إقتصاد ومال

«الإثنين الأسود» الأميركي:
إعداد: تريز منصور

تداعيات أزمة الرهن العقاري لم تنته بعد أسوأ هزة مالية عالمية منذ عقود وكلفة مواجهتها قد تصل الى تريليون دولار

بسرعة فائقة، امتدت المخاوف المالية من الأسواق الأميركية الى الأوروبية والآسيوية، ومنها الى بعض البورصات الخليجية في ما سمي بـ«الإثنين الأسود»، إثر إعلان إفلاس مصرف «ليمان براذرز» رابع أكبر مصرف استثماري في الولايات المتحدة، وإعلان بيع مصرف «ميريل لينش» من «بنك أوف أميركا» في صفقة قاربت الـ50 مليار دولار.
وبالسرعة عينها، جهدت المعالجات من المصارف المركزية في العالم لاحتواء أسوأ أزمة مالية شهدتها «وول ستريت»، في إطار سلسلة من التحولات الدراماتيكية المفاجئة، التي بدأت في الثالث عشر من شهر أيلول الفائت، واستمرت أياماً سيطر خلالها القلق على الأسواق المالية العالمية، قبل أن تبدأ الانحسار بفعل التدابير التي اتخذت. فقد ضخّت مصارف مركزية عالمية خلال أيام قليلة 247 بليون دولار لتهدئة أسواق المال، وكثفت البنوك المركزية حول العالم، وعلى رأسها البنك المركزي الأميركي، جهودها لدعم القطاع المالي العالمي. وكان لافتاً تدخل البنك المركزي الروسي بقوة لإنقاذ الأسواق الروسية، التي كانت الأشد تأثراً بالتطورات الأميركية.
تعود أسباب هذه الأزمة الى تداعيات أزمة الرهن العقاري التي هزّت الأسواق الأميركية  وطالت مفاعيلها الأسواق الأوروبية والآسيوية، وهي أتت في ظل توقع صندوق النقد الدولي أن تواجه الأسواق المالية العالمية ضغوطاً كبيرة طوال العام 2008 وخلال القسم الأكبر من العام 2009.
في ما يلي إضاءة على الأزمة والإجراءات التي اتخذت لمواجهتها في العالم بما في ذلك لبنان. إضافة الى تحليل لأسباب ما حصل في حديث مع الخبير الاقتصادي الدكتور إيلي يشوعي.


تحرّك منسّق
في إجراء سريع ضخ مجلس الاحتياط الفيدرالي الأميركي (البنك المركزي) 180 بليون دولار من السيولة في الأسواق المالية في إطار تحرّك منسّق مع البنوك المركزية العالمية، وعقد اتفاقات تبديل نقدي بالدولار (سواب) مع كل من «البنك المركزي الأوروبي» و«البنك الوطني السويسري» و«بنك انكلترا» و«بنك اليابان» و«بنك كندا»، ما يسمح لهذه البنوك المركزية بتسليف بعضها البعض، سيولة على المدى القريب، حين يكون أحدها بحاجة الى ذلك لتثبيت النظام المالي في بلاده.
كذلك، سعت الحكومة الأميركية، الى جمع 40 بليون دولار في محاولة لتعزيز القوة المالية للبنك المركزي الأميركي للتصدي لأزمة الثقة التي تهزّ أسواق المال الأميركية. وأعلنت وزارة الخزانة الأميركية أنها ستبيع 40 بليون دولار من أذون الخزانة القريبة الأجل، بناءً على طلب البنك المركزي الأميركي لمساعدته على «التحكم بشكل أفضل في موازنته العمومية». وأعلنت أنها ستقيم مزاداً لبيع أذون قريبة الأجل بقيمة 60 بليون دولار، في شريحتين متساويتين لأجل 20 يوماً و76 يوماً. وكانت الشركات تهافتت على شراء أذون الخزينة التي عرضها المركزي الأميركي، في ثلاثة مزادات عند بداية الأزمة، حيث تقدّمت بعروض قياسية لاقتراض 35 بليون دولار من أذون الخزانة لأجل 28 يوماً.
في المقابل أعرب محللون عن قلقهم «من تحميل موازنة الحكومة الأميركية مزيداً من الديون، ما يعني تشغيل المطابع لطبع مزيد من أوراق النقد».
وأعلن «بنك انكلترا» المركزي، عن بدء عمليات إعادة تمويل بالدولار، بين البنوك المركزية لـ«تهدئة الضغوط في الأجل القريب، التي كانت كبيرة في الأسواق».
وأضاف أنه «سيتيح للمصارف البريطانية ثلاثة أشهر إضافية لمبادلة الأصول المحفوفة بالأخطار بأوراق دين حكومية، ممدداً لبرنامج كان من المقرر أن ينتهي في تشرين الأول (أكتوبر) الحالي، بسبب الاضطرابات الأخيرة في الأسواق المالية، ووافق على عرض شراء «لويدز تي إس بي» لنظيره «إتش بي أو إس».


