قضايا إقليمية

أضواء على تجـــارة الأسلحة الإسـرائيليـة
إعداد: إحسان مرتضى
باحث في الشؤون الاسرائيلية

تعرّضت تجارة السلاح في العالم الى متغيّرات وتقلبات كثيرة أملتها تطورات دولية وإقليمية كان من أبرزها في القرن الماضي، انتهاء الحرب الباردة بين المعسكرين الشرقي والغربي بقيادة الإتحاد السوڤياتي السابق والولايات المتحدة الأميركية، ومن ثم انهيار الإتحاد السوفياتي وبروز قوى جديدة على ساحة الصراع العالمي لها مصالحها الخاصة وحساباتها الجيوسياسية والجيوستراتيجية، التي تؤدي بالتالي الى إعادة خلط الأوراق على الصعيدين الإقليمي والدولي، خصوصاً في منطقة الشرق الأوسط ومناطق القوقاز والبلقان وشرق آسيا.
وعلى سبيل المثال بلغ حجم الإستيراد العالمي للأسلحة التقليدية مثل الطائرات الحربية والدبابات وأسلحة المدفعية والدفاع الجوي والصواريخ وما الى ذلك من أسلحة ثقيلة ايضاً ما يقرب 23.6 مليار دولار العام 1991، وانخفض هذا الرقم تدريجاً ليصل العام 2000 الى 15.3 مليار دولار. لكن شركات الأسلحة ما لبثت أن هرعت للتدخل السريع لدى الدول المستهلكة لهذا السلاح وخصوصاً دول الخليج لإنقاذ هذه الصناعة من حالة الركود والتردّي التي كانت تعانيها.
ومن المثير للإنتباه أنه ضمن أكبر مصدّري السلاح في العالم أربعة من الأعضاء الدائمين في مجلس الأمن في مقدّمهم الولايات المتحدة (بحجم مبيعات بلغ 49.3 مليار دولار سنوياً) تليها روسيا (15.7 مليار دولار) ثم فرنسا (10.8 مليار دولار) فبريطانيا (7 مليار دولار) وألمانيا (5.6 مليار دولار) ثم هولندا (2 مليار دولار). وكانت إسرائيل تحتل في السابق المرتبة الثانية عشرة في القائمة بحجم مبيعات بلغ في حينه 864 مليون دولار. إلا أنها ما لبثت أن تقدمت بصورة حثيثة في هذا المجال حتى باتت تحتل المكان الرابع في العالم خلف الولايات المتحدة وروسيا وفرنسا، متقدّمة على بريطانيا بعد أن باعت من الأسلحة المصنّعة محلياً العام 2007 ما قيمته 7.4 مليار دولار. وتأتي في مقدمة الدول المستوردة للسلاح في العالم: تايوان وتركيا وكوريا الجنوبية والسعودية ودول الخليج والهند ومصر.
وتعمل تجارة السلاح هذه بمختلف انتماءاتها على تغذية أكثر من أربعين صراعاً أو حرباً في مختلف مناطق العالم مثل البلقان ووسط أفريقيا والشرق الأوسط. وقد أعلن رئيس دائرة التسويق في وزارة الحرب الإسرائيلية يوسي بن هاتان أن شركات الصناعات العسكرية الإسرائيلية وقّعت عقوداً تتجاوز قيمتها عشرات مليارات الدولارات خلال العقدين الماضيين، وصلت الى أكثر من دولة في مختلف قارات العالم. ففي أفريقيا باعت إسرائيل السلاح لكل من كينيا وجنوب أفريقيا وزائير وأثيوبيا وأريتريا وغانا وأوغندا وسيراليون والمغرب. وفي آسيا باعت أسلحتها لكل من الصين والهند وأندونيسيا وماليزيا وسنغافورة وتايوان وسيريلانكا وكوريا الجنوبية وتايلند والفليبين. وفي أوروبا باعت أسلحة لكل من سويسرا وألمانيا الغربية وهولندا وفرنسا وبلجيكا واليونان وإيطاليا والسويد. كما شملت مبيعاتها في الأميركتين، الولايات المتحدة وكندا والأرجنتين والبرازيل والمكسيك والسلڤادور وهندوراس ونيكاراغوا وكولومبيا وغواتيمالا وفنزويلا.
والجدير بالذكر أن المجمّع الصناعي العسكري الإسرائيلي يتضمّن عدداً كبيراً ومتنوعاً من الشركات والمؤسسات العابرة للقارات من أبرزها:

 

1- مؤسسة الصناعات الجوية التي تأسست العام 1945 لصيانة وإصلاح الطائرات المدنية والعسكرية الإسرائيلية، وهي مملوكة من قبل الدولة، وتعتبر حالياً من أضخم المجمعات الصناعية في إسرائيل على الإطلاق، ويعمل فيها أكثر من 25 ألف عامل وفني وتقوم بتصدير 60٪ من منتجاتها الى الخارج والباقي لمصلحة المؤسسة العسكرية المحلية، ويبلغ متوسط دخلها السنوي نحو ملياري دولار.

 

2- مؤسسة الصناعات العسكرية الإسرائيلية: وهي تتبع وزارة الحرب وبدأت أعمالها بتصنيع الأسلحة الخفيفة والذخائر الخاصة بها، ويعمل فيها نحو 15 ألف عامل وتصل مبيعاتها الى مليار دولار سنوياً.

 

3- مؤسسة أو هيئة تطوير الوسائل القتالية (رفائيل): وتتبع وزارة الدفاع وهدفها الأساسي القيام بالأبحاث وتطوير وسائل قتالية جديدة اعتماداً على التكنولوجيا المتطورة، ووضع الخطط والبرامج المختلفة الخاصة بتطوير وسائل وتقنيات تبرز الحاجة اليها مع الوقت، وهي التي تقوم بتصنيع الصواريخ الموجّهة ومعدات التوجيه والتصويب والحواسيب الإلكترونية وأجهزة قياس المسافات الإكترونية، ومن بين صناعاتها الصاروخ شافيط من نوع أرض - أرض وايضاً صواريخ أخرى من نوع أرض - جو وجو - جو، بالإضافة الى وسائل الحرب الإلكترونية والقنابل الذكية، ويبلغ عدد العاملين فيها نحو ستة آلاف عامل.

 

4- شركة أحواض السفن الإسرائيلية وهي شركة حكومية مركزها حيفا ويعمل فيها نحو ألف عامل وتمارس أنشطة مدنية وعسكرية منها بناء السفن وزوارق الصواريخ وسفن إنزال الدبابات والصواريخ سطح - سطح من طراز غابريال.

 

5- شركة «سولتام»: وهي إحدى شركات مجمع «كور» الصناعي التابع للهستدروت، وتنتج مدافع الهاون بأنواعها بالتعاون مع شركة تابيلا في فنلندا، بالإضافة الى مدافع الميدان من عيار 155 ملم.

 

6- شركة «تاديران» وتنقسم ملكيتها بين وزارة الدفاع ومجمع كور، وتنتج البطاريات الجافة والأجهزة اللاسلكية وأجهزة الإتصال ومعدات التشويش والطائرات من دون طيار.

 

7- شركة بيت شيميش وتقوم بإنتاج المحركات النفاثة الخاصة بطائرات كفير وفانتوم 4 وسوبر فريلون.
وهناك شركات عديدة أخرى مثل «ايلوب» و«ايلبيت» و«ايل إسرائيل» وتقوم بإنتاج نظم الرؤية الليلية ومحددات المسافات ونظم المراقبة البعيدة والحواسيب الرقمية ونظم الشيفرة المتخصصة، والقنابل العنقودية والفوسفورية وأسلحة الحرب البيولوجية والأقمار الإصطناعية.
على ضوء ما تقدّم تحدث الصحافي يوسي ميلمان في صحيفة «هآرتس» عن أن تجار السلاح الإسرائيليين يعربدون في شتى أنحاء العالم، بحيث لا توجد مواجهة عسكرية أو نزاع إثني أو حرب أهلية من دون تدخّل هؤلاء التجار والمستشارين والخبراء العسكريين والتجار، الذين يبيعون السلاح الإسرائيلي من فائض الأسلحة في الجيش الإسرائيلي، أو من أي مصدر آخر في العالم لكل من يطلب ذلك. ويشير ميلمان الى أن مثل هذه الأنشطة الأمنية والتجارية إنما تتمّ بمعرفة وزارة الحرب وبتشجيعها وتحت غطائها.
وجاء في تقرير نشرته صحيفة معاريف الإسرائيلية أن مظاهر الفساد والرشوة طغت على العديد من الصفقات مع مختلف دول العالم مما أدى الى اعتقال وسجن العديد من الوسطاء والتجار الإسرائيليين، بحيث أدّت السمعة السيئة لهؤلاء الوسطاء الى إنزال مرتبة إسرائيل من الدرجة الرابعة الى الدرجة الثامنة العام الماضي على صعيد تجارة السلاح. وشكّلت الإعتبارت الأمنية سبباً كافياً لعناصر الموساد والإستخبارات العسكرية في الجيش الإسرائيلي للتدخّل في الشؤون الداخلية للعديد من حكومات آسيا وأفريقيا وأميركا الجنوبية، بما يؤدي الى ديمومة الصراعات وتأجيج نيران الحروب الأهلية والمسّ بالأبرياء، والى تثبيت سلطة الطغاة والفاسدين في دول هذه المناطق خلافاً لمصالح شعوبها.

جاء في تقرير نشرته صحيفة معاريف الإسرائيلية أن مظاهر الفساد والرشوة طغت على العديد من الصفقات مع مختلف دول العالم مما أدى الى اعتقال وسجن العديد من الوسطاء والتجار الإسرائيليين