ملف العدد الأسبوع الدامي

أيها الأبطال دماؤكم وسواعدكم أفشلت أخطر ما تعرّض له لبنان
إعداد: ريما سليم ضوميط

مرّة أخرى، يدفع الجيش ضريبة الدم الباهظة في معركة الدفاع عن لبنان، ضد الجماعات الإرهابيّة التكفيريّة، التي دخلت أرض الوطن تحت مسمّيات ومبرّرات مختلفة، بهدف جعل لبنان إمارة تفرض فيها نهجها المعروف بالقتل والتنكيل وتدمير حقوق الانسان، والذي ينتمي إلى عصور الظلام الأشد حلكة.
تسعة عشر شهيدًا وستة وثمانون جريحًا، وعشرون عسكريًا مفقودًا، إلى عشرات الجرحى حصيلة الحرب التي شنّها الإرهابيون على الجيش اللبناني في عرسال. البلدة اللبنانية التي فتحت منازلها لاحتضان النازحين السوريين، كان جزاء كرمها، هجمة بربرية نفّذها الإرهابيون، مستخدمين أرضها وشوارعها لاستهداف الجيش اللبناني والتطاول عليه.
في البلدة البقاعية وفي جرودها، امتزج تراب الأرض بدماء أبطال الجيش ودماء الضحايا من أهالي البلدة الذين وقفوا إلى جانب جيشهم، ومعهم وقف لبنان بأسره يدعم الجيش بصلواته وتأييده العلني، لتثبت المأساة، على الرغم من فظاعتها، اللحمة بين الجيش والشعب، وهي السلاح الأقوى في مواجهة الإرهاب والتطرّف.


بين العيد والواجب: خط الشهادة لا ينقطع
لم تكد تمضي ساعات على احتفال لبنان واللبنانيين بعيد الجيش، حتى هبّت الرياح السوداء. جماعات الـ«نصرة» و«داعش» ومن لفّ لفّهما من إرهابيين، يهاجمون مواقع الجيش ومراكزه في منطقة عرسال، ما أدّى الى وقوع عدد من الإصابات بين شهيد وجريح في صفوف العسكريين والمدنيين من أبناء البلدة، الذين تضامنوا مع القوى العسكرية والأمنية ضد العناصر المسلّحة التي وُجدت في بلدتهم.
تسلسل الأحداث في ذلك اليوم (2/8/2014) أوضحته بيانات قيادة الجيش المتلاحقة.
في البيان الأول أعلنت قيادة الجيش: «...على أحد حواجز الجيش في جرود منطقة عرسال، تم توقيف عماد أحمد جمعة الذي اعترف عند التحقيق معه بانتمائه إلى جبهة النصرة. وقد سلّم الموقوف إلى المراجع المختصّة لاستكمال التحقيق».
وجاء في بيان لاحق أنه إثر توقيف السوري عماد أحمد جمعة «توتّر الوضع الأمني في المنطقة ومحيطها نتيجة انتشار مسلّحين ومطالبتهم بالإفراج عنه. وفي أثناء مرور صهريج مياه تابع للجيش، عمد هؤلاء المسلّحون إلى خطف جنديين من الجيش. كما أقدمت هذه المجموعات المسلّحة الغريبة عن لبنان وعن منطقة عرسال تحديدًا والتابعة لجنسيات متعددة، على الإعتداء على عسكريين من الجيش والقوى الأمنية الأخرى داخل البلدة وخطفت عددًا منهم».
وأضاف بيان القيادة أن «وحدات الجيش اتخذت التدابير الفورية لمواجهة الوضع القائم، فيما عمد عدد من هؤلاء المسلّحين إلى الاعتداء على أحد مراكز الجيش وإطلاق النار باتجاهه، وتقوم وحدات الجيش بالرد على مصادر النيران باستخدام الأسلحة الثقيلة واستهداف أماكن تجمّعهم. وبنتيجة الاشتباكات سقط للجيش عدد من الشهداء والجرحى كما استشهد عدد من سكان بلدة عرسال في أثناء محاولتهم منع المسلّحين من الدخول إلى فصيلة قوى الأمن الداخلي، بينما تمكّن الجيش نتيجة عملياته من تحرير الجنديين المخطوفين.
ضمّت المجموعات المعتدية، مئات المسلّحين من جنسيات مختلفة، أتى بعضهم من جرود البلدة وبعضهم الآخر من داخل مخيمات اللاجئين، وكانوا مدجّجين بالأسلحة الخفيفة والثقيلة، وقد قاموا بتطويق عدّة مراكز للجيش، وانتشر قناصون منهم على بعض الأسطح في البلدة وبدأوا بإطلاق النيران في اتجاه هذه المراكز».

