تسلح وتكنولوجيا

آلـة إسرائيل العسكرية
إعداد: كمال مساعد

ابتكـار جديد لقمع الانتفاضة

  يخوض الجيش الإسرائيلي معاركه في المناطق المحتلة، مستعيناً بمجموعة واسعة من الأسلحة البالغة التطوّر، تشمل طائرات مصغّرة من دون طيّار، بالغة الخفة، وصواريخ تفجّر عن بعد، وآليات تدخل سريع من دون سائق، وكاميرات تصوير يمكن إطلاقها بواسطة بنادق. وفي حين يتكتم الجيش الإسرائيلي عموماً على إنجازاته التكنولوجية، إلا أنه اغتنم فرصة انعقاد مؤتمر عن النزاعات المتوسطة الحدة في تل أبيب لعرض آخر ابتكاراته العسكرية.

 عندما بدأت الانتفاضة الفلسطينية الأولى التي عرفت بـ"انتفاضة الحجارة"، واجهها الجيش الإسرائيلي بالهراوات وقنابل الغاز المسيّل للدموع والرصاص المطاط، فضلاً عن المدفع القاذف للحجارة، غير أن الانتفاضة الثانية حملت إسرائيل على اعتماد وسائل رد أكثر تطوراً بكثير، مثل الطائرات المصغرة من دون طيار التي انتجتها "مصانع الطيران الإسرائيلية" لهذه المهمة.

 

 المهمة الأولى

 كشفت التقارير الأخيرة، أن أولى المهام التي نفذتها هذه الطائرات كانت رصد حركة الدكتور عبد العزيز الرنتيسي، وموقع الزعيم الروحي لحركة المقاومة الإسلامية "حماس" الشيخ أحمد ياسين والتعرف عليه، وهو يغادر في كرسيه المتحرك مسجداً قصده للصلاة في غزة. وبعد بضع لحظات، أطلقت عليه مروحيات إسرائيلية ثلاث قذائف صاروخية أدت الى مقتله.

 تلتقط هذه الطائرات الخفية الصامتة صوراً تتلقاها القوات الناشطة في القطاع مباشرة على نحو متزامن. ويذكر أن الطائرة "موسكيتو" - ­ أحدث ما أنتجته مصانع الطيران الإسرائيلية من الطائرات المصغرة من دون طيار- ­ سوف تبدأ الخدمة في غضون سنة. وهذا الطراز الحديث المصنوع من ألياف الكربون، بالغ الخفة لا يتجاوز وزنه 500 غرام، بما في ذلك المحرّك الصامت والبطاريات وآلة التصوير.

 

 ويمكن لجندي من المشاة إطلاق هذه الطائرة وتشغيلها، فيبرمجها ويوجه سيرها بواسطة "لوحة توجيه"، تتلقى في الوقت نفسه الصور التي تلتقطها الطائرة عن منطقة النزاع لحظة التقاطها. كما يمكن لطائرة "موسكيتو" البقاء في الجو مدة ساعة، والتحرك في دائرة قطرها ثلاثة كيلومترات، في حين أن طائرة "بيردي"،- وهي طراز أكثر تطوراً، وزنها 1.3 كيلوغرام ­- يمكنها البقاء في الجو 90 دقيقة، والتحرك في دائرة قطرها عشرة كيلومترات. وهذه الطائرة تسمح للقوات على الأرض، بأن "ترى" ساحة المعركة من غير أن تعرض نفسها للنار.

 

 وفي إطار استخدام التقنيات والوسائل الحديثة في تعقّب عناصر الإنتفاضة، من المتوقع أن يحصل جهاز الإستخبارات ومكافحة "الإرهاب" في إسرائيل على تعزيزات مأخوذة من أدب الخيال، وهي بمثابة أجسام صغيرة بحجم أصغر من حجم كف اليد، ستكون مزودة بمنظومات بصرية متطوّرة وبمنظومات تنصّت، ومن المتوقع ألا يزيد حجم هذه الأجسام على 12 سم ووزنها عن 100 غ. ورغم هذه المقاييس الصغيرة، فإن هذه الأجسام الطائرة تحمل كاميرات فيديو، ووسائط رؤية ليلية وأجهزة ليزرية، وهي مربوطة بجهاز توجيه مع القمر الصناعي (G.P.S) وجهاز استشعار كيميائي لاكتشاف المواد الناسفة والمواد الكيميائية الخطرة.

