تقدير ووفاء

«كرسي شهداء الجيش اللبناني» في الجامعة الحديثة للإدارة والعلوم
إعداد: روجينا خليل الشختورة

نموذج ساطع عن روح التضامن والثقة المتبادلة بين الجيش وشعبه

 

برعاية قائد الجيش العماد جان قهوجي ممثلاً بمدير التوجيه العميد الركن حسن أيوب، وحضور رئيس أمناء الجامعة الحديثة للإدارة والعلوم الدكتور حاتم علامة، وعدد من الشخصيات الرسمية والأكاديمية والإعلامية والثقافية، أقامت إدارة الجامعة حفل تدشين قاعة باسم «كرسي شهداء الجيش اللبناني» في مبناها الكائن في بلدة الدامور.

 

كلمة الجامعة
بدايةً، عزفت موسيقى الجيش النشيد الوطني اللبناني ووقف الحضور دقيقة صمت عن أرواح شهداء الجيش، ثم جرى عرض فيلم وثائقي عن الجيش اللبناني (من تنفيذ مديرية التوجيه)، كما أعلنت أسماء الطلاب الفائزين بمسابقات الرسم والتصوير والأدب التي نظمتها الجامعة، ومواضيعها من وحي عيد الاستقلال ودور الجيش اللبناني وتضحياته.
بعدها، كانت كلمة عضو مجلس أمناء الجامعة الدكتور عبد الرؤوف سنو الذي أشاد بالمؤسسة العسكرية وبقيادتها، وقال: «أن تحتفل الجامعة الحديثة للإدارة والعلوم، في حرمها، بذكرى شهداء الجيش اللبناني، وأن تطلق على إحدى قاعاتها تسمية «كرسي شهداء الجيش اللبناني»، فذلك أمر له مغزاه. إن ما يجمع بين مؤسسة الجيش والجامعة مجموعة من القيم المشتركة، إجتماعية وإنسانية وأخلاقية ووطنية، تتمحور حول بناء الإنسان الصالح ودوره الفعال في المجتمع، فضلًا عن نشر ثقافة الحرية والمساواة والمحبة والخير والتضامن والعدل والحق والاحترام. فبينما يعد الجيش المواطن ليكون حاميًا لأمن الوطن ومدافعًا عنه في وجه العدو، على أسس ترتكز على مبادئ الوطنية والتضحية والفداء، تسعى الجامعة إلى محاربة الجهل ونشر العلم والمعرفة والثقافة الوطنية وتعليم الناشئة الفضائل وقيم التسامح والانفتاح. كما تقوم برفد الكلية الحربية بالأساتذة المدرسين لتعليم التلامذة الضباط، وتزويد قطاعات الجيش الأطباء والمهندسين والضباط الإداريين، وهذا ما يوطد العلاقة بين المؤسسة العسكرية والجامعة».
وأضاف: «تحتل المؤسسة العسكرية في لبنان، منذ إنشاء الكيان الصهيوني، مكانةً خاصة، حيث يقع عليها عبء الدفاع عنه ضد اعتداءات إسرائيل وأطماعها في أرض لبنان ومياهه. وقد أدى الجيش اللبناني، بالرغم من ضعف إمكاناته، مهمات وطنية في الدفاع عن تراب الوطن، وكذلك في الدفاع عن القضية الفلسطينية. وكلنا يعلم أن الجيش اللبناني مؤسسة للفداء والتضحية والعطاء، فهو قد قدم في تاريخه الطويل، منذ الانتداب الفرنسي، قوافل من الشهداء الذين سطروا بدمائهم ملاحم وطنية خالدة.
وفي الأمس القريب، خاض الجيش اللبناني معارك بطولية ضد جيش العدو الإسرائيلي خلال عدوانه على لبنان العام 2006، وضد الإرهاب في مخيم نهر البارد العام 2007، حيث قدم في الحالتين شهداء ضحوا بدمائهم من أجل لبنان، أرضًا وسيادةً وكرامة. ففي حرب تموز 2006، خسر لبنان ثمانية وأربعين ضابطًا وجنديًا، وفي معارك نهر البارد سقط للجيش مائة وتسعة وستون شهيدًا من الضباط والجنود. ويدرك الجميع أن جيشنا لا يكتسب قوته من قدرات مادية، بل من إيمانه وعزيمته وعنفوانه الوطني واستعداده للدفاع عن أرض لبنان وشعبه، وافتدائهما بدمه فهو يحمل رسالةً وطنية تجعله عظيمًا شامخًا في أعين مواطنيه. كما أن للمعلم والأستاذ رسالة ترتكز على الإعداد الجيد، العلمي والثقافي، للتلامذة والطلاب، ونشر الثقافة الوطنية وحب الوطن. والجميع يعرف أن المربين دفعوا، من جراء رفضهم التخلي عن قيمهم الاجتماعية والتربوية والوطنية، العديد من الشهداء خلال حرب لبنان الآثمة على أيدي الميليشيات وقوى الأمر الواقع.
ومع ارتفاع منسوب الإرهاب في العالم وتأثر لبنان به، تقع مسؤولية خاصة على عاتق المؤسسة العسكرية والمؤسسات التربوية، فعلى الجيش أن يبقى يقظًا مستعدًا لكل طارئ للدفاع عن أمن لبنان القومي، فيما على المدارس والجامعات أن تنمي، في التلامذة والطلاب وفي المجتمع أيضًا، ثقافة الاعتراف بالآخر والابتعاد عن العنف الأعمى».
وتابع سنو قائلاً: «أما نحن كمواطنين، فعلينا أن ندعم مؤسسة الجيش ونقدر تضحياتها، وأن ندير حواراتنا من منطلقات حضارية ووطنية، لا أن نزج بالجيش في خلافاتنا الداخلية، حيث ترابط وحداته، منذ فترة غير قصيرة، في مواقعها غير الصحيحة، عند تقاطع الطرقات في الأزقة والأحياء».
وختم بالتحية للجيش الأبي قيادةً وضباطًا ورتباءً وأفرادًا متمنيًا له التقدم والنجاح في مهماته الوطنية، منوهًا في الوقت نفسه، بالقرار الذي اتخذه مجلس أمناء الجامعة بأن تحمل إحدى قاعاتها إسم «كرسي شهداء الجيش اللبناني»، لتشكل موقعًا مهمًا لإلقاء المحاضرات وإقامة الندوات التي تتناول المؤسسة العسكرية ودورها الوطني.

