متفرقات ثقافية

«وُلد في لبنان» الابداع اللبناني من خلال 16 شخصية توهجت عالمياً
إعداد: جان دارك أبي ياغي

من المسلّم به ان لا معنى لوجود اي وطن، ولا ضمانة لاستمرار كيانه، ولا صيانة له بدون وعي عميق وفهم صحيح للمقومات الأساسية التي تشكل قاعدة الوجود والكيان، وهذه المقومات هي: الأرض، والشعب، والتراث.
ونظراً الى أهمية التراث في تكوين هوية الوطن والمواطن، وفي حفظ ذاكرته التاريخية واستمرارها، تأسست «المؤسسة الوطنية للتراث» التي أحيت هذا العام أيضاً، وعلى غرار كل عام، اسبوع التراث بعنوان «ولد في لبنان» برعاية وزير الثقافة الدكتور طارق متري وبحضور رئيسة المؤسسة السيدة منى الهراوي والأعضاء وحشد من المهتمين بالتراث، وذلك في مبنى «كوكب الاكتشاف» في وسط بيروت.

 

صور وكلمات

ضمّ المعرض مسيرة 16 شخصية لبنانية، حقق أصحابها نجاحاً بارزاً في العالم، علّ الحدث يعطي الطلاب والشباب جرعة تفاؤل بالمستقبل وأملاً لتحقيق إنجاز يراود أحلامهم.
في قاعات «كوكب الاكتشافات» توزعت عدة أجنحة تصدرتها صور ضخمة لسيدات ورجال لبنانيين كبار أصبحوا من المشاهير في دنيا الأعمال والفنون والآداب والعلوم، وتملأ أخبارهم الصحف والمجلات العالمية، وساهمت عطاءاتهم، كل في مجاله، في رفع اسم لبنان في الخارج وفي نهضة وطنهم وضخ العافية في كيانه. على المنصات توزّعت لهؤلاء صور بالألوان، وبالأسود والأبيض، من أيام الطفولة والشباب وفي العمل ودنيا الاغتراب، ونماذج عن انجازاتهم واختراعاتهم وابتكاراتهم وكتابات ونصوص عن حياتهم ومغامراتهم: في جناح، بيانو عبد الرحمن الباشا، السيارة البيئية والساعة اللتان صمّمهما نيكولا حايك، مضخة البروفسور مايكل دبغي لعمل القلب والرئتين خلال عمليات القلب المفتوح، وفي آخر، مشاهد من افلام انتجها ماريو قصّار، مؤلفات أمين معلوف، مجسّم سفينة جاك سعادة، وغيرها كثير.

 

