اقتصاد ومال

أسعار النفط إلى ارتفاع في الأسواق العالمية
إعداد: تريز منصور

د. يشوعي: الاستمرار في رفع سعر برميل النفط يؤدي إلى انهيار الاقتصاد العالمي والحلول في استخراج المادة من حقول جديدة كبحر قزوين

 

أسعار النفط العالمي (صعوداً وهبوطاً)، هاجس يراود دول العالم قاطبة، غنية كانت أم فقيرة، نظراً لتأثير سعر النفط على الاقتصاد العالمي، وبالتالي على الأسواق المالية والإنتاج وعرض السلع والخدمات، وبكلمة أوضح على حياة الناس ولقمة عيشهم.

لقد ساهمت الزيادة الحادة للطلب العالمي على النفط الخام في الربع الأخير من العام 2004، في رفع الأسعار إلى حدود الـ53 دولاراً للبرميل الواحد، وطبعاً هذه الزيادة تتأرجح وفق تقلبات السوق العالمي صعوداً أو هبوطاً.
إن غياب التوازن بين عمليات الإنتاج والتكرير، والظروف الأمنية والسياسية والطبيعية، تشكل عوامل ساهمت بشكل فعّال في رفع الأسعار؛ من جهتها تلجأ منظمة أوبيك مرات إلى خفض الإنتاج والتكرير ومرات إلى زيادتهما.
مجلة «الجيش» حاولت إلقاء الضوء على الأسباب الرئيسية المكونة للأسعار النهائية العالمية للنفط، ومدى تأثير رفع سعر البرميل، على الاقتصاد العالمي، والحلول الممكنة لخفض الأسعار... من خلال حوار أجرته مع عميد كلية إدارة الأعمال والاقتصاد في جامعة سيدة اللويزة الخبير الاقتصادي الدكتور ايلي يشوعي.

 

- يشهد العالم في السنوات الخمس الأخيرة تقلبات حادة في سعر برميل النفط الخام، حيث ارتفع بنسبة كبيرة بلغت منذ نحو الشهر 55.95 دولاراً. ما هي الأسباب الرئيسية المؤثرة على أسعار النفط والمكوّنة لها؟

- هناك عناصر رئيسية ثلاثة مكوّنة للأسعار النهائية للنفط. أولاً، أسباب اقتصادية بحتة، ثانياً، أسباب اقتصادية وسياسية وأمنية، وثالثاً أسباب طبيعية.

