مواقع ومهمات

أكاديمية الثلج العريقة
إعداد: باسكال معوّض بومارون

نقصد غابة الأرز هذه المرة وهدفنا بالتحديد الاطلاع عن قرب على كيفية تدريب التلامذة الضباط الذين يتابعون سنتهم الثالثة على مهارات التعامل مع الثلج، ما يؤهلهم لتنفيذ مهمات خاصة. لكن الوصول إلى الأرز من دون المرور بمدرسة التزلج هو خسارة بالفعل. فهذا الصرح العريق المميز بجماله وموقعه، يختزن في جنباته تاريخًا، وهو أشبه بأكاديمية تخرّج عسكريين اختصاصيين بمهمات لا يستطيع سواهم تنفيذها، خصوصًا أنّها تشكل مركزًا تلتقي فيه خبرات مدربين دوليين مع خبرات المدربين اللبنانيين. 

 

نتوجّه إلى قائد مدرسة التزلّج العقيد سميح خليل لنطّلع منه على نشاطات مدرسة التزلّج وأوّلها كما يخبرنا، تدريب منتخبات الجيش على أنواع التزلج كافة: التزلج الألبي، تزلج العمق، والتزلج العسكري. والنوع الأخير يقتضي استخدام أدوات إضافية تساعد العنصر على التسلّق الصحيح بواسطة الزلّاجة العسكرية للوصول إلى أيّ مكان لأداء مهماته. وتتم هذه النشاطات بإشراف مدربين أجانب، وبالتنسيق الدائم مع الاتحاد اللبناني للتزلج والاتحادات العسكرية الأجنبية، وذلك بهدف تبادل الخبرات وتنظيم سباقات التزلّج.

كيف يتم اختيار العناصر الذين يخضعون للتدريب؟ يوضح العقيد خليل أنّه بعد إصدار التعميم السنوي في بداية الموسم، يتم اختيار الراغبين (ضباط ورتباء) بتعلّم التزلج من قطع الجيش، فيخضعون تباعًا طوال الموسم لدورات تدريب مدة الواحدة منها ١٠ أيام. 

ويقوم عناصر المدرسة بعمليات الإنقاذ والتفتيش عن المفقودين والمحاصرين في الثلوج، كما يقومون بإخلاء المرضى والجرحى في المنطقة، وتنفيذ دوريات في الغابة لمنع قطع أشجار الأرز. 

وتشارك المدرسة دوريًا مع الاتحاد اللبناني للتزلج في البطولات الدولية في الخارج وفي بطولة لبنان للتزلج. وهي تشهد في أواخر شباط من كل عام بطولة الجيش للتزلج، في أنواع التزلج الثلاثة. 

في العام الماضي أعادت المدرسة تنظيم سباق إغارة الأرز الذي كان متوقفًا منذ العام ٢٠١٤، وشاركت فيه فرق لبنانية وأجنبية، والعمل جارٍ لجعل هذا النشاط سنويًا من الآن فصاعدًا، علمًا أنّه يقام هذه السنة تحت تسمية تحدي الأرز. 

 

الأجانب مهتمون

يشير العقيد خليل إلى أنّ المدرسة تحظى باهتمام الكثير من الوفود الأجنبية التي نعمل بالتنسيق معها لتحسين مستوى التدريب. وفي هذا الإطار اختار فريق من الجيش الكندي متعاقد مع أفواج الحدود البرية مدرسة التزلج لتدريب عناصر هذه الأفواج. ويضيف: «أشركنا عناصرنا في هذه الدورات نظرًا لتقدّم تقنياتهم وتطوّرها، وقد قدموا لنا مساعدة تتضمن عتادًا خاصًا بالثلج بما في ذلك عربات «السكي دو». 

التعاون مع الفريق الكندي شمل تنفيذ خطة خمسية، قضت بإشرافهم على دورات لإعداد مدرّبين على التزلج تابعها عناصر من المدرسة. كما أنّهم يقومون دوريًا بالتدريب على البحث والإنقاذ الجبلي، وهذه الدورة تشمل التفتيش عن مفقودين في الثلج أو إخلاء قرية طمرتها الثلوج.

ثمة تعاون أيضًا مع الجيش الإيطالي إذ أتى إلى المدرسة فريق من المدربين لتدريب منتخبات الجيش لمدة شهر في المدرسة وشهر آخر في إيطاليا، وإشراك المتدربين ببطولات إيطالية. توقفت هذه التدريبات إثر جائحة كورونا، ومن المتوقع أن تُستأنف في الموسم الشتوي القادم. 

 

وفي الصيف أيضًا

خلال الصيف تستقبل المدرسة فريقًا أميركيًا يُنظم دورات إسعافات أولية في الميدان، يتابعها عناصر المدرسة تباعًا ليكونوا على أهبة الاستعداد لأي حادث أو إصابة قد تطرأ في أثناء التدريبات أو عمليات الإغاثة. وجدير بالذكر أنّ الفريق الأميركي يأتي حاملًا معه كل ما يلزم للتدريب من وسائل. 

 

احتفاءً بتاريخها

معلوم أنّ المدرسة مبنى فرنسي قديم، شُيّد منذ حوالى الخمسة وثمانين سنة، وثمة بعثة من الجيش الفرنسي تخطط للاحتفال بذكرى تأسيسها من خلال إقامة نشاط دولي؛ ويوضح العقيد خليل أنّ فريقًا فرنسيًا سيزور المدرسة لدراسة إمكاناتها ومعرفة حاجاتها وتقديم المساعدة لها.

 

مشاريع

في ختام لقائنا يشير العقيد خليل إلى أنّ «المشاريع كثيرة في هذه الأيام بفضل البعثات الأجنبية، وأوّلها تأمين طاقة شمسية للمدرسة إضافة لمشروع إنشاء مبنى حديث في حرمها. وقريبًا سوف يتم توسيع مساحة منحدرات التزلّج التابعة للجيش، إضافة لتأمين مصعد كهربائي جديد لمنطقة التزلج. 

 

أهلًا بالزوار

توفّر مدرسة التزلج التدريب للضباط وعائلاتهم الذين ينزلون في الفندق العسكري في الأرز، وتقدم لهم العتاد اللازم للتزلج طوال فترة مكوثهم في الفندق.

مدرسة التزلج صرح عريق له تاريخه، وهذا الصرح الشامخ المتمركز في أحد أجمل مواقع لبنان متفيئًا ظلال أرزه يسعى كسواه من منشآت الجيش إلى مزيد من التطور. فرغم الأزمة تبقى الأنظار دومًا مشدودة إلى الأمام.