كلمات

آفة بحاجة الى استئصال

العميد الركن الياس فرحات

آفة بحاجة الى استئصال

لا يختلف اثنان في كون المخدرات آفة إنسانية واجتماعية وصحية يجب استئصالها, فهي مضرّة بالجسد, وتؤدي الى ضعف وظائف مختلف أعضائه خصوصاً الدماغ. كما أن مرض الإدمان يحفز من أصيب به لطلب المزيد من هذه المادة الضارة, وهذا ما يؤدي الى المزيد من الأضرار في الجسم والعقل, فيوصل الى الهزال وبالتالي الى الوفاة.

كم من شاب وشابة ماتوا بسبب إصابتهم بهذا الداء؟ كم من عائلة تفككت وبيوت ضربت بسبب هذا الداء؟ لكن الجميع يعلم كيف يتم الترويج للمخدرات وبيعها من المدمنين, وترغيب الشباب وشدهم إليها, بحيث أنهم يتباهون بتعاطيها ويدعون إليها الرفاق والأحباب. المجرمون الأساسيون هم الذين يجنون الأرباح الطائلة من جراء بيع هذه السموم للشباب والأطفال. إنهم أحقر أنواع البشر, ليس عندهم ضمير أو وازع أخلاقي إنساني, يتجرأون على بيع السموم لقتل الناس, والتسبب بموتهم البطيء تحت ستار نشوة وهمية كاذبة. والمروجون هم الكبار والصغار, الكبار يبيعون بالجملة والصغار بالمفرّق, والجميع يرتكب جريمة أخلاقية كبرى.
نبتة فتّاكة تنتقل من المزارع الى الصانع الى المروّج التاجر الذي يجني الأرباح المغرية. صحيح أن المال ضروري في حياة البشر, لكنّ لجنيه وتحصيله طرقاً مستقيمة, طرقاً لا تؤذي الغير ولا تخالف القوانين.

بعد كل هذا, ألا يعتبر ما قام به الجيش وقوى الأمن الداخلي من مداهمات للقبض على مزارعي المخدرات ومصنّعيها ومروّجيها عملاً أخلاقياً يهدف الى خدمة الفرد والمجتمع والوطن؟ ألا تعتبر هذه المهمات إنسانية سامية ذات أهداف أخلاقية؟ أليست الوطنية هي في الحفاظ على الوطن وأبنائه من الشرور, والمخدرات هي في طليعة تلك الشرور؟

نعم, سلمت يد كل عسكري أسهم في هذه الحملة لأنه يسعى لسلامة المجتمع. نعم, عافاه الله وبارك جهوده وتضحياته للقبض على المجرمين الأنذال الذين يبيعون بضاعة الموت. نعم, فلتكن وقفة أخلاقية منا جميعاً لرفض ظاهرة المخدرات وتبريراتها, ولنتذكر أن الأديان حرمت تعاطيها والإتجار بها, واعتبرت كل من يعمل بها مجرماً مذنباً بحق نفسه أولاً, وبحق أهله وذويه ثانياً, وبحق مجتمعه ثالثاً, وبحق وطنه رابعاً. يجب قمع المتعاطي, وعلاجه بالتالي في المصحات وبواسطة الأدوية, لاستعادة عافيته وتقوية إرادته للتخلص من هذا الوباء القاتل. أما من يروج لهذه المادة الفتّاكة فيجب ملاحقته وتضييق القوانين بحقه حمايةً للشباب وللمجتمع وللوطن. قبل التعاطي والترويج هناك من يصنع المخدرات, نعم هناك من يصنع سموم الموت وأسباب الهلاك.

إنه المجرم الكبير الذي لا يبرر جريمته أي عذر أو اعتبار. فلا يجوز أن نصنع المخدرات لكسب المال وجني الأرباح لأن مردود هذا المال هو الهلاك, ولا يمكن لأحد أن يقبل الحجة السخيفة بأنّ من يصنع المخدرات ويروّجها ليس كمن يتعاطاها, أو من يهرّبها ويبيعها لشعوب معادية كي تهلكها. بئس حجة أقبح من ذنب, وما هو خطأ الشعوب كي تتلقى هذه الآفة كائنة ما كانت قياداتها؟ إنها حجة غير مقبولة شكلاً ومضموناً, وهي لا تبرر الصانع, ولا الزارع, ولهذا الأخير نقول: لا تزرع هذه النباتات, لا تسمح بها في أرضك لأنها تضر بالناس, وتقتلهم. تصوّر ما هو شعور الأهل الذين يفقدون أبناءهم وبناتهم من جراء ما زرعته أنت, وبعته بسعر مرتفع جعلك تنسى أحكام الشرائع والأديان!
لقد أدت أعمال الجيش في مكافحة زراعة المخدرات, وخصوصاً تلك التي نفذت في الآونة الأخيرة, الى تغيير الأوضاع التي كانت قائمة لجهة زراعتها وترويجها وتصنيعها, فلم تعد هناك مناطق تشكل ملاذاً لمجرمي المخدرات ولا لتخزين موادها. إن ما يزيد عن أربعة أطنان من مادة الحشيشة التي ضبطت مؤخراً كافية لإفساد عشرات الآلاف من الشباب, وقد أدى ضبطها الى تفادي الأضرار التي كان من المرجح أن تلحق بالشباب.
من كل أب وأم, ومن كل شاب وشابة, تحية الى عسكريي الجيش وقوى الأمن الداخلي على جهودهم في مكافحة المخدرات, تلك الآفة التي حان وقت استئصالها.