الجيش والمجتمع

«من ثكنة الى ثكنة»
إعداد: ندين البلعة

عسكريون ومدنيون في الجبال مع أسيادها

 

لم يكن الفجر قد بزغ بعد، حين أعلنت الصفارة إنطلاق سباق «من ثكنة الى ثكنة» بدءاً من استراحة الصخور في اللقلوق مروراً بتمر طيبة، القبور، سهلة الرهوة، وصولاً الى أرز الرب في بشري.
حوالى 632 شخصاً (218 مدنياً و414 عسكرياً)، جمعهم فوج المغاوير في هذا السباق الفريد من نوعه، والذي لبى مطالبة المدنيين المتزايدة بالمشاركة في نشاطات تجمعهم بالعسكريين.

 

مناطقنا
يتمركز فوج المغاوير عادة في المناطق الجبلية، حيث يقوم عناصره وسراياه بمهماتهم الإعتيادية وتدريباتهم الدائمة، فتتآلف حياتهم مع الطبيعة الجبلية القاسية، ويكونون هم النخبة القتالية القاسية، المستعدة دائماً لأي ظرف يطرأ.
هذه المرة أراد الفوج أن يشاركه نشاطه عسكريون (من القطع والألوية والأفواج والقوى الأمنية) ومدنيون، فكان سباق من ثكنة الى ثكنة برعاية العماد جان قهوجي قائد الجيش (الأحد 27/9/2009) الذي شكّل فرصة فريدة للتنافس الرياضي بين العسكريين والمدنيين ذكوراً وإناثاً.
السبت 26 أيلول أقام الفوج عشاءً قروياً عرض خلاله برنامج السباق - تمرين السير وكانت سهرة تخلّلتها نشاطات ترفيهية وإشعال نار، استراح بعدها الحضور في كنف الفوج، تحضيراً لانطلاق السباق صباح اليوم التالي.

 

التحضير
يوضح العقيد الركن شامل روكز قائد فوج المغاوير، أن التحضير لهذا السباق بدأ قبل شهرين وكان تنظيمه على همّة فوج المغاوير. وقد عمل نحو 150 ضابطاً وعسكرياً على وضع نقاط المراقبة والتوجيه والتسجيل.
ويعقّب الرائد جورج صقر، أحد المنظمين من الفوج بالقول: في هذه المناطق نقوم بتدريباتنا، وقد مشينا على طرقاتها من قبل وحفظنا تفاصيلها. وعلى هذا الأساس، حددنا مسلك السباق (Parcours) وقسّمنا العمل الى عدة مجموعات: مجموعة اهتمت بتحديد المسلك وتزويده الإشارات التوجيهية للمتسابقين، أخرى وضعت نقاط التفتيش لتأكيد مرور الجميع، واحدة اهتمت بتأمين الإتصالات في الجرد حيث يصعب وجود إرسال، ومجموعة أمّنت الطعام وتنظيم السهرة والعشاء والمنامة والخيم والماء والحلويات.
وجود إسعافات من اللواء الطبي وسرية الفوج الطبية والصليب الأحمر اللبناني، بالإضافة الى طوافة لنقل الحالات الطارئة والـATV للوصول الى الأماكن التي يتعذّر مرور الآليات فيها، كانت في إطار الإجراءات التي اتخذت لتأمين سلامة المتسابقين، كما يوضح قائد الفوج.
الى ذلك رُكّزت غرفة عمليات عند نقطة الإنطلاق في اللقلوق وأخرى في فندق الأرز لمتابعة السباق ومعرفة مكان وجود كل فريق والإطلاع الدقيق على مجريات السباق لضمان انتهائه بدون أي أصابات أو خسائر.

 

على شرط!
وضع منظّمو السباق ثلاثة شروط أساسية، ألزموا المشاركين التقيّد بها لضمان نجاح هذا النشاط الواسع:
- دراسة المسلك حيث يجري السباق.
- الإستعداد الجسدي والمعنوي واحترام التعليمات الموضوعة.
- التحلّي بروح الفريق وروح المنافسة.
المشاركون انضووا في فرق يضم كل منها ثلاثة أشخاص.
تجاوز الثامنة عشرة كان في عداد شروط الاشتراك «غير أننا لم نمنع بعض الأولاد، دون هذا السن من الاشتراك بعد أن شعرنا بحماستهم واندفاعهم لخوض هذه المغامرة»، يوضح العقيد الركن روكز.
المشاركون صنّفوا وفقاً للفئات الآتية:
- فئة إناث.
- فئة رجال (ويمكن مشاركة إناث معهم).
- فئة عسكريين من كل قطع الجيش والقوى الأمنية على اختلافها.
كما شارك في السباق القوات الدولية (اليونيفيل) والسفارات والنوادي والمجموعات الرياضية.

