تكريم

إحتفال في اليرزة بمناسبة إحالة اللواء الركن نبيل قرعة على التقاعد
إعداد: جان دارك أبي ياغي

برعاية قائد الجيش العماد جان قهوجي وحضوره، أقيم حفل تكريم لعضو المجلس العسكري اللواء الركن نبيل قرعة بمناسبة إحالته على التقاعد. حضر الحفل أعضاء المجلس العسكري ونواب رئيس الأركان وعدد من كبار ضباط القيادة. وقد ألقى العماد قهوجي كلمة نوّه فيها بإنجازات اللواء الركن قرعة الذي ترك بصماته في كل الوظائف التي شغلها، كما أثنى على الجهود التي بذلها طوال فترة خدمته.


العماد قهوجي
استهل قائد الجيش كلمته متوجّهاً الى الحضور بالقول:
إنها الحياة العسكرية، ندخل اليها من بابها الواسع، فتياناً تضجّ في عروقهم مشاعر الإعتزاز بالانتماء الى مؤسسة الجيش، وشرف خدمة العلم والوطن، فلا نبخل بجهد أو عرق أو دم ملتزمين القسَم والواجب، مؤمنين بالمبادئ العسكرية والمسلّمات الوطنية، لكن حين يينع الثمر وينضج الحصاد، تحطّ المسيرة رحالها، فنمضي الى الحياة العامة فخورين برصيدنا الكبير من العطاء، مطمئني البال الى أن الشعلة ستبقى مضاءة والأمانة ستبقى مصانة.
وأضاف قائلاً: بالأمس غير البعيد، كرّمت قيادة الجيش عضوين في المجلس العسكري هما: اللواء الركن سعيد عيد واللواء الركن حسن محسن بمناسبة إحالتهما على التقاعد، واليوم نكرّم للغاية عينها اللواء الركن نبيل قرعة، وفي هذا التكريم أكثر من دلالة ومعنى، فهو يعبّر عن عرفان القيادة بجهود هؤلاء القادة، في بناء المؤسسة العسكرية وتطويرها نحو الأفضل، وعن تقديرها تضحياتهم الجسام، لا سيما خلال المحطات الصعبة التي مرّ بها الجيش والوطن. كما يشير هذا التكريم بشكل واضح، الى أن المؤسسة العسكرية كعادتها، تبادل الوفاء بالوفاء والعطاء بالعطاء، وهي حريصة كلَّ الحرص على صون إنجازات أبنائها، وجعلها قدوةً للحاضر والمستقبل.
تشهد مسيرة اللواء الركن قرعة، بأنه كان واحداً من خيرة ضباط الجيش، فعلى الصعيد الشخصي، كان مثال الضابط المتطلّع المتنوّر، المتمايز بصفاء فكره ورجاحة عقله ودماثة أخلاقه، والمتمايز أيضاً بصبره الواسع ومناقبيته الصلبة وقيمه الراسخة.
وعلى الصعيد العملاني، تشهد له مسيرته ايضاً أنه لم يتأخر يوماً عن المشاركة في معارك الدفاع عن لبنان وفي تنفيذ المهمات الدقيقة والحرجة، مواجهاً الأخطار بإرادته المتينة وشجاعته المعهودة.
أما خلال السنوات الأخيرة، فكان نصيبه أن يتولى مسؤوليتين بارزتين، الأولى، توليه رئاسة لجنة متابعة أوضاع العسكريين المفقودين، حيث ثابر على البحث والاستكشاف والتنقيب مقتفياً كل أثر ومعلومة، حتى استطاع تحديد مصير الكثير منهم، وتكوين ملف شامل عن القضية، يمكن اعتماده كمرجع موثوق للإنطلاق من خلاله الى المراحل القادمة.
أما المسؤولية الثانية، فكانت تولّيه مركز عضو متفرّغ في المجلس العسكري، والتي أكد من خلالها مرة أخرى جدارته ومشاركته الفاعلة في طرح الأفكار البنّاءة، واقتراح الخطط السليمة، وصوغ القرارات المناسبة.
وختم قائلاً: لقد باتت مؤسستنا اليوم، موضع ثقة اللبنانيين جميعاً، بعد أن أثبتت جهوزيتها الدائمة لحماية الوطن، وقدّمت قوافل الشهداء الأبرار في مواجهة العدو الإسرائيلي والإرهاب والعابثين بمسيرة الأمن والاستقرار، فدعونا نغتنم هذه الفرصة، لنؤكد مجدداً الحرص على صون إرث المؤسسة ومكتسباتها الوطنية، والعزم على مواصلة درب الشرف والتضحية والوفاء، مهما اشتدت المصاعب وغلت التضحيات.
الشكر والتقدير الى اللواء الركن قرعة، ومع أصدق التمنيات لك بالتوفيق في مقبل الأيام، ثق يا رفيق السلاح بأن أبواب المؤسسة ستبقى مشرعة أمامك، وهي تدعوك الى تجديد اللقاء معها باستمرار، ونحن على يقين كبير، بأنك ستكون لها خير مدافع غيور ورسول وفيّ.

