إرهاصات النظام الإقليمي وارتداداته المحتملة على لبنان

إرهاصات النظام الإقليمي وارتداداته المحتملة على لبنان
إعداد: العميد الركن المتقاعد نزار عبد القادر
ضابط متقاعد في الجيش اللبناني

المقدّمة

 إنّ الميزة البارزة لمختلف دول منطقة الشرق الأوسط اليوم تكمن في تفكّك السلطة منذ الأيام الأولى لاندلاع الانتفاضات العربية التي قلبت القادة الذين حكموا بلدانهم لعقود عديدة. هذه الانتفاضات فشلت في إقامة حكم بديل، قادر على تحقيق الاستقرار. وهكذا ضاعت ثورة الجماهير وانحرفت عن مسارها، لتقع ضحية الانقسامات الطائفية والإثنية، والتجاذب السياسي بين القوى الدينية والليبرالية. هذا بالإضافة إلى نموّ الحركات الإسلامية المتطرّفة، والتي شكّلت كيانات إرهابية، تحوّلت خلال السنوات اللاحقة إلى خطر إرهابي شامل وكان أبرزها الدولة الإسلامية التي أنشئت على أجزاء واسعة من سوريا والعراق[1].

أخفقت الانتفاضات والحركات الشعبية في إقامة سلطات بديلة وظهر ذلك من خلال التفكك السريع وشبه الكامل لمختلف مؤسسات الحكم والسلطة. وكان اللافت فشل حركة الإخوان المسلمين في الحفاظ على المكاسب السياسية الأولية التي حقّقتها للصعود إلى سدّة الحكم في مصر، وتونس[2].

وهنا، لا بدّ من الإشارة إلى فشل الولايات المتحدة في دعم الأنظمة ومساندتها، وهي التي كانت راعية لها لمنع انهيارها. ونسجلّ أيضًا في هذه الفترة تراجع الولايات المتحدة عن التزاماتها في حفظ أمن أصدقائها واستقرارهم في المنطقة، وترافق ذلك مع تراجع حجم انتشارها العسكري[3]، وهذا ما ولّد أزمة ثقة في العلاقات العربية – الأميركية، وهي ما زالت مستمرة بعد انتهاء ولاية أوباما، بانتظار بلورة سياسة خارجية جديدة من قبل إدارة دونالد ترامب[4]. في فترة الانتظار هذه، هناك تساؤلات عمّا سيكون عليه موقف إدارة ترامب من مختلف الأزمات والحروب المندلعة في سوريا والعراق واليمن وليبيا.

إنّ المنطقة هي عبارة عن بركان متفجّر، تزداد ثورته كنتيجة للتطورات والتدخّلات الإقليمية والدولية، ونحن بانتظار حدوث "معجزة" مع الإدارة الأميركية الجديدة.

دعونا في ظل أجواء الشك وانعدام اليقين المسيطرة الآن، نستعرض مختلف التحديات والفرص الممكنة.

 

القسم الأوّل : تحديات وفرص

إنّ التحديات تشكّل لائحة طويلة، بينما الفرص هي معدودة وتفتقر إلى الضمانة واليقين – أما التوصيات فهي لا تخرج غالبًا عن إطار الأمنيات.

لو ألقينا نظرة شاملة على المنطقة يمكن أن نجد ستة تحديات أساسية:

أوّلًا: الإرهاب والثورات المسلحة.

ثانيًا: الصراع القائم بين دول المنطقة والذي يأخذ أشكالًا مختلفة.

ثالثًا: انتشار الحركات الدينية المتطرّفة – وهي ترتبط في المسألتين الأولى والثانية – ولكن هناك أهمية خاصة للنظر إليها منفردة، وعدم اعتبارها ناتجة أو مرافقة حكمًا لظاهرة أخرى – لدينا هذه الانقسامات الدينية وعدم التسامح والصراعات المذهبية، حيث لا يمكن لأحد تجاهل أهمية الدين في أيٍّ منها[5].

رابعًا: هشاشة الدولة والكيانات المصطنعة التي قامت واستمرت عبر العقود، هذه الدول والكيانات التي فشلت بأن تتجذّر أو أن تتحوّل نحو دولة عميقة، قوية بمؤسساتها، فهناك غياب كلّي لكل البنيان السياسي والاجتماعي والاقتصادي الذي يحقّق الاستقرار للدولة والعدالة والازدهار للمجتمع.

خامسًا: شعوب تطمح إلى إقامة دولة أو كيان سياسي خاص بها، ودول مصطنعة لا حاجة أو لزوم لوجودها. هناك بعض الأمثلة على ذلك: الأكراد الذين يشكّلون الحالة الأبرز، وهناك التركمان وغيرهم من الذين يرفضون أن يكونوا جزءًا من الدول التي تحكمهم، وهم يتوقون للاستقلال في دولتهم أو كيانهم المستقل[6].

ولا بدّ من التوقف سادسًا عند قضية الشعب الفلسطيني وما لحق به من ظلم تاريخي، وما يواجهه من ويلات الاحتلال والحرب الإسرائيلية المستمرة ضدّه في الداخل الإسرائيلي وفي الأراضي المحتلة منذ العام 1967 [7].

 

هذه التحديات بكامل تعقيداتها وارتداداتها السياسية والاجتماعية والاقتصادية، تدفعنا إلى التعرّف إلى ستة نماذج من الدول:

- المجموعة الأولى: والتي يمكن تصنيفها بالدول الفاشلة، وهي: سوريا والعراق واليمن وليبيا، والتحديات التي تواجهها تدفع نحو تصنيفها كدول فاشلة تتمثّل بعناصر النزاع الداخلي والحرب الأهلية وعدم أهليتها لتكون دولة حقيقية وفشل سياسي واجتماعي واقتصادي مستمر[8].

- المجموعة الثانية: وهي مصر التي تنعم بالاستقرار السياسي والاجتماعي، ووجود مؤسسات قوية تؤمن للدولة السلام والاستقرار[9].

- المجموعة الثالثة: الأردن والمغرب والجزائر وتونس. التحديات التي تواجهها هي ذات طابع اقتصادي إضافةً إلى مجموعة من التحديات الداخلية والخارجية التي تؤثّر على الاستقرار العام، وتشكّل تونس نموذجًا صالحًا للتطوّر والتحوّل نحو نظام ديمقراطي[10].

- المجموعة الرابعة: دول الخليج التي تواجه تحديات تتمثّل بضرورة حصول الإصلاح الداخلي سياسيًا واقتصاديًا، إضافة إلى تأمين الضمانات الأمنية وإجراء إصلاح اقتصادي يؤمّن حالة من التنوّع والشمولية الاقتصادية بدل الاتكال على مورد العائدات النفطية وضرورة تربية ثقافة الإنتاج عند المواطن بدل انتظار العطاءات والضمانات التي تقدّمها له الدولة من عائداتها النفطية وقد بدأت السعودية تؤمن بعدم القدرة على استمراريتها في المدى القريب والمتوسط[11].

- المجموعة الخامسة: هي إيران التي هي بحاجة لوقف تحدياتها للنظامين الدولي والإقليمي، وهي تواجه حالة من الضغوط من خلال فرض عقوبات غربية ودولية ضدّها[12].

- المجموعة السادسة: هي الضفة الغربية والعدوّ الإسرائيلي الذي يحتلّ أراضي الغير ويضطهد السكان في الضفة، ويعزل غزة عن العالم منذ سنوات.

هذه الصورة العامة تظهر لنا بوضوح بأنّنا أمام حالة من الموجات الارتدادية التي تجتاح المنطقة.

ونشير هنا إلى أنّ أحداث الربيع العربي ما هي سوى مثال حي عن ذلك، ويبدو أنّ التدخلات الخارجية والإقليمية في مسارها قد أفشلتها وحرّفتها عن أهدافها الإصلاحية، فالربيع العربي كان مزيجًا من اليقظة الديمقراطية والهبة الدينية[13].

إنّ تعقيدات الأوضاع التي تواجهها هذه المجموعات تجعل من جميع القوى الاقليمية والدولية كالولايات المتحدة وروسيا، منفردة أو مجتمعة، قاصرة عن إيجاد حلول لحالات عدم الاستقرار ووقف حالة التشظّي الحاصلة داخل المجتمعات.

 

صعوبات ومخاطر

تستدعي تعقيدات الأوضاع التي تواجهها الدول في الشرق الأوسط إبداء مجموعة من الملاحظات التي تسهّل التعرّف إلى مسالك الأزمات المتفاقمة وأبرزها:

أولًا: تشهد المنطقة حالة من التفكّك والتشظّي، فقد تفجرّت المنطقة كما يتفجّر البركان، وزاد من قوّة هذا الانفجار التدخّلات الدولية والاقليمية ما أدّى إلى تبدّد كل الآمال في أن تؤدي هذه الصحوة الشعبية إلى قيام أنظمة ديمقراطية، وبالفعل لم يبقَ من حلم الربيع العربي سوى الآمال المعلّقة على المخاض السياسي الذي تشهده تونس[14].

