قضية

«دور المرأة في المؤسسة العسكرية»
إعداد: جان دارك أبي ياغي

حلقة خاصة على شاشتي «تيلي لوميار ونورسات»


في إطار برنامجها الأسبوعي بعنوان «وينِك» على شاشتي «تيلي لوميار» و«نورسات»، أعدّت الدكتورة كلوديا شمعون أبي نادر حلقة خاصة حول «دور المرأة في الجيش» بثّت مباشرة على الهواء. وقد استضافت فيها كلاً من: العميدة المتقاعدة في الأمن العام دلال رحباني، العميد المتقاعد في الجيش اللبناني أديب راشد، السيدة غادة عون زوجة العميد الركن المتقاعد في الجيش إبراهيم عون، السيدة پاتريسيا سمعان زوجة الرائد الشهيد طوني سمعان والآنسة نور خوري إبنة العقيد فارس خوري.


... في عروقي عسكر لبنان
إستهلت الدكتورة أبي نادر الحلقة بمقدمة سجّلت فيها اعتزازها وافتخارها كونها إبنة المؤسسة العسكرية: «أنا إبنة ضابط، المقدم الياس شمعون (قائد الشرطة العسكرية سابقاً)، إبن بلدة سرعين البقاعية، والتي أعطت الجيش، وما تزال أعداداً كبيرة من أولادها، وعطاؤها ليس بمنّة، بل إكليل غار يزيّن هامتها. كان لوالدي، شرف حمل علم بلادي أربع عشرة سنة، وفي عروقي يسري عسكر لبنان، وهو يحتل صدارة محاضراتي ولقاءاتي مع الأجيال الصاعدة».
ووجّهت تحية الى فخامة الرئيس العماد ميشال سليمان، الذي زرع الجيش في الأرض والفكر والضمائر... وتحية الى قائد الجيش اللبناني العماد جان قهوجي، الذي يُشعر كل فرد في الجيش، أن له دوراً قيادياً ومصيرياً... وتحية الى قائد المدرسة الحربية العميد سهيل حماد وضباط المدرسة ورتبائها وأفرادها... تحية الى تلامذتها، ضباط المستقبل، مصدر اعتزازها، مئات التلامذة الضباط الذين كان لها شرف إعطائهم المحاضرات منذ العام 1980؛ «إستشهد العشرات منهم؛ بكيتهم من دون يأس، فالاستشهاد إنتصار، والحق أقوى من الموت، كُتب في مدرسة العنفوان «ماتوا لنحيا»؛ أنا أعلم جيداً، أنكم نُذرتم للشهادة فكرَّسكم الوغى أبطالاً، والبطل لا يموت»... وتحية الى المرأة التي دخلت الى المؤسسة العسكرية... وتحية الى الأخت والزوجة والإبنة، وتحية الى الأم التي أنجبت، وربّت، وساعدت، وضحّت في المحن والأوقات الصعبة.


مواضيع طرحت في الحلقة
الأفكار الرئيسة التي طُرحت في الحلقة تمحورت حول نظرة الرجل الى المرأة في السلك العسكري والمهام الموكلة اليها، فاستخلصت المشاركات أنه على الصعيد اللبناني، العلاقة جيدة - مدنياً يستهجن البعض وجود المرأة في مهنة تُعدّ ذكورية بامتياز.
دخلت اللبنانية الى السلك العسكري في الثمانينيات، وهي موجودة فعلياً في الجيش والأمن العام. أما المهام الموكلة اليها فهي إدارية (وحدها العميدة دلال رحباني وصلت الى أعلى رتبة عسكرية في الشرق الأوسط، كإمرأة، إذ شغلت منصب مدير عام الأمن العام). على صعيد العالم لم تدخل المرأة الى الحياة العسكرية إلا من باب النضال ضد الإحتلال؛ فالحرب تُلزم الجميع