 

أخطر ما تعرّض له لبنان واللبنانيون
فيما كانت نيران الإرهاب تتّجه نحو المراكز العسكرية في عرسال، أعلن الجيش أنه لن يسمح لأي طرف بأن ينقل المعركة من سوريا إلى أرضه، ولن يسمح لأي غريب بالعبث بأمن لبنان. وأكّدت قيادته أن الجميع مدعو لوعي خطورة ما يجري وما يحضر للّبنانيين والجيش، بعدما ظهر أن الأعمال المسلّحة ليست وليدة الصدفة، بل هي مخططة ومدروسة.
وقد جاء في البيان الثالث لقيادة الجيش (2/8/2014) «إنّ ما جرى ويجري اليوم، يعدّ أخطر ما تعرّض له لبنان واللبنانيون، لأنه أظهر بكل وضوح أن هناك من يعدّ ويحضر لاستهداف لبنان، ويخطط منذ مدة للنيل من الجيش اللبناني ومن عرسال.
فالمجموعات المسلّحة، شنّت هجومًا مركّزًا على منازل اللبنانيين من أهالي عرسال والمنطقة، التي يدافع عنها الجيش ويحمي ابناءها، وخطف المسلّحون عددًا من جنود الجيش وقوى الأمن الداخلي، وهم عزّل في منازلهم يمضون اجازاتهم بين أهلهم، وأخذوهم رهائن مطالبين بإطلاق أحد أخطر الموقوفين لدى الجيش».
وأكّد البيان: «إنّ الجيش لن يسمح بأن يكون ابناؤه رهائن، ولن يسكت عن أي استهداف يطال الجيش وابناء عرسال الذين وفّر لهم الجيش الحماية وعزّز وجوده في المنطقة، بناء على قرار مجلس الوزراء. لكنّ المسلّحين الغرباء امعنوا في التعديات وأعمال الخطف والقتل والنيل من كرامة أبناء المنطقة».
وأضاف: «إنّ الجيش لن يسمح لأي طرف بأن ينقل المعركة من سوريا إلى أرضه، ولن يسمح لاي مسلّح غريب عن بيئتنا ومجتمعنا بأن يعبث بأمن لبنان وأن يمسَّ بسلامة العناصر من جيش وقوى أمن.
إنّ الجميع اليوم مدعوون لوعي خطورة ما يجري وما يحضّر للبنان وللّبنانيين وللجيش، بعدما ظهر أن الأعمال المسلّحة ليست وليدة الصدفة بل هي مخطّطة ومدروسة، والجيش سيكون حاسمًا وحازمًا في رده، ولن يسكت عن محاولات الغرباء عن أرضنا تحويل بلدنا ساحة للإجرام وعمليات الإرهاب والقتل والخطف».

 