 ثانيًا: لا يمكن توقّع أي حلول خارجة عن إرادة اللاعبين المحليين مع الأخذ بعين الاعتبار الظروف الاجتماعية والثقافية والإثنية السائدة في المجتمعات المحلية. من هنا، تبدو المراهنة على البحث عن حلول تصنعها القوى الدولية أو الاقليمية غير عملية أو قادرة على تغيير مسار الأحداث الجارية، وذلك بغض النظر عن إمكانية زيادة التنسيق بين هذه القوى سياسيًا أو على الأرض. لا يمكن تصوّر أن يؤدّي أيّ توافق أميركي – إيراني أو روسي – أميركي أو تركي – إيراني إلى التوصّل لأي مشروع مشترك لهذه القوى مجتمعة، وبالتالي لن تكون قادرة على وضع حد للانقسامات والحروب الجارية [15].

ثالثًا: في معظم الأحوال لا يمكن للدول الكبرى التعرّف بعمق على جذور الأزمات المتفجرة وديناميتها، وهذا ما يجعلها متردّدة أو رافضة للتدخّل من أجل احتوائها. وتخشى هذه الدول في حال تدخّلها أن يتحوّل ذلك إلى ورطة مكلفة جدًا بالأرواح والأموال [16].

رابعًا: الدول الكبرى والقوى الإقليمية لا تتدخّل إلّا من أجل حماية مصالحها، ومن هنا فإنّ عليها أن تكون انتقائية في تدخّلها استنادًا لمصالحها وأولوياتها ووفق حسابات وموازين محددة للمكاسب والأثمان اللازمة لتحقيقها، لها ولحلفائها والخسائر المترتبة على خصومها[17].

وتدلّ تجارب الماضي على أنّ الدولة العظمى(أميركا) والتي شكّل الشرق الأوسط نقطة الارتكاز في اهتماماتها، قد أساءت تقدير الوضع، ودفعها ذلك إلى اعتماد خيارات أثبتت أنها سيئة أو كارثية لها وللمنطقة، وتشكّل الحرب على العراق العام 2003 أسوأ هذه التجارب[18].

في بداية دراسة الاستراتيجية التي يمكن اعتمادها، لا بد من طرح السؤال الآتي: ماذا سيحدث في اليوم التالي لانتهاء الحرب؟ هذا السؤال الذي اعتاد أن يطرحه الرئيس أوباما على مستشاريه في أي نقاش حول ما يمكن أن تقوم به أميركا تجاه مختلف أزمات المنطقة، ولم يتلقَّ في أي مرة جوابًا مقنعًا، بل التزم الجميع الصمت ولم يتبرّع أي منهم بإجابة واضحة[19].

كان أوباما يفضل دائمًا العمل مع مستشاريه المدنيين، متجنبًا الأخذ بالسيناريوهات التي يضعها العسكريون أو دوائر المخابرات، بالنسبة لهؤلاء هناك دائمًا فريق أحمر أو عدوّ مفترض، ولديهم سيناريوهات محضرة سلفًا لمواجهته[20].

خامسًا: هل من واجب القوى الدولية التدخّل للحفاظ على وحدة دول أُنشئت بصورة اصطناعية؟ أم العمل على دفعها إلى القبول بصيغة كونفدرالية أو فدرالية؟ هذا يطرح جديًا مستقبل العديد من الدول الموحدّة، وفق حدود سايكس – بيكو[21].

سادسًا: هل يجب هدر الطاقات العسكرية والمادية لإعادة تجميع أو الحفاظ على وحدة الدول التي تشهد حروبًًا عبثية، أم يمكن صرف الطاقات وتوزيعها لمساعدة الدول المستقرة، كالأردن، والجزائر والمغرب؟

سابعًا:من الخطأ أن تبني الدول استقرارها ومستقبلها السياسي من خلال الاتّكال على وعود الدول الكبرى أو القوى الاقليمية. أين هو الخط الأحمر الذي رسمه أوباما لنظام بشار الأسد، في حال استعماله للأسلحة الكيماوية؟

لم تقتصر أخطاء أوباما على مسايرة إيران ومكافأتها على توقيع الاتفاق النووي بإلغاء العقوبات الاقتصادية وتحرير ما يتراوح بين 125 و150 مليار دولار من أموالها المجمّدة بالتعاون معها في العراق وتوسيع إطار العمل العسكري لها في اليمن وسوريا، بل تجاوزت ذلك وصولًا إلى الإضرار بالمصالح العربية العليا من خلال إعطاء العدوّ الإسرائيلي 38 مليار دولار من المساعدات في السنوات العشرة المقبلة وفي الوقت نفسه اعتماد قانون Jasta الذي يمثل سيفًا مسلطًا على رقاب دول عربية شارك مواطنوها في هجمات 11 أيلول [22].

 

والسؤال المطروح الآن: هل يمكن أن يقوم دونالد ترامب بتغيير ما قام به أوباما؟ وهل يستطيع أن يحمي إسرائيل من نفسها، وليس من أعدائها العرب؟

إنّ أمام ترامب فرصة لاعتماد سياسة صارمة مع الحكومة الإسرائيلية لوقف سرقة أراضي الفلسطينيين ووقف الاستيطان، مستمدًا إرادته من قرار وموقف جيمي كارتر القائل بعدم قانونية المستعمرات[23]. إنّ على ترامب ألّا يكتفي بالقول بأنّ المستعمرات هي حاجز أمام السلام، بل أن يصفها بأنّها غير قانونية، ولا بدّ أن يعمل الرئيس الأميركي للحؤول دون إصدار الكونغرس قرارًا يدعم ضم المستعمرات إلى دولة إسرائيل. لا بدّ أيضًا من أن تسمح إدارة ترامب للفلسطينيين في الذهاب إلى مؤسسات الأمم المتحدة لاستصدار قرار يؤكد عدم قانونية جميع المستعمرات في الضفة ضمن حدود 1967، وأن يفرض عقوبات ضدّ هذه المستعمرات. والمطلوب أيضًا من الرئيس الأميركي شخصيًا أن يدعم معسكر السلام داخل إسرائيل من أجل زيادة ضغوطه المباشرة على الحكومة لإجبارها على تغيير سلوكياتها الراهنة. لكن في ظل الضغوط المتنامية التي يواجهها ترامب جراء التحقيقات الجارية حول التدخلات الروسية في الانتخابات الرئاسية الأميركية العام 2016، والتي نتج عنها اتهامات مباشرة ضد ترامب نفسه حول إمكانية تدخله مع مدير مكتب التحقيق الفيدرالي جايمس كومي، ومديري الاستعلام والأمن الوطنيين بهدف تعطيل العدالة ووقف التحقيق مع بعض مساعديه ومستشاريه، بدءًًا من الجنرال مايكل فلين الذي استقال من وظيفته كمستشار للأمن القومي.

إنّ هدف التحقيقات تطرح علامات استفهام كبيرة حول إمكانية أن تتحوّل إلى "واتر غيت" جديدة، وأن ينتهي ترامب إلى ما انتهى إليه الرئيس ريتشارد نيكسون[24].

 

ماذا عن العراق وسوريا؟

تتّجه أنظار الجميع دوليًا وإقليميًا إلى ما يجري الآن في الجزء الغربي لمدينة الموصل، وإلى الخيارات والخطط لتحرير مدينة الرقة من فلول  تنظيم الدولة الإسلامية الإرهابي. لا بدّ من إلقاء نظرة موضوعية في قراءتنا للأوضاع المستقبلية في العراق وسوريا، بعد طرد "داعش" من الموصل والرقة. لقد قتلت إدارة أوباما أسامة بن لادن في باكستان، ولكن ذلك لم يغيّر شيئًا من حجم الخطر الإرهابي المتمثّل بالقاعدة ومتفرّعاتها، لقد تمدّد السرطان ليصل إلى كل مكان.

من هنا فلن يؤدي تحرير الموصل من "داعش" إلى نهاية التنظيم والإرهاب، وذلك سيتوقّف على قدرة الحكومة العراقية في معالجة الأزمة العميقة التي يواجهها العراق منذ الاحتلال الأميركي بأبعادها الإنسانية والعمرانية والسياسية والأمنية، فهناك ما خلّفته الحرب من أعمال تهجير يضاف إليها عملية إعمار المدن المدمّرة والبنى التحتية الأساسية وهناك مشكلة إعادة توحيد الشعب العراقي بكل مكوّناته حول مشروع الدولة ومحاربة الفساد. وهناك المشكلة الأمنية التي لا تواجهها الأقليات المسيحية والأيزيدية، بل تمتد لتشمل السنّة في المناطق الشيعية، والشيعة في المناطق السنيّة، إضافة إلى مشكلة التمدّد الكردي ليشمل مناطق ذات أكثرية عربية[25].

