إصدارات

أبو سليم مكرّمًا في كتاب لجان قسيس
إعداد: جان دارك أبي ياغي

في خطوة تكريمية لعطاءات أحد رواد الفن في لبنان، وقّع نقيب الممثلين السابق جان قسيس كتابه الجديد بعنوان: صلاح تيزاني (أبو سليم) ديللارتي لبنان، وذلك خلال احتفال أُقيم في قاعة مسرح «لقاء» في الربوة بدعوةٍ من مؤسسة أرض المبدعين ونقابة الممثلين في لبنان، في حضور المكرَّم ونخبة من الممثلين والفنانين والأدباء والإعلاميين.

يعتبر النقيب جان قسيس أنّ كتابه هو بمثابة تحدٍّ للظروف القاسية التي نعيشها اليوم، وبحث أكاديمي ومرجع جديد للمسرح في لبنان، إذ لم يتطرّق أحد من قبل بهذا التوسّع إلى الكوميديا الديلّلارتيه (الشعبية) لا في لبنان ولا حتى في العالم العربي، وهي مدرسة فنية كبيرة نشأت في العام ١٥٤٥ في إيطاليا.

خلال متابعته لأعمال صلاح تيزاني التي هي مدرسة في الفن الشعبي والعفوي، وجد أوجه تشابه كبير بين ما قدّمه أبو سليم وبين الكوميديا الديلّلارتيه التي لم يكن أبو سليم يعرف عنها شيئًا.

قدَّم للكتاب المدير العام السابق للشؤون الثقافية فيصل طالب الذي أشار إلى أنّ جان قسيس تمكّن أن يهدي المكتبة المسرحية العربية مؤلفًا جديدًا في موضوعه، من خلال تناوله بالبحث والدراسة ظاهرة الفنان بالفطرة «أبو سليم» وعلاقته بكوميديا ديلّلارتيه، التي أتاها من باب البساطة والعفوية، ومن دون سابق معرفة بأصولها وتقنياتها، وهي التي انتشرت من إيطاليا إلى سائر أوروبا منذ ما يزيد على خمسمئة عام خلت.

وأضاف: لقد أظهر جان قسيس كم كان «أبو سليم» موهوبًا في أدائه، خلوقًا في تعامله مع زملائه وفي تناوله للشخصيات التي لم يلبسها عاهات خَلقيّة أو عقلية، بل اكتفى، متأثرًا بما حفرته في ذاكرته أفلام تشارلي تشابلن وشخصيات مثل كراكوز وعيواظ، بالتركيز على الأطباع وأنماط السلوك ونقائصها: المحتال، البخيل، الساذج، صاحب الذاكرة الضعيفة، الأبله، القبضاي، حلاّل المشاكل...، محمّلًا إياها القضايا والرسائل التي يريد إيصالها إلى الجمهور، مستعيرًا من الحياة اليومية مفرداتها ومفارقاتها ومشاكلها لتكون موضوعات نصوصه المبسّطة، من دون «الأقنعة» التي هي لازمة من لوازم كوميديا ديلّلارتيه... فالكوميديا الهادفة تطال عمق الحالات المستعصية في المجتمع، وتضع فيها الإصبع على الجرح، مؤمنًا أنّ الفن هو ابن الواقع والحياة والوعي... وللسجية فيه مكانة مرموقة بحسب هيغل الذي يعدها آية من آيات الفن، مؤكدًا أنّ الفنان البارع في إمكانه جعل نص مسرحي تافه ورديء عملًا جيدًا. وهو يستطيع أن يعطيه شكلًا ويكمّله ويجلوه، إذا أطلق العنان لتدخلّه الحر والعفوي في الأداء... كما يقول المؤلف.

عُرف صلاح تيزاني بـ«أبو سليم» نسبة إلى الشخصية الكوميدية التي أداها في مسلسلاته الشهيرة عبر شاشة تلفزيون لبنان من العام ١٩٥٩ إلى حين توقفه في العام ١٩٧٥ بسبب الحرب اللبنانية، قبل أن يعود مرة جديدة خلال التسعينيات محتفظًا بشخصيته الكوميدية.

كتب أبو سليم خلال مسيرته الفنية ٢٢٠٠ حلقة تلفزيونية و١٧ مسرحية و٤ أفلام، بالإضافة إلى أعمال أخرى. هو اسم يستحق التكريم وتاريخ يصعُب أن يؤرّخ في أسطر.