في الميدان

«من يجرؤ...فلينضم»
إعداد: ندين البلعة

مغاوير البحر في دورة تدريبية جديدة ختامها مناورة

 

تابع عناصر فوج مغاوير البحر دورة تدريبية مع الفريق الأميركي «Jecet Team» (ضباط ورتباء وأفراد من «Navy Seals»). شملت برامج الدورة عدة معارف وتقنيات، واختتمت بمناورة طبق خلالها المتدربون ما اكتسبوه من معارف.

 

ثلاثة محاور
قائد الفوج العقيد الركن المغوار عبد الكريم هاشم يوضح أن الدورة ركزت على ثلاثة محاور:


• القنص، وهو في أساس مهمات الجيش، فهو سلاح كان في يد العدو يؤذينا ويكبّدنا خسائر، وإذا كان بحوزتنا نواجه به عدونا فنوقف تقدّمه وندعوه للحذر.


• القتال في الأماكن الآهلة، حيث تضطر القوات الخاصة إلى خوض هذا النوع من القتال، لذلك ينبغي أن يكون العسكري مهيئاً لذلك. فهذا النوع من القتال هو من أشرس وأصعب الأنواع، خلاله يواجه العسكري عدوه في مسافات قريبة جداً. والتدريب يركّز على تعزيز ردّات الفعل السريعة والجرأة على أخذ القرار المناسب في الوقت المناسب لدى العسكري: قرار صائب وحاسم وسريع.


• غطس قتال وتفجير تحت الماء وإزالة العوائق المائية، ويشكّل هذا المحور الاختصاص الفعلي لمغاوير البحر، خصوصاً عندما ينفّذون عمليات إبرار بواسطة مراكب إنزال كبيرة (Zodia)، أو مراكب صغيرة أو في حال التسلّل بحراً.
وأشار العقيد الركن هاشم إلى أن غطاسي القتال في الجيش اللبناني هم من أكثر العناصر المدرّبين في جيشنا وربما في جيوش العالم. فهذه المهمة هي أخطر المهمات وأصعبها وتتطلب مواصفات عالية ومتابعة دورات كثيرة.

 

جولة شاملة
الرائد جوني عقل (رئيس قسم التوجيه في فوج مغاوير البحر، ومدير دورة القنص والقتال في الأماكن الآهلة)، أوضح لنا أن التدريبات تمّت بالاسلحة الأميركية من عيار 5.56 و7.26 وصولاً إلى عيارات مرتفعة 12.7 ملم.
الملازم الأول شبيب أبي خرس الذي تابع هذه الدورة، يجد أن مدة أسبوع في هذا المجال لا تكفي، «نحتاج إلى احتراف وتركيز ودورات عديدة تكسبنا المهارات اللازمة». ومن أبرز ما اكتسبه في هذه الدورة، التأقلم مع العتاد الأميركي ومعرفة المواصفات اللازمة للقناص. «ولقد تعلمنا أن رصاصة القناص يجب أن تكون فعّالة ودقيقة ومباشرة. وعليه أن يتعلم الإنتظار والصبر والتحمّل والمراقبة، ويتحلّى بالذكاء والشجاعة».
يؤيده بالرأي المؤهل الأول جورج بو صعب (مدرّب ورتيب دورة القناص)، «فالقناص هو اليد الطولى للقوات الخاصة». وفي الكثير من المهمات يكون العنصر الحاسم، بإمكانه توقيف كتيبة بكاملها وهو في حالة الدفاع.
الاجهزة المتطورة تسهّل مهمة القناص وتسرّعها برأي المؤهل الأول بو صعب، و«عناصرنا لديهم كفاءة عالية ولكن يبقى أن نزود العتاد اللازم من مناظير للمراقبة وأجهزة قياس المسافات والزوايا وسرعة الريح والضغط الجوي والحرارة، واجهزة تحديد الموقع».

 

القتال في الأماكن الآهلة
يتابع الرائد عقل الحديث عن الدورات، وينتقل إلى القتال في الأماكن الآهلة: «بنينا منزلاً من خشب من 8 غرف للتدريب، واختبرنا مراحل القتال في الأماكن الآهلة من التخطيط وحتى التنفيذ. وقد أضاف الأميركيون إلى معارفنا كيفية دهم أرضية المبنى والانتقال بين الطوابق».
الملازم الأول حسين الساعي، مشرف على دورة القتال بالأماكن الآهلة ومترجم، لفت إلى أن هذه الدورة مع الأميركيين مشابهة للدورات التي يتابعونها في الفوج مع فارق في التقنيات. ويتابع: «لا قاعدة للقتال في الأماكن الآهلة بل يتم تقدير الوضع والتعامل معه. والتدريب يطوّر تقنية القتال لدى العنصر وينمّي لديه القدرة على التأقلم مع الوضع المستجد والسرعة في ردة الفعل».
الرقيب الأول محمد سلهب، الذي تابع هذه الدورة، يقول بدوره: «نحتاج إلى الشجاعة واللياقة البدنية والثقة بالنفس. وقد استخدمنا الذخيرة المطاطية Paint Ball والأخيرة الحية في التدريب».
والأهم في هذا التدريب أن العناصر مارسوا دهم الأماكن تحت ضغط الجهد والتعب الجسدي لتنمو قدرتهم على التركيز الدائم، فهذا ما يحتاجون إليه في المعركة.