من لبنان... الى العالم

تتنوع الشخصيات المختارة التي ولدت في لبنان وشعّت في العالم، من فيروز الى عبد الرحمن الباشا ومايكل دبغي وماريو قصّار وسواهم. والذين اختارهم المعرض وكرّمهم هم:
* ماريو قصّار: منتج سينمائي اقتحم أبواب هوليوود وأسس شركة «كارولوكو». حققت أفلامه نجاحات كبيرة مثل سلسلة «رامبو» مع سيلفستر ستالون، و«المدمر» مع أرنولد شوارزنغر و«غريزة أساسية» مع شارون ستون التي أطلقها وثبت شهرتها. حازت بعض أفلامه عدة أوسكارات وحققت ارباحاً خيالية تعدت الملياري دولار.
* كايسي قاسم: مذيع الراديو ومنسق الأغاني الأكثر شعبية في الولايات المتحدة، وواضع أسس بورصة الأغاني في العالم، يملك نجمة باسمه في شارع المشاهير في هوليوود وحائز أكثر من 50 وساماً وجائزة.
* مايكل دبغي: نبوغه المبكر جعل منه أول من وضع أسس عمليات القلب المفتوح، وهو أول من أجرى جراحة لفتح شريان مسدود العام 1953، وفي رصيده 6000 عملية منها واحدة للرئيس الروسي السابق بوريس يلتسين.
* كارلوس غصن: لقبه «المدير المعجزة»، اختارته مجلة «فورتشن» بين أهم عشرة رجال أعمال في العالم. أنقذ شركة «نيسان» للسيارات من الإفلاس، ويتولى حالياً رئاستها ورئاسة شركة «رينو» الفرنسية.
* عبد الرحمن الباشا: عازف بيانو عالمي، في السادسة من عمره عزف للمرة الأولى تلقائياً، وفي العاشرة قدّم حفله الموسيقي الأول برفقة اوركسترا كاملة، انتزع المرتبة الأولى بين 80 عازفاً عالمياً في أصعب جائزة عالمية واكبرها هي جائزة الملكة اليزابيت في بروكسيل العام 1978، وله 40 مقطوعة من مؤلفاته الموسيقية.
* نيكولا حايك: صناعي، أنقذ صناعة الساعات السويسرية من الانهيار واخترع ساعة «سواتش» ونال وسام المنقذ الاقتصادي، واخترع بالتعاون مع شركة «مرسيدس» سيارة «سمارت» البيئية.
* راي ديراني: باحث وعالم، تمكن من اكتساب 150 براءة اختراح لمنتجات مركبات التنظيف ومبيدات الحشرات، يترأس احدى أهم الشركات في العالم «اوكسيدنتال بتروليوم».
* أمين معلوف: صحافي وكاتب يعتبر واحداً من رواد الرواية التاريخية، حاز العام 1993 جائزة «غونكور» وهي أرفع جائزة أدبية في فرنسا.
* إيلي صعب: مصمّم أزياء تخطت شهرته حدود العالم العربي. تتهافت نجمات هوليوود على ارتداء تصاميمه، وتباع مجموعته للألبسة الجاهزة في أكثر من 70 بلداً.
* جاك سعاده: صاحب شركة الشحن البحرية الرقم واحد في فرنسا والثانية عالمياً، وهي تضم 11 ألف موظف.
* روني صيقلي: أول لبناني يلعب ويحقق بطولات في دوري الاتحاد القومي لكرة السلة "NBA"، واجه مايكل جوردان وماجيك جونسون وغيرهما من كبار اللاعبين في العالم.
* غبريال يارد: موسيقي مبدع في مجال الأفلام، وفي رصيده موسيقى لأكثر من 60 فيلماً، نال جوائز عالمية أهمها الأوسكار عن فيلم «المريض الانكليزي» العام 1998.
* وليم صوايا: تشكل تصاميمه للأثاث المنزلي والقطع الفنية متعة للعين لما تحمله من نظرة عصرية وتمايز. فاز أكثر من مرة في مسابقات نظمتها لجنة «الفيفا» بتصميمه لكأس مباريات بطولة العالم للسيدات في كرة القدم وكأس بطولة العالم للأندية الأبطال في كرة القدم، واحتلت تصاميمه متاحف الاتحاد الدولي لكرة القدم وتعرض في أكثر من 70 متحفاً حول العالم.
* ك - مارو: من أشهر مغني الراب العالميين، نال جائزة ميوزيك اوارد عن أفضل أغنية «هيب هوب»، وفي رصيده عشر اسطوانات ذهبية. يطلق في الخريف المقبل مجموعة أزياء خاصة به تحت اسم «بعلبك».
* فيروز: سفيرتنا الى النجوم، غنت على أكثر مسارح العالم شهرة. خمسون عاماً من العطاء حصيلتها 16 عملاً مسرحياً وثلاثة أفلام وعدد لا يحصى من الأغنيات الرائعة، وجوائز تقدير وتكريم عالمية.
* ماهر عطار: مصور فوتوغرافي احتلت صوره أهم الصحف والمجلات العالمية مثل «نيويورك تايمز» و«لو فيغارو» و«التايم». لاحقت عدساته كبار الشخصيات ودخلت الى لحظات حميمة من حياتهم.

 

جوزف ابي ضاهر في: «قبل ما يفلّ الزهر»

وقّع الشاعر الفنان جوزف ابي ضاهر كتابه الجديد «قبل ما يفلّ الزهر» في القاعة الثقافية لدير مار الياس - انطلياس، بدعوة من الحركة الثقافية - انطلياس. وللمناسبة أقيمت ندوة حول الكتاب شارك فيها امين الشؤون الداخلية في الحركة حنا ابي حبيب، سهيل مطر، والشاعران هنري زغيب وعصام العبدالله.
عريفة الندوة الزميلة ندى عيد استهلت اللقاء بكلمة جاء فيها:
«قبل ما يفلّ الزهر... ولوين بدو يفلّ، ما الاحبا بعدن شي واصلين وقناديلن ملياني زيت وقلوبهم معبايي لهفة، ليلتقوا بالمولود الجديد... قبل ما يفلّ الزهر... وكيف بدو يفلّ وجوزف ابي ضاهر عمّرلو جنينة قصايد مسورة بالكلمة المقطوفة قطف، والصورة الرمزية اللي بتلمع مثل البرق...».
الاستاذ حنا أبي حبيب قال:
«ديوان يهجم عليك دفعة واحدة، تظن إنك قادر على اخذه بيسر، فيفلت منك، يغويك بسحر حروفه وغنج كلماته، ولكن حذار ان تمس شرف العطر الطالع منه، تنشّقه ولا تحاولنّ حصره في وعاء، فعبقه اوسع من ان يملأ في الخوابي، او ان يعطر به وجه الضياء...».
الشاعر هنري زغيب قال:
«في سيرتي الذاتية، هو يحتل ضوءاً بهياً آتياً من الشعر، ورفقة عمر هي بين الأغلى في نسيج العمر. جوزف ابي ضاهر اخي غير الشقيق... من زمان تتوأمت معه، منذ المطالع الأولى، منذ القدرات الصغيرة والاحلام الكبيرة... جديده اليوم قبل ما يفلّ الزهر، يأتي من مكان جديد، من مكان آخر، من فجر مغاير لغد مفاجئ، لا هو في الغزل ولا هو في المألوف مما يخطر في بال».