 

أعدّوا العدّة وانطلقوا
انطلق المشاركون بكل حماسة واندفاع مزوّدين عتاداً خاصاً. فالخطأ ممنوع، وضمان وصولهم الى نقطة النهاية وسلامتهم، هو القاعدة الأولى. لذلك حضّر فوج المغاوير وعناصره لهذا السباق بدقة تامة واهتموا بأدق التفاصيل، بدءاً بالعتاد المطلوب (حذاء للسير وحقيبة ظهر ومطرة مياه)، مروراً بالإسعافات والمراقبة اللازمة، والمعلومات الدقيقة عن كل مشارك في السباق.
الطرقات الترابية والمسالك المتعرّجة هي السبيل الوحيد الى نهاية السباق. لا سيارات تاكسي للتنقّل ولا طرقات معبّدة «للغندرة»...
إنها جبال ووديان في العراء، لا إشارة فيها تدل الى الإتجاه الصحيح سوى الراعي الرقم 1 والراعي الرقم 2، و«العين المجوِيّة» والأسهم التي زرعها فوج المغاوير على طول المسلك. عناصر من الفوج يؤمنون التوجيهات الصحيحة حتى لا يتيه أي من المشاركين، الذين سمحوا لأنفسهم في بعض الأحيان باختصار الطريق وعبور الجبال والتلال. وهنا يوضح لنا العقيد روكز: المسلك ذو ارتفاعات متفاوتة تبدأ من 1800م وصولاً الى 2900م، ومسافة السباق تراوح بين 25 كلم (نقطة وصول الإناث) و40 كلم (نقطة وصول الرجال)، ضمن وقت تقديري نهائي يراوح بين 6 و8 ساعات.

 

قواعد إنضباط
قبل الإنطلاق تزوّد كل فريق الحاجات الضرورية لإكمال السباق، من مياه وطعام خفيف... على أن يتمّ تزويدهم الماء والحلويات الضرورية في نقطة وسطية في سهلة الرهوة.
للحفاظ على الإنضباط خلال السباق وضمان نجاحه، فرض المنظمون بعض القواعد، فتمّ تقسيم المسار ضمن 18 نقطة تفتيش (Check Points) على طول المسلك. فكان على كل فريق عند كل نقطة إبراز أسماء أعضاء الفريق ورقمه وبطاقة الإشتراك لكل عضو (التي تحتوي على صورة شمسية، فئة الدم، رقم الفريق وفئة المشارك، مدنياً كان أو عسكرياً). ولا يغادر الفريق النقطة قبل ختم البطاقة والتأكد من وصول الأعضاء كافة.
نشاهد أحد أعضاء الفريق قد وصل ومعه البطاقة ليقوم «باللازم» الى حين وصول رفيقيه الآخرَين اللذين «قصّرا» أو تعبا. ونسمع العسكريين الموجودين عند كل نقطة، يزوّدون غرفة العمليات رقم الفريق الذي يمرّ مع وضع أفراده، من خلال أجهزة الإتصال اللاسلكية: «الفريق 31 وصل عند نقطة التفتيش 8، أحد أفراده لا يستطيع متابعة السير بسبب إصابة برجله». ويتابع المعنيون الاهتمام بالمصاب فيرسلون إمّا آلية عسكرية وإمّا فريقاً من الصليب الأحمر اللبناني لمعالجة إصابته. فالمغامرة لم تخلُ من بعض الإصابات الطفيفة و«الزعبرات».

 

الإلتزام واجب
كان الأهم، إلتزام التوجيهات كافة وخصوصاً منها التي يعطيها الصليب الأحمر والمسعفون الميدانيون وعناصر التوجيه. وكان كل فريق يحتفظ بهاتف نقال للإتصال بغرفة العمليات عند الضرورة.
خلال السباق، كانت آليات من فوج المغاوير تتابع المسلك ذهاباً وإياباً، العقيد روكز يعطي نصائحه وتوجيهاته ويقدّم الدعم لكل فريق يمرّ من قربه، فيزداد المتسابقون حماسة.
كان بإمكان أي فريق الإنسحاب من السباق إذا شاء، وذلك بإبلاغ أقرب نقطة تأكد اليه. النقطة تتولى إفادة غرفة العمليات بالأمر وتتلقى منها التوجيهات اللازمة.