 

 أما التكتيك العسكري الذي تسلكه الطائرة من دون طيّار. فهو التالي:

- ­ تصوير الهدف ونقله الى القاعدة الإسرائيلية.

- ­ ترسل القاعدة نوع السلاح المناسب لمعالجة الهدف.

- ­ تتم هذه العملية خلال عشرين دقيقة فقط، وذلك بفضل أجهزة الكومبيوتر والمعدات الإلكترونية في الطائرة.

- ­ تقوم الطائرة بتنفيذ مهمات استطلاعية على ارتفاعات متوسطة وعالية، وذلك بفضل أجهزة تصوير ومسح فوتوغرافية والكترونية وحرارية للرصد والمراقبة الميدانية.

- ­ يتم إطلاق الطائرة من منصّة أرضية ثابتة أو متحركة (شاحنة مثلاً)، وتوجه أثناء التحليق بواسطة الإحداثيات اللاسلكية، كما يمكن إطلاقها من مدارج صغيرة.

- ­ تتم عملية التحليق بكاملها تقريباً، على ارتفاعات منخفضة تتراوح بين 30 و300 متر.

- ­ يتم نقل الطائرة، عادة، الى أرض المعركة وهي مفككة، ثم يتم تركيبها وإعدادها للإطلاق خلال فترة لا تتجاوز 30 الى 45 دقيقة.

 

 الابتكارات الأخرى

 ومن الابتكارات الأخرى التي تنتجها الصناعات العسكرية، نظام "ريفاييم" أو الشبح. وهو يتضمن نظام تصويب يمكن أن تجهز به بندقية أميركية من نوع "م16"، أو بندقية "تافور" أحدث البنادق الهجومية الإسرائيلية، وهما من عيار 5.56 ميلليمترات. ويسمح نظام التصويب على اللايزر، بتفجير القنبلة التي أطلقتها البندقية على المسافة المطلوبة وفي الوقت المناسب. وقد اعتمد النظام نفسه لابتكار آخر، هو كاميرا تثبت على قنبلة مضادة للدروع وتطلق بواسطة بندقية هجومية. وتنقل الكاميرا لدى إطلاقها صوراً الى الجندي عن زوايا من ساحة النزاع لا يمكنه مشاهدتها، على "لوحة التوجيه"، قبل أن تدمر في انفجار القنبلة.

 

 وطوّرت المصانع الإسرائيلية آلية "غارديوم"، وهي آلية تدخل سريع، غريبة التصميم ذات هيكل خفيف الوزن ومرتفع عن الأرض تعمل من دون سائق، ويمكن تسييرها وتشغيلها انطلاقاً من مركز قيادة. وتسمح هذه الآلية بالتصدي على نحو فعّال وفي غضون بضع دقائق، لمحاولات التسلل داخل بلدة أو في منطقة يحميها سياج أمني. وتجدر الإشارة الى أن القوات الإسرائيلية تستخدم خليطاً من الأسلحة الخفيفة والثقيلة في قمع الانتفاضة. وتشمل الأسلحة الخفيفة المسدسات والبنادق والرشاشات الصغيرة التي يحملها الجنود الإسرائيليون، والتي تستخدم رصاصاً من أعيرة 5.56 ملم و7.62 ملم و9 ملم. يطلق الجيش الإسرائيلي رصاص دمدم، من النوع المحرم دولياً. أما الأسلحة الثقيلة والتي تستخدمها القوات الإسرائيلية ضد المدنيين الفلسطينيين فتشمل:

 

- ­ صاروخ "لاو" المضاد للدبابات، ويطلق من المروحيات الحربية أو الدبابات من فوق الكتف، ورغم أن هذا النوع من الصواريخ يخترق دبابة أو عربة إلا أن إسرائيل تستعمله ضد الأهداف المدنية.

