مناسبة

«الستاتيكو المرتقب في الشرق الأوسط»
إعداد: تريز منصور


أعمال المؤتمر في كتاب

برعاية قائد الجيش العماد جان قهوجي، وفي حضور المفتش العام بالوكالة العميد الركن ميشال نحاس ممثلًا نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع الوطني سمير مقبل وقائد الجيش، أقام مركز البحوث والدراسات الاستراتيجية في الجيش اللبناني احتفالًا في النادي العسكري المركزي - المنارة، لمناسبة توزيع الكتاب المتضمن أعمال «المؤتمر الاقليمي الرابع» الذي عقد في بيروت خلال نيسان الماضي.
حضر الاحتفال خالد علوان ممثلًا وزير العدل اللواء أشرف ريفي، وممثلون عن المدراء العامين للأجهزة الأمنية، وممثل مدير عام رئاسة الجمهورية، إضافة إلى ديبلوماسيين وملحقين عسكريين، ووفد من القوات الدولية المؤقتة في لبنان وشخصيات سياسية، أكاديمية واجتماعية، وباحثين وضباط.


العميد الركن حمادة
بعد النشيد الوطني، ألقى مدير المركز العميد الركن خالد حمادة كلمة قال فيها: «تجمعنا للسنة الرابعة على التوالي المؤسسة الحاضنة، مؤسسة الجيش، كشركاء درجوا على التفاعل وتبادل وجهات النظر لإنجاز مجموعة من الأنشطة البحثية على مدار عام منصرم. وإلى جانب المؤتمر الإقليمي الرابع الذي نظّمه مركز البحوث من 9 لغاية 12 نيسان 2014، تحت عنوان «الستاتيكو المرتقب في الشرق الأوسط في ضوء المتغيرات والتسويات المحتملة: شرعية أنظمة الحكم وركائز النظام الإقليمي الجديد»، والذي نحن في صدد توزيع الكتاب الذي يوثّق أعماله، نظّمت 4 ورش عمل حول الأمن السيبراني ودور مراكز الأبحاث في صناعة الرأي العام. وقد اتسعت دائرة التعاون البحثي لتشمل، إضافة الى الجامعات ومراكز البحوث، برنامج الأمم المتحدة الإنمائي (UNDP) والوكالة الجامعية الفرنكوفونية (AUF)».
وأضاف: «إن مسارات التحوّل التي يعيشها العالم العربي اليوم، تؤكد المكانة الملزمة لمراكز البحوث لدى الجيوش الحديثة ومن ضمنها الجيش اللبناني. ولقد أظهرت التجربة، وفي وقت قياسي، الترابط العضوي بين التحولات السياسية والاجتماعية والتهديدات الأمنية اليومية، إذ لم يكن يتبادر، ربما إلى أذهان الكثيرين، أن مواضيع الأصوليات الدينية ومستقبل الأقليات وصعود الإسلام السياسي، التي تناولتها المؤتمرات التي نظّمها المركز، ستشكّل المكوّن الرئيس في فهم المحيط الحاضن للإرهاب، وفي تقدير المخاطر على الموقف العملاني للوحدات العسكرية لدى أداء واجبها في مكافحته».
وتابع قائلًا: «ربما علينا أن نعترف بأننا قاربنا، وعلى مدى اربع سنوات، مسألة الأصوليات وتحوّلها إلى تهديد مباشر لمستقبل المجموعات الثقافية وللاستقرار، ولكنّنا لم نعطِ الحيز الكافي لارتباط هذه المسألة بالموروث الثقافي المشرقي، الذي كان المحفّز الأول لتفجّر العنف بشكل غير مسبوق.
لا يمكن إعادة ما حصل في العالم العربي إلا إلى تراكم أزمات وعقول متحجرة تصنّم التاريخ والماضي، وتؤسس لحروب أهلية دائمة. إن هذا الفائض من الخيال القائم على فرضية نبذ الآخر يذهب إلى تفسير ظاهرة العنف بالادعاء أنه سبقها في التاريخ ما كان مثلها وأبشع.
إن الجريمة المتقدمة لا يمكنها تبرير الجريمة المتأخرة، والثقافة لا يمكن أن تنغلق على العقل وتقيّده بقوة النص المقدس، لقد أضحى الشرق الأوسط منقسمًا بين تطرف قاتل واعتدال غير فاعل، وخاضعًا لهيمنة رعيل من المشعوذين.
ونتساءل هنا، هل نستدعي الغرب اليوم من أجل الاستقرار أم من أجل استعادة جزء من الحضارة؟ هل سيعيد الغرب تشكيل مجتمعنا على صورته في التعددية وأولوية الدولة على الطوائف أم على الصورة المعتبرة موروثًا تاريخيًا؟
إن مركز البحوث وبتوجيهات من قائد الجيش العماد جان قهوجي، سيثابر على انفتاحه على كل الطاقات المتاحة كسبيل وحيد لتبادل الأفكار والرؤى حول الأزمات الوجودية التي يتخبط بها عالمنا العربي، والتي تتصل بأساسيات الحياة، لفهم دينامياتها...».