روسيا والصين
من جهتها تعهّدت السلطات الروسية تقديم 25 بليون دولار إضافية لدعم الأسواق المالية الروسية، ليرتفع حجم الدعم الحكومي الطارئ المتاح للأسواق المالية الى 130 بليون دولار، بعد أن استمر توقف تداول الأسهم عدة أيام، في البورصة الروسية، التي منيت أسواقها بأسوأ خسائر في عقد، في حين انخفضت احتياطات البلاد الضخمة من النقد نحو 13 بليون دولار في أسبوع واحد (الى 560.3 بليون دولار)، مع تحرك الحكومة لحماية الروبل الروسي، من تأثير فرار رؤوس الأموال من البلاد.
وقدر المحللون أن المستثمرين سحبوا من روسيا نحو 36 بليون دولار منذ أوائل آب الماضي بعد تزامن الحرب في جورجيا مع انخفاض أسعار النفط والتقلبات المالية العالمية. واستمرت المخاوف في شأن القطاع المصرفي الروسي بعد أن توقفت عمليت الإقراض، بين المصارف تقريباً، وتدخل صندوق حكومي، لإنقاذ شركة «كيت فاينانس للسمسرة»، فأعلنت شركة «ليدر» التابعة لشركة الغاز الحكومية العملاقة «غاز بروم» للغاز، أنها ستشتريها.
وفي الصين، سارعت الحكومة الصينية الى شراء أسهم، في أهم ثلاثة مصارف صينية، لدعم أسعارها في البورصة. وبدأ صندوق «سنترال هويجين انفستمنت» الحكومي، المتخصص بدعم المصارف الصينية، بتعزيز مواقعه في «البنك الصناعي والتجاري» الصيني و«بنك الصين» و«بنك البناء الصيني»، وألغت السلطات الصينية الضريبة على شراء الأسهم (0.1٪) في مسعى لدعم أسواق المال المحلية والمستثمرين.
بدوره أعلن البنك المركزي الياباني، أنه ضخ 1.5 بليون ين (14 بليون دولار) إضافية، في التداول المصرفي الياباني لمواجهة نتائج الأزمة المالية في الولايات المتحدة، ليرتفع حجم تدخله في الأسواق المحلية الى سبعة بلايين ين (76 بليون دولار) في الأسبوع الأول.

 

توقعات
فيما وصف وزير الخزانة الأميركي الأزمة بأنها الأسوأ منذ ثلاثينيات القرن الماضي، توقع رئيس صندوق النقد الدولي دومينيك شروس حصول مزيد من المتاعب. وكان الصندوق توقع في مسودة تقرير له وضعت قبل الأزمة أن «تواجه الأسواق المالية ضغوطاً كبيرة طوال 2008 وخلال القسم الأكبر من 2009»، مشيراً الى أن «خطر تفاقم الظروف المالية يبقى جدياً». وخفض توقعاته للنمو العالمي الى 3.9 في المئة للعام الجاري و3.7 في المئة للعام 2009.
وكان صندوق النقد الدولي توقع منتصف تموز الماضي أن تبلغ نسبة النمو في الاقتصاد 4.1 في المئة العام 2008، و3.9 في المئة العام 2009.
وبالنسبة الى الولايات المتحدة، أبقى الصندوق على توقعاته السابقة للنمو التي بلغت 1.3 في المئة في 2008، لكنه خفض توقعاته للعام 2009 من 0.8 في المئة الى 0.7 في المئة. وخفض توقعات النمو لـ«منطقة اليورو» من 1.7 في المئة الى 1.4 في المئة للعام الجاري، ومن 1.2 في المئة الى 0.9 في المئة للعام المقبل، ولليابان من 1.5 في المئة الى 1 في المئة للعام 2008 و1.1 في المئة للعام 2009.
وأبقى الصندوق على توقعاته السابقة بالنسبة الى الصين أي 9.7 في المئة للعام الجاري، و9.8 للعام 2009. وخفضها بالنسبة الى الهند من 8 في المئة الى 7.9 في المئة للعام الجاري و7.7 في المئة للعام المقبل.