ويبقى السؤال المحرج: ما هي قدرات الحكومة العراقية لمواجهة كل الأخطار التي سيواجهها العراق بعد تحرير الموصل، وما هي خططها لملاحقة فلول "داعش" والسيطرة على الأرض، وفرض الأمن والاستقرار؟

ماذا عن سوريا بعد التطوّرات العسكرية التي شهدتها حلب، والتي يحاول النظام تعميمها على مختلف المناطق من الشمال إلى العاصمة، وعلى درعا وحوض اليرموك جنوبًا؟ يبدو أنّ اجتماعات أستانة ومفاوضات "جنيف 4" ما زالت بعيدة من تثبيت وقف النار، والبحث جديًا عن أُطر حل سياسي للأزمة[26].

لو نظرنا إلى الخريطة العسكرية في سوريا، فإنه سرعان ما سيتبيّن لنا خطورة الوضع وتعقيداته داخليًا وإقليميًا ودوليًا، والذي يؤشر إلى أنّ الأزمة ما زالت مرشحة للاستمرار لسنوات عديدة مقبلة[27].

تشهد سوريا الآن ما يقارب الإثني عشرة حربًا مختلفة، ولكنها متشابكة في ما بينها: النظام ضد فصائل مسلّحة، والفصائل المعتدلة ضدّ "داعش" والجماعات المتطرّفة والإرهابية الأخرى، إيران والميليشيات العاملة معها ضد السعودية والفصائل التي تدعمها، تركيا ضد الأكراد وضدّ "داعش"، جبهة فتح الشام أو النصرة سابقًا ضدّ "داعش"، القوى المتحالفة مع النظام ضد الفصائل المعتدلة، الإسلاميون ضد الفصائل التي تنادي بحكم مدني – ديمقراطي، شيعة وعلويون ضدّ القوى السنيّة، أكراد ضدّ العرب، أكراد ضدّ أكراد، روسيا ضدّ فصائل الثورة والمنظمات الإرهابية، الولايات المتحدة ضدّ الدولة الإسلامية[28].

ما يزيد من مخاطر الوضع، التناقضات التي تتّسم بها مواقف القوى الدولية والإقليمية، بما فيها مواقف أميركا وروسيا وتركيا وإيران. فالولايات المتحدة على سبيل المثال تتدخّل بصورة مباشرة أو غير مباشرة في تصنيف هذه الحروب على الأقل، فهي ضدّ النظام من خلال دعم فصائل معارضة، وهي لا تستعجل ذهاب الأسد وتدعم بقاءه خوفًا من عدم وجود البديل، وهي مع تركيا تارة وضدها تارة أخرى، وهي مع الأكراد، ولكنها ضد روسيا وإيران[29]. في الوقت نفسه يواجه الموقف الروسي تعقيدات وتناقضات عديدة وأبرزها المشاركة بضراوة في الحرب، والسعي لوقف إطلاق النار، واستضافة فصائل المعارضة، ورعاية مؤتمر أستانة. ولا يمكن أن نتجاهل الروزنامة الانتقائية الإسرائيلية للتدخّل في الحرب على أكثر من جبهة ولأكثر من سبب[30].

 

وماذا عن اليمن؟

لم يكتف الحوثيون باحتلال صنعاء والمحافظات الشمالية بل تحرّكوا جنوبًا من أجل احتلال تعز وبعدها عدن، وصولًا إلى مضيق باب المندب من أجل طرد أو اعتقال الرئيس عبد ربه منصور هادي، فالحوثيون تدعمهم إيران للاستمرار في الحرب[31]. شكّلت اليمن، والأحداث التي تشهدها سوريا والعراق اختبارًا للمملكة العربية السعودية. وجاء هذا الاختبار القاسي للمملكة في وقت تراجعت فيه إدارة أوباما عن التزاماتها كقوّة ضامنة لأمن الخليج. من هنا يقع على إدارة ترامب أن تمارس الضغوط الممكنة كلّها لوقف الحرب في اليمن، وإجبار كل الأطراف على تنفيذ القرار الدولي 2216 الذي يدعو إلى وقف للنار في اليمن وعودة الشرعية[32].

يبدو بوضوح من خلال التطورات الجارية في مختلف مسارح العمليات من ليبيا إلى سوريا والعراق واليمن بأنّ هذه الأزمات مرشحة للاستمرار لسنوات أو عقود، وأنّ إعادة احتلال الموصل من قبل القوات العراقية، واحتلال الرقة من قبل قوات سوريا الديمقراطية لن يحقّقا النصر الموعود على قوى الإرهاب، والتي يمكنها دائمًا التسلّل من خلال التناقضات القائمة بين مختلف القوى الداخلية والإقليمية والدولية المتدخلة في الحربين. وفي ظل استمرار الأزمتين السورية والعراقية، فإنّ لبنان سيبقى معرضًا لمختلف أنواع التهديدات والأخطار السياسية والأمنية والاقتصادية والاجتماعية.

 

القسم الثاني: الارتدادات والتداعيات على لبنان

من الطبيعي أن يتأثّر لبنان بالحروب والأزمات المتتالية التي تشهدها منطقة الشرق الأوسط منذ بداية العقد الأخير من القرن الماضي وذلك بدءًا من حرب تحرير الكويت العام 1991 مرورًا بغزو العراق العام 2003، بالإضافة إلى حربين شنتهما إسرائيل ضد لبنان العام 2006، وغزة العام 2008.

بعد تفجّر أحداث الربيع العربي العام 2011 اتخذ الصراع الإقليمي نزعة جديدة حيث حلّت الصراعات الداخلية مكان الصراعات الدولية والإقليمية، لكن هذه الأزمات الداخلية قد استغلت من أجل اختراق عدد من المجتمعات العربية.

من المؤكد أنّ التحوّلات العربية والتدخلّات الإقليمية والدولية في أزمات المنطقة قد أحدثت تغييرًا في موازين القوى الإقليمية والتي كان لا بد أن يكون لها تأثيراتها السلبية على الأوضاع السياسية والأمنية والاقتصادية في لبنان. لكن تبقى الأزمة السورية المصدر الأساسي للتهديدات والتداعيات التي شهدها لبنان، والتي يمكن أن تستمر مفاعيلها لسنوات أو عقود مقبلة.

هذا وسبق للرئيس بشار الأسد أن حذّر من زلزال إقليمي يشمل جميع دول المنطقة بما فيها تركيا وإسرائيل[33]. وأنّه من الواقعي أن يشعر لبنان الذي يشكّل الخاصرة الأضعف لسوريا باهتزازات خطيرة جراء تطورّات الأزمة وامتدادها. وبالفعل فقد كانت تداعيات الأزمة قوية ومزلزلة للبنان بنتائجها السياسية والأمنية والاقتصادية وذلك للأسباب الآتية:

1- الانقسام الداخلي بين اللبنانيين حول مؤيد للنظام ومؤيد للثورة والتي ضخّمتها الخلافات السياسية والتجاذبات الحاصلة.

2- فشل سياسة النأي بالنفس.

3- التهديدات الإرهابية لأمن لبنان حيث شهد لبنان عمليات تفجير متكرّرة. تراجعت التهديدات الإرهابية بفضل الجهود الجبارة التي بدأها الجيش اللبناني والأجهزة الأمنية. ولكن هذا لا يعني عدم إمكانية حدوث اختراقات إرهابية في المستقبل[34].

4-  تهديد أمن الحدود الشرقية والشمالية واستمرار الاشتباكات بين الجيش اللبناني وتنظيمي داعش والنصرة.

5- أزمة النازحين السوريين.

 

تداعيات الأزمة على لبنان

يبلغ عدد النازحين السوريين في لبنان وفق الإحصاءات الرسمية للمديرية العامة للأمن العام 1065000 نازح في الوقت الذي تضع فيه المفوّضية العليا التابعة للأمم المتحدة هذا العدد في حدود 1800000 نازح. يعود الفرق الظاهر بين التقديرين إلى أنّ المفوضية العليا قد حافظت على الأرقام التي سجّلتها في الأساس ولم تحسم منها النازحين الذين تركوا لبنان في مراحل متفاوتة.

رغم تعاطف المجتمع اللبناني والدولة اللبنانية مع هؤلاء النازحين والجهود والكبيرة المبذولة لمعالجة أوضاعهم وتأمين كل المساعدات والخدمات الممكنة لهم لجهة الإيواء والمساعدات الغذائية والعناية الطبية والتعليم فإنّ المشكلة ما زالت تفوق إلى حدّ كبير جميع القدرات المتوافرة.

وما زالت الأزمة تتفاقم تحت تأثير شح المساعدات والأموال التي من المفترض أن يقدّمها المجتمع الدولي لهؤلاء النازحين وللدولة اللبنانية. ومن المتوقّع أن تسير الأزمة الراهنة من سيئ إلى أسوأ في ظل غياب أي فرصة للتوصّل إلى حل سياسي للأزمة السورية وخصوصًا بعد تعثّر مؤتمر جنيف وعدم ظهور أي بارقة أمل بحل سياسي في المستقبل المنظور[35].