 

كلمة مدير التوجيه
بدوره، ألقى العميد الركن حسن أيوب كلمة شكر فيها إدارة الجامعة على مبادرتها وثقتها، وقال:
«باسم قائد الجيش العماد جان قهوجي الذي شرّفني بتمثيله في هذا اللقاء، أتوجّه بتحية شكر وتقدير إلى جميع الحاضرين بيننا اليوم، وأخصّ أبناء هذا الصرح العلمي الكبير، الذين ومن خلال مبادرتهم الطيبة إلى تدشين قاعة «كرسي شهداء الجيش اللبناني»، يؤكدون مرّة أخرى ما دأبوا عليه، من تمسك بالقيم الوطنية العليا، وارتباط بالمؤسسة العسكرية، ووفاء لتضحيات شهدائها الأبرار الذين بذلوا أرواحهم رخاصًا على مذبح وحدة الوطن وسيادته واستقلاله.
كما أن المؤسسة العسكرية لا تدخر جهدًا في سبيل تكريم شهدائها وترسيخ مآثرهم في النفوس، حيث تتلألأ أسماء أبطالها فوق المباني العسكرية إلى الأبد، وترافق القسم العسكري، وتتصدر عناوين دورات التخرج، وتندرج في كتب خاصة تخلّد ذكراهم، وتزيّن المكتبات العسكرية والوطنية، في حين لا تغيب هذه المؤسسة لحظة عن رعاية عائلات هؤلاء الشهداء والاهتمام بشؤونهم الاجتماعية والحياتية.
كذلك في المقابل، يندفع أبناء الوطن ونخبهم الفكرية والثقافية والاجتماعية للغاية نفسها، فيرفعون للشهداء الأنصاب، ويحيون الاحتفالات، ويقيمون الإنشاءات في الساحات والقلوب، ويوزعون الجوائز والمساعدات، حاملة اسم شهيد من هذه المعركة الفاصلة، واسم آخر من تلك الموقعة البطولية، في لقاءات متوالية لا تنتهي. وما مبادرة الجامعة الحديثة للإدارة والعلوم، إلاّ نموذج ساطع عن روح التضامن والثقة المتبادلة بين الجيش وشعبه، والذي يضيف بمعانيه ودلالته، مدماكًا جديدًا في بيتنا الوطني الكبير».
وأشار مدير التوجيه إلى «أن للتعاون العلمي بين الجيش وهيئات المجتمع  المدني، وخصوصًا مؤسساته التعليمية والمهنية، أثرًا عميقًا في أداء المؤسسة العسكرية، وفي حسن قيامها بدورها الوطني على كل صعيد. ونحن كما تعلمون، نحرص الحرص الكامل على التعويض بالعنصر البشري المثقف والمتعلم، عن كل نقص في مال أو عتاد، وقد تخطينا بذلك الكثير من العقبات، وأنجزنا مراحل صعبة بالنجاح والتفوق، وشهد لنا في ذلك شعب بلادنا وأصحاب الرأي في كل مكان. لقد أعطت مؤسستنا الأولوية للثقافة والمعرفة، فقامت برفع مستوى شروط الانتساب إلى المدرسة الحربية، إلى جانب تطويع عسكريين من رتب مختلفة، من ذوي الاختصاصات الأكاديمية والمهنية، وهي تثابر على تطوير مناهج التعليم عبر إغنائها بمزيد من المواد العلمية والأدبية، وذلك بالتعاون مع الجامعات اللبنانية الرسمية منها والخاصة، متطلعين في المستقبل إلى توسيع دائرة هذا التعاون لما يعود بالفائدة والخير على الجميع».
وختم: «في ذكرى الاستقلال العزيزة على قلوبنا جميعًا، والتي تجسّد معاني الكرامة الوطنية وقرار الوطن السيد الحر، نعاهدكم بأن تبقى المؤسسة العسكرية ثابتة القسم في الدفاع عن تراب لبنان وأهله، سواء في مواجهة العدو الإسرائيلي بنواياه الخبيثة وأطماعه التي لا حدّ لها، أو في التصدي للإرهاب واستئصال جذوره من نسيجنا الوطني، أو في حفظ الأمن على مساحة البلاد، مهما كانت المصاعب والتضحيات.
ونعاهد أرواح شهدائنا الأبطال، اقتفاء خطواتهم ومواصلة مسيرتهم على درب التضحية والشهادة، ونقول لهم: إن العالم لم يكن ليعرف حجم الأخطار التي تواجهنا والبطولات التي تميّزنا، لولا دماؤكم الزكية، والتي لا يدانيها في القيمة والمجد، إلاّ صبر عائلاتكم وصمودها، وعرفان اللبنانيين بإنجازاتكم التي لا تقدّر بأي ثمن».
في ختام الإحتفال قدم العميد الركن أيوب درعًا تذكاريًا إلى رئيس أمناء الجامعة الدكتور حاتم علامة وتمت إزاحة الستار عن القاعة، فجولة فيها وتبادل للأنخاب.