هل من إنعكاسات مباشرة في لبنان؟
أين لبنان من تلك التطورات؟ ألا يزال فعلاً بمنأى عن الإنعكاسات المباشرة؟
في اللقاء الشهري الأخير بين حاكمية مصرف لبنان وجمعية مصارف لبنان قبل نحو أسبوع من حصول الأزمة، نبّه الحاكم رياض سلامة المصارف من الاستثمار في أوراق مالية ذات فوائد مغرية، تصدرها مؤسسات دولية بغية تحسين أوضاعها قبل إقفال حساباتها السنوية، مشيراً الى أن عروضاً مماثلة ستكون كثيفة. وتمنى على المصارف الحذر «خصوصاً أن التجربة أظهرت أن عدم استخدام السيولة، يؤمن ربحاً على الرغم من الفوائد العادية».
وقد استغرب البعض توقيت هذا التنبيه وخصوصاً بعد مرور أكثر من سنة على أزمة الرهون العقارية (Sub Prime)، التي هزّت الولايات المتحدة، وأصابت تردداتها الأسواق الأوروبية وصولاً الى الآسيوية ايضاً. إلا أن المخاوف كانت في محلها في ظل الترابط القائم، بين الأسواق المالية في العالم، ولجوء اللاعبين الماليين الى استخدام السيولة، لتحسين مردود توظيفاتهم، علماً أن المؤسسات المالية الكبيرة تضطر مع حصول الانهيارات، الى تصفية مراكزها في أسواقها، وفي أسواق أخرى تأميناً للسيولة، إذا ما كانت تفتقر الى أحجام رساميل كافية لتغطية عملياتها على الأسهم والسندات.
نجح لبنان في تحييد نفسه عن تلك التطورات، بفضل الخطوات الاحترازية التي اتخذها مصرف لبنان، وتمثلت في:
• تعميم صدر قبل نحو أربع سنوات، ووضع قيوداً على الاستثمار في المشتقات المالية.
• تعميم صدر قبل نحو 6 أشهر، وأقفل المنافذ أمام اللاعبين المحليين للتعامل بهذه الأنواع من المشتقات.
• اتخاذ تدابير إحتياطية منذ نحو 10 سنوات، تقضي في جوهرها بوضع حدّ 50 في المئة للتسليفات، بينما تتجاوز الأسواق العربية هذه النسبة لتصل الى نحو 90 في المئة.
وترى مصادر مالية رفيعة، أن المخاطر لا تكمن في شراء مشتقات وأدوات من شركات أوروبية وأميركية فحسب، إذ تمددت الى الدول العربية «حيث شهدت أسواقها بعض الاضطرابات، بينما بقيت سوق بيروت بمنأى عن أي منها، بدليل التراخي الذي سجل في تلك الفترة، وكان الدولار معروضاً لمصلحة شراء الليرة».

 