 

التهديدات والمخاطر في المدى القريب

مع استمرار الحرب في سوريا وبنتيجة التصعيد الذي تشهده مختلف جبهات القتال يُخشى من تنامي أزمة النازحين بشكل تدريجي، ولكن يبرز في ظلّ التدخّل الروسي والإيراني خطر عودة التصعيد بين مختلف القوى المتصارعة حيث يمكن أن تؤدي التطوّرات المستقبلية إلى نزوح مئات آلاف النازحين إلى لبنان. وتتطلّب تداعيات حدوث مثل هذه الموجة من اللجوء إلى اعتماد خطّة طوارئ من قبل الدولة اللبنانية والمجتمع الدولي لتدارك مفاعيلها الكبيرة والتي سيعجز لبنان حتمًا عن إحتوائها[36].

تؤكد الدراسات والإحصائيات عمق تأثير الأزمة السورية على لبنان على جميع الأصعدة: السياسية والأمنية والاقتصادية والاجتماعية.

ولا يتّسع المجال والوقت للبحث في مختلف ارتدادات الأزمة السورية على الأوضاع في لبنان ولا بدّ من أن يقتصر البحث على تداعيات مشكلة النازحين دون غيرها وتقويم أثارها على الأوضاع السياسية والأمنية والاقتصادية والاجتماعية في المديين القصير والمتوسط وكذلك في المدى البعيد.

وعلى الصعيد السياسي والأمني، تأثّر لبنان بمجريات الأزمة السورية، وخصوصًا بعد تنامي عدد النازحين السوريين إلى ما يزيد عن ربع اللبنانيين، ومع انتشارهم على جميع الأراضي اللبنانية واختلاطهم مع النسيج الاجتماعي اللبناني. ولقد ترك هذا الانتشار والاختلاط آثاره على الأوضاع الأمنية والاقتصادية والاجتماعية.

كان للانتشار السوري أثره على وضع الأمن والإستقرار في لبنان، وظهر ذلك جليًا من خلال تسلّل خلايا تابعة للتنظيمات السورية المتطرّفة إلى الداخل اللبناني من أجل تنفيذ سلسلة من العمليات الإرهابية التي طاولت مختلف المناطق بما فيها العاصمة بيروت وضاحيتها الجنوبية[37].

وعلى الرغم من نجاح الأجهزة الأمنية والجيش اللبناني في مكافحة الخلايا الإرهابية فإنّ مخيّمات النازحين السوريين وتجمّعاتهم ستبقى مصدر تهديد كبير من خلال اختراق المنظّمات الإرهابية لها وتكليف بعض المجموعات بعمليات تفجير واغتيال داخل لبنان.

أظهرت الدراسات والإحصاءات الرسمية وجود تداعيات مهمّة على الوضعين الاقتصادي والاجتماعي خصوصًًا لجهة منافسة اليد العاملة السورية في سوق العمل اللبناني.

لا تقتصر الخسائر الاقتصادية على تراجع التبادل التجاري بين لبنان وسوريا وإقفال جميع الطرق البرية والتي كانت تعبرها البضائع اللبنانية باتجاه الخليج والعراق بل تتعداها إلى الخسائر التي نتجت عن لجوء هذا العدد الضخم من السوريين والذي تسبّب ذلك بإنفاق إضافي كبير على جميع قطاعات الخدمات والصحة والتعليم يُقدّر بمليارات الدولارات. وقد ظهرت مفاعيل ذلك من خلال تراجع معدّلات النمو وانخفاض مستوى الاستثمارات الخاصة وتنامي العجز في الميزان التجاري والتراجع الكبير في حقلي العقارات والسياحة[38].

تسبّب تدفق عدد النازحين السوريين إلى المناطق الفقيرة في الشمال والبقاع والأحياء الفقيرة حول المدن بتحديات كبيرة للحكومة وللمجتمعات المضيفة. لقد نتج عن تجمع أعداد ضخمة من النازحين في المناطق الحدودية بمزيد من التعثر الاقتصادي لهذه المناطق والتي كانت تشكو أصلًًا من الفقر والبؤس الاجتماعي. لا بد هنا من لفت النظر إلى قبول العمال السوريين العمل بأجور منخفضة بالمقارنة مع أقرانهم اللبنانيين، وهذا الأمر يزيد من مفاعيل التنافس، كما نتج عنه تراجع في مستوى الأجور بالإضافة إلى تراجع في عدد فرص العمل المتاحة.

لا يمكن أيضًًا تجاهل المنافسة الحاصلة في المجال التجاري، حيث يتعاطى عدد كبير من السوريين الأعمال التجارية، ومنافسة صغار التجار اللبنانيين، خصوصًا وأنّ معظمهم يتاجر بمنتجات سورية بأسعار أدنى من أسعار المنتجات اللبنانية.

ولا يمكن إغفال تأثير وجود هذا العدد الضخم من النازحين على الأسعار وتكاليف الحياة المتصاعدة بالنسبة للطبقات الفقيرة وانعكاس زيادة الطلب على الضرورات بإنتاج حالة من التضخم بالأسعار.

كيف يمكن للبنان مواجهة هذه التحديات في المدى القريب والمتوسط؟ لا يملك لبنان الموارد اللازمة لمواجهة هذه التحديات بمفرده، خصوصًا لجهة تأمين الأموال والاستثمارات اللازمة لإيجاد فرص العمل وتحسين الخدمات الضرورية للنازحين السوريين وللعمال اللبنانيين.

تتطلّب مثل هذه المواجهة من الدولة اللبنانية مطالبة المجتمع الدولي والدول المانحة بمزيد من المساعدات المالية لتعويض لبنان عن الخسائر الفادحة للسنوات الخمسة السابقة. ولا بدّ أن يدرك المجتمع الدولي والجهات المانحة أهمية الاستجابة لحاجات المجتمعات اللبنانية المضيفة بالتوازي مع حاجات النازحين. وتوجيه الاستثمارات الدولية من أجل إيجاد فرص عمل في مناطق اللجوء وخصوصًا في البقاع والشمال.

على الصعيد الأمني يقتضي أن تُطوّر الأجهزة الأمنية خططها في مواجهة الإرهاب وتكثّف العمل لكشف الخلايا النائمة ومنع تنظيم خلايا جديدة. كما يجب أن تتوجّه الحكومة اللبنانية إلى الدول الصديقة لطلب مزيد من المساعدات العسكرية للجيش والأجهزة الأمنية، إضافة إلى المساعدة في إقامة نظام أمني متكامل لمراقبة الحدود اللبنانية الشمالية والشرقية وضبط الحركة عبرها.

يبقى من الأهمية بمكان وضع خطة طوارئ من قبل الحكومة اللبنانية من أجل مواجهة تدفّق مزيد من النازحين خصوصًًا في حال حصول انتكاسات أمنية كبيرة في دمشق أو في المناطق السورية الأخرى.

 

التهديدات والمخاطر في المدى البعيد

بعد هذا الاستعراض السريع لارتدادات أزمة النازحين السوريين وتأثيراتها على لبنان على جميع الأصعدة السياسية والأمنية والاقتصادية والاجتماعية في المديين القريب والمتوسط، يبقى من الضروري والملحّ طرح مسألة وجود تهديدات حقيقية قد تتحوّل في المدى البعيد إلى "تهديدات مصيرية" للاستقرار العام في لبنان على المستويين الأمني والديموغرافي.

ويخطئ من يعتقد بأنّ أزمة اللجوء السوري إلى لبنان هي أزمة عابرة ستنتهي مع انتهاء الحرب السورية، والتي قد تفضي إلى عودة متسارعة للنازحين بعد زوال الأسباب الموضوعية التي دفعتهم للنزوح إلى لبنان. ويخطئ أيضًا كل هؤلاء الذين يفترضون بأنّ إنتهاء الحرب وإنطلاقة مشروع إعادة البناء والإعمار لما هدّمته الحرب ستشكّل حافزًا يسرّع حركة عودة النازحين السوريين إلى بلادهم للانخراط في عملية الإعمار هذه.

يبدو بوضوح بأنّ التعقيدات الدولية والإقليمية الراهنة، وخصوصًا تناقض المصالح القائم بين مختلف اللاعبين الأساسيين في الأزمة السورية ستزيد من مخاطر استمرار الأزمة لسنوات عديدة مقبلة. ويمكن أن تؤدي إطالة أمد الحرب إلى حدوث موجات نزوح جديدة، قد تزيد من تفاقم المخاطر التي يواجهها لبنان في الوقت الراهن. إضافة إلى ذلك، فإنّه من الواقعي والطبيعي ألّا نتوقّع حدوث عودة جماعية ومتسارعة للنازحين إلى ديارهم، ولا بدّ من تصوّر أن تحدث هذه العودة (لمن يرغب فعليًا بها) متباطئة وأن تستغرق سنوات عديدة. ولا بدّ هنا من توقّع أن تستغرق فترة إنتهاء الحرب والعودة ثلاثة أو أربعة عقود من الزمن.