بدوره قال الاستاذ سهيل مطر عن ابي ضاهر:
«... يجمع كلماته من حرج حريصا، حيث للحبق والزعتر حكايات واسرار، ويختلسها من افواه العصافير والفراشات والأطفال، يلملمها من بقايا منزل جده العتيق وذيل فستان امه العابق بالطهر والفقر...  هنيئاً له بالحرية، هنيئاً له قدرته على التفلت من السجون... يكتب كما لو كان خارج القيود وخارج مفاسد الزمن».
وفي كلمة الشاعر عصام العبدالله جاء:
«هذا شاعر عنيد، يدير ظهره للمدنية ويرمي كلامه على الجبل. يرمي كلامه على البستان ويهتم بالفصول... بالعربية الفصحى وباختصار مبين يركب القصيدة القصيرة ويسيجها بالزعفران البري. وبالمحكية الأليفة يستدخل النهر والسماء والشجر وكل ما هب ودب في دروب المخيلة النشطة التي تذهب سريعاً ومباشرة لتستخرج لؤلؤة القول من النثر الكثير...».
الكلمة الاخيرة كانت للشاعر ابي ضاهر، ومنها:
«طلوع الفجر، ركضت تلمّ الزّهر. نقّت الزهرة الأحلى، خبّتا ب دفترا الأبيض، وشدّت ب قلبا ع الدفتر. عينيا ع الروزنامه، ما بدّا يفلّ آخر يوم من نوّار، ما بدّا يفلّ الزّهر.
ه الايام عم تجرّا خيل البشاعه، وبالهودج قاعد جلاد أعور، مخيّط للعين اللي ب يقشع فيا بردايه سودا. والقبيله فرحانه ل صوات دعسات الراكضين خلفو، وعم يحوربو ويلمّو الغبار، يعبّو الكياس لايام الصحو.
أف... لو فلشو حالن ع الأرض بتصير الأرض صحرا، رمل عم يغلّف رمل، لا زهر، لا طير، لا نهر، حتى ولا غيمه ب السما بيربطا ولد ب خيط، وبيعملا طيارة ورق ملوّن...
... قبل ما يتركا ويفلّ قلاّ:
«ضلك ازرعي زهر، تَ ما يجي يوم وانتي تفلّي... وكل ما كبر الزرع بتهرب البشاعة، بيشفو المنصابين فيا، بيقلّ الرمل ب الارض، بتضيق مساحة الصحرا».

 