الدكتور يشوعي: لا قطاع مصرفي ولا قطاع عقاري يحلان مكان الدولة
عميد كلية إدارة الأعمال والعلوم الإقتصادية في جامعة سيدة اللويزة، الخبير الإقتصادي الدكتور إيلي يشوعي تحدث الى مجلة «الجيش» عن تداعيات الأزمة المالية العالمية قال: «من مبادئ الاقتصاد، أنه عندما يكون القطاع العقاري بخير، يكون الاقتصاد بألف خير. وقد مرّ القطاع العقاري الأميركي بفترة ركود كبيرة، ما اضطر القطاع المصرفي الى التدخل وطلب توسيع الرقعة الجغرافية للتسليفات العقارية، اشترك في هذه العملية مصارف أميركية، سويسرية، بريطانية، فرنسية وألمانية.
وحصلت إصدارات لأدوات مالية، من أجل تمويل هذه العمليات، كما أدرجت هذه الأدوات في البورصات العالمية والأميركية. ولقد سعت المصارف الأميركية، الى تطبيق ديمقراطية التسليف، والمساهمة في إعادة نهوض الاقتصاد الأميركي. وبما أن الطلب على القطاع العقاري أصبح كبيراً، ارتفعت قيمة الموجودات العقارية، وأصبح المدينون يطالبون المصارف برفع سقف التسليف، على أساس زيادة سعر العقار. وعندها أصبحت المصارف، تديّن وتسلّف بشكل كبير الشرائح الأميركية كافة، من دون التدقيق بالأوراق والمستندات المطلوبة، والنتيجة كانت عجوزات كبيرة عند الدفع، الأمر الذي خلق أزمة سيولة في المصارف، كما وأن الإصدارات التي موّلت هذه العملية، شهدت تراجعاً بأسعارها في البورصات. ومن أجل تفادي الأزمة المالية تدخلت المصارف المركزية وزوّدت المصارف السيولة اللازمة منعاً لانهيارها.
وقد يكون لدى مصرف «ليمان براذرز» مشاكل مالية كبيرة، كي يسمح مجلس الاحتياط الفيدرالي الأميركي أو البنك المركزي بسقوطه، وذلك بغية تنقية القطع وإصلاحه، فيما عوّم بنك «JIE» وتمكّن من إنقاذه، لأن لا مشاكل أساسية لديه».
وأضاف: «إن هذه القضية تبرهن، أن القطاع الخاص، لا يمكنه النهوض بالاقتصاد، بينما الاجراءات التي اتخذتها الحكومة الفيدرالية منذ نحو خمسة أشهر، والقاضية بخفض الاحتياط الإلزامي وضخّ السيولة وخفض الفوائد، عزّزت الاقتصاد والاستثمار، إضافة الى تحسّن سعر صرف الدولار مقابل اليورو، وعادة يعكس سعر الصرف حالة الاقتصاد».
وعن تأثير الأزمة على الأسواق المالية اللبنانية أوضح يشوعي: «إن تأثير الأزمة المالية العالمية على لبنان، معدوم نسبياً، باعتبار أن التوظيفات الخارجية للمصارف، لم تتورط في عملية «ساب برايم» ودعا الدكتور يشوعي المصارف الى «الحد من التوظيفات الخارجية، والابتعاد عن التسليفات الخطرة. كما طالب بالتخفيف من ودائع البنك المركزي، وتحويل هذه الرساميل الى القطاع الخاص، بغية المساهمة بشكل أفضل، في تكبير حجم الاقتصاد».
واعتبر الدكتور يشوعي «أن الانفتاح الحاصل اليوم في القطاع العقاري اللبناني، خطر للغاية، لأن أي دراسة جدوى إقتصادية لأي مشروع سكني، أو أية عملية إقتراض من المصرف، ستعتمدان على الأسعار الحالية، ولكن أية نكسة أمنية، تعيد الأمور الى نصابها، وتزيل الانتفاخ بالأسعار، وتحدّ من عمليات المضاربة، عندها تقع الكارثة على أصحاب المشاريع والمصارف على حد سواء، كما هو الحال اليوم، حيث يشهد القطاع العقاري الركود مجدداً، نتيجة الأحداث الأمنية المتنقلة في المناطق اللبنانية كافة».
وعما إذا كان لأسعار النفط تأثير غير مباشر على الأزمة المالية العالمية، قال الدكتور يشوعي:«لا علاقة لسعر النفط بهذه الأزمة، وإن ارتفاع أسعار النفط، نتج عن زيادة في الطلب على هذه المادة، من قبل بعض الدول، ولا سيما الولايات المتحدة الأميركية، من أجل تعزيز مخزونها الاستراتيجي، فضلاً عن دخول بعض المضاربين في العقود الآجلة، وعن وجود عنق زجاجة على مستوى التكرير العالمي. أما سبب انخفاضه اليوم، فيعود الى خفض الطلب وامتلاء المخزون الاستراتيجي، وبيع كثيف للعقود الآجلة». وأكد أخيراً أنه «لا أحد يحل مكان الدولة، لا القطاع المصرفي ولا العقاري».

