- En
- Fr
- عربي
من واقع المعاناة
هكذا عاشت الكاميرا الحرب وروتها
تخرق الصمت أصوات إنفجارات صواريخ العدو الإسرائيلي. أبنية، مصانع، مدارس، مساجد وكنائس تنهار، كما الأحلام في هذا الوطن... قتلى بالآلاف، تحت الركام وعلى الطرقات العامة، والمدافن الجماعية تزداد. نازحون بالآلاف في الشوارع، في المدارس وفي العراء... أطفال يئنون من الجوع، وعجزة يحتضرون بسبب فقدان الأدوية... سيارات الإسعاف والصليب الأحمر تُقصف، والآلاف يغادرون الوطن: سواح، أجانب ولبنانيون...
زينة، امرأة شيعية مقيمة في دبي وتسعى الى الطلاق. مشاحناتها مع زوجها دفعت بابنها كريم وبشقيقتها، الى قضاء الصيف في قرية خربة سلم الجنوبية، قبل أسبوع من اندلاع الحرب.
تفقد الاتصال بهما، ولشدة قلقها، تحاول القدوم الى لبنان عبر تركيا، ولكن نظراً الى الحصار لا تصل الى مرفأ بيروت إلا يوم وقف إطلاق النار، ولا تجد سوى طوني سائق التاكسي المسيحي، من يقلّها الي الجنوب بحثاً عنهما...
على الطريق الى الجنوب مشاهد صمود وإيمان بوطن وأرض، مختلفة عن مشاهد الخوف والعنف والحقد. قوافل العائدين الفرحين متجهة الى القرى والبلدات الجنوبية، منذ الساعة الثامنة، موعد الإعلان عن وقف إطلاق النار. ورحلة البحث عن كريم الممزوجة بالأمل والقلق والخوف والفرح مستمرة. تجوب زينة المدارس والأزقة والساحات والمدافن الجماعية، تعكس قلق الأم اللبنانية المفجوعة وخصوصاً الجنوبية، برفقة طوني المواطن اللبناني الذي فتح قلبه وبيته أمام النازحين، الإنسان المستعد للتضحية في سبيل الغير وفي أحلك الظروف حتى النهاية والقادر على زرع البسمة والأمل في النفوس.
تحية للجيش اللبناني الساهر على الأمن في الجنوب وعلى كامل تراب الوطن، لليونيفيل الحريصة على تطبيق القرارات الدولية ومساعدة الجنوبيين، وللصليب الأحمر اللبناني الحاضر أبداً في أحلك الظروف.
«تحت القصف» صرخة ضد الحرب، ضد الذكريات الأليمة والظروف المأسوية، ضد عودة ثقافة الحقد والخلاف مع الآخر، الأخ اللبناني، شريك الأرض والمصير، ضد انهيار البلد من جديد.
الصرخة أطلقها الكاتب والمخرج فيليب عرقتنجي، الذي حمل عدة العمل وانطلق الى أرض الجنوب، في ظروف خطرة ودقيقة (بعد عشرة أيام من اندلاع الحرب الحاقدة، التي بدأت في 12 تموز من العام 2006) للقيام بعمل إيجابي، لا يكون وثائقياً فحسب، بل عملاً روائياً كبيراً، ينقله الى العالم أجمع، الذي عرف وللمرة الأولى فداحة الدمار الذي خلّفه العدو الإسرائيلي، وحجم الظلم الذي عاناه المواطن اللبناني عموماً والجنوبي خصوصاً.
استمر التصوير بعد وقف إطلاق النار ثلاثة أيام، حيث وضع الكاتب الأميركي ميشال ليفيان السيناريو مع فيليب عرقتنجي.
المهمة كانت للتصوير، لا سيناريو مسبق، ولا ديكور تم تصميمه، الشخصيات كما الديكورات والأحداث هي كلها واقعية وغير تمثيلية (لاجئون، صحافيون، عسكريون، مناضلون ورجال دين) باستثناء شخصيات البطلين طوني (جورج خباز)، وزينة (ندى بو فرحات)، والصحافي (بشارة عطالله) ومضيفة الفندق (راوية الشاب).
العمل الفريد من نوعه أغرى مجموعة من المنتجين الفرنسيين والبريطانيين للإنطلاق في المغامرة، وإنتاج «تحت القصف» لاقتناعهم بالرسالة التي يحملها هذا الفيلم، حسب ما يوضح لنا عرقتنجي.
«الفيلم المؤثر الذي نال عدة جوائز من مهرجانات دولية لاقى إقبالاً في صالات السينما اللبنانية. ويؤكد عرقتنجي أن عدد المشاهدين بلغ بعد عشرة أيام من عرضه أكثر من أحد عشر ألف مشاهد، بالرغم من الأحداث الأليمة في لبنان، وكان آخرها اغتيال اللواء الركن الشهيد فرنسوا الحاج».
ويقول: «إنه فيلم ضرورة، يعيدنا الى ذكريات الماضي علّنا نتعلم منها الدروس والعبر، ونجد لمشاكلها العلاج الشافي، منعاً لتكرارها مستقبلاً. أوجّه تحية حارة للجيش اللبناني، الذي نريده دون سواه على كامل تراب الوطن، يحميه ويصون وحدته».
• البطلة ندى بو فرحات (زينة) التي استحقت جائزة أفضل ممثلة في مهرجان دبي للسينما، أكدت لنا بدورها أن التجربة كانت جديدة وفريدة من نوعها. الأحداث الحقيقية على أرض الواقع فرضت نفسها على السيناريو. مثلاً مشهد المقبرة الجماعية كان حقيقياً، وكذلك مشهد الحوار مع الصحافي الفرنسي...
وقالت: «عايشت معاناة الجنوبيين، مشاعري لمست أحزانهم، ودموعي امتزجت مع دموع أطفالهم، وصيحات أمهاتهم وأراملهم. حرصت بكل ما قدّرني عليه الله أن أحمل عمق آلامهم وآلام لبنان الى العالم أجمع، على الرغم من الخطورة والظروف الصعبة التي رافقت عملية التصوير».
وتتابع: «تحت القصف» صرخة ضد الحرب، ضد ترهيب اللبنانيين، نوجهه تحية الى الجيش اللبناني، الى اللبنانيين، الى كل من قاوم، وأقول: التضحية جميلة جداً شرط أن تكون ناتجة عن وعي».
• البطل جورج خباز (طوني) قال:
«تحت القصف فيلم يرفع صرخات اللبنانيين الرافضة للحرب على أنواعها، الرافضة للظلم والإستبداد الذي تمارسه اسرائيل على لبنان وشعبه. العمل كان جديداً وواقعياً والأحداث جاءت مذهلة بتأثيرها وصدقها».
الجوائز والمهرجانات الدولية
بعد سنة ونصف من انتهاء العدوان، وبعد أشهر من العمل والتوضيب، جال «تحت القصف» عدداً من المهرجانات الدولية حيث كرّم بعدة جوائز منها:
• مهرجان البندقية الرابع والستين في ايطاليا:
- جائزة أفضل فيلم لحقوق الإنسان.
- جائزة الفيلم المفضل لجمهور الشباب.
وبالرغم من أنه لم يكن من ضمن الأفلام المتبارية، لاقى «تحت القصف» صدى كبيراً مما دفع منظمي المهرجان الى تكريمه بجائزتين في إطار أيام البندقية.
• مهرجان نامور - بلجيكا 2007:
- جائزة لجنة تحكيم الشباب.
• مهرجان أنطاليا - تركيا:
- جائزة النقاد.
- جائزة تشجيع السينما الآسيوية.
• مهرجان دبي للسينما:
- جائزة المهر الذهبي كأفضل فيلم.
- جائزة أفضل ممثلة لندى بو فرحات.