ذكرى

أربعون سنة على غيابه
إعداد: جان دارك أبي ياغي

فؤاد شهاب رمز النزاهة في تاريخ الجمهورية


برعاية رئيس الجمهورية العماد ميشال سليمان، أقامت مؤسسة فؤاد شهاب احتفالا وطنيًا في ذكرى مرور أربعين سنة على غياب الرئيس اللواء فؤاد شهاب، وذلك في قاعة بيار أبو خاطر، جامعة القديس يوسف، كلية العلوم الإنسانية، طريق الشام.
حضر الإحتفال وزير البيئة في حكومة تصريف الأعمال ناظم الخوري ممثلاً رئيس الجمهورية ورئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي، العميد الركن علي حمود ممثلًا قائد الجيش العماد جان قهوجي، العميد خليل الضيقة ممثلًا مدير عام قوى الأمن الداخلي، العميد بشارة جبور ممثلًا مدير عام الأمن العام، العميد إيلي منسى ممثلًا مدير عام أمن الدولة، وفاعليات سياسية ودينية ونقابية واجتماعية وثقافية.


بدأ الإحتفال بالنشيد الوطني اللبناني، ثم عرض شريط وثائقي عن الرئيس شهاب يلخّص أهم إنجازاته العسكرية والوطنية، تلته كلمة وجدانية لعرّيف الحفل الإعلامي ميشال معيكي، ثم ألقى المحامي نبيل مانويل يونس كلمة الوزير السابق فؤاد بطرس الذي تغيّب لأسباب صحية، وفيها: «لقد استحق فؤاد شهاب لقب رجل الدولة بكل ما تعنيه هذه التسمية وفق التعريف الحديث لمفهوم «governance statesmanship»، إذ إنه زاوج بين بناء الادارة وتحديثها وبين المساهمة الفعّالة بتطوير أسس الحياة السياسية، كما زاوج في مفهومه للدولة وأدائه، بين الواقع والحلم تحقيقا لطموحات الأجيال الطالعة مميزا نفسه بذلك عن رجل السياسة بمعناه المألوف والتقليدي». وأضاف قائلًا: «لقد اتسمت سياسة الرئيس شهاب في الحقل الخارجي بالاتزان والحكمة وعدم الانحياز، مما ساعد على صيانة سيادة لبنان وتأمين مصلحته على الرغم من الظروف والتطورات الاقليمية التي مرت بها المنطقة. أما في ما يخص ممارسته الحكم، فقد برهن الرئيس شهاب عن احترامه استقلال القضاء وفصل السلطات، إذ إنه، وعلى الرغم من حساسية الوضع السياسي، والاحداث التي واكبته، لم يقم مدعي عام التمييز بزيارة القصر الجمهوري على مدى ولاية الرئيس شهاب إلّا مرّة واحدة يوم أدّى اليمين القانونية، حاصرا علاقته المباشرة بوزير العدل فقط».
وتحدث رئيس تحرير «السفير» طلال سلمان عن تجربة العهد الشهابي مستعينًا بمشروع إنارة بلدته شمسطار وما رافقه، وتخطيط بعثة إيرفيد وسعي الرئيس إلى محاربة الفساد والمحسوبيات في عهده، مشيرًا إلى «موقـف الناس منه واجماعهم عليه بعد الانقـسام في نـهاية عهد الرئيس كميل شمعون، إضـافـة إلى المديح الذي كان يكال في مناطـق الأطراف للرئيس شهاب نتيجـة عنايته بها»، معتبرًا أن «شهاب ربمـا كان الـرئيس الوحـيد بين كل من تولّوا رئاسـة لبنـان في تاريـخه الحديـث، الذي أدخـل مفاهيم الديمـوقراطية وتعابير جديدة مثل التخطيط والإنماء والعدالة الاجتماعية والشعب».
وألقى معيكي كلمة الوزير السابق ميشال إده الذي تغيب أيضًا لأسباب صحية، وعنوانها «رئيس فارق في تاريخ الجمهورية» قال فيها: «مثاليًا كان، في الحرص على دستورها الذي أقسم عليه، وظل حارسه الأمين الأول. عسكري فارق هذا الرئيس الجنرال، في حقبة من التاريخ العربي تميزت بتسلم القادة العسكريين مقاليد الحكم في عديد من البلدان العربية الشقيقة عبر سلسلة متناسلة من الانقلابات العسكرية. هم العسكريون، استولوا على السلطة. أما هو، الذي إليه سعت السلطة، فقد آثر أن يكرس استثناءً لبنانيًا نوعيًا في بيئته العربية، يبعد عن وطنه تلك الكأس المرة القتالة، والقاضية بحرمان الشعب من حقه بالاختيار. فؤاد شهاب، لم تكن عينه على السلطة ، بل كانت على قيام دولة الحق».
وعرض الدكتور نواف كباره «لواقع الحال في طرابلس ومعرض المدينة الدولي الذي بدأ العمل فيه منذ عهد الرئيس فؤاد شهاب، ولم ينته بعد». ولفت إلى أن «ستينيات القرن الفائت كانت زمن الأخلاق والأحلام الكبيرة وهو الزمن الذي أعطى فؤاد شهاب». وتحدث عن «مشروع فؤاد شهاب في بناء الدولة وتغيير الهوية اللبنانية وانتشالها من مستنقع الطائفية، وسعيه إلى إعادة ترسيخ التوازن بين مختلف المجموعات اللبنانية وعمله على إحداث تغيير جدي بعيد المدى والأثر وبناء أكثرية من كل الطوائف».
وألقى رئيس مؤسسة شهاب شفيق محرم كلمة قال فيها: «كانت تجربة الرئيس فؤاد شهاب مميزة جدًا في تاريخ لبنان المعاصر فكان لا بد لمن كانوا من المقربين منه أو من ملتزمي مفاهيمه الخاصة بممارسة السلطة بحكمة ونزاهة واعتماد السياسة الإنمائية كمدخل لتحسين الأوضاع الحياتية والمعيشية للمواطن من أن يلتقوا ضمن مؤسسة إسمها «مؤسسة فؤاد شهاب» لإنارة المجتمع اللبناني ومساعدته على تخفيف تناقضاته واقتراح الحلول لمشاكله». ثم تطرّق إلى تاريخ إنشاء مؤسسة فؤاد شهاب العام 1998 وقد تحددت أهدافها بموجب المادة الثالثة من نظامها الأساسي بما يلي: القيام بنشاطات ثقافية واجتماعية إحياء للقيم التي آمن وعمل لها الرئيس اللواء فؤاد شهاب. وأشار في الختام إلى متابعة المؤسسة مع جميع المسؤولين مشروع تأهيل منزل الرئيس فؤاد شهاب في جونية من أجل ترميمه وإقامة متحف يبرز القيم ونمط حياة الرئيس الراحل وسوف يضم هذا المشروع مكتبة ومستندات ووثائق وستكون المكتبة بتصرف الجمهور. وقد صدر مرسوم الإستملاك في 14 نيسان 2012.
ختامًا مُنح محرم مؤلف كتاب «الشهابية مدرسة حداثة رؤيوية» درع المؤسسة، تقديرًا للعمل الكبير الذي قام به.