 

تريليون دولار كلفة الأزمة
لم يستطع وزير الخزانة الأميركية هنري بوليون، تقدير كلفة إنقاذ القطاع المالي في الولايات المتحدة، مكتفياً بالقول «مئات بلايين الدولارات»، لكن السناتور الجمهوري ريتشارد شلبي قال أنها «ستراوح بين 500 بليون وتريليون دولار»، مستشهداً بكلفة معالجة مشكلة شركتي «فاني ماي» و«فريدي ماك»، الماليتين اللتين انهارتا بسبب أزمة السوق العقارية.
وبدت الاجراءات الأميركية، والبريطانية، مثل «أحكام عرفية مالية»، نوقشت في مجلس الكونغرس، مستهدفة إعادة التوازن الى الأسواق والاقتصاد الأميركي بعد أسبوع من الفوضى وبيع الأسهم المحموم.
وأعلن بولسون أن اجتماعات عقدت، مع قيادات الكونغرس لنيل موافقتهم على الاجراءات، ما سيسمح بإعادة تدفق الأموال.


الأزمة انحسرت
استعادت أسواق المال العالمية نشاطها وبعض خسائرها، منذ إعلان «حزمة الإجراءات» الأميركية والبريطانية التي تضمنت شراء أصول مالية، إضافة الى فرض قيود على المضاربات، والشراء الآجل للأسهم وغيرها «حفاظاً على استقرار أسواق المال، ومنعاً لانهيار الاقتصاد» كما قيل في واشنطن ولندن. وبعد إقفال أسواق الأسهم الآسيوية على ارتفاع كبير، حققت البورصات الأوروبية مكاسب تمثلت بارتفاع مؤشر بورصة لندن 9.33 في المئة (455 نقطة) ومؤشر «كاك» الفرنسي 9.27 في المئة (367 نقطة) ومؤشر «داكس» الألماني 5.65 في المئة (326 نقطة)، بينما استمر التفاؤل في الأسواق الأميركية، بحيث حقق مؤشر داو جونز نحو 800 نقطة في أقل من 24 ساعة. وكان كبار مسؤولي وزارة الخزانة في الولايات المتحدة ومجلس الاحتياط الفيدرالي بدأوا محادثات أولية مع قيادات، الكونغرس في شأن خطة واسعة لمساعدة المصارف، للتخلص من الأصول المتعثرة التي تعتبر وراء الأزمة المالية الحالية. وأصدرت لجنة الأوراق المالية والبورصات الأميركية أمراً استثنائياً، شبيهاً بقرار بريطاني، حظرت بموجبه عمليات البيع على المكشوف لـ799 سهماً، في القطاع المالي في محاولة لحماية المستثمرين والأسواق. يقضي الأمر بأن يفصح مديرو استثمارات المؤسسات عن مبيعاتهم من الأسهم على المكشوف (المضاربات)، لبعض الأوراق المالية المتداولة.ويتعين على المستثمرين حالياً كشف مراكزهم الدائنة الكبيرة. كما خففت اللجنة بصفة مؤقتة القيود لتمنح الشركات مزيداً من المرونة لإعادة شراء أسهمها.
وكانت السلطات البريطانية فرضت حظراً لمدة أربعة أشهر، على بيع الأسهم علىالمكشوف. وخشيت الإدارة الأميركية أن تهدد الأزمة القطاع المصرفي بأكمله ودائع قدرها 3.5 تريليون دولار إضافة الى أصول شركات التأمين ما يهدد النظام الاقتصادي بأكمله. وأعلن مجلس الاحتياط الفيدرالي، خطوات إضافية لمساعدة الأسواق، منها فتح الاقتراض عبر تسهيل الخصم، أمام مؤسسات مالية، لتمكينها من شراء أصول معينة، من صناديق أسواق النقد.
وقالت وزارة الخزانة في بيان «على مدى السنة المقبلة ستضمن وزارة الخزانة ممتلكات أي صندوق مؤهل ومطروح لعامة الجمهور من الصناديق العاملة في سوق النقد سواء، على مستوى التجزئة أو المؤسسات، إذا دفع رسماً للاشتراك في هذا البرنامج».
وقالت الخزانة إن الرئيس جورج بوش وافق على استخدام صندوق استقرار البورصات لضمان المدفوعات. ويسمح الصندوق، الذي ترجع جذوره لقانون غطاء الذهب العام 1934، لوزارة الخزانة بإجراء عدد كبير من التعاملات بتفويض من وزير الخزانة.
وقال الرئيس بوش، في خطابه في البيت الأبيض، إن تدخل الحكومة ضروري لحل المشاكل التي تجتاح الأسواق»، ووصف الوضع بأنه «لحظة محورية لاقتصاد أميركا».

