حدث رياضي

أبطال الأرز عادوا منتصرين...
إعداد: د. إلهام نصر تابت

فعلها أبطال الأرز في كرة السلة. عادوا من بطولة المنتخبات العربية حاملين الكأس ورافعين علم لبنان. قبَيل دخولهم أرض الملعب كانت هتافات اللبنانيين تضخ في عروقهم عزيمة لا تنكسر. قرروا أن يقدموا إلى وطنهم الحزين باقة فرح وإلى شبابه المحبط نفحة أمل. قاتلوا بشراسة ما بعدها شراسة، وكان لهم ما أرادوا.
للمرة الأولى في تاريخه، يحرز لبنان لقب النسخة ٢٤ من البطولة العربية للرجال بكرة السلة، إذ فاز منتخبنا على المنتخب التونسي بفارق ٣ نقاط (٧٢ - ٦٩) في المباراة النهائية التي جرت على ملعب نادي النصر في دبي، وكان الجمهور اللبناني الذي احتشد في المدرجات لاعبًا أساسيًا فيها.
هذا اللقب هو الأول للبنان في تاريخ البطولة العربية لمنتخبات الرجال، وهو كان حلّ في المرتبة الثانية إثر خسارته النهائي ضد مصر في البطولة التي أُقيمت في بيروت في العام ٢٠١٠.
وكان المنتخب اللبناني قد حقق انتصارات متتالية في المباريات الرسمية للبطولة وفي عدد من اللقاءات الودية، ليتوّج جهوده في المباراة النهائية ويعود منتصرًا إلى لبنان حيث كان في انتظاره في مطار رفيق الحريري الدولي استقبال رسمي وشعبي حاشد.
 

باقة فرح وأمل
المباراة النهائية «لم تكن سهلة» وفق ما يخبرنا مدرب المنتخب جاد الحاج، فهي كانت مثيرة ومتكافئة منذ بدايتها، وفي الدقائق الخمس الأخيرة تقدم التونسيون بفارق ٩ نقاط، لكنّ اللاعبين اللبنانيين لم يستسلموا بل تألقوا ولعبوا بروح قتالية عالية، فقلصوا الفارق ثم حسموا اللقاء لمصلحتهم.
الروح القتالية العالية وعدم الاستسلام كانا نتيجة «إصرارنا على منح الجمهور باقة فرح وأمل» يقول الحاج. ويضيف: «هذا ما دفعنا إلى القتال وعدم الاستسلام» رغم تقدم الفريق التونسي في الدقائق الأخيرة، كنا نريد الانتصار من أجل لبنان. من جهته يؤكد رئيس الاتحاد اللبناني لكرة السلة أكرم الحلبي الأمر نفسه إذ يقول: «وسط كل ما يعيشه لبنان من مآسٍ وصعوبات جاء هذا الانتصار بصيص نور يخترق الواقع المظلم. لقد عمل المنتخب ومن خلفه الاتحاد لتحقيق هذا الإنجاز باللحم الحي». شبابنا قاتلوا من أجل لبنان، وكانوا جنودًا لهذا الوطن، وممثلين له في الخارج. قُبيل دخولهم أرض الملعب كانوا يقولون: «هناك الكثير من اللبنانيين بانتظارنا في الخارج، وفي لبنان الناس تتابعنا عبر شاشات التلفزة، يجب أن نربح من أجلهم. يجب أن نفرحهم».
الجميع يعلم كم هي الظروف قاسية وصعبة من مختلف النواحي، كيف استطاع الاتحاد مواكبة المنتخب وتأمين ما يلزم لمشاركته في البطولة؟ يجيب الحلبي عن السؤال موضحًا أنّ أشخاصًا من الجالية اللبنانية في الإمارات العربية المتحدة غطوا كلفة التسجيل في البطولة والإقامة بينما تولّى لبناني مقيم تغطية كلفة بطاقات السفر، وأمّن الاتحاد باقي المصاريف.
 

ماذا بعد؟
ماذا بعد البطولة العربية وهل نأمل في مشاركة منتخبنا ببطولة العالم لكرة السلة؟ يشير الحلبي إلى أنّ «الطريق طويل وصعب، لكننا نأمل أن نتابع مسيرة النجاح ونستطيع رفع علم لبنان في المحافل الدولية. لأول مرة يكون فريقنا متضامنًا ومتمتعًا بهذه الروح القتالية العالية. لن نترك لبنان وسنعطي كل ما لدينا من أجل أن تعود صورته الجميلة».
بدوره يؤكد مدرب الفريق أن التركيز ينصب حاليًا على بطولة العالم، ويقول: «رح نعمل المستحيل ونشتغل ليل نهار تا نكون بالاحتفال الكبير». وهو إذ يرفع القبعة لفريقه الذي برهن عمق انتمائه للبنان، ومدى استعداده للتضحية من أجل تحقيق هذا الإنجاز لوطنه، يوجّه الشكر للاتحاد الذي واكب الفريق وبذل جهودًا جبارة لتمكينه من المشاركة في البطولة. أما كلمته الأخيرة فهي للبنانيين، نريدكم أن تكونوا دائمًا خلف الشباب لتشجيعهم، دائمًا هناك أمل، «ما حدا يستسلم».
شبابنا يثبتون المرة تلو الأخرى أنّهم قادرون على صنع النجاح رغم كل ما يحيط بهم من سواد، ويثبتون أنّهم يستحقون وطنًا يليق بأحلامهم وطموحاتهم. مبارك لمنتخبنا الوطني، مبارك للبنان، وإلى نجاحات أخرى كثيرة.