 

حالة المتسابقين
تراهم تارة يركضون وطوراً يخفّفون السرعة لأخذ نفَس عميق. لا يلفظون أي كلمة، فالتكلم يكلّفهم مجهوداً أكثر، وبالتالي يؤخر وصولهم.
في كل فريق تقريباً، عنصر أكثر نشاطاً من رفاقه. يسرّع خطاه فيسبقهم، ثم عند نقاط التفتيش يبطئ لينتظرهم فيتسنى له الوقت لأخذ نفَس عميق والتهام قطعة من الشوكولا مع الماء أو العصير. «لكي نربح لا يمكننا التباطؤ أو الإلتهاء بأشياء تافهة... علينا المتابعة لنثبت جدارتنا».
معظم الفرق سبق لها أن شاركت فوج المغاوير سباقات وتمارين وبالتالي اعتادت على العناصر وطريقة التنظيم. من ناحية أخرى معظم المشاركين يمارسون هواية الـHicking وهم بالتالي خبراء بكل ما يلزم.
الملفت مشاركة فريق من ثلاث نساء، زوجات ضباط شهداء في الجيش: نينا مفلح، يمنى مرشاد وباسكال سلوم. ارتدت كل منهن البزة العسكرية مع سترة طُبع عليها صورة زوجها.
الجميع يتساعد في الحالات الحرجة: يمدّ يد العون أو يبلغ المعنيين لتأمين الدعم. وفي النهاية، وعلى الرغم من التنافس، الجميع يشاركون للتسلية، حتى أن السفير التشيكي وبعض ممثلي السفارات في لبنان، تحلّوا بالروح المرحة وتابعوا السباق الى نهايته.

 

وصلنا...
عند نقطة وصول الفتيات، حيث تقع أعلى كنيسة في لبنان، كنيسة الرب، وسط جبال تنورين، كان الملازم الأول جورج صليبي جاهزاً مع ساعة تحديد الوقت، ليستقبل فريق الفتيات الأول. ومن وراء الجبال، على تلك الطريق الوعرة، أطلّت ثلاث فتيات، منهكات القوى، يمددن أيديهن لعلهن يصلن أسرع لالتقاط شيء يسترحن عليه.
رنا جبور، تانيا جحا وكرما الدنا (الفريق 268)، اجتزن مسافة 25 كلم بحوالى الأربع ساعات. وتبعتهن جويل قمر، مارلين غجر ونورا دياب بفارق حوالى الخمس دقائق. لم يستطعن النطق بأي كلمة عند الوصول، إلا «وصلنا...» وتبادلن القبلات والتهاني. وبعد الاستراحة يفصحن عن مشاعرهن: «شاركنا المغاوير في سباق شتوي (raid des Cèdres) من قبل، وكانت تجربة رائعة. لذا نشارك بأي سباق ينظّمه الفوج إذا علمنا بالأمر.  
منذ سنتين تقريباً بدأ الجيش ينظّم نشاطات مشتركة مع المدنيين. وهذه النشاطات تتيح لنا تنمية قدراتنا البدنية أكثر والتعرّف على طبيعة لبنان. نحب مشاركة المغاوير لأنهم يدعموننا ويساعدوننا في إيجاد الطريق ويؤمنون لنا الحماية والأمن، نشعر بحماسة كبيرة للمتابعة عندما نراهم».
إحدى المتسابقات (فرنسية من أصل لبناني)، عبّرت عن اندهاشها بروعة هذا السباق والمسلك والإحاطة التي أمّنها لهم الجيش: «إنها المرة الأولى التي أشارك فيها الى جانب الجيش ولا أندم أبداً بل سأنتظر المرة القادمة».