  • أولاً: الأسباب الاقتصادية البحتة المكونة لسعر النفط النهائي، تعود إلى كلفة استخراج النفط من الحقول التي تتفاوت نسبة خصوبتها. فمنها ما يحتاج المنقبون إلى حفر عشرات الأمتار لاستخراج النفط (في حقول أميركية مثلاً)، ومنها ما يحتاج إلى حفر متر واحد فقط (في حقول سعودية مثلاً). هذا من جهة، ومن جهة أخرى، فإن كلفة التجهيزات التي تستعمل في استخراج النفط، باتت مكلفة جداً هذه الأيام. ولا نستطيع القول إن عدم توافر النفط الخام أو نضوب النفط العالمي، يساهم في ارتفاع أسعار النفط، باعتبار أن الاحتياط العالمي للنفط ما زال كبير جداً. ويوجد مخزون نفطي مكتشف يكفي للاستهلاك مدة قرن من الزمن. هذا عدا حقول نفطية لم تكتشف لغاية الآن، وكذلك، المحيطات والبحار التي لم يستخرج منها النفط على الإطلاق. وهناك شق ثان له علاقة بتركيبة الأسعار العالمية للنفط متعلق بعملية التكرير واستخراج المشتقات النفطية. ويبدو جلياً أن طاقة الإنتاج باتت تفوق طاقة التكرير عالمياً، وقد تكون الأسباب متعلقة بعائدات هذه المصافي غير المربحة، الأمر الذي أدى إلى رفع الأسعار العالمية. أما الـشق الثالث فلـه علاقة بناقلات النفـط، التي تسـاهم طبعاً في رفع الأسعار أو انخفاضها. كما أن قضية الاستهلاك العالمي لها تأثيرها المباشر، ولا سيما أن الصين دخلت الاقتصاد العالمي كمسـتهلك رئيسـي ومصنّع عالمي، وبالتالي فإنها تحتاج إلى كميات نفطية كبيرة. وفي هذا الإطار، لا بد من الإشارة إلى منطقة بحر قزوين، حيث يعتبر العلماء والباحثون أن هذه المنطقة تملك مخزوناً نفطياً يوازي بكميته المخزون النفطي لدى الأعضاء في الأوبيك. فإذا تم التعاون بين الرساميل العالمية ودول الأوبيك لاستثمار مخزون هذه الدول الفقيرة المستقلة عن الاتحاد السوفياتي واستخراج النفط الخام وتكريره وتسويقه، يمكن أن يؤدي ذلك إلى رفع قيمة الإنتاج النفطي وبالتالي إلى إعادة سعر برميل النفط إلى 20 دولاراً أميركياً، وأن هذه الأسباب التي ذكرناها، تشكل نحو 80% من تركيبة سعر النفط العالمي.
  • ثانياً: في ما يتعلق بالأسباب السياسية والأمنية المؤثرة على السعر العالمي النهائي للنفط، فهي لا تشكل سوى 51%. وخير دليل على ذلك، الارتفاع المحدود الذي تمّ على سعر برميل النفط، اثر أحداث 11 أيلول، والحرب على العراق والأحداث الأمنية الحاصلة في السعودية والدوحة ومنطقة الشرق الأوسط بشكل عام.
  • ثالثـاً: الأسباب الطبيعية وهي تشـكل 5% من تركيبة السـعر العالمي للنفط، وهذه الأسباب ناتجة عن الكوارث الطبيعية التي تؤدي إلى تدمير المنشآت النفـطية ومحطـات التـكرير، مثل حدوث زلازل وبراكين.

 

- هل تتوقع انخفاضاً يذكر لسعر برميل النفط؟

- أعتقد أنه من الصعب جداً حصول تراجع في أسعار النفط على المدى القريب، إلى حين يتم استخراج النفط من بحر قزوين أو حقول أخرى جديدة، وإلى أن يتم التوازن بين عمليتي الإنتاج والتكرير.

 

- ما هـي النتـائج التي تتـرتـب عن ارتـفاع أسـعار النفط عالمياً؟

- إن الارتفاع المستمر لأسعار النفط عالمياً، قد يؤثر على عرض السلع والخدمات في العالم (supply side effect) ويعزز الركود والتضخم في الأسواق العالمية، ويصيب الإنتاج بصدمة، الأمر الذي قد يؤدي حتماً إلى انهيار الاقتصاد العالمي والبورصات، ولا سيما في الدول المنتجة للمشتقات النفطية.

وأعتقد أنه ليس من مصلحة أحد الاستمرار في سياسة رفع الأسعار النفطية وخفض عمليتي الإنتاج والتكرير.

 

هوامش تكرير عالية
تدفع السوق اليوم في قطاع التكرير، نتائج خفض طاقات الإنتاج في التسعينيات، التي تراوح استخدامها عام2004بين 92و95%.

وقد أدت هذه التوترات إلى فورة في هوامش التكرير، بحيث بلغت 30 يورو للطن (في مقابل 81.5 يورو للطن) كمعدل منذ العام 1991، على حد ما جاء في دراسة للاتحاد الفرنسي للصناعات البترولية.

ويرفض الخبراء كل توجه كارثي ويقول أحدهم: «كانت السوق متوترة بما لا يقبل الشك وهي ستبقى على ذلك، لكن إذا ما تدهور الوضع في الشرق الأوسط إلى حد توقف الإمدادات، فسنواجه صدمة نفطية ثالثة بعد الصدمتين السابقتين في العامين 1973 و1979، مع سعر للبرميل قد يصل إلى ما بين 80 و100 دولار. وعند هذا المستوى قد تصبح الطاقات المتجددة مقيدة الاستخدام.