 

- ­ مروحيات "كوبرا": وهي طائرات مقاتلة، تملك إسرائيل ما مجموعه 96 واحدة منها، ويوجد فيها مدفع رشاش فوق موقع الطيار، ويطلق الذخيرة بمعدل 675 وحدة لكل دقيقة.

 

- ­ مروحيات "الأباتشي": وهي طائرة هليكوبتر مقاتلة تملك إسرائيل منها ما مجموعه 39 واحدة، وهي أكثر دقة في إصابة الهدف من "الكوبرا"، وهي تصيب في محيط 3 أمتار من مسافة 1000 م.

 

- ­ قذائف اليورانيوم: وهذا ما أكده تقرير المركز الأميركي "International Action Center" الذي قال إن إسرائيل تستخدم أسلحة تقليدية تحتوي على اليورانيوم المستنفد، ومن هذه الأسلحة رصاص الدمدم المتفجر، والقذائف المغلفة بطبقة من اليورانيوم. وحسب الخبراء في هذا المجال، فقد ذكر نائب رئيس مؤسسة البيئة الألمانية، أن اليورانيوم المستنفد أو النظير 38، يحتوي على ما بين 90-95% من إشعاعية اليورانيوم الطبيعي، وهو ما يتبقى من اليورانيوم الطبيعي 235 المستخدم في المفاعلات النووية المدنية. وتكمن الخطورة في إشعاعات ألفا، خصوصاً إذا ترسّب اليورانيوم على الجرح أو على الطعام، أو استنشق فإن الإشعاعات قوية، ومن الممكن أن يصاب الإنسان بسرطان مهلك من هذا النوع من اليورانيوم المستخدم في الأسلحة التقليدية.

 

 قيادة خاصة

 في إطار العمليات العسكرية الجارية في مناطق السلطة الفلسطينية في الضفة الغربية وقطاع غزة، عمدت إسرائيل الى تشكيل قيادة خاصة، أطلقت عليها اسم "قيادة مكافحة العصابات"، وخصصت لها قوات منفصلة، تضم 4 قيادات للوحدات المشاركة في تلك العمليات في الضفة وغزة وعلى الحدود اللبنانية. وفي حالات الطوارئ، يتم تعزيز هذه القيادات بقوات مدرعة وميكانيكية وطائرات هليكوبتر، ومعدات هندسة عسكرية. حتى تبقى القوات المسلحة الرئيسية محتفظة بكفاءتها القتالية تحسباً لأي عمليات رئيسية محتملة. إن إمكانيات وقدرات الآلة العسكرية التي تسعى إسرائيل الى تطويرها تتجاوز كثيراً التهديدات الحقيقية، التي يمكن أن تتعرض لها من دول الجوار، أو من الداخل الفلسطيني في حين أن التهديدات المحتملة من دول أخرى في المنطقة تكاد تكون منعدمة. ومع هذا فإن إسرائيل لديها مشروع استراتيجي، يهدف الى امتلاكها القدرات التي تجعلها قادرة على توجيه النظام الإقليمي، ولعب دور القوة الأكبر في الشرق الأوسط، وهو أمر شديد الخطورة ولن تقبل به دول المنطقة بأي حال، وهو ما يجب أن يدفع هذه الدول حتماً الى مقاومة ذلك المشروع بكل الوسائل، وفي مقدمتها تحديث وزيادة قدراتها العسكرية بالمفهوم الحديث من خلال السعي للتفاعل مع الثورة في الشؤون العسكرية بشكل جاد وعملي.

 

 المراجع

- ­ مؤتمر النزاعات المتوسطة الحدة، تل أبيب، الوكالات 27/3/2004 ومواقع الإنترنت.

 ­ Jane’s - International Defense Review, Novembre, 2001

- أحمد البرصان، مداخلة في ندوة انتهاكات حقوق الإنسان في فلسطين، مركز دراسات الشرق الأوسط، عمان 17/9/2003.

- ­ الشرق الأوسط، 25/2/2002.

- ­ ملف الأهرام الإستراتيجي، مركز الدراسات السياسية والإستراتيجية، اتجاهات تطوّر آلة إسرائيل العسكرية العدد 109- ­ كانون الثاني 2004.

- ­ عامي بن دافيد، جريدة "معاريف" الإسرائيلية، 7/10/2003.