في الأرز
عند خط الوصول في الأرز، كان الأمر المدهش... الملازم الأول باتريك بو بطرس ينتظر الواصلين. وصل الفريق الأول، بعد أن اجتاز 40 كلم، بحوالى الأربع ساعات وهو رقم قياسي، وقد كان الفريق العسكري الفرنسي الرقم 167، والذي يضم: Alin Equoiffier, Jean Luc Duval وGuy Argoud. تبعه الفريق العسكري اللبناني 132 (من اللواء العاشر) بفارق حوالى الثماني دقائق: عمر الحوم، علاء الهباوي ومحمود عبد القادر. وبعده فريق من فوج المغاوير بفارق دقيقة واحدة وهو الفريق 73، ويضم: عطية أبو حيدر، علي أبو بكر وأحمد عبدو. وبعد ذلك وصلت الفرق المدنية الثلاثة بفارق حوالى الساعة وما فوق.
كان وصول الفرق العسكرية الأولى بهذا التوقيت القصير، مدهشاً للجميع. وقد أبدى المنظمون إعجابهم بأداء هذه الفرق وعناصرها.
أمّا الواصل الأخير بين المتسابقين فقد حظي بحصته من الصور والاستقبال كما لو كان رابحاً!!
في نهاية السباق، تمّ توزيع الجوائز على الفائزين بحضور ممثل العماد قائد الجيش، العميد الركن محمد خير قائد مدرسة التزلج - الأرز، وذلك عند خط نهاية السباق، في نادي ضباط الأرز.
وقد وجّه العقيد الركن شامل روكز قائد فوج المغاوير، كملة شكر فيها بداية للعماد قائد الجيش رعايته ودعمه الدائم لكل السباقات.
كما توجّه بالشكر الى الصليب الأحمر اللبناني مشيداً بمثابرته على العمل مع الفوج في التنظيم والإسعافات حتى في أعالي الجبال.
ووجّه ايضاً الشكر الى المدنيين على تعاونهم واندفاههم ومشاركتهم بالسباقات. وهنأ العسكريين على انضباطهم والنتائج التي حققوها. وشكر ختاماً الفريق المنظّم وكل المؤسسات الأهلية التي ساهمت في إنجاح الحدث، آملاً اللقاء بموعد جديد مع سباقات جديدة ومغامرات مميزة.
وفي إطار تقييمه السباق، يشير العقيد الركن روكز الى سعادة المشاركين وخصوصاً المدنيين منهم، لاجتياز هذا السباق الصعب. ويقول إنهم كانوا مرتاحين للتنظيم والمساعدات. وعلى الرغم من شعورهم بالتعب، فقد كانوا فخورين بما حققوه.
أما عن الصعوبات، فيقول: «نظراً الى اتساع مساحة السباق وكبر المسلك وعدد المشاركين، كان علينا متابعة كل التفاصيل بدقة ومسؤولية...».
ويعقّب الرائد صقر: «كان علينا ايضاً تأمين المستلزمات اللوجستية بمبلغ محدود، والتحكّم بالتوزيعات و«التشييك» على المسلك وإعلان النتائج بدقة وعدل، بالإضافة الى تأمين الهدايا والتقديمات والجوائز».

 

الفرق المشاركة
• رجال:
- عدد الفرق المشاركة: 201.
- عدد الفرق الواصلة: 129.


• إناث طويل:
- عدد الفرق المشاركة: 2.
- عدد الفرق الواصلة: 2.


• إناث قصير:
- عدد الفرق المشاركة: 11.
- عدد الفرق الواصلة: 8.


• المجموع العام:
- عدد الأشخاص المشاركين: 632.
- عسكريون: 414.
- مدنيون: 218.

 

أمّا الغش...
بطبيعة الحال، الغش في الحياة العسكرية ممنوع منعاً باتاً، وعقوباته وخيمة. لذا تمّ اعتبار الفرق الغاشة، مدنية كانت أم عسكرية، غير مؤهلة وخارج السباق (disqualifiés) بالإضافة الى معاقبة عناصر الفرق العسكرية في مراكز خدمتهم.

 

النتائج

تصنيف فرق الرجال (عسكريون)

توقيت

التصنيف

Jean Luc Duval

3.58.53

1

Alin Equoiffier

 

 

Guy Argoud

 

 

عمر الحوم

4.06.20

2

علاء الهباوي

 

 

محمود عبد القادر

 

 

عطية أبو حيدر

4.07.31

3

علي أبو بكر

 

 

أحمد عبدو

 

 

تصنيف فرق الرجال (مدنيون)

توقيت

التصنيف

أفديس قلبكليان

5.04.03

1

جورج صوايا

 

 

شكري نخول

 

 

جورج صالح

5.57.000

2

شربل صالح

 

 

أسعد الياس

 

 

طوني هليط

 

 

رفيق عيد

6.01.31

3

رافي شيرنيان

 

 

كريم طفنكجي

 

 

تصنيف فرق الإناث (طويل)

توقيت

التصنيف

سابين صوايا

7.37.40

1

تينا كوماتي

 

 

عزام جويس

 

 

إليان أبي شديد

8.23.50

2

دارين طربيه

 

 

مايا نخل

 

 

تصنيف فرق الإناث (قصير)

توقيت

التصنيف

رنا جبور

3.55.04

1

تانيا جحا

 

 

كرما الدنا

 

 

جويل قمر

4.00.38

2

مارلين غجر

 

 

نورا دياب

 

 

مايا بو نصار

4.15.20

3

وردة غبريال

 

 

سلام خليفة