لا بدّ من التوقّف عند تهديدين مصيريين لأزمة النازحين السوريين في المدى البعيد.

التهديد الأول: يتمثّل بنشوء تنظيم أو عدّة تنظيمات مسلّحة في مخيمات النازحين السوريين في لبنان، وخصوصًا في منطقتي البقاع والشمال، وذلك بحجّة الدفاع عن مصالح النازحين وأمنهم في لبنان من جهة، أو بمسعى لبعض الفصائل المسلحة السورية العاملة في الداخل السوري وتخطيطها، وذلك من أجل زيادة نفوذها ودورها في أي تسوية سياسية مقبلة. من جهة ثانية لا يمكن التوسّع هنا بالحديث عن كل السيناريوهات الممكنة لنشوء مجموعات مسلّحة في صفوف النازحين، ويمكن فقط الاكتفاء باستعادة ما حدث في السابق من تجارب للبنان مع الفلسطينيين بعد نشوء المقاومة الفلسطينية.

التهديد الثاني: يتمثّل هذا التهديد بمحاولات توطين أعداد كبيرة من النازحين السوريين في لبنان.

لا بدّ هنا من توقّع أن يرتفع عدد النازحين السوريين بصورة مطّردة، ولن يكون ذلك بسبب تدفّق نازحين جدد مع استمرار الحرب لسنوات مقبلة بل يُضاف إلى ذلك عدد الولادات في العائلات النازحة، ومن الممكن أن يتضاعف العدد الحالي خلال فترة إقامة تمتد لأربعة عقود أو أكثر. على الرغم من الأحوال المعيشية السيئة التي يعيشها النازحون السوريون في البقاع والشمال (بسبب عدم توافر فرص العمل وقلّة الخدمات) فإنّ الضغوط الأوروبية لوقف هجرتهم باتجاه أوروبا ستحوّل لبنان إلى "خزّان مغلق" وهذا ما أشار إليه مسؤول أوروبي في طرحه في بروكسيل مشكلة النازحين السوريين في لبنان حيث رأى بأنّ عدد السكان في البقاع قد تضاعف وهذا ما يشكل استعمالًا مضاعفًا لكل البنى التحتية المتوافرة، وسيؤدي ذلك حتمًا إلى مزيد من التوتّر بين السكان المحليين والنازحين[39].

 

من هنا، لا يمكن مقارنة وضع النزوح في لبنان مع الأردن إذ هناك اختلاف واضح في الحالتين، ومن أبرز نقاط هذا الاختلاف:

أوّلًا: في الأردن سلطة قويّة، يترأسها الملك عبدللـه الثاني، وقد نجحت منذ البداية في تنظيم وضع النازحين السوريين على أراضيها وضبطهم، كما حمل الملك شخصيًّا مشاريع إغاثتهم وتقديم المساعدات الاقتصادية الدولية لبلاده مبكرًا. وهذا ما حال دون ظهور أي حساسيات سياسية واجتماعية بين المجتمع المضيف والنازحين.

ثانيًا: نجحت الحكومة الأردنية في إبقاء مشكلة النازحين السوريين في حدودها الاقتصادية والاجتماعية، حيث نجح الملك خلال زياراته لبروكسيل وللعواصم الأخرى في الحصول على التمويل اللازم كما أجرى مفاوضات رسمية مع الجانب الرسمي السوري من أجل منع حصول حساسيات وتعقيدات في العلاقات السياسية وعلى طول الحدود أو إشعال بعض المشاكل في صفوف النازحين من خلال إختراقات أمنية لمخيماتهم[40].

أمّا في لبنان، فإنّ مشكلة اللجوء قد تعدّت البعدين الاقتصادي والاجتماعي وانعكست على قرارات التعاطي مع هذا الملف حالة من انقسام اللبنانيين رسميًّا وشعبيًا حول الأزمة السورية. بعد خمس سنوات على بدء المشكلة ظهرت مخاوف التوطين والتي تبلورت من خلال تصريحات دولية، من بينها تصريح للأمين العام للأمم المتحدة، إذ جرى التبشير بإقامة طويلة والتشجيع على عودة آمنة وفق توافر الظروف الملائمة. شكّلت "هذه التخريجة" الغطاء لقرار الدول الأوروبية في رفض استقبال مزيد من النازحين، في الوقت الذي يسهل فيه اندماج النازحين السوريين في المجتمعات الأوروبية حيث لا تتواجد أخطار على الاستقرار الاجتماعي والسياسي ولا مخاطر على المستوى الوطني أو التسبب باختلال التوازن الديموغرافي كما هو الوضع في لبنان.

ويواجه لبنان مجموعة من الخيارات المستحيلة بعد ما توضحت مواقف دول الإتحاد الأوروبي برفض إنتقال النازحين السوريين إلى هذه الدول وسعي سلطات الاتحاد إلى إتفاقات ثنائية مع دول الجوار السوري(تركيا والأردن ولبنان) من أجل منع حصول نزوح جماعي بحرًا وبرًّا إلى القارة. وهكذا يكون لبنان قد خسر خيار إعادة توطين النازحين في دول أخرى، قادرة على إستيعابهم وتأمين المساعدات وفرص العمل اللازمة لهم. ولم يبق أمام الحكومة اللبنانية سوى خيار طلب مزيد من المساعدات المالية لمواجهة التداعيات الاقتصادية والاجتماعية والخدماتية. وقد تؤدي المفاوضات التي يجريها لبنان مع الاتحاد الأوروبي إلى إتفاقية "شراكة جديدة" يقدّم فيها الاتحاد مساعدات مالية مقبولة للبنان، مع وعود بترقية التعاون بين لبنان والاتحاد إلى مستوى "الشريك الاستراتيجي" مع وعود بالمساعدة على تحقيق العودة الآمنة للنازحين عندما تتوافر الظروف الملائمة. وهكذا يكون المفاوض اللبناني قد رضخ لضغوط المفاوض الأوروبي من أجل منع انتقال النازحين في لبنان بإتجاه أوروبا، حيث بات المطلوب من السلطة اللبنانية أن تواجه منفردة وبوسائلها الخاصة حصول تدفقات جديدة للنازحين عبر حدوده.

السؤال المطروح: هل سيحصل لبنان على حصة "عادلة" من إتفاقية الشراكة الجديدة والتي تحدّثت عن حصوله على حصة تمويلية واستثمارية وازنة من الصندوق الإستثماري الطموح الذي وعدت المفوضية الأوروبية بإنشائه؟ إنّ وعود الدعم الاستثماري التي يتحدّث عنها الأوروبيون مُبالغ بها، ولكن التجارب السابقة لا تدفع للتفاؤل هذا بالإضافة إلى أن التجاذبات السياسية الحاصلة حول ملف النازحين لن تساعد لبنان في الحصول على المساعدات المرجوة والتي ستكون مشروطة، في حال وفاء الدول الأوروبية بتسديد التزاماتها.

 

تقصير المجتمع الدولي تجاه لبنان

واجه لبنان الأزمات المتتالية التي نشأت بسبب التداعيات التي حصلت جرّاء أحداث الربيع العربي في عدد من الدول العربية وخصوصًا في سوريا، منقسمًا على نفسه على المستويين الحكومي والشعبي.

نجحت الدولة بواسطة أجهزتها الأمنية في التصدي للجماعات الارهابية ووقف مخططاتها الجهنمية في ممارسة "القتل الأعمى" في مختلف المناطق اللبنانية وخصوصًا في الشمال والبقاع والضاحية الجنوبية وبيروت، بالإضافة إلى محاولات متكررة لاستغلال الانقسامات اللبنانية من أجل إقامة "إمارة إسلامية" والدفع باتجاه الفتنة الداخلية وتبلورت هذه الجهود والأعمال في البقاع من خلال الهجوم على الجيش اللبناني في عرسال أو من خلال إثارة الانقسامات المذهبية والعمليات الإرهابية في طرابلس. وكان الهدف ظاهرًا وواضحًا بأنّ هناك محاولات مدروسة من أجل إسقاط الجيش وتفشيله في مهمته كقوّة وحيدة ضامنة لاستمرار الدولة اللبنانية وصيانة وحدة المجتمع والأرض.

حاولت السلطات السياسية التصدي لأزمة النازحين السوريين والتي تفاقمت حين تجاوز عددهم على ربع سكان البلاد في:

أ-   ضبط انتشار النازحين وإخضاعهم لرقابة السلطة.

ب- بذل الجهود اللازمة وضمن خطّة استثمارية وإنمائية شاملة من أجل الحصول على المساعدات والتمويل الدوليين لمواجهة أعباء أزمة اللجوء الكثيف وتحقيق استفادة اللبنانيين كمجتمع مضيف من هذه المساعدات.

ج- منع أو تخفيف آثار الانقسامات السياسية على وحدة مؤسسات الدولة الدستورية والادارية وأدائها.