 

العميد نحاس
العميد الركن ميشال نحاس ألقى كلمة توجّه فيها بالشكر والتقدير إلى جميع الذين شاركوا في تنظيم هذا المؤتمر وحاضروا فيه وأسهموا في إنجاحه، من نخب فكرية واقتصادية واكاديمية، محلية ودولية، تنتمي إلى أكثر بلدان العالم تقدمًا ورقيًا. وقال:
«إن انعقاد المؤتمر الإقليمي في بيروت بتنظيم من مركز البحوث والدراسات الاستراتيجية في الجيش، والذي كان حول الستاتيكو المرتقب في الشرق الأوسط في ضوء المتغيرات والتسويات المحتملة، يأتي استكمالًا للمؤتمرات الثلاثة السابقة الهادفة إلى تسليط الضوء على المشاكل البنيوية العميقة في منطقة الشرق الأوسط، والتي افرزت منذ العام 2011 واقعًا جديدًا شديد الصعوبة والتعقيد. هذا الواقع فاقم من حدّة الأزمات والصراعات التي غلب عليها الطابع الأمني، لا سيّما توسّع ظاهرة العنف والإرهاب، وذلك لأسباب عديدة، أذكر منها على سبيل المثال، عدم إجراء توصيف حقيقي للمشاكل القائمة، جذورًا لا أعراضًا ونتائج، فضلًا عن اعتماد الحلول الجزئية ومقاربة الأزمات بروح المصالح السياسية الداخلية والخارجية، والتي غالبًا ما تكون في غير مصلحة الشعوب أمنًا واستقرارًا ورخاء».
وأضاف: «على الرغم من الأخطار والتحديات التي عصفت بالمنطقة ولا تزال، وطالت رياحها العبثية وطننا الصغير، إلا أننا لا نزال نرى في التجربة اللبنانية الفذّة التي ترتكز على مبدأي التنوع في الوحدة والوحدة في التنوع، نافذة أمل وخلاص لجميع شعوب المنطقة، لا بل نعتبرها بمثابة السد المنيع في مواجهة التطرف والإرهاب، والفتنة والفوضى، لأنّ هذه التجربة تحاكي بطبيعتها القيم الإنسانية والحضارية الشاملة، وتتماشى مع سكة التطور والتقدم والحداثة، في عالم متداخل متشابك متواصل، بات قرية كونية صغيرة بكل ما للكلمة من معنى.
إن إيماننا برسالة لبنان التعددي السيد الحر المستقل، كان وسيبقى حافزنا الأقوى في بذل الجهود وتقديم التضحيات الجسام، لقد واجهنا بكل شجاعة وبسالة أخطر عدوين للوطن، العدو الإسرائيلي والإرهاب، اللذين يمثلان بالنسبة الينا النقيض الواضح لرسالتنا وتاريخنا الحضاري العريق.
وبالأمس القريب كما تعلمون، قدّم جيشنا ضريبة الدم الباهظة من خيرة رجاله، في مواجهة الجماعات الإرهابية في منطقة عرسال وجوارها، إذ تصدّى لها بكل قوة وحزم، وأحبط مخططها الآيل إلى اختراق الساحة اللبنانية، وجعلها جزءًا من مشروعه التدميري، فكان هذا الإنجاز الكبير، تجسيدًا لإرادة الجيش في حماية لبنان، وتجسيدًا لثقة اللبنانيين بجيشهم، وتمسّكهم النهائي بوحدتهم وعيشهم المشترك. وإننا من على هذا المنبر نؤكد اليوم عزمنا على قطع دابر الإرهاب في كل بقعة من بقاع الوطن، فالأرض أرضنا والشعب شعبنا، ولن نتنازل قيد أنملة عن حقنا المقدس في الدفاع عن بلادنا، كائنة ما كانت الأخطـار والتضحيات.
بعد الكلمات شرب الجميع نخب المناسبة، ثم وزّعت على الحضور نسخ الكتاب، الذي تميّز بأناقة غلافه وتصميمه، وتضمّن أبرز ما شهدته جلسات المؤتمر الإقليمي الرابع، إضافة إلى الأسئلة التي طرحت من قبل المشاركين.
كما وثّق هذا الكتاب التغطية الإعلامية الشاملة لأعمال المؤتمر.