وقفة وفاء

أبناء شهداء الجيش في إيطاليا
إعداد: جان دارك أبي ياغي

خمسة أيام في أجمل مواقع روما
بقدر ما ينتظر أبناء الشهداء موعد الرحلة السنوية إلى خارج البلاد، بقدر ما تجهد مؤسسة المقدم المغوار صبحي العاقوري وتنشط لتظل قادرة على النهوض بأعباء هذه الرحلة ومستلزماتها. وهذه السنة أيضًا كان لها ما أرادت بفضل محبين كثر دعموا رحلتها وغمروها بفيض سخاء كفّهم. بعض هؤلاء في لبنان وبعضهم الآخر في إيطاليا، وجهة السفر هذه المرة.

 

رحلة الأحلام
الإنطلاق كان من مطار رفيق الحريري الدولي حيث تجمّع 30 شخصًا من أبناء شهداء الجيش (أعمارهم بين 16 و17 سنة) وفريق العمل المؤلّف من زوجات الشهداء يرافقهم الملازم الأول مروان البدوي من قيادة الجيش للإشراف على الرحلة، التي كانت أولى محطاتها المدرسة المارونية للرهبنة المريمية في روما. هناك كان في الإستقبال المونسنيور طوني جبران الذي رحّب بالزائرين في المدرسة التاريخية التي هي صلة وصل بين الشرق بمسيحييه وإسلامه وبين الغرب، ودعاهم إلى العشاء ليخلدوا بعد ذلك إلى نوم عميق استعدادًا لرحلة الأحلام.

 

من ساحة الشعب إلى بورغيزي والمدرج الاسباني
إستهلّ الأولاد اليوم الأول من رحلتهم بالقداس الإلهي وبلقاء مع الجالية اللبنانية في المدرسة المارونية. ثم انطلقوا في استكشاف المعالم الأثرية والسياحية في روما، فكانت زيارة إلى ساحة الشعب (piazza delle popolo) التي تعدّ من أكبر ساحات روما القديمة وأشهرها ورمزًا من رموز عصر العمارة الباروكي.
وجهتهم التالية كانت حديقة فيللا بورغيزي (villa borghese) في وسط روما والتي تعتبر من أجمل حدائق العاصمة الإيطالية وأكبرها، وهي تعود إلى القرن السابع عشر. الحديقة التي تقع في وسطها بحيرة صناعية تجوبها قوارب لنقل الزوار، تحولت اليوم إلى متحف ومعرض لروائع فنية (لوحات وتماثيل)، من أعمال رافائيللو، أنطونيو كانوفا، بيترو وجان لورنسو برنيني.
من الحديقة توجّه أبناء الشهداء إلى المدرج الإسباني الشهير (di spagna piazza) الذي يعد الأطول والأعرض في كل أوروبا، ويقع في أكثر مناطق روما الحديثة أناقة، وقد أخذ اسمه من السفارة الإسبانية التي كانت توجد هناك. وانتهت جولة اليوم الأول في شوارع روما الجميلة قبل العودة إلى المدرسة المارونية مكان إقامتهم.


الفيتوريانو والبانثيون
جولة اليوم الثاني، شملت ساحة فينيسيا (piazza venezia) حيث يمكن للزائر ملاحظة البناء الأبيض الضخم المصنوع من صخر الكلس الأبيض، ويسمّى بالإيطالية «الفيتوريانو» أو نصب النصر التذكاري، الذي شيّد بمناسبة اتحاد إيطاليا، وأهدي للملك فيتوريو إيمانويلي. وقد استغرق بناؤه 26 عامًا، (من 1885 لغاية 1911). ثم ساحة «piazza barberino» حيث نافورة «تريفي» (fontana di trevi) الشهيرة بتماثيلها ونوافيرها التي ينساب الماء منها على شكل شلالات صغيرة، تصب داخل البركة. ومن الأماكن المشهورة التي تعرّف إليها أبناء الشهداء، البانثيون (pantheon) الذي كان معبدًا مكرسًا لآلهة الكواكب السبعة، وشارع ناسيونالي (via nationale) الذي يعتبر من أهم الشوارع التجارية في العاصمة الإيطالية، وهو يبدأ من ساحة الشعب وينتهي في ساحة فينيسيا. وختام الجولة كان في الكـولـوسيـــو (colosseo) الذي يعتبر أحد أكثر الآثار روعة ورمزًا من رموز روما، ويرتبط بشكل وثيق بمجد الإمبراطورية الرومانية قديمًا.

 

فلورنس مهد الفن والعمارة
اليوم الثالث كان مخصصًا لزيارة مدينة فلورنس بدعوة من السيد ماتيو كوستاكورتا الذي وضع بتصرّف الفريق دليلا سياحيًا للتعرّف على المدينة التي اشتهرت في العالم بأسره كمهدٍ للفن والعمارة بمبانيها التاريخية العديدة ومعالمها ومتاحفها الغنية. كانت البداية من شوارعها القديمة وصولا إلى كنيسة سانتا ماريا دل فيوري (Santa Maria del Fiore) التي تقع في ساحة (Duomo)، وهي رابع أكبر كنيسة أوروبية من حيث الحجم بعد كنيسة القديس بطرس في الفاتيكان والقديس بولس في لندن وكاتدرائية ميلانو، ويمكن رؤيتها من كل أنحاء سهل فلورنس.
الجسر القديم (Ponte Vecchio) يعد أحد رموز مدينة فلورنس ويرجع بناؤه الأول إلى العصر الروماني، بيد أنه تضرر عدة مرات من فيضان النهر. وهو الجسر الوحيد الذي لم يدمره الألمان أثناء انسحابهم خلال الحرب العالمية الثانية في العام 1944. منه توجّه الجميع إلى القصر القديم (Palazzo Vecchio) في ساحة السيادة في فلورنس، وهو مقر بلدية المدينة، وفيه متحف يضم أعمالا لرسامين كبار كمايكل آنجلو وغيره.
غداء شهي وسط الطبيعة الخلابة، عاد الأولاد إلى العاصمة روما مع ذكريات لا تنسى.

 

جولة في الفاتيكان
في اليوم الرابع، لبّى الأولاد دعوة السفارة اللبنانية في الفاتيكان لزيارة متاحفها حيث تعرض مجموعة كبيرة من الأعمال الفنية التي تعود إلى زمن البابا جوليوس الثاني في القرن الثالث عشر. أمام جدران كنيسة كابيلا سيستينا التي تعد من أجمل اللوحات الفنية التي ابتدعتها ريشة الفنان رافاييل، كانت وقفة ملؤها الدهشة. وبعد تناول طعام الغداء، كانت جولة في شوارع الفاتيكان الأثرية والضخمة.


كنائس على لائحة التراث العالمي
في اليوم الخامس والأخير، زار الأولاد كنيسة القديسة مريم الكبرى البابوية (Basilica Papale di Santa Maria Maggiore)، وهي واحدة من أربع كاتدرائيات بابوية في المدينة مدرجة على لائحة التراث العالمي التابع للأونيسكو، وتعتبر من أملاك الفاتيكان ويشرف البابا على إدارتها. كما زاروا كاتدرائية القديس يوحنا اللاتراني، هي واحدة من كنائس روما الرئيسة الأربع ومقر أسقفها، وغالبًا ما يتم تقليد بابا روما مراسم بابويته فيها بوصفه أسقف روما. فيها انعقدت خمسة مجامع كنسية بين القرنين الثاني عشر والسادس عشر دعيت «المجامع اللاترانية». يتولى حراسة الكاتدرائية وخدمتها الفاتيكان وليس الشرطة الإيطالية بحيث تعامل معاملة السفارات الأجنبية في روما. كما أن الكاتدرائية كالفاتيكان وسائر المواقع التابعة للكرسي الرسولي، مدرجة على لائحة التراث العالمي منذ العام 1990.
المحطة الأخيرة كانت على درج المسيح (Scala Santa) المؤلف من 28 درجة يقصدها الحجاج المسيحيون من مختلف أنحاء العالم للوصول إلى بازيليك القديس بطرس في روما.

وقد تميز هذا اليوم بلقاء مع البطريرك مار بشاره بطرس الراعي، الذي كان في روما، ودعا أولاد الشهداء لتناول الغداء على مائدته وأهداهم مسبحة صلاة، والتقط معهم الصور التذكارية.
وقبل العودة إلى بيروت، لبّى أولاد شهداء الجيش دعوة سفارة لبنان في إيطاليا لقضاء وقت ممتع في رحاب المجمّع المائي الترفيهي (hydromania).

 

دروع شكر
شكـرت قيادة الجيـش كل من ساهـم في تحـقيـق حلم الأولاد بالسفر إلى إيطالـيا، وقدّمت مع رئـيسـة مـؤسسـة العاقـوري السيدة ليا دروعًا تقديرية عربـون امتـنـان وشـكر، لرجـل الأعمال السيــد أنطوان مظلـوم لتكفّلـه ببعـض مصاريـف الرحلة، للمـونـسنيور طوني جبران لاستقـباله الأولاد في المـدرسـة المارونية، لسفـارتي لبنــان في الفاتيكان وإيطـاليا، وللسيـد ماتيو كوستـاكـورتا.
وشكرت السيدة عاقوري كل من ساهم من لبنان في إنجاح الرحلة وخصّت بالذكر: كازينو لبنان بشخص السيد إدي معلوف، مجموعة نزيه عبدو حمد، ومكتب «سمر هوليدايز» للسفر لصاحبته سمر حرب.