 

اللواء الركن قرعة
بدوره ألقى المحتفى به كلمة قال فيها:
في ذاك الأول من آب 1975، تسلّمت السيف فكُنته، وما زلت.
ثمانية وثلاثون سنة رتعت خلالها في زمان المؤسسة العسكرية ومكاناتها.
ما شئتُ أن يمرّ عليّ هذا الزمان غير لامح وجودي، فأغويتُ برهة منه تقمّصتْ كياني. شاقني أن تتخلّد أكثر مني تلك المكانات الثرثارة الجامدة فأسكنتُ فيها طيفاً مني فبتُّ من مرويّاتها. من بيدرها نقدتني المؤسسة العسكرية حبّ الشرف والتضحية والوفاء، فأطعمته عائلتي الصغرى فالكبرى عالماً ومعلّماً أن الجيش إن هو إلا سيف لبنان يسلّه، هو وحده، أبناؤه عندما يتهدّد خطر.

 

رفاق دربي، زملائي
ما أحيلاه ذاك العمر مضى بينكم ومعكم. فواسع قلوبكم ناداني نتآلف ونتآخى فنبضت قلوبنا معاً على وقع الإيمان والمحبة، وعميق عقولكم وأفكاركم إستهواني فجذبني، وكان الكون بأسراره وعلومه ميداناً نتسابق فيه ونقطف من حقوله ثمار العلم والفكر نتبادلها نطرحها في الفكر الجماعي لمؤسستنا العسكرية.

 

رفاق دربي، زملائي
جهــدتُ لبلــوغ الكـمــال واكـتمــلـتْ، مـع مقـــدار بلـوغــه، قناعتي، فلكـم منـي ألـف شكـر.

 

سيدي العماد
على مشارف نهاية حياتي العسكرية، كان لي الشرف أن أعمل الى جانبكم في المجلس العسكري، وكم كانت مثمرة هذه المرحلة. لقد عرفتُ فيكم، كما عهدي بكم، الإنسان الإنسان والرجل الرجل: الإنسان بصدقه وصدقيّته ومحبّته وعفويته وأخلاقه، الرجل بمواقفكم الصلبة وإرادتكم الخيّرة.
أغادركم اليوم وكلي فخر واعتزاز وإيمان بأن جيشنا بألف خير، وفي تاريخه ألف ألف مالكية وألف ألف شجرة العديسة.
أغادركم مطمئناً أولادي وأبناء وطني أن للبنان جيشه فقرّوا عيناً واهنأوا وكونوا له ومعه، فقوة لبنان من قوة جيشه ثم أبنائه.
تخلل الاحتفال تقديم قائد الجيش درعاً تذكارية للواء الركن قرعة، وفي الختام قطع قالب حلوى وشرب الجميع نخب المناسبة.