محاضرة

أي وجهة للبنان العام 2030؟
إعداد: ليال صقر الفحل

في زمن أضاع فيه العالم اتجاه البوصلة السياسيّة والاجتماعية والاقتصادية، يتلمّس الجميع طريق الخروج من النفق المظلم للوصول إلى مستوى مقبول من العدالة الإجتماعية والاستقرار السياسي والنمو الاقتصادي... فما هي وجهة لبنان بالنسبة للسيناريوهات العالمية بحلول العام 2030؟

 

القيادي والخبير في الشؤؤن الاستراتيجية والاقتصادية والتكنولوجية غسان حاصباني، تناول الموضوع في محاضرةٍ ألقاها في كلية فؤاد شهاب للقيادة والأركان، بحضور مساعد قائد الكلية العميد الركن كلود الحايك ممثّلًا قائد الجيش العماد جان قهوجي، عدد من الضباط الأركان، إلى ضباط من قطع الجيش ووحداته.
حاصباني الذي شغل مناصب قيادية عديدة في أوروبا والشرق الأوسط (من أهمها منصب الرئيس التنفيذي للعمليات الدولية في مجموعة الاتصالات السعودية، مؤسس ورئيس شركة «غرايكوتس» التي تعنى بالاستشارات الاستراتيجية). له مؤلفات كثيرة منها «جمهورية خارج الكهف، وجهة لبنان في عالم متغيّر» الصادر في العام المنصرم. ويشكل مضمون هذا الكتاب العنوان العريض للمحاضرة التي خصّ بها حاصباني ضباط المؤسسة العسكرية ليشرح كيف يخوض لبنان اليوم تجربة صعبة في ظل ظروف إقليمية دقيقة، حان الوقت فيها لنقلةٍ نوعيّةٍ، للنهوض بالاقتصاد والتوجه نحو الانتاجية وخلق فرص عملٍ للشباب للحد من هجرة الأدمغة، والإبقاء على التوازن الاجتماعي والثقافي.
وفي هذا السياق، ناقش حاصباني كيفية تشكيل نواة الإصلاح الحقيقي والفاعل في المجتمع من خلال العلم والفكر وإرادة المواطن اللبناني، مشدّدًا على أن لا ديمقراطيّة من دون مؤسسات فاعلة، واقتصاد تنافسي حرّ، متمنّيًا على الجميع العمل اليوم لغدٍ واعد ولتحقيق لبنان المرتجى في العام 2030. كما تناول الوضع العالمي الحالي وتطور الاتجاهات الاقتصادية العالمية بحيث بات النمو يتجه من الغرب الكهل إلى الشرق الفتي، نتيجة ترهل قوانين ناظمة ونماذج حوكمة في البلدان الكبرى وحدوث تشابك بنيوي في مجموعة الأنظمة الاقتصاديّة. وتطرق إلى الوضع في منطقة الشرق الأوسط حيث أهم احتياطات مصادر الطاقة التي تعتمد عليها الدول الكبرى لتحقيق جزء كبير من نموها الاقتصادي، مشيرًا إلى أنّ هذه المنطقة هي أكثر من أيّ وقت سابق محط اهتمام ومحور تشابك مصالح دولية، حيث تسعى دول عظمى إما لاحتلال مواقع استراتيجيّة في الشرق الأوسط تأمينًا لمصادر الطاقة أو لحماية مكتسبات محقّقة من تهديد طرف آخر.
وفي ظلّ أوضاع اجتماعية متردّية ناجمة عن ممارسات أنظمة سياسية لم تلبّ متطلبات شعوبها وتطلعاته، وانطلقت ثورات اجتماعية وحروب تحرريّة أدت إلى تدخلات أجنبية كبيرة أثرت في تموضع مراكز القوة، وتبديل بعض الأنظمة السياسية والاجتماعية والاقتصادية. وهذا التغيير أتاح تحويل مسار بوصلة توجه البلدان في ترسيخ المبادئ، والنهوض بالمجتمع، وتحرر الافكار والاقتصاد والثقافة، والسير نحو الانفتاح والعودة إلى الممارسات الأخلاقية الصحيحة في العمل والتجارة...
أين يتموضع لبنان في خضم هذه التطورات العالمية، وهو الجمهورية الفتيّة وسط واحدة من أكثر المناطق عرضة للتغيرات والتجاذبات في العالم؟ يشرح حاصباني كيف يمكن لهذا البلد الواعد أن ينهض باقتصاده وحكمه إلى أرقى المستويات فيصبح دولة تنافسية قادرة على أداء دور بارز ضمن المنظومة الاقتصادية والسياسية العالمية. ويشير المحاضر إلى أمكان استفادة لبنان من فرص التغيير ليحدد وجهته بطريقة صحيحة وأسلوب منهجي منظّم ليحتلّ بحلول العام 2030 مرتبة قيادية بين الدول والاقتصادات المتقدمة، مؤكدًا أنّ لبنان ليس بعيدًا عن هذا الواقع إذا ما حلت المشاكل المتعلقة بمرحلة التطور الأساسية كإعادة تفعيل المؤسسات وحكم القانون وتطوير البنى التحتية وتحقيق الاستقرار في الرؤية السياسية والاقتصادية.
في الختام، شكر العميد الركن كلود الحايك المحاضر غسان حاصباني على محاضرته القيّمة، وقدّم له درع الكلية باسم العماد قائد الجيش.