أمّا بشأن تقصير المجتمع الدولي تجاه مساعدة لبنان على تحمّل أعباء أزمة اللجوء السوري فحدّث ولا حرج، وذلك على عكس ما حصل عليه الأردن وتركيا من مساعدات دولية أسهمت في تخفيف الأعباء الخدماتية والأضرار الاقتصادية والاجتماعية الواقعة على المجتمعين المضيفين.

 

الخيارات التي يواجهها لبنان

في ظل الانقسام السياسي المستمر والمتفاقم بين مختلف الاحزاب والقوى المنضوية تحت معسكرين يختلفان كليًا في رؤيتهما وأولوياتهما حول مستقبل لبنان السياسي والاقتصادي والاجتماعي وفي علاقاته الخارجية، وخصوصًا ما يعود منها للعلاقات مع المملكة العربية السعودية والجمهورية الإسلامية الإيرانية، يقف لبنان مُربَكًا على مستوى المؤسسات وعلى مستوى الوفاق العام بين مختلف مكوّناته الطائفية والمذهبية.

ولا بدّ من التركيز فقط على الخيارات المستحيلة التي يواجهها لبنان في ما يعود لأزمة النازحين السوريين والمخاطر والتهديدات التي يمكن أن تتربّص بلبنان جراء تأثيراتها الممتدة في المديين المتوسط والبعيد. سيواجه لبنان مع حالة التردّي السياسي والاقتصادي والإداري خيارين:

الخيار الأوّل:

تكرار التجربة القاسية التي واجهها لبنان مع النازحين الفلسطينيين في سبعينيات وثمانينيات القرن الماضي.

الخيار الثاني:

أن يؤدي النزوح الكثيف الراهن وتفاقمه إلى حالة من التوطين الواقعي تحت الضغوط الدولية، بهدف منع هجرتهم باتجاه أوروبا وأميركا الشمالية[41]. سيؤدي توطين مئات آلاف السوريين، إلى خلل كبير في التوازنات الطائفية والسياسية في لبنان، ما يهدّد بزوال النظام اللبناني القائم وفق دستور الطائف مع كل ما يستتبع ذلك من مخاطر.

 

احتمال حدوث حرب اسرائيلية جديدة

في سياق تداعيات استمرار الحرب السورية تتكرّر الهجمات الجوية الإسرائيلية داخل الأراضي السورية. بدأ المحللون الإسرائيليون بالحديث عن احتمال أن يؤدي التوتر الحاصل إلى إمكانية اندلاع حرب على الحدود الشمالية السورية واللبنانية.

كانت وسائل الإعلام الإسرائيلة قد نشرت عدة تحليلات حول هذا الاحتمال كما كتب الباحث الإسرائيلي البارز والضابط الكبير السابق في الموساد الإسرائيلي يوسي الفر أنّ اندلاع هذه الحرب سيأتي من خارج الصراع العربي – الإسرائيلي وستقع هذه الحرب كنتيجة لاستمرار الحرب السورية واحتدام الصراع بين ايران واسرائيل. ورأى الفر أنّ اسرائيل ستتكبّد خسائر فادحة[42].

 

البحث عن مخارج لأزمات المنطقة

لا نغالي إذا قلنا بأنّه لن يكون بمقدور لبنان حماية نفسه بوسائله السياسية والأمنية الخاصة، وإنّ المخرج الوحيد للخلاص يتمثّل بتوافر الظروف السياسية لحل أزمات المنطقة بدءًا من الأزمة السورية الراهنة.

لا يمكن في ظل الحروب المتشابكة والمعقدة الجارية في المنطقة البحث عن حل للنزاعات في ظل استمرار غياب الولايات المتحدة، ومتابعة سياسة "غسل اليدين" التي اعتمدها الرئيس أوباما.

إنّ أسهل الخيارات التي يمكن أن تعتمدها واشنطن من أجل معالجة الأوضاع المتدهورة، وفق رأي معظم المراقبين في واشنطن أو في الشرق الأوسط هو اللجوء إلى استعمال قواتها المسلحة، القادرة على فرض سيطرتها على كل القوى القائمة على الأرض... وهذا الخيار في رأينا هو أسوأ الخيارات، خصوصًًا أنّه سيتركّز على عملية قصف تنظيم الدولة الإسلامية في الرقّة وفي المواقع الأخرى في سوريا والعراق، ومواقع القاعدة في اليمن. إنّ اعتماد مثل هذه الاستراتيجية العسكرية لن يحمي أميركا والعالم من التهديدات الإرهابية. وماذا أيضًا عن وقف بقيّة الحروب الجارية والتي تتشارك فيها القوى المحلية والاقليمية كلّها وبعض القوى الدولية مثل روسيا وأميركا نفسها[43]؟

لا بد من اعتماد مقاربة استراتيجية مختلفة. والسؤال من أين تبدأ؟

في رأينا يجب أن تبدأ الخطة من سوريا:

1- دعوة كل الدول والأطراف المموّلة والداعمة لكل القوى المتقاتلة داخل سوريا إلى وقف إمداد هذه القوى بالأسلحة والذخائر، واستصدار قرار من مجلس الأمن الدولي تحت الفصل السابع بهذا الموضوع.

2- إنّ الحرب في سوريا هي حرب بالوكالة بامتياز، وأنّ العمل على وقف تدخّلات القوى الإقليمية والدولية في هذه الحرب سيزيل العقبة الأساسية أمام إمكانية التوصل إلى وقف دائم للنار. ويمكن تحقيق ذلك من خلال التوصل إلى توافق أميركي – روسي.

3- الدعوة إلى مؤتمر سلام استنادًا لمرجعيات جنيف واحد وقرارات مجلس الأمن، على غرار مؤتمر "دايتون" لحل المسألة في البوسنة.

4- تبذل الولايات المتحدة قصارى جهدها لإقناع السعودية بوقف الحرب في اليمن ويمكن تصحيح موازين القوى في العراق.

5- هناك ضرورة قصوى أن تبذل الإدارة الأميركية جهودها لمعاودة مفاوضات السلام بين إسرائيل والفلسطينيين، ضمن فكرة الحل الشامل المستند على مبادرة السلام العربية[44].

أعتقد بأنّ المنطقة جاهزة لاستقبال مقاربة سياسية شاملة، تحقّق الاستقرار في المنطقة، وتفتح للمرة الأولى الباب لمحاربة الإرهاب والتطرّف اللذين باتا يشكّلان تهديدًا شاملًا، وتعمل على وقف المجازر والتهجير المستمرين في سوريا، وتفتح الباب لعودة الاستقرار إلى العراق. إنّ المقاربة لتحقيق هذه "المعجزات"، هي بانتظار بروز قيادات دولية وإقليمية شجاعة وقادرة على المبادرة، مع تأكيد دور الإدارة الأميركية الجديدة.

 

قائمة المراجع

باللغة العربية

- زكي عبد المعطي، "الدولة العميقة في مصر: الخصائص والركائز"، المعهد المصري للدراسات السياسية والاستراتيجية، 11 كانون الثاني 2016.

www.eipss-eg.org/2/0/809/.

- العيساوي غيلان، "التقسيم في سوريا: وهم يسوق أم حقيقة ترفض".

www.orientnews.net/ar/news-show/8857110/.

- "المغرب العربي بين التكامل والتحديات"، الاجتماعيات للجميع

Histego–college.Blogspot.com/2010/12/blog-post-html.

- مصدق حسن،"اقتصاديات المغرب العربي ومعوّقات التكامل الاقليمي"، صحيفة العرب، لندن، عدد الثلثاء 20 حزيران 2017.

www.alarab.co.uk/article/opinion/86719

- "الثورات العربية في سياق الربيع العربي والديمقراطية"، تحليل لمحمد كريم بو خصاص،  تنشر في التجديد بتاريخ 24 تشرين الأوّل 2012.

www.Jadaliyya.com/pages/index/21533/.

- ماضي محمد، "تونس انجح تجارب التحوّل الديمقراطي رغم الصعاب"، المستجدات السويسرية.

www.swissinfo.ch/ara/37627958AR.

- "النظام الإقليمي – تحولات وتحديات"، ندوة الحركة الثقافية في أنطلياس.

www.mcaleb.org/ar/mahrajanalkitab/2017

- "السياسة الأميركية في المنطقة العربية: من العصا والجزرة إلى فن تحريك العرائس"، مركز الدراسات الاستراتيجية والدبلوماسية 4 كانون الثاني 2017.

.www.csds-center.com/

- جرجس فواز، "الأزمة السورية: مد وجزر وتحول في موازين القوى"، بي بي سي، عربي، 15 شباط 2016.

- مجلة أميركية: "الأزمة السورية تطوّرت إلى صراع قوى دولية"، قناة الجزيرة، الأخبار،  جولة الصحافة 20/4/2017 الساعة 15:04.