اليوم الثاني (3 آب)
تواصلت الاشتباكات العنيفة بين الجيش والإرهابيين طوال ليل السبت – الأحد (2-3 آب) وتخلّلتها إنزالات من مروحيات بعدما استقدم الجيش مزيدًا من التعزيزات إلى عرسال ومنطقة جرد رأس بعلبك والفاكهة، بهدف محاصرة المسلّحين تمهيدًا لعزلهم وتطويقهم. وقد سقط خلال الإعتداء ثمانية شهداء للجيش إضافة إلى عدد من الجرحى، وذلك بحسب بيان لقيادة الجيش- مديرية التوجيه.
وجاء في بيان لاحق للقيادة أن بعض وسائل الإعلام عمد إلى «بث معلومات مغلوطة عن أعداد الشهداء العسكريين الذين سقطوا خلال الاشتباكات الجارية في منطقة عرسال وأسمائهم». ودعت وسائل الإعلام المعنيّة إلى «التوقّف عن بث هذه المعلومات أيًّا كان مصدرها والاعتماد فقط على البيانات الصادرة عن القيادة».
صباح يوم الأحد، واصلت المجموعات هجماتها على الجيش اللبناني، حيث نصب المسلّحون مضادات الطيران وقواعد الصواريخ ومدافع بين منازل البلدة متّخذين من المواطنين دروعًا بشريّة، وقد أطلقوا النار ورصاص القنص على كل من حاول الخروج من محيط نقاط تمركزهم. كما استهدفوا مواقع الجيش بالقصف العنيف من المواقع السكنية، لكنّ الأخير لم يردّ على مصادر النيران حرصًا على حياة المواطنين.
في اليوم نفسه، وعلى محور آخر، تمكّن الجيش من طرد المسلّحين من منطقتي وادي حميد والمصيدة بعد أن استقدم مزيدًا من التعزيزات المؤللة، واستعاد السيطرة على النقاط العسكرية التي اعتدوا عليها بعد معارك عنيفة امتدت لساعات عديدة. أما المسلّحون فسيطروا على موقع للكتيبة 83 حيث استشهد ضابطان للجيش بعد مواجهات بطولية مع الإرهابيين.
ثم تركّز القصف على تلة الشعب وداخل البلدة عند محيط مبنى المدرسة المهنية، واضطر الجيش إلى اخلاء المبنى بعد اصابة عدد من عناصره، ثم استعاده ليلًا.
شهدت عرسال نزوح بعض أهاليها الذين استطاعوا الخروج، فيما أجبر المسلّحون معظم السكان على البقاء داخلها، ونشطوا في أعمال القنص، فقتل مواطن لدى وجوده على سطح منزله.
مديرية التوجيه في قيادة الجيش أصدرت بيانات متتالية حول مجريات الأحداث في ذلك اليوم، جاء فيها:
«تعرّضت بلدة عرسال خلال الليل ولا تزال إلى قصف متقطّع بمدافع الهاون مصدره المجموعات المسلّحة التي تقاتل الجيش، وتقوم وحدات الجيش بالرد على مصادر النيران بالأسلحة المناسبة».
وأوضح بيان لاحق أن «وحدات الجيش تواصل في منطقة عرسال وجرودها التصدّي لأعداد كبيرة من المسلّحين والاشتباك معهم، وهي تقوم بقصف مراكز تجمّعاتهم وطرق تحرّكاتهم تمهيدًا لعزلهم وتطويقهم. وقد تم استقدام المزيد من التعزيزات العسكرية إلى المنطقة».
 وأفاد بيان آخر بمسار تطوّر الأمور ليل الأحد – الإثنين (3-4 آب)، حيث تابعت الوحدات عملياتها العسكرية في منطقة عرسال ومحيطها، وأحكمت سيطرتها الكاملة على مبنى مهنية عرسال بعد تعرّضه لهجوم من الجماعات الإرهابية. واستهدفت هذه الوحدات بالأسلحة الثقيلة نقاط تجمّع المسلّحين. وقد سقط للجيش خلال المواجهات عدد من الشهداء والجرحى.
وذكر البيان أيضًا أن الجماعات الإرهابية تقوم بالاعتداء على أهالي بلدة عرسال ومنعهم من مغادرة البلدة، حيث عمدت إلى تصفية عدد من المواطنين الذين رفضوا الامتثال لها (بيان 4/8/2014).
في إطار آخر، بدأت في اليوم الثاني للمعركة مفاوضات سياسية غير مباشرة تولّتها «هيئة علماء المسلمين» بالتنسيق مع اللواء الركن محمد خير، لم تتوصّل إلى نتيجة حتى ساعة متقدّمة من الليل

.

