تربية وامتحانات

أيام الإمتحانات الطويلة
إعداد: باسكال معوض

توتر وقلق وضغط ومونديال...
إستراتيجية لمواجهة الإسـتحقاق بثقة وجدارة


برنامج يومي للدروس

- نحن على أبواب إمتحانات نهاية العام الدراسي, والقلق هو سيد الساحة... كيف يمكن توجيه الطالب بتدجين مخاوفه ومشاعر القلق والتوتر التي يأتي بها الإمتحان؟
­ الأهم هو حسن التعاطي مع فكرة الإمتحان وبأكثر ما يمكن من البرودة والعمل على تنظيم الوقت بتوزيعه بساعات درس وساعات راحة. وهذا يقتضي نظرة شاملة ودقيقة للمنهاج الدراسي وتوزيع المواد على ساعات السعي اليومي, بما يتيح الإنتهاء من مراجعة كامل المنهاج قبل موعد الإمتحان بعدة أيام. وهذا يسمح للطالب بأن يرفع ثقته بنفسه خلال الأيام الأخيرة قبل الإمتحان, فيستدرك ما ينقصه من معلومات خلالها.
وأود لفت الإنتباه هنا الى أن المواد الأدبية تتطلب وقتاً أطول من المواد العلمية لدراستها.

 

- وما العمل في حال معاناة الطالب من الضغط الفكري بسبب كثرة الدروس؟
­ من الطبيعي أن تكون الدروس كثيرة قبل الإمتحان إذ هي ستشمل المنهاج بكامله. وهذا لا يشكل عبئاً ولا سيما بتطبيق ما سبق ذكره من حيث توزيع الوقت, فضلاً عن توفير التغذية المناسبة والقائمة على الطعام الصحي والخفيف في آن.
ومن المهم أن ينام الطالب مبكراً وليس أن يطيل السهر في درسه, لأن هذا ينهكه جسدياً وعصبياً ويخفف بالتالي من مقدرته على الإستيعاب. الى ذلك, ينبغي الإستيقاظ باكراً ومن المفضل ممارسة بعض الرياضة الصباحية وحركات التنفس العميق أمام نافذة مفتوحة.
وثمة شروط أخرى ينبغي تحقيقها لتأمين حسن الإستيعاب, منها تناول فطور صباحي صحي يتضمن الحبوب (Cereals)

وأي مشروب ساخن, مع تركيز التفكير بموضوع الدرس وعدم الإنصراف لأي أنشطة جانبية أخرى. ومن الضروري أن يخلو طعام الفطور من البروتينات والمواد الدهنية لأنها تورث كسلاً وخمولاً, بينما تعتبر الفاكهة والعصائر مطلوبة ومفيدة بإمتياز.

 

الراحة ضرورية أيضاً...

- هل يجوز الإنكباب على الدرس لعشر ساعات يومياً؟
­ لا, هذا لا يجوز, ينبغي لدى توزيع برنامج الدرس أن يتضمن فترات راحة ضرورية بين كل جولة وأخرى, على ألا تتجاوز الجولة الثلاث ساعات. وخلال فترات الراحة من الضروري الدخول في أنشطة (فكرية أو جسدية) بعيدة كل البعد عن موضوع الدراسة والإمتحان. وذلك لإراحة الذهن.

 

- وماذا عن النوم خلال فترة التحضير للإمتحانات؟
­ يجب الإستسلام للنوم بالمقدار الذي يحتاجه الجسم, أي بمعدل سبع ساعات تقريباً وهو الوقت الضروري والكافي "لإعادة شحن الطاقة الحيوية".
كذلك لا بد من الإبتعاد عن مناقشة الأمور المستعصية والإستنكاف عن إثارة الجدل والحوارات الصاخبة, لأن أي إستهلاك عصبي ناجم عن التوتر يضر مباشرة بالمقدرة الفكرية على الإستيعاب والفهم. وفي هذا الإطار لا تعتبر ألعاب الكمبيوتر المثيرة للأعصاب تسلية إيجابية, ويقتضي استبدالها بغيرها. كذلك من الأنسب الإبتعاد عما يثير المشاعر والغرائز لأن ذلك كله يشتت الإهتمام ويتعب الجملة العصبية للطالب.
ويهمني هنا التنويه بدور الأهل الذي لا بد أن يلعبوه لإراحة إبنهم الطالب وتيسير أجواء الدراسة والهدوء له, وعدم الإصرار عليه في أي من أمور الحياة وترك الملاحظات التي تتحصل لديهم على سلوكه الى فترة لاحقة, إذ تكفيه الضغوطات المدرسية الحاصلة. وللأهل دور بارز في مساعدة إبنهم على مواجهة الضغط النفسي (Stress) ومنحه الدعم الكافي ليكون أقوى أمام الإستحقاق.

