صحة ووقاية

أزمــة النفايات
إعداد: روجينا خليل الشختورة

مخاطر وهواجس، فما العمل؟


بعد انقضاء أكثر من أربعة أشهر على إقامة النفايات في شوارعنا وبين بيوتنا، تكبر الهواجس من تفشّي الأمراض والأوبئة الناجمة عن التلوّث. «الجيش» قصدت الدكتورة رولا عطوي (اختصاصيّة في الأمراض الجرثومية والالتهابات في المستشفى العسكري المركزي)، للحديث عن الخطر القائم نتيجة المشكلة، وعن طرق الوقاية التي تحدّ من تفشّي الأمراض، بانتظار الحلّ النهائي الذي تعود المسؤولية فيه للسلطة الحاكمة دون سواها.


المخاطر كبيرة
ليس خافيًا على أحد أنّ لانتشار النفايات بطريقة عشوائية، مخاطر كبيرة على الصحّة العامة وعلى البيئة، تقول الدكتورة عطوي في بداية حديثها إلينا، وعملية طمر القمامة من دون معالجتها، هي بحدّ ذاتها آفة في غاية الخطورة لما تسبّبه من تلوّث. فالمواد العضويّة التي تتخمّر مع الوقت تتحوّل إلى مواد سامّة تتفاعل فيها البكتيريا وتنمو وتتكاثر، كما أنّ حرقها واستنشاق روائحها يؤدّي مع الوقت إلى أمراض سرطانية خطيرة ومميتة.
وخطورة هذه النفايات تتنوّع من طرق التعرّض المباشر لها أي عبر لمسها واستنشاق الروائح المنبعثة منها، إلى التعرّض الغير مباشر من خلال الحشرات والقوارض القادمة منها إلى منازلنا وإلى طعامنا المكشوف... وبالتالي فإنّ الأمراض التي قد تصيبنا عديدة ومتنوّعة: جرثومية، وغير جرثومية، آنية نشكو فورًا من أعراضها، وأخرى قد نُصاب بها ولكن لا نعاني من أعراضها إلاّ بعد مدّة، وقد تصبح مزمنة ويغدو علاجها صعبًا.
قبل الحديث عن لائحة الأمراض الجرثومية الطويلة التي قد نُصاب بها من جرّاء انتشار النفايات في شوارعنا، عدّدت الدكتورة عطوي أبرز الأمراض غير الجرثومية والتي تشمل التحسّس على أنواعه: رئوي، جلدي وتحسّس العينَين. وإذا تفاقمت هذه الأمراض ولم تتمّ معالجتها بشكل صحيح، يزيد ذلك من خطورة تحوّلها إلى سرطانيات.

 

الأمراض الجرثومية
تقع الأمراض الجرثومية في عدّة فئات: البكتيريات، الفيروسات والطفيليات.
نبدأ مع البكتيريات، فتشرح الدكتورة عطوي:
تسبّب البكتيريا التهابات حادّة إمّا في الأمعاء، أو الرئتَين أو في الجلد والعينَين، وهي ناجمة عن جراثيم أبرزها: «السالمونيلا»، «البروتيوس»، «الشيغالا»، «السيدوموناس»، والعصيات القولونية... نصاب بها عند تناول بعض المأكولات كاللحوم والخضار الفاسدة أو عبر شرب مياه ملوّثة، وتنتقل عدواها بسبب عدم التزام قواعد النظافة (بواسطة البراز والبول) كما يسهم الذباب أيضًا في نقل العدوى. أبرز أعراض هذه البكتيريات، ارتفاع تدريجي في الحرارة، وألم في البطن وإسهال حاد وقيء، قد تدوم الأعراض لمدّة تراوح بين يومَين وخمسة أيام.
أمّا الفيروسات فأبرزها: «أنتيروفيروس» و«أدينوفيروس»، وهي عبارة عن حمّة غدّية تنتقل عبر اللمس أو عبر الرذاذ بالعطس والسعال لا سيّما بين الأطفال. أعراضها آلام في الحنجرة وسعال حادّ مصحوب بحرارة مرتفعة. وهناك أيضًا الروتافيروس وهو إسهال حادّ قد يؤدّي إلى جفاف الجسم من المياه، انتقاله يكون سهلًا إذا لم نقم بالتعقيم المتكرّر لمحيط المريض وحتى عزله في الحالات القصوى.
الطفيليات التي غالبًا ما تصيب الأمعاء عن طريق تناول الخضار واللحوم النيئة أو شرب المياه الملوّثة، تؤدّي إلى أعراض تبدأ بآلام حادّة في البطن (مغص معوي) مصحوب بإسهال متكرّر. أبرز هذه الطفيليات الـ«أنتاميبا هيستوليتيكا» و«الجيارديا المعوية».

 

ما العمل؟
عند الشكّ بالإصابة بأحد هذه الأمراض، فإنّ استشارة الطبيب ضرورية، تشير الدكتورة عطوي، والعلاج يجب أن يكون فوريًا، لا سيّما إذا كان المريض يعاني حرارة مرتفعة، وإذا كان الإسهال حادًّا يجب الإكثار من تناول السوائل لتجنّب جفاف الجسم. أمّا في حال تفاقم الحالة المرضية، فيتمّ اللجوء إلى المضادات الحيويّة Antibiotics، وأحيانًا قد يُضطر الطبيب إلى إعطاء العلاج داخل المستشفى وعزل المريض إذا احتاج الأمر.
وهنا تحدّثت الدكتورة عن خطورة مرض الطاعون المميت والذي لا علاج له ولا لقاح حتى يومنا هذا، والذي تنقله القوارض القادمة من القمامة.

 

الوقاية الشخصية
بانتظار حلّ المشكلة، تقدّم الدكتورة عطوي النصائح الآتية:
- تجنّب الاحتكاك المباشر بأماكن انتشار النفايات، وتجنّب التعرّض لأيّ آلة حادة ملوّثة، ومنع الأطفال من اللهو بالقرب منها.
- مواظبــة البلديــات على رشّ المبيدات للحدّ من الحشرات والــقوارض، ورشّ الكلــس على النفايــات للحــدّ من عمليّــة تفاعــل المــوادّ الكيميائيــة فيهــا.
- عدم فتح النوافذ في المنازل، وعدم كشف الأطعمة لمنع الذباب والصراصير من الاقتراب منها.
- غسل الأيدي جيّدًا قبل تحضير الطعام وبعده، وقبل تناوله وبعده.
- التأكّد الدائم من نظافة المياه التي نشربها، والأطعمة التي نتناولها والتأكّد من خلوّها من التلوّث الجرثومي.
- غسل الخضار والفاكهة جيّدًا، واستعمال المطهّرات والمحاليل المعقمة أو الطرق التقليدية كالخلّ والملح...
- التأكّد من نظافة المياه وتعقيمها الدوريّ بالكلور، لتجنّب التحسّس الجلدي.
- الحرص على عدم تناول أي مأكولات نيئة خصوصًا اللحوم، وعدم استخدام أكثر من شخص لأواني الأكل والشرب.
كما حذّرت الدكتورة عطوي في الختام، من تناول المأكولات المباعة في الشوارع، أو في أماكن غير موثوقة لا تلتزم معايير النظافة والصحة.