 

إقرار مجلس النواب الأميركي خطة الإنقاذ المالي وقمة أوروبية ومزيد من الأموال في
أقرّ مجلس النواب الأميركي في 3 تشرين الأول الجاري خطة الإنقاذ المالي، التي وضعها وزير الخزانة هنري بولسن، والتي تبلغ كلفتها 700 بليون دولار، بغالبية 263 صوتاً في مقابل 171، بعدما كان رفضها في الجلسة الأولى في 29 أيلول 2008. لكن التعديلات التي أدخلت عليها وإقرارها في مجلس الشيوخ، والضغوط التي مارستها الإدارة، ساهمت الى حد كبير، في إقرار الخطة، التي تحمل إسم «قانون دعم الاستقرار الاقتصادي العاجل 2008». وكان رئيس الوزراء الفرنسي فرانسوا فيون اعتبر قبل إقرار الخطة، أن العالم يقف على «حافة الهاوية»، إذ تطبق عليه أزمة مالية عالمية تهدّد الصناعة والتجارة والوظائف في أنحاء العالم.
وباعتبار أنه لا يمكن حل الأزمة المالية، إلا من خلال تحرّك جماعي، عقدت  قمة أوروبية طارئة مصغّرة في باريس، ضمت فرنسا، إيطاليا، ألمانيا وبريطانيا، والتزم الأعضاء خلالها دعم المؤسسات المالية المتعثرة، بحسب ما أعلنه الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي، الذي أكّد أن الدول الأربع، ترغب في عقد قمة دولية «في أسرع وقت» لإعادة النظر في قواعد الرأسمالية المالية، داعياً المفوضية الأوروبية الى إظهار ليونة في تطبيق القواعد.
ومن جهة أخرى، أقرّت الهيئة التشريعية الروسية بغالبية كبيرة خطة مالية للإنقاذ، تقضي بتخصيص ما يعادل عُشر الاحتياط الروسي من الذهب، لمساعدة المصارف والمؤسسات المالية على مواجهة الأزمة. لكن موجة خسائر اجتاحت الأسواق الروسية اتسمت بالبرودة عموماً، بعد منع عمليات البيع على المكشوف، وتأثر واضح في حركة البورصات العالمية وتجاهل الإجراءات والتطمينات الحكومية. وعلى الصعيد الآسيوي، استمر ضخّ الأموال لدعم القطاع المصرفي ولمواجهة الأزمة المالية العالمية.
لكن وعلى الرغم من كل الخطط والتطمينات تستمر حال الترقّب والتخوّف من التداعيات التي خلّفتها الأزمة المالية العالمية.


الخسائر العربية
تراجعت المؤشرات في كل البورصات العربية بسبب تداعيات الأزمة المالية العالمية الناجمة عن إفلاس المصرف الأميركي «ليمان براذرز» وتقلص السيولة في الأسواق، وفقاً للتقرير الأسبوعي لـ«بنك الكويت الوطني». وتقدم المؤشر المصري المؤشرات العربية على صعيد التراجع، إذ خسر (12.3 في المئة)، تلاه المؤشر القطري (9.2 في المئة)، فالسعودي (9.1 في المئة)، فالمغربي (6.3 في المئة)، فالإماراتي العام (5.9 في المئة)، فاللبناني (3.7 في المئة)، فالأردني والكويتي (3.6 في المئة لكل منهما)، فالبحريني (2.6 في المئة)، فالفلسطيني (2.3 في المئة)، فالتونسي (1.7 في المئة)، فالعُماني (0.3 في المئة).


14 بليون دولار من «المركزي» الإماراتي للمصارف لمواجهة الأزمة المالية العالمية
قرر مصرف الإمارات المركزي تأمين تسهيلات بـ50 بليون درهم (نحو 14 بليون دولار) لمصلحة المصارف العاملة في الإمارات لتستخدمها عند الحاجة. وكشف عن هذه الخطوة، بعد اجتماع عقده مجلس الإدارة، بحث خلاله في وضع الودائع بين المصارف الذي تأثر بمشاكل السيولة في أسواق النقد العالمية.