 

ليلة الإمتحان

- يميل كثر من الطلاب الى جعل الليلة الأخيرة قبل نهار الإمتحان من أثقل الليالي درساً وسهراً وتحضيراً وإستعادة, وذلك للإستعداد بطريقة أفضل وأشمل لاستحقاق اليوم التالي. ما رأيك؟
­ من الأمثل جعل الليلة الأخيرة هذه ليلة راحة وإسترخاء تتيح للحافظة الدماغية إعادة ترتيب ملفاتها وتنظيم سياق المعلومات. وأفضل ما يفترض ممارسته في هذه الليلة هو الراحة والنوم باكراً, مع الحرص على عدم تناول أي من المواد المنبهة أو المشروبـات الغازية أو العقاقـير المنشـطة للدماغ لأن ذلك كلّه يسيء بدلاً من أن يفيد. ولا بـد من النهـوض باكـراً صباح يـوم الإمتحان وممارسة بعض حركـات الرياضة والتنـفس العميـق ثـم إلقـاء نظـرة شاملـة وسريعة على مواد الإمتـحان مـن دون التـركيز على فصل بذاته مـن دون غيره.


الغذاء المثالي

يتساءل المرء عن الغذاء الأنسب والأفضل في مرحلة الإمتحانات, والجواب لا يتضمن طلب المعجزات. فأفضل الأغذية هو ما يتيح الوقود الكافي للدماغ وللجهاز العصبي وعدم تحويل الطعام بذاته الى مشكلة إضافية تضغط على الطالب.
فلنتذكر دائماً أن ما تطلبه المعدة هو الأفضل ولنعمل على الإهتمام بالنوعية على حساب الكمية. فأسوأ التغذية هي التخمة ولو كانت مقوماتها من أفضل المغذيات.

 

وثمة نصائح في هذا الميدان, أبرزها:
­- عدم القفز فوق أي وجبة طعام و”تجييرها” الى الوجبة التالية.
­- عدم تغيير إيقاع ونظام وجبات الطعام المعتادة وإذا كان بالإمكان جعل الوجبات أربعاً يومياً فهذا جيد, على أن يتم الإمتناع تماماً عن الـ”لقمشة” بين الوجبات وعدم تناول المشروبات الغنية بالسكاكر, والإمتناع تماماً عن المشروبات الروحية مع التخفيف قدر الإمكان من القهوة أو الشاي وأشباهها. “العصرونية” ووجبة الساعة الحادية عشرة تعتبران جيدتين لمن يرغب. لكن السيء هو إلتهام كيس من “التشيبس” (Chips)

 

خلال الدرس أو إبتلاع البونبون وغيره.. وأفضل ما يمكن تناوله من خارج مملكة المائدة هو الفيتامين C الطبيعي منه أو الدوائي.
وهنا توصيف علمي لفطور مثالي في مرحلة الإمتحانات:
­- نصف كوب من عصير الغريفون.
­- عشرون غراماً من الجوز واللوز.
­- كوب من القهوة أو الشاي مع قطعة سكر (وليس مع سكر مخفف).


الإمتحانات والمونديال!

يتوافق حصول مباريات المونديال لكرة القدم مع “مباريات” الإمتحانات, ما يمكن أن ينعكس سلباً على الطلاب في خضم تحضيرهم للإمتحان.
ينصح الطبيب في هذا المجال بعدم متابعة دقائق المباريات والإكتفاء بالإطلاع على نتائجها النهائية. لكن هذا الطلب السهل صعب التنفيـذ. وينبغـي هنا أن يتحـمل كـل امرئ مسؤوليـاته كما ينبـغي. فالحياة مليـئة بالرغائب, ومن البديهي أن يكبـح المـرء نفسه عن أمور كثيرة يعشقها إذا كان في كبحه هذا تأدية لواجـب. وهذا لا يعنـي أن نطلب من الطالب العيش على إيقـاع الحياة المتشـددة والأنظـمة الصارمـة وبـين شـروط المقبـول والممـنوع, بل يعني أن يتذكر الطـالب بأن لذة النـجاح ستـكون دائماً كافية لإرضاء غروره ونوازعه ولتحقيق مصلحته الحيوية, وأن متابعته مباراة رياضـية يحبها ستمـنحه بعض الـلذة بالطـبع لكنـها قد تحـرمـه من لذة أكـبر.