اليوم الثالث (4 آب)
سجّل اليوم الثالث من المواجهة بين الجيش اللبناني وعصابات المسلّحين في عرسال موقفًا للرئيس تمام سلام أعلن فيه رفض الحكومة مجتمعة أي حل سياسي في المواجهة مع الإرهابيين، وأعرب عن دعم مطلق للجيش إلى حدود إعلان التعبئة الكاملة لتوفير كل مستلزمات هذا الدعم.
وزار وفد «هيئة العلماء المسلمين» قائد الجيش العماد جان قهوجي في اليرزة، ثم اتجه إلى عرسال. وفيما كان الموكب يدخل البلدة للتفاوض مع المسؤول الميداني عن المسلّحين، استهدف بالرصاص ما أدّى الى إصابة أربعة من أعضائه.
شهد هذا اليوم تقدّمًا ميدانيًا ملحوظًا للجيش الذي عمل على إحكام الحصار على انتشار مسلّحي التنظيمات الإرهابية، بعد أن استعاد السيطرة على عدد من مواقعه وأوقع عددًا كبيرًا من القتلى في صفوف المسلّحين خلال الاشتباكات، إضافة الى سيطرته على معظم التلال الاستراتيجية المحيطة بعرسال وربط مواقعه بعضها بالبعض، بعد اقتحام المواقع التي تتحصن فيها عناصر «داعش» و«جبهة النصرة» على غالبية التلال المشرفة على البلدة. وقد عزّز الجيش مواقعه في مرتفعات ثكنة 83 بعد استردادها من المسلّحين، وتمكّن من صدّ هجوم جديد لهم عليها.
ومع تقدّم وحداته وإحكامه السيطرة الكاملة على مبنى «مهنية عرسال»، عثر الجيش على عشرات من جثث المسلّحين. وقامت وحداته بإجلاء نحو مئة وعشرين مدنيًا جلّهم من الأطفال والنساء وبينهم مرضى، كانوا محاصرين بالقرب من مهنية عرسال، مستعملة ثلاث شاحنات «ريو»، بينما نزحت عشرات العائلات بسياراتها.
وتقدّم الجيش إلى ما بعد مستوصف البلدة عقب اشتباكات عنيفة وسقوط عدد كبير من المسلّحين، واستكمل حشد القوى باستقدام المزيد من الوحدات.
ساندت مدفعية الجيش قوات المشاة التي تقدمت في اتجاه تلّة الحصن، بقصف مدفعي مركّز، فيما الاشتباكات تكثّفت في شكل عنيف في مرتفعات عرسال وتحديدًا في محلتيّ تلة رأس السرج ووادي عطا، حيث أحرز الجيش تقدّمًا ملحوظًا على جبهة تلة رأس السرج.
في المقلب الآخر، استولى المسلّحون على مقرّ المحكمة الشرعية في عرسال وعلى مركز الجمارك القريب من المحكمة داخل البلدة التي سيطروا عليها منذ يوم السبت، وأقاموا حواجز تفتيش فيها وعمدوا إلى اطلاق النيران على كل من حاول الخروج منها، بحيث منعوا المواطنين من التجوّل، وأطلقوا تهديدات تنذرهم بعدم المغادرة. وأدى إطلاق المسلّحين النار على الأهالي الذين حاولوا مغادرة البلدة الى مقتل ستة أشخاص.
من جانبها، أعلنت قياة الجيش عن ارتفاع عدد الشهداء إلى 14 شهيدًا إضافة إلى 86 جريحًا وفقدان 22 عسكريًا تعمل وحدات الجيش على البحث والتقصّي عنهم لكشف مصيرهم. وقد جاء في بيان قيادة الجيش - مديرية التوجيه:
«يخوض الجيش اللبناني منذ يومين معارك ضارية في منطقة جرود عرسال ضد مجموعات مسلّحة من الإرهابيين والتكفيريين على أكثر من محور. حتى الآن أنهى الجيش تعزيز مواقعه العسكرية الأمامية، وتأمين ربطها ببعضها البعض ورفدها بالإمدادات اللازمة. وتعمل وحدات الجيش حاليًا على مطاردة المجموعات المسلّحة التي لا تزال تمعن في استهداف العسكريين والمدنيين العزل في بلدة عرسال».
وفي بيان آخر لها، أشارت قيادة الجيش الى أن «أحد مراكز الجيش، بالقرب من مهنية عرسال، تصدّى لهجوم قامت به أعداد كبيرة من المسلّحين الإرهابيين خلال الليل، وتمكّن عناصر المركز بعد اشتباكات عنيفة بمختلف أنواع الأسلحة، من إيقاع عشرات القتلى والجرحى في صفوف الإرهابيين المهاجمين، فيما لاذ الباقون منهم بالفرار».

 

