عطاء بلا حدود

أوصت بوهب أعضائها وكان لها ما أرادت
إعداد: جان دارك أبي ياغي

سيلفا يعقوب نور عينيها سكن في عينين تحتاجانه

 

شاء القدر أن تتوفى السيدة سيلفا سمير يعقوب إثر نوبة دماغية, وهي بعد شابة. لكن وبناء لوصية تركتها قبل وفاتها, حل النور في عيني شخصين كانا بحاجة إليه.
هنا وقائع قصة جديدة من قصص العطاء التي تعزز روابط الأخوّة الإنسانية عبر وهب الأعضاء.

 

على أثر وفاة السيدة سيلفا يعقوب, تقدّم زوجها الرقيب الأول المتقاعد إيلي مخايل تابت من عمليات الطبابة العسكرية مبدياً استعداده لوهب أعضاء زوجته.
وقد تبيّن للجهاز الطبي في المستشفى المذكور إمكانية إستئصال القرنيتين وزرعهما. وهذا ما حصل. أما المستفيدان فكانا العريف سليم سعاده والجندي مرعي خضر.
أجرى الجراحة البروفسور أنطوان خوري في المستشفى العسكري المركزي, وقد تكللت بالنجاح.
الرقيب الأول المتقاعد إيلي تابت قال:
كانت أمنية زوجتي قبل وفاتها أن تهب أعضاءها, فقد تأثرت بمقال نشر في مجلة "الجيش" عن ضابط فقد بصره في انفجار لغم في منطقة الجنوب أثناء قيامه بواجبه الوطني. كما أنها شاهدت حلقة تلفزيونية بثّت حول وهب الأعضاء فترسخت الفكرة في رأسها أكثر. للوهلة الأولى, ظننتها تمزح, إلا أنها كانت جدية في قرارها وأصرت على تحقيق أمنيتها, فرضخت للأمر الواقع. لكنني لم أتوقع أن هذه الأمنية ستتحقق بهذه السرعة...
ويتابع حديثه بتأثر قائلاً: "كانت زوجتي تعاني من داء الصرع (الوقوع في النقطة), وفي الليلة التي سبقت وفاتها, احتفلت بعيد ميلاد شقيقتها وكانت الفرحة تغمر قلبها زيادة عن المألوف, وكأنها كانت تعلم أنها على موعد مع الموت الذي خطفها من بيننا في اليوم التالي".
فارقت سيلفا (36 عاماً) الحياة بتاريخ
19 /5 /2003 تاركة وراءها زوجاً مصدوماً وثلاثة أولاد هم: ساندي (14 عاماً), شربل
(12 عاماً) ونسرين (10 سنوات).
وعندما علم الأولاد بأن عسكريين استفادا من قرنيتي والدتهما, أفرحهم الخبر وهم يطالبون بالتعرف على من وهبتهما والدتهم نور عينيها.
ويشجع الرقيب الأول تابت على وهب الأعضاء إذا كان ذلك يخفف من آلام من يتعذبون على هذه الأرض...
العريف سليم سعادة الذي استفاد من إحدى القرنيتين كان أصيب في العام 1990, ومع الوقت ساءت حالته أكثر الى أن بات بحاجة الى عملية زرع قرنية, ووضع اسمه على لائحة الإنتظار الى أن توفرت الفرصة.
العريف سعاده الذي تكللت عمليته بالنجاح يصف عطاء الواهبة بأنه عمل إنساني نبيل, ويشكر عائلتها, كما يشكر قيادة الجيش والطبابة العسكرية على الإهتمام الذي أتاح للنور أن يعود الى عينه.
الجندي مرعي علي خضر, كان أيضاً من بين الذين ينتظرون فرصة... فهو أصيب في العام 1993, وبعد استنفاد كل العلاجات الممكنة لم يبق أمامه سوى خيار زرع قرنية.
يقـول خضـر: المـال لن يشتري لي عيـناً... عطاء هـذه السيدة أعاد النـور الى عيني والأمـل الى نفسي.. ولا شـك أن الـله سيجـازيها بالخير... وهـو تمـنى الصحة والخير لعائلتها, وشكر للمؤسسة العسكرية اهتمامها.

 

شكر على المبادرة

قائد الجيش العماد ميشال سليمان, وبعد بلوغه الخبر, طلب مواجهة الرقيب الأول إيلي تابت, وشكره على مبادرته الإنسانية التي انقذت بصر عسكريين اثنين وقدّم له مساعدة إجتماعية.

 

 

تصوير: المجند فادي سمعان

المجند خليل بو ناصيف