الذي يبقى الغاية الأسمى. إلى جانب ما سبق، تضع القيادة الجديدة على رأس أولوياتها العمل على تحسين ظروف عسكريي الخدمة الفعلية والمتقاعدين وعائلاتهم، وكذلك عائلات الجرحى والشهداء، انطلاقًا من واجبها المهني والإنساني.
إزاء هذا الواقع، لا بد من تأكيد أهمية تضافر الجهود، لأن نجاح المؤسسة العسكرية لا يتم إلا بنجاح مهمات وحداتها، والأخيرة تعتمد بدورها على احتراف عناصرها واندفاعهم. هكذا يمضي الجيش بثقة وثبات مستندًا إلى أسسه القوية، ومستعدًا للقيام بكل ما يلزم كي يبقى على قدر آمال اللبنانيين.
العميد حسين غدار
مدير التوجيه