سينما

«وهلأ لوين» يواصل رحلة نجاحه عدة جوائز والإقبال الكثيف مستمر في الصالات
إعداد: ريما سليم ضوميط

من مهرجان تورنتو السينمائي الى مهرجان الدوحة ومن بعدها أوسلو – النروج، رحلة نجاح للفيلم اللبناني «وهلأ لوين» للمخرجة نادين لبكي حصد خلالها ثلاث جوائز، إضافة الى «جائزة فرنسوا شاليه 2011» التي نالها في مهرجان «كان» عن فئة «أفضل فيلم روائي طويل»، و«تنويه» من لجنة تحكيم جائزة أوكومينيك. كما تمّ ترشح الفيلم رسميًا ليمثل لبنان العام المقبل في مسابقة الأوسكار الأوسكار الأميركية جائزة أفضل فيلم بلغة أجنبية.

 

من السلام... الى الحرب
يحكي الفيلم، الذي تلعب فيه نادين لبكي دور البطولة، عن قرية لبنانية نائية يعيش فيها المسيحيون والمسلمون بسلام في ما بينهم، الى أن تبدأ أخبار الحرب الطائفية في البلاد بشحن الرجال ضد بعضهم البعض، مهدّدة بإلغاء التعايش وإحلال العنف الطائفي مكانه.
تقوم النساء في القرية بكل ما في وسعهنّ لثني الرجال عن حمل السلاح والتقاتل، فتخفي إحدى الأمهات جثة إبنها الذي قتل خلال أعمال عنف طائفية خارج القرية، وتطلق النار على إبنها الآخر في رجله لمنعه من الانتقام. كذلك تستفيد النساء من تعطّل حافلة تنقل راقصات أوكرانيات لاستضافتهن في القرية وإلهاء الرجال عن الحرب. وفي النهاية، تعتنق كل نساء القرية المسيحيات الدين الاسلامي ويلبسن الحجاب، فيما تتحول المسلمات الى الدين المسيحي وينزعن حجابهن، فيواجهن بهذه الطريقة رفض رجالهن «للآخر» من خلال إجبارهم على قبوله داخل العائلة مما يسهَل عملية قبوله في المجتمع.
يبرز السؤال الذي يطرحه عنوان الفيلم: «وهلأ لوين» حين يحاول سكان القرية دفن فتى قتل برصاصة قناص فيحتارون في اختيار مكان دفنه: مقبرة إسلامية أم مسيحية؟
ويلخّص السؤال الحيرة التي تنتاب اللبنانيين حين يفكرون في مستقبل بلدهم ومجتمعهم والأجيال الجديدة التي تولد، لتجد نفسها في مجتمع مبني على توازنات طائفية دقيقة، وعرضة للانهيار مع انهيار اي «طوبة» في البنيان الاجتماعي.

 

إنقاذ لبنان الحلم
فيلم «وهلأ لوين» هو محاولة لإنقاذ «لبنان الحلم» او «الفكرة» الذي يبتعد اكثر فأكثر عن لبنان الواقع. هذا ما أكدته المخرجة اللبنانية نادين لبكي في أحاديث صحافية عقب تسلّمها جائزة تصويت الجمهور في مهرجان تورنتو، مشيرة إلى أنها تستمر بالإيمان «بسذاجة» بأن هناك طريقة بديلة للعيش من دون عبثية الحروب وكراهية الآخر...
وفي حديث لـ«وكالة فرانس برس»، قالـت لبكي إن «العمل أشبه بقصة خرافية، وهـذا امر متعمد. كأنني اخبـر طفـلاً عـن قريـة مثاليـة تمكنت من الحفاظ على السلام بين اهلها على الرغم من كل العنف الذي يحيط بها».

 

من المرأة... الى الحرب
مـا بيـن فيلمهـا الأول «سكـر بنـات» وفيلـم «وهـلأ لويـن؟»، تنتقـل لبكـي من عالـم النسـاء والتحديات التي تواجههن الى حكاية الحرب والسلم والطوائف والأديان، يجمع بينهمـا وجود المرأة في مركز الدائرة وفـي مركـز الفعـل.
عن سبب إخراجها فيلمها الاول «سكر بنات» الذي يتطرق لحياة اربع نساء يواجهن صعوبات حياتهن و«التابوهات» المجتمعية، قبل فيلم «وهلأ لوين»، قالت لبكي في أحاديث صحافية أن فيلمهـا الاول الـذي سطــع بفضله نجمها عالميًا، كتبته «في فترة شعرنا فيها أن الحرب اصبحت وراءنا... اعتقدت حينها أنه من غير الممكن ان يدخل لبنان في حـرب جديـدة وأنـنا نعيـش فـي سـلام. كنت أفكر بالنساء، ربما بشيء من الأنانية. وبعد اسبوع من الانتهاء من تصوير الفيلم، بدأت حرب 2006 في لبنـان، فشعـرت بالحاجـة إلى إبراز صورة الحرب والصراع في لبنان».
وتؤكد: «بعد أن انتهيت من فيلـم «سكـر بنـات»، اشتعلـت الحـرب مـرة أخــرى، وشعــرت إلى حـد مـا بالسطحيـة عنـد الحديـث عـن النســـاء ونحـن في خضـم الحرب. وفـي أيـار 2008 وبعــد عاميـن، أصبحنـــا فـي حـرب مجددًا...».
وأضافـت بقولهـا: «أفضـل أن أكـون ساذجـة، وأحاول أن أغيـر شيئـاً مـا على طريقتـي. أردت أن ألفـت نظـر الجميـع إلى سخافـة هـذه الصراعــات، والتـي لا تقتصــر علـى لبنـان وحـده. بـات الخــوف سيـد الموقـف والجميـع يتوجـس مـن الآخر، وأردت أن أسأل عن السبب فـي ذلك. رغبت بالحلم بعالم أفضل واستكشـاف أسلـوب مختلـف في التفكير...».

نادين لبكي هي مخرجة وممثلة لبنانية، من مواليد بعبدات 1974. متزوجة من المؤلف الموسيقي خالد مزنر. بدأت حياتها العملية بإخراج الفيديو كليب لعدد كبير من الفنانين اللبنانيين.
أول فيلم سينمائي طويل لها كان «سكر بنات» الذي حقّق نجاحًا باهرًا لم يسبق له مثيل في السينما اللبنانية، فقد حصد الكثير من الجوائز وشارك في مهرجان «كانّ» الفرنسي الضخم العام 2007 قبل أن يُوَزَّع على عشرات الدول الأوروبية.
وفاز فيلمها الثاني «وهلأ لوين» بعدة جوائز هي:
- جائزة الجمهور في «مهرجان أوسلو» في النرويج. وشاركت لبكي بصفتها ضيفة ضمن فئة «أفلام من الجنوب».
- جائزة اختيار الجمهور في مهرجان تورونتو السينمائي الدولي.
- جائزة اختيار الجمهور في مهرجان الدوحة السينمائي.
وكانت لبكي قد نالت في ختام مهرجان نامور السينمائي في بلجيكا جوائز عن فيلمها «وهلأ لوين» هي: البيارد الذهبي لأفضل فيلم، البيارد الذهبي لممثلات الفيلم، جائزة لجنة التحكيم.
كما أن الفيلم الذي عرض للمرة الأولى في مهرجان «كان» في وقت سابق هذا العام، هو المرشح الرسمي عن لبنان لجائزة أفضل فيلم أجنبي في جوائز الأكاديمية الأميركية للعام المقبل.
يذكر أن الفيلم لا يزال يحقق إقبالًا كبيراً في صالات السينما اللبنانية، ويحصد تعليقات إيجابية من قبل النقاد.

 

نادين الممثلة
إضافة الى مهارتها في الإخراج تعتبر نادين لبكي من الممثلات البارعات التي تعبر بعفوية وصدق أمام الكاميرا. من بين الأدوار التي لعبتها نذكر:
- دور «علياء» في فيلم «البوسطة» لفيليب عرقنجي.
- دور «ليال» في فيلمها «سكر بنات».
- دور «نهى» في فيلم «رصاصة طايشة» لجورج الهاشم.
- دور «أمال» في فيلمها «وهلأ لوين؟».