- خولي معمر فيصل، "الأزمة السورية في عامها الخامس... أسباب الإستمرار والاحتمالات"، مركز الروابط للبحوث والدراسات الاستراتيجية، 3 كانون الثاني 2016.

www.rawabet.com/archives/17533

- عسيلة صبحي، "اسرائيل والأزمة السورية"، مركز الأهرام للدراسات الإستراتيجية 5 كانون الثاني 2017.

 - طبراني غبريال، "الحوثيون وايران: تحالفات الساسة وتوتّرات المذهب"، أسواق العرب 9 حزيران 2017.

www.aswak-alarab.com/archives/14368

- "العماد جان قهوجي: خطر مخيمات النازحين السوريين يتزايد"، موقع عربي، 21-27، تشرين الثاني 2015.

- وزني غازي، "تأثيرات الأزمة السورية والنزوح اقتصاديًا"، النهار، 12 أيلول 2016.

- واتكنز: "تزايد النازحين يفاقم التوتر بينهم واللبنانيين"، صحيفة الحياة، عدد 13 آب 2013.

- "أزمة النازحين في الأردن"، مركز نيغي للشرق الأوسط.

www.carnegie-mec.org/2015/09/21/ar-pub-6/296

- الحسيني علي،"أجراس الخطر من التوطين تقرع أبواب الدولة اللبنانية"، موقع المردة الرسمي، 29 أيار 2016.

 

باللغة الأجنبية

-  Atkinson sharyl, "how Arab spring opened the door to

terrorism’s ugly march", the daily signal, march 12, 2015. www.dailysignal.com/2015/03/12/arab-spring-opened-door-terrorism’s-ugly-march/.

-   Hessler peter, "Egypt’s failed revolution the new Yorker", January 2, 2017.

-   Guenaienmoez, "Egypt’s failure to transition to democracy under the Muslim Brother Naval Past Graduate school", thesis and dissertation collection.

-   Lynch Marc, "Obama and the middle east rightsizing the U.S. role", September, October 2015 issue.

-   Hamid shadi&Mccants William, Dar Rashid, "Islamism after the Arab spring: Between the Islamic state and the nation state", Brookings.edu. january 2017.

-   Brexmmer Ian, "these 5 failing Middle Eastern states may be unsalvageable", time world, October 30,2015.

www.time.com/4092987/.

-   "Economic divexsification in oil- exporting Arab countries-IMF".

http://info.org/enteral/um/eng/2016/042916.pdf.

-   Hicks Kathleen and Dalton Melissa G, "deterring Iran after the nuclear deal", Rowman and little field, March 29, 2017. p 90-91.

-   Bew John, "the Syrian war and the rectum of great power politics", new statesman, December 15, 2015.

www.newstatesman.com/world/middle-east/2015/12/Syrian-war.

-   Leiberfed Daniel, "theories of conflict And the Iraqi war" international journal of peace studies, volume 10, number 2, autumn/winter 2005.

-   Solomon Jay, "the Iran wars", random house. New york, 2016. p 10-11.

-   Feaver peter and Imboden will, "implementing an effective foreign policy", Organizing for success.

www.choosinglead.net/implementing-an-effective-foreign-policy/

-   Wright Robin, "how the curse of sykes-picot still haunts the Middle East", The New Yorker. April 30, 2016.

- "The Arab spring and the disintegration of the middle east state system" by shlomoavinery, October 14, 2015 (IWM library).

 -  Hamid shadi, "Islamism, the Arab spring and the failure of America’s do-nothing policy is the Middle East", The Atlantic October 9, 2015.

http://www.theatlantic.com/international/archive/2015/10/middle-East-egypt-US-policy/40537/

-   Steirkenneth, "my problem with Jimmy Carter book", Middle East quarterly, spring 2007, p 3-15, spring 2007, Volume 14: number 2.

-   Swaim Diana, "is the Trump-Russia scandal turning into another Watergate", CBC news, June 3, 2017.

www.cbc.ca/news/world/trump-comey-watergate-com.

-   Abbas Murad and Jassam Radhi, "the problems of rebuilding a state in Iraq 2003-2015", department of political thought, international studies university of Baghdad, Iraq, June12, 2015. See: open Journal of political science 2015.

-   "No Miracles in Gereva talks as Syria figliting rages", Syria news.www.aljazeera.com/…/miracles-geneva-talks-syria-figtiting-rages.

-   Salomon jay, "the Iran wars", p 295-299 cited in reference number 20.

-   "Assad: intervention in Syria will cause earthquake", independent newspaper, news Middle East, October 30, 2011.

-   "Heightened terror threat in Lebanon after suicide attacks near Syria", the guardian, June 28,2016

-   "The situation in Syria is only going to get worse".https://theguardian.com/global-developmentprofessional-network/2016/feb,/6/situation-in-syria.

-   Hamdan Kamal and Boukhater Lea, "strategies of response to the Syrian refugee crisis in Lebanon", 2015. Policy dialogue series-Lebanon.www.alnap.org/.../syrian.refugee-crisis-in-Lebanon-series01-spread.

-   Alter Yossi, "Israel’s next big war".

 www.forward.com/opinion/366170/Israel-next-big-war.

-   "Debate: does U.S.military intervention is the Middle East help or hurt", October 1, 2014.

www.npr.org/2014/10/07/353294026/debate-does-U-S.military.

-   Diamond Jeremy, "trump vows to work as mediator for Israeli -Palestinian peace", CNN, May 3, 2017.

www.edition.cnn.com/2017/05/03-politics/Abbas-trump-white-house.

 


[1]-     Atkinson sharyl,"How Arab spring opened the door to terrorism’s ugly march", the daily

 signal, march12, 2015.

www.dailysignal.com/2015/03/12/arab-spring-opened-door- terrorism’s-ugly-march/.

[2]-     Hessler peter, "Egypt’s failed revolution the new Yorker", January 2, 2017. See also Guenaienmoez, "Egypt’s

failure to transition to democracy under the Muslim Brother Naval Past Graduate school", thesis and dissertation

collection.

3]-     .Lynch Marc, "Obama and the middle east rightsizing the U.S. role", September, October 2015 issue

[4]-     لم تضع إدارة الرئيس دونالد ترامب استراتيجية جديدة لمنطقة الشرق الأوسط، ولكنّها التزمت بتصعيد الحرب على الإرهاب في العراق وسوريا واليمن.

[5]-     Hamid shadi&Mccants William, Dar Rashid, "Islamism after the Arab spring: Between the Islamic state and

the nation state", Brookings.edu.january, 2017.

[6]-     العيساوي غيلان، "التقسيم في سوريا: وهم يسوق أم حقيقة ترفض"

www.orientnews.net/ar/news-show/8857110/.

[7]-     تتعاظم الأخطار التي يواجهها الشعب الفلسيطيني حيث لا يقتصر الأمر على توقف مفاوضات السلام بل يتعداه إلى أبعد من ذلك وذلك بسبب الاستيطان الكثيف والذي قاربت أرقامه 350 ألف مستوطن في الضفة الغربية، وأعلنت شبكة سكاي نيوز في نشرتها صباح 20 حزيران 2017 عن بناء ثلاثة آلاف وحدة سكنية جديدة في الضفة.

[8]-     .Brexmmer Ian, "these 5 failing Middle Eastern states may be unsalvageable", time/world, October 30, 2015

www.time.com/4092987/.

[9]-     زكي عبد المعطي، "الدولة العميقة في مصر: الخصائص والركائز"، المعهد المصري للدراسات السياسية والاستراتيجية، 11 كانون الثاني 2016.

www.eipss-eg.org/2/0/809/.

[10]-     المغرب العربي بين التكامل والتحديات"، الإجتماعيات للجميع.

Histego–college.Blogspot.com/2010/12/blog-post-html.

راجع أيضًا مصدق حسن، "اقتصاديات المغرب العربي ومعوّقات التكامل الإقليمي"، صحيفة العرب، لندن، عدد الثلثاء 20 حزيران 2017.

.www.alarab.co.uk/article/opinion/86719

[11]-    ."economicdivexsification in oil- exporting Arabcountries-IMF"

http://info.org/enteral/um/eng/2016/042916.pdf.

[12]-    ,Hicks Kathleen and Dalton Melissa G, "deterring Iran after the nuclear deal", Rowman and little field

March29, 2017, p. 90-91.

[13]-    "الثورات العربية في سياق الربيع العربي والديمقراطية"، تحليل لمحمد كريم بو خصاص، تنشر في التجديد بتاريخ 24 تشرين الأوّل 2012.

www.Jadaliyya.com/pages/index/21533/.

[14]-    ماضي محمد، "تونس انجح تجارب التحوّل الديمقراطي رغم الصعاب"، المستجدات السويسرية.

www.swissinfo.ch/ara/37627958AR.

[15]-    "النظام الاقليمي – تحوّلات وتحديات"، ندوة الحركة الثقافية في أنطلياس.

www.mcaleb.org/ar/mahrajanalkitab/2017.