 

الضفادع البشرية
من جهته يتحدث الرائد فادي مخول (مدير دورة غطاس قتال) عن مبادئ فتح ثغرات في أثناء الإبرار وهي مهمة غطاسي القتال.
«عمليات الإبرار تتم عادة على شواطئ رملية تكون محمية بحواجز كثيرة (حديد، باطون، ألغام بحرية ومتفجرات).
لذا يجب فتح ثغرات في هذه الحواجز لكي تستطيع قوى الإنزال التقدم ودخول الشاطئ.
هذه المهمة ينفّذها غطاسو القتال والبعض يسمونهم «الضفادع البشرية»، يتقدّمون ويتسلّلون تحت الماء ويفتحون الثغرات ويزيلون العوائق.
المؤهل روبير قرعان الذي تابع دورة غطاس قتال يوضح: «على غطاس القتال أن يكون خبيراً بالذخائر والتفجير تحت الماء حتى يزيل العوائق التي تؤخر تقدّم قواته، ويشكّل رأس جسر للقوى الصديقة».
ويضيف: «الصعوبات التي نواجهها سببها كثرة العتاد وثقله. فبالإضافة إلى عتاد الغطس، هناك عتاد التفجير والسلاح... وهذا يصعّب تنقلنا تحت الماء. بالإضافة إلى المشاكل الصحية التي يمكن أن تظهر لدى العنصر تحت الماء. ولا ننسى أن استعمال جهاز غطس القتال أمر دقيق، فأي خطأ يعرّض الفريق للموت أو الخطر. من هنا نتدرّب على الحالات كافة لكي لا نفاجأ بأي طارئ».

 

مع الأميركيين
تلقّي التدريب من فريق أجنبي لا يشكّل عائقاً للعسكريين، وقائد الفوج يقول: «لا وجود لصعوبات في هذا المجال، فعسكرنا منضبط ويتبع التعليمات وقد عيّنا ضباطاً هم حلقة الوصل بين العسكر والفريق الأميركي.
من جهة أخرى، تتم التدريبات بحسب المستوى الذي نحدّده نحن من خلال تخطيط وإجتماعات مسبقة مع مفرزة سبّاقة من الفريق الأميركي، وبموافقة من قيادة الجيش».
Lieutnant Josh King المسؤول عن الفريق الأميركي يشرح أنه بالإضافة إلى القنص والقتال في الأماكن الأهلة وغطس القتال، شملت التدريبات دروساً نظرية في الاسعافات الأولية مع بعض التطبيقات.
وأضاف: «نعلّمهم كيفية الاهتمام بأنفسهم للحفاظ على سلامتهم وكيفية مداواة أنفسهم بالأشياء البسيطة للبقاء على قيد الحياة لحين الوصول إلى مكان العناية اللازمة».
وعن الصعوبات، يشير King إلى «وجود الكثير من العناصر الجدد الذين لا يملكون خبرة في هذا الموضوع، ما يحتّم علينا التعليم ببطء ولكن هذا شيء طبيعي.
أما إذا تعمّقنا بالفارق بين الجيش اللبناني والجيش الأميركي، نجد الكثير من التشابه مع فارق بالخبرة والتاريخ الطويل والمعدات المتطورة».
وقد أبدى الأميركيون سرورهم من التنظيم والتعاون واندفاع الفريق اللبناني للتدرّب وتعلّم التقنيات الجديدة. ولم يخفوا إعجابهم بطبيعة لبنان وبحره الرائع.


مناورة متكاملة
يوم الخميس 19/11/2009 كان الموعد مع الحدث الأهم: المناورة، التي نفّذت بحضور القائم بأعمال السفارة الأميركية في لبنان السيد توماس دوغتون، على رأس وفد من السفارة، العميد الركن جورج شريم رئيس الغرفة العسكرية لدى وزارة الدفاع الوطني، ضباط من قطع عسكرية مختلفة، وقائد وضباط فوج مغاوير البحر.
في البداية قدّم الرائد فادي مخوّل شرحاً مفصلاً عن المناورة مع عرض مصوّر عن تفاصيلها ومكان تطبيقها. انتقل بعدها الحضور إلى سطح أحد مباني الثكنة، وشخصَت العيون نحو البحر حيث تقدّم عناصر من الفوج يطلقون النار (ذخيرة حيّة) على مواقع احتلّها العدو داخل الثكنة (افتراضياً).
من بعيد، كانت مراكب الـ «Zodiac» تتقدّم في البحر ببطء. وفجأةً، دوّى صوت إنفجارات في الماء، وظهرت قنابل مائية علَت في الجو كالنوافير. تابع العناصر تقدّمهم، أزالوا العوائق، ونفّذوا عمليات الابرار والدهم، وكل ما تدرّبوا عليه، وسط اعجاب الحاضرين بالاداء العالي والحرفية للعسكريين.
في الختام انتقل قائد الفوج وضيوفه إلى نادي الضباط حيث تمّ توزيع الشهادات، وتقديم دروع تقديرية للفريق الأميركي، وكلمة اخيرة لقائد الفوج: «من يجرؤ فلينضم».

 

مظليون
أفصح العقيد الركن عبد الكريم هاشم قائد فوج مغاوير البحر عن مشروع إنشاء مجموعة مظليين في الفوج وهي مجموعة فريدة من نوعها في الجيش اللبناني. وهذا المشروع يدخل في إطار التدريبات والتحسينات التي تتم على مستوى الجيش بدعم مطلق من قائد الجيش.