اليوم الرابع (5 آب)
في اليوم الرابع للمعركة، حظيت عمليات مكافحة الإرهاب التي يخوضها الجيش في عرسال ومحيطها وغيرها من المناطق بدعم دولي واضح، تجلّى في موقف حازم اتخذه مجلس الأمن بالإجماع، معلنًا تأييده أيضًا حكومة رئيس مجلس الوزراء تمام سلام.
ميدانيًّا، توسّعت رقعة الاعتداءات على الجيش لتستهدف حافلة عسكرية في طرابلس بإطلاق نار أدّى إلى إصابة سبعة عسكريين بجروح. وقد صدر على أثر الحادثة (5/8/2014) بيان عن قيادة الجيش - مديرية التوجيه، جاء فيه:
«عند الساعة 5.55 من صباح اليوم وفي محلة الملولة - طرابلس، تعرّضت حافلة تابعة للجيش تقلّ عسكريين متوجهين إلى مراكز عملهم، إلى إطلاق نار من قبل عناصر مسلّحة، ما أدى الى إصابة 7 عسكريين بجروح، تمّ نقلهم إلى المستشفيات للمعالجة، وتعمل وحدات الجيش المنتشرة في المنطقة على ملاحقة مطلقي النار لتوقيفهم».
كما صدر في التاريخ نفسه عن قيادة الجيش - مديرية التوجيه التوضيح الآتي:
«يعمد بعض مواقع التواصل الاجتماعي إلى عرض مشاهد لعدد من جثث القتلى باللباس العسكري، بالإضافة إلى مشاهد لمسلّحين يقومون بقتل عسكريين بطريقة وحشية، والإيحاء بأن الأخيرين ينتمون إلى الجيش اللبناني.
يهم قيادة الجيش الإشارة إلى أن أيًّا من صور هؤلاء القتلى لا تعود لعناصر الجيش اللبناني، وقد تبيّن أن هذه المشاهد مأخوذة من أحداث جرت خارج لبنان وهي منشورة سابقًا».
على صعيد آخر، تم التوصل إلى هدنة لساعات قليلة في عرسال أسفرت عن الإفراج عن ثلاثة من عناصر قوى الأمن الداخلي. بعد الظهر، تركّزت المعارك بين الطرفين على التلال الاستراتيجية المحيطة بالبلدة وعلى جرود السلسلة الشرقية، واستخدم المسلّحون مسجد البلدة مركزًا لإطلاق النيران. في هذا اليوم، وصل الجيش إلى عمق أماكن تجمّع المسلّحين.
من جهة أخرى، سجّل استسلام عدد من المسلّحين بعد دخول الجيش محيط أحد مراكزهم، ونقلوا إلى مراكز خلفية تمهيدًا لتسليمهم إلى القضاء، في حين خرق المسلّحون عشرات المرات هدنة الـ24 ساعة التي كانت أقرّت بسعي من وفد «هيئة العلماء المسلمين».

 

اليوم الخامس (6 آب)
في اليوم الخامس، ضيّقت وحدات الجيش الحصار على المسلّحين وأقفلت كل المنافذ للحؤول دون تزويدهم إمدادات لوجستية وبشرية. وقد وقع صدام مسلّح بين الجماعات المسلّحة على خلفية انسحاب مسلّحي «النصرة» صوب الجرود، فيما كان مسلّحو «داعش» يرفضون الانسحاب قبل اطلاق الموقوف السوري عماد جمعة.
وقبيل انسحابهم من عرسال، نفّذ المسلّحون ممارسات شغب وسرقات بحق البلدة وأبنائها، إذ لم يكفهم القتل والحصار، بل سرقوا أيضًا عددًا كبيرًا من المنــازل وكذلك المحــال في البلدة، إضافة إلى حرق بعــض المنــازل وكذلــك الخيــم التابعــة للنازحــين الســوريين.
في ساعات المساء والليل، سجّلت عملية نزوح واسعة لأبناء عرسال من البلدة وقدّر النازحون بالآلاف.

 

اليوم السادس (7 آب)
في عملية نوعيّة نفّذتها قوّة من الجيش، تم تحرير سبعة عناصر من قوى الأمن الداخلي المحتجزين لدى المسلّحين في عرسال. وسيطر هدوء حذر على البلدة طوال النهار، فيما باشر الجيش تعزيز انتشاره في نقاطه. في هذه الأثناء، أكّد وفد «هيئة العلماء المسلمين» انسحاب المقاتلين الى الجرود واستمرار المفاوضات معهم حول ملف الرهائن من عناصر الجيش وقوى الأمن الداخلي.
وفي عمليّة تفقّد أوليّة لبلدتهم، عثر الأهالي على أعداد من القتلى في الشوارع، فبدأت مراسم الدفن والتشييع، وتبيّن وجود أضرار مادية هائلة نتيجة المعارك.
في اليوم التالي، ركّز الجيش حاجزًا داخل عرسال، ليتم بعد ذلك تسيير الدوريات فيها من دون تسجيل أي حوادث.

 

العسكريون المفقودون
بعد انتهاء العمليات العسكرية في عرسال وبدء تنظيم أمور البلدة عقب خروج المسلّحين الإرهابيين منها، برزت الى الواجهة قضية احتفاظ المسلّحين الخارجين إلى جرود عرسال بالمخطوفين وهم تسعة وثلاثين عسكريًا، 20 من الجيش و19 من الأمن الداخلي، على أمل كشف مصيرهم وإطلاق سراحهم في أقرب وقت، فترتاح نفوس رفاقهم الشهداء في أعالي السماوات.

 

...والجرحى
فاق عدد الجرحى في معركة عرسال المئتين، لكن بعد أيام من إصابتهم، كانوا قد تماثلوا إلى الشفاء فخرجوا من المستشفى. وبينما عاد معظمهم إلى صفوف قطعاتهم، ظل قيد العلاج عدد قليل منهم.