[16]-    "السياسة الأميركية في المنطقة العربية: من العصا والجزرة إلى فن تحريك العرائس"، مركز الدراسات الاستراتيجية والدبلوماسية،

4 كانون الثاني 2017.www.csds-center.com/.

[17]-    .BewJohn, "the Syrian war and the rectum of great power politics", new statesman, 15 Dec 2015

www.newstatesman.com/world/middle-east/2015/12/Syrian-war...

[18]-    ,Leiberfed Daniel, "theories of conflict And the Iraqi war", international journal of peace studies, volume 10

number 2, autumn/winter 2005.

[19]-    .Solomon Jay, "the Iran wars" random house, New york, 2016, p10-11

[20]-    .Feaver peter and Imboden will, "implementing an effective foreign policy", Organizing for success

www.choosing lead.net/implementing-an-effective-foreign-policy.

[21]-    Wright Robin,"how the curse of sykes-picot still haunts the Middle East", The New Yorker, April 30, 2016

 see also "the Arab spring and the disintegration of the middle east state system" by shlomoavinery, October 14, 2015

(IWM library).

[22]-    Hamid shadi, "Islamism, the Arab spring and the failure of America’s do-nothing policy is the Middle East". The Atlantic October 9, 2015. http://www.theatlantic.com/international/archive/2015/10/middle-East-egypt-

US-policy/40537/.

[23]-    .Steir kenneth, "my problem with JimmyCarter book", Middle East quarterly, spring 2007, p 3-15 spring 2007

Volume 14: number 2.

[24]-    .Swaim Diana, "Is the trump-Russia scandal turning into another Watergate", CBC news, June 3, 2017

www.cbc.ca/news/world/trump-comey-watergate-com.

[25]-    Abbas Murad and JassamRadhi,"the problems of rebuilding a state in Iraq 2003-2015", department of political

thought, international studies university of Baghdad, Iraq, June12, 2015. See: open Journal of political science 2015.

[26]-    No Miracles in Gereva talks as Syria figliting rages, Syria news.www.aljazeera.com/…/miracles-geneva-talks

syria-figtiting-rages.

[27]-    جرجس فواز، "الأزمة السورية: مد وجزر وتحول في موازين القوى"، بي بي سي، عربي، 15 شباط 2016.

[28]-    المصدر نفسه.

[29]-    مجلة أميركية: "الأزمة السورية تطوّرت إلى صراع قوى دولية"، قناة الجزيرة، الأخبار، جولة الصحافة 20/4/2017 الساعة 15:04.

[30]-    خولي معمر فيصل، "الأزمة السورية في عامها الخامس... أسباب الإستمرار والاحتمالات"، مركز الروابط للبحوث والدراسات الاستراتيجية، 3 كانون الثاني 2016.

 www.rawabet.com/archives/17533.

راجع أيضًا عسيلة صبحي "اسرائيل والأزمة السورية"، مركز الأهرام للدراسات الاستراتيجية، 5 كانون الثاني 2017.

[31]-    طبراني غبريال، "الحوثيون وايران: تحالفات الساسة وتوتّرات المذهب"، أسواق العرب، 9 حزيران 2017.

.www.aswak-alarab.com/archives/14368

[32]-    .Salomon jay, "the Iran wars", p 295-299 cited in reference number 20

[33]-    .Assad: intervention in Syria will cause earthquake, independent newspaper, news Middle East, October 30, 2011

[34]-    .Heightened terror threat in Lebanon after suicide attacks near Syria", the guardian, June 28,2016"

[35]-    ."The situation in Syria is only going to get worse"

 https://theguardian.com/global-developmentprofessional-network/2016/feb,/6/situation-in-syria....

[36]-    Hamdan kamal and bou khater Lea, "strategies of response to the Syrian refugee crisis in Lebanon", Policy, 2015

dialogue series-Lebanon.www.alnap.org/.../syrian.refugee-crisis-in-Lebanon-series01-spread.

[37]-    "العماد جان قهوجي: خطر مخيمات النازحين السوريين يتزايد"، موقع عربي، 21-27 تشرين الثاني 2015.

[38]-    وزني غازي، "تأثيرات الأزمة السورية والنزوح اقتصاديًا"، النهار، 12 أيلول 2016.

[39]-    واتكنز: "تزايد النازحين يفاقم التوتر بينهم واللبنانيين"، صحيفة الحياة، عدد 13 آب 2013.

[40]-    "أزمة النازحين في الأردن"، مركز نيغي للشرق الأوسط.

www.carnegie-mec.org/2015/09/21/ar-pub-6/296.

[41]-    الحسيني علي، "أجراس الخطر من التوطين تقرع أبواب الدولة اللبنانية"، موقع المردة الرسمي، 29 أيار 2016.

[42]-    .Alter Yossi, "Israel’snext big war". www.forward.com/opinion/366170/Israel-next-big-war

[43]-    .Debate: "Does U.S.military intervention is the Middle East help or hurt", October 1,2014

www.npr.org/2014/10/07/353294026/debate-does-U-S.military...

[44]-    Diamond Jeremy, "Trump vows to work as mediator for Israeli -Palestinian peace", CNN, May 3, 2017

www.edition.cnn.com/2017/05/03-politics/Abbas-trump-white-house.

Symptoms of the regional system and its possible repercussions on Lebanon

The main characteristic of the states of the Middle East lies in symptoms that affect the authority and the regime since the beginning of Arabic revolutions which led to a major change in the role of rulers as well as tumult in the concerned states. It is worth mentioning that these states that are affected by this tumult are waiting for the establishment of the strategy of the new administration in the in the tenure of US president Donald Trump. This region faces several challenges, mainly: terrorism and the conflict between the states of the region and the spread of extremist movements and of course the movement of the people who aspire to make changes in regimes and in the independence.

The states of the region that are affected by these conflicts suffer from problems mainly distributed at the political and social levels.

Accordingly, these states face internal interventions that might affect their internal stability. It is inevitable to say that the intervention of major states in the region to protect their interests has a major impact on the stability of the states of the region as some major states might have a negative impact sometimes through their interventions, particularly that they mostly aim to protect their interests more than protecting the states of the region, which calls for the joining of efforts of the mentioned states in order to protect themselves.

The wars that are taking place in Iraq, Syria and Yemen forinstance sound the alarm for the existence of military complications that are difficult to solve in the near future.

It is normal that the crises of the region will have repercussions on Lebanon, particularly the waves of Syrian displacement they are causing.

Lebanon is facing numerous challenges in facing the renewal of terrorist movements which the armed forces and security units have succeeded in putting them to a halt and destroying terrorist cells. The hope remains in the joining of international political efforts in order to find a solution for the Syrian crisis call for a regional international conference in order to solve the crisis, similar to: Dayton” conference in Bosna.

Les pressions de l’ordre régional et ses effets éventuels sur le Liban

Un des traits qualifiant aujourd’hui les pays du Moyen-Orient réside en les symptômes affectant l’autorité et le pouvoir, et ce depuis l’éclatement des «révolutions» arabes aboutissant à un changement remarquable quant au rôle des gouverneurs et les troubles existant dans les pays concernés. Il est à noter que ces pays témoignant des troubles sont toujours en état d’attente à l’élaboration d’une stratégie de la nouvelle gestion à l’ombre du mandat du président américain Donald Trump. Cette région fait face à de nombreux défis notamment: le terrorisme, le conflit existant entre les pays de la région et la diffusion des mouvements extrémistes, sans jamais oublier les peuples qui aspirent au changement des régimes et à l’indépendance.

Les pays de la région affectés par ces conflits souffrent de problèmes, que ce soit au niveau politique, tout comme au niveau social.

C’est alors que ces pays font face à des défis internes qui pourront affecter leur stabilité interne. Il est à signaler que les ingérences commises par les grands pays dans la région dans l’objectif de protéger leurs intérêts ont un effet important sur la stabilité des pays de la région. Ces grands pays pourront parfois par leurs ingérences, causer du mal aux pays de la région, surtout que ces ingérences visent à protéger leurs intérêts beaucoup plus qu’à protéger les pays de la région, fait qui nécessite la convergence des efforts de ces derniers pour se protéger.

Les guerres ayant lieu en Irak, en Syrie et au Yémen, par exemple, annoncent l’apparition de complications militaires difficiles, dont les solutions ne sont pas encore envisagées. Tout comme il est normal que les crises de la région aient des répercussions sur le Liban, surtout avec l’afflux du déplacement des réfugiés Syriens.

Le Liban fait face à de nombreux défis pour faire face au renouvellement des mouvements terroristes, dont les forces armées et les services sécuritaires ont réussi à freiner leur action, tout en écrasant les cellules terroristes. L’espoir persiste avec la convergence des efforts politiques internationaux pour trouver une solution à la crise syrienne, tout en appelant à la tenue d’une conférence internationale régionale en vue de régler la crise, pareillement à la conférence «Dayton» qui a été tenue dans l’objectif de régler la crise en la Bