معرض

أعمال عبد الحميد بعلبكي في متحف سرسق التناغم بين الطبيعة والإنسان

يكرّم متحف سرسق الفنان عبد الحميد بعلبكي، بإقامة معرض استعادي لأعماله (٢٧ شباط – ٢٨ أيلول – ٢٠٢٥) إحياءً لإرثه، خصوصًا بعد دمار منزله ومحترفه في عديسة وضياع محتوياته.

استمرّ التحضير للمعرض ثلاثة أشهر، وهو يضم 47 لوحة من أعمال منتقاة من مجموعات ومقتنيات خاصة، كما يضم مخطوطات معمارية له، وبعضًا من كتبه الشخصيّة ومحفوظاته، ومنحوتة صنعها لوالده (أُنقذت من محترفه في عديسة). إلى ذلك ثمة فيلم يستعرض شهادات فنيّة في عبد الحميد بعلبكي وعرض إلكتروني لمجموعة صور مختارة من الألبومات الخاصة بالفنان، ومن كاتالوغ المعرض الجماعي السابع عشر للفنون الجميلة الذي نظّمه المجلس الثقافي للبنان الجنوبي في حزيران 1992، في قاعة المعرض التابعة لوزارة السياحة اللبنانية.

في استعادة لزمن فنّي كامل، وللذاكرة في امتلاءاتها والتحوّلات بأبعادها الذاتية والاجتماعية والثقافية، ترصد لوحات عبد الحميد بعلبكي المعروضة في المتحف، مساره منذ بداياته في تسلسل يتناسب مع مراحله الفنيّة في شكل منظّم، مع تحديد المرحلة الزمنية لكل لوحة، وعنوانها. يتناول القسم الأول من المعرض فكرة الانتماء، وتعكس لوحاته ارتباط الفنان العميق بمحيطه من خلال تصويرها الحياة اليومية لسكان بيروت في الثمانينيات والتسعينيات.

وتتابع لوحات عبد الحميد بعلبكي سيرها لتخلق لغة خاصة بها، هي لغة الحياة بكل تلوّناتها. لوحات متينة التأليف تغلب عليها الألوان الداكنة، ولعلّ أبرز المؤثرات التعبيرية التي أكسبت لوحاته بعدًا حادًّا، تتجلّى في جداريّتَي ” الحرب” و” مجزرة دير ياسين”.

الطبيعة حاضرة بقوّةٍ في سلسلة متناغمة من لوحات الموضوع الواحد، تعكس قدرات الفنان التعبيرية في طريقة تعامله مع ألوان الصخور التي وجد فيها إشارات الثبات والاستقرار والعزلة، ومع الأشجار بجذورها القاتمة، أو تلك المقتلعة منها التي ترمز إلى التهجير والأرض المتنازع عليها.

تخلو معظم اللوحات المعروضة من تموّجات الظلال ولمعات النور، وتتلاءم ألوانها الحادة والجريئة مع القلق الذي رافق الفنان منذ اندلاع الحرب في لبنان، بينما تحقّق فرشاة البعلبكي معادلة النور والشفافيّة في لوحات وجوهه (أوتو بورتريه) وبورتريهات العائلة، ووجوه الناس في المقاهي، أو على الطرقات…

تفصح أعمال عبد الحميد بعلبكي عن العاطفة المتّقدة التي أضرمت اللون في ريشته، ويشير تنفيذها إلى أن الفنّ حالة لا يمكن تأطيرها بمدرسة محدّدة، وأن صياغة موضوع اللوحة يتعدّى مسائل اللون والضوء وتوازنات الخطوط، ليعبّر عن غنائية تقوم على التناغم بين قوّتين، الطبيعة الحيّة والإنسان الحيّ.

 

هوامش:

  • عبد الحميد بعلبكي (1940 – 2013)
  • غرنيكا (بالإسبانية Grenica) هي لوحة جداريّة للفنان بابلو بيكاسو، من قصف مدينة غرنيكا خلال الحرب الأهلية الإسبانية، تكمن أهمية اللوحة في كونها تجمع بين المدرستين السريالية والتكعيبية.
  • مالك بن تميم، شاعر وفارس من البصرة.
  • أطلق اسم الفنان عبد الحميد بعلبكي على أحد شوارع بلدته العديسة، عام 2015.
  • أُقيم له معرض استعادي يرافقه كتاب توثيقي، في غاليري صالح بركات في كانون الأول 2017.