عملية التحرير.
كما طُرحت قضية الإستشهاد، وانعكاساتها على الأهل (وبالأخصّ الأم) والزوجة والأولاد. فالضابط عادة يكون مستعداً لهذا الواجب الوطني، فيهيئ الأهل والزوجة، منذ بداية الطريق. والموت ها هنا يغدو بطولة تعوّض غياب الأحباء.
وأُثيرت مسألة غياب الضابط عن عائلته بسبب ظروف العمل، وكيف أن الزوجة تتحمّل المسؤولية، ويكون الأمر صعباً بالنسبة الى الأولاد من الناحية العاطفية، ويصبح الوضع دقيقاً، حين تكون الزوجة عاملة، فتُطرح قضية الإهتمام بالأولاد وتدريسهم وتربيتهم.
وعن وضع المرأة في المؤسسة العسكرية، خصوصاً في الأوقات الصعبة كالحمْل، وولادة الأطفال، طُرح إستفهام: هل تُراعى ظروفها؟ وكانت الإجابة إيجابية، إذ تُوخذ بالإعتبار دقة الوضع.
هل تستطيع المرأة إصدار الأوامر للرجال؟ وبالطبع هذا السؤال، لا يطرحه إلاّ المتزمّت، ومَن يمارس التمييز ضد المرأة. فالأهلية والكفاءة والخبرة لا علاقة لها بالجسد. وبشهادة الضابط الضيف، فالمرأة في المؤسسة العسكرية، نَفَسها طويل، جدّية، وصلبة؛ وتُتقن عملها على الرغم من التعب. والشواذ في هذه المسألة لا يُقتصر على النساء، إذ نجده ايضاً عند الرجال (أي عدم الجدية في العمل).
لِمَ لا تخوض المرأة المعارك؟ وكان الجواب: حتى في الدول الأكثر تقدّماً، لا توجد المرأة في الجبهات. أما في العراق، فالمجنّدة الأميركية خاضت الحرب، واستشهدت أو غدت معوّقة، بالرغم منها، إذ وُضعت في نقاط التفتيش التي كانت دائماً عرضة للتفجيرات الإنتحارية.
وكانت الخلاصة: إن المرأة في أي موقع كانت، زوجة، أو والدة، أو شقيقة، أو إبنة، هي داعمة للعنصر العسكري؛ فالتربية والتدريس والإهتمام بشؤون الحياة، تتحمّل مسؤوليتها كاملة، معطية بذلك ظروفاً حسنة لمن هو في الحياة العسكرية، كي يؤدّي واجبه بأمانة تجاه مؤسسته ووطنه، وراحة بال تجاه عائلته.

 

رسالة الختام
وفي ختام الحلقة وجّهت الدكتورة أبي نادر الرسالة التالية:
أيها العسكريون الأشراف، اطمئنوا، نحن مؤمنون بكم، مشعلكم سنبقى، لاحتضان ناركم.
جنودنا ضباطنا، قائدكم العماد جان قهوجي يعمل بصمت النار في الهشيم. كونوا الريح، حطّموا المعوقات، نهم الأوطان لا يشبعها سوى غلبة الكرامة والعنفوان.
جيش بلادي، ضباطك، رتباؤك، وعناصرك، تماهوا بلبنان، فتجاذبت الرتب، وتلألأت الأنجم محتارة، فالفلك يُغريها، ووطني يناديها، فهوت على كتف لبنان - الإنسان، الذي لم يعرف الجثوّ إلا لربه.
شهداؤنا، نقسم بالله العظيم، ألاّ ننساكم، نقسم بالله العظيم، ألّا يذهب دمكم سدى.
أيتها اللبنانية، ضابطة كنتِ، رتيبة، أم فرداً، كما ومن موقعك المدني الحيوي، كأم وزوجة وإبنة، عظيمة أنتِ، فجيشنا البطل، جسّد البطولة إنتصارات، وشرف الإستشهاد، عانقه، بعد أن حلُم به.
حضرة العماد جان قهوجي، قائد الجيش اللبناني، معك، سيردّد كل لبناني شريف وأبيّ، ما قاله الشاعر سعيد عقل، في لبنان الصامد، لبنان البطل:
«جبالنا هي نحنُ، الريحُ تضربُها
نقوى، وما يعطِ قصفُ الرعدِ نختزنِ
عشنا هنا، لا نُهَمُّ، الفقرُ مرّ بنا
ومرّ مَن شِبرُ أرضٍ غزّهُ فَفَنِي
للفقرِ قلنا استرحْ، للمستبدِّ أشِحْ
غداً على الرّملِ لا يبقى سوى الدِّمَنِ».