وقاية وإرشاد

أفكار وخواطر
إعداد: رويدا السمرا

دفعـتني مسـاوئ الصـدف، الى زيارة أحـد معـارف معارفي، في بيـته الأشبه بالمتـحف. وقد أصـر مضيفنـا الكـريم، على عـرض مقتـنياته الثمـينة أمـام زواره الجـدد. وبدأ "اسـتعراضه"، بتعريفنا على قطعة ذهبية فريدة:

- "هذه التحفة من الذهب الخالص. عمرها لا يقل عن الألف سنة! توجد منها قطعتان في العالم كله، وأنتم تنظرون الآن الى القطعة الثالثة.

"قطع النقود هذه، تعود الى شعوب أصبحت من التاريخ القديم. اشتريتها بثمن لا يُقدّر، فهي بالطبع لم تعد قيد التداول، ووجودها نادر حتى في المتاحف...".

وتابعـنا "جولـتنا السياحية" وراء مضيفنا، الذي كان يتبختر، مـزهـواً "بغنائمه"، وسيجاره الغلـيظ بـين أسنانـه يُشحّر، ويشـوّه نصـف حـروف الأبجدية، ويشحّر... ودخـلت "دواخـين الزوق" فجأة، على خـط أفكـاري. وشـردت معـها بعيداً، الى انقـطاع الكهـرباء، وتراكـم الغسـيل في الغسالـة، والى فـاتـورة الكهـرباء وفـاتورة “موتـور” الكهربـاء، والـى، والـى... الى أن أيقـظني فجـأة ســؤال طرحـه أحدهـم عـلى المضيـف:

- “هل صحيـح أنك طلّـقت زوجـتك؟”.

وقـفز نظـري الى مضـيفنا، فرأيـته يكسـر رقبته الى الوراء، وكأنـه يحاول أن يطـال السماء بدخان سيجاره الغليظ وهو يقول:

- “نعم طلّقت زوجتي في العام الماضي. فقد صارت عائقاً في طريقي الى النجاح المستمر”.

 

وهنا، لم أتمالك نفسي عن السؤال:

- “وهل لي أن أتطفل وأسألك كيف وقفت زوجتك في وجه طموحاتك؟”.

- كثُرَت خلافاتنا في الآونة الأخيرة حتى أصبحت يومية، وتباعدت وجهات نظرنا الى الأمور، كالليل والنهار. من جهتي، صرت”مسايراً" أكثر، و"Open minded"، بينما بقيت هي تتمسك بمبادئ وقيم طواها الزمن".

 

وتابع مضيفنا:

- "زوجتي - أقصد السابقة - إمرأة مثالية. لقد حاولتُ بصدق ولكن من دون جدوى، أن أقنعها "بالتطنيش" لمراعاة مصالحي، وأكدت لها مراراً، أن أمثالها ومُثُلها أصبحوا من القطع النادر الذي لم يعد متداولاً هذه الأيام، لكنها لم تقتنع. فكان لا بد لي من الطلاق".

- "وكيف لم يخطر ببالك أن تحتفظ بزوجتك، أقلّهن كتحفة نادرة تكمّل بها مجموعتك الفريدة؟؟".

سؤال، كاد يقفز من حلقي من دون استئذان، لولا ابتلعته في اللحظة الأخيرة. فالإحترام واجب. ومضيفنا هو في النهاية، واحد من بين الملايين، الذين يتذكرون المبادئ والمُثُل ويذكرونها... في المآتم فقط !