جدلية الشعر المنبري في «مِنَصَّة» هنري زغيب

وقَّع الشاعر هنري زغيب في دار نقابة الصحافة اللبنانية على مجموعته الشعرية الجديدة «منصّة»، وهي الجزء التاسع من المجموعة الشعرية الكاملة التي تصدرها له تباعاً «دار ديناميك غرافيك». وحضر اللقاء ممثل قائد الجيش وعدد من الشعراء والأدباء والصحافيين والإعلاميين والأكاديميين والأصدقاء.
وهذا الجزء التاسع يأتي بعد ثمانية سبقته. هي: «أنتِ... ولتنتهِ الدنيا» (2001)، «إيقاعات» (طبعة ثانية 2002)، «حميميات» (2003)، «سمفونيا السقوط والغفران» (طبعة ثانية 2004)، «من حوار البحر والريح» (طبعة ثانية 2004)، «صديقة البحر» (طبعة ثانية 2005)، «قصائد حب في الزمن الممنوع» (باللغتين العربية والإنكليزية، طبعة ثانية 2005)، و«تقاسيم على إيقاع وجهكِ» (2005).
المجموعة الجديدة «منصَّة» تتضمن مقدمة عن القصيدة المنبرية: مناسباتها، ظروف كتابتها، عناصر ديمومتها بعد انقضاء المناسبة التي قيلت فيها، مع تفاصيل أخرى عن الشعر وجوهره منبرياً وكتابياً.
وعن سؤال الشاعر في مقدمة المجموعة: «أية قصيدة منبرية؟ وأية مناسبة؟ هل قدَرُ القصيدة المنبرية أن تنطوي مع انتهاء إلقائها على المنبر؟ وهل كلُّ مناسبة منبرية يذوي حضورُها مع انصراف الحضور من أمام المنصة»؟ يجيب: «من بداهة الأمور أن يصعب الشاعر في اختيار المناسبة التي يرضى الاشتراك في الوقوف على منبرها، فلا يقبل بأية مناسبة ويكتب فيها قصيدة جديدة خاصة. ما كلّ مناسبة جديرة بشرف أن تقال فيها قصيدة. معيار هذه الانتقائية أن ترتفع المناسبة الى مستوى الشعر، لا أن يندرج الشعر في سياق المناسبة أياً تكن وأنى تكُن. ب «المناسبة» أعني الشخص المكرَّم أو الذكرى المحتفى بها. وب «رفع المناسبة الى مستوى الشعر»، لا أعني التقليل من أهمية المناسبة بل أن يجعل الشاعر المناسبة جديرة للدخول في حُرمَة القصيدة وفي تاريخه الشعري. فرُبَّ مناسبة لتكريم عظيم أو ذكرى غالية، يكون الشاعر دونها فيستغلّها لبروزه لا لإبرازها، وتأتي قصيدته تمجيداً مجانياً مدحياً دون مستوى الشعر الذي من شأنه أن يُخلّد المناسبة وتالياً صاحبها أو ظرفها. رُبّ مناسبة دون شرف الشعر، ورُبّ قصيدة دون مستوى المناسبة. حسبي، في هذه المجموعة، أن أقول إنّ قصيدة المناسبة - حين هي في الشعر - لا تنطوي مع انتهاء إلقائها على المنبر وانقضاء المناسبة بل يؤلّقُها الشعر الى الآتي في الزمان. وهنا عبقرية الشعر. وأستغفر الشعر إن كنتُ، على منصَّة، أسأتُ إليه ب «استدراجه» الى حيثما لا يليق به».
في الكتاب 14 قصيدة جديدة ألقاها هنري زغيب على منصات عديدة: في الأردن (الشاعر والكلمات)، وبيروت (مئوية كرم ملحم كرم)، وزحلة (مهرجان الشعر، وذكرى رياض المعلوف)، وأبو ظبي (أسبوع جبران)، وبعقلين (مهرجان أمين تقي الدين)، وجونية (أرزة في البحر)، وأعياد الجيش في لبنان (دويُّكَ الصمت)، وصيدا (فاتحة الى شعب فلسطين في الذكرى الخمسين للنكبة)، والسويداء - سوريا (شباك عريقة)، أو غنَّتها أصوات: ماجدة الرومي (قانا)، هبة القوَّاس (ذاكرة المستقبل، مُدَّ لي يديك)، جوليا بطرس (يا أيها الكبار).

 

لقاء حول مطر حزيران لجبور الدويهي

أقامت الحركة الثقافية - انطلياس ندوة حول رواية «مطر حزيران» لجبور الدويهي. ادار الندوة الدكتور انطوان سيف وشارك فيها الدكاترة بطرس لبكي، سامي سويدان، مصباح الصمد وملحم شاوول.
سيف رحب بالحضور وتناول تكوّن الوعي عند الدويهي وهو طفل، وقال ان الدويهي حسم ازدواجية الرواية - التاريخ من غير ان يقصي احدهما.
ثم تحدث الدكتور بطرس لبكي الذي تناول قدرة الكاتب على وصف الحالات والاشياء والاشخاص.
من جهته قدم الدكتور سامي سويدان قراءة في نص الرواية، مركزاً على ما يرويه النص، ومن يرويه، وكيف يرويه، ولماذا يرويه على هذا النحو.
مداخلة الدكتور مصباح الصمد كانت بعنوان «الرواية ودلالة المصطلح» لافتاً الى المصطلح كظاهرة لغوية في رواية الدويهي، والى غناه وعمقه وقدرته على استخراج معان جديدة.
المداخلة الاخيرة كانت للدكتور ملحم شاوول الذي تحدث عن مشهدين في الرواية (الأول والأخير) هما الأكثر تعبيراً عن الدراما المعاشة.
اشارة الى انه تخللت اللقاء قراءات في الكتاب للدكتور انطوان سيف.