جندي الغد

أتعرّف إلى عالمي
إعداد: ريما سليم ضوميط

راشيّا قلعة أبطال الإستقلال
على سفوح سلسلة جبال لبنان الشرقية تقع بلدة راشيا الوادي على علو 1200 مترٍ، وهي مركز قضاء يضم ستًّا وعشرين قرية تابعة لمحافظة البقاع.
راشيّا بلدة تراثية قديمة شكّلت منذ القدم موقعًا استقطب القوافل التجارية والغزاة. وقد شاء التاريخ أن تكون مسرحًا للأحداث الكبيرة، وللنضال من أجل الحريّة. من قلعتها لاح فجر الإستقلال، ومن وقفات أبنائها كُتبت عبَر كثيرة في الصمود والعنفوان والإستشهاد.
يعود بناء قلعة راشيا التاريخية إلى القرن الحادي عشر حيث أرادها الصليبيون كبرج لحماية قوافل التجّار الآتين من فلسطين نحو بلاد الشام وكنقطة مراقبة وحماية لمواكب الحجاج والمسافرين عبر وادي التيم من دمشق إلى القدس في فلسطين. ويعود بناء القلعة إلى ثلاث مراحل، إذ توجد فيها آثار رومانية (دهليز وأبنية)، وآثار صليبية (الآبار المنحوتة في الصخر والأقبية وبرج هو أعلى نقطة في القلعة)، وهنالك أبنية وآثار شهابية. أما السور الشرقي للقلعة، فقد بناه الفرنسيّون عندما دخلوها في العام 1920، واستخدموا في بنائه حجارة المنازل المحيطة بها بعد تهديمها.
في ليل 11 تشرين الثاني العام 1943، شهدت قلعة راشيا حدثًا تاريخيًا هامًّا، حيث احتجزت فيها سلطة الإنتداب الفرنسيّة رئيس الجمهورية اللبنانيّة الشيخ بشاره الخوري، ورئيس مجلس الوزراء رياض الصلح والوزراء: كميل شمعون، وعادل عسيران وسليم تقلا والنائب عبد الحميد كرامي، جرّاء معركة تعديل الدستور اللبناني، التي قرّرت خلالها السلطة اللبنانيّة إنهاء الإنتداب الفرنسي.
إلّا أن الفرنسيين ما لبثوا أن أخلوا سبيل المعتقلين في صبيحة 22 تشرين الثاني 1943، بعد احتجاج الللبنانيين وتظاهرهم. وقد أعلن هذا اليوم عيدًا لاستقلال لبنان. وسمّيت قلعة راشيّا بقلعة أبطال الإستقلال.
بعد جلاء القوّات الفرنسية، تمركزت في القلعة قوّات من الدرك اللبناني وبعض الإدارات الرسمية، ثم تسلّمها الجيش اللبناني في أيلول العام 1964 ولا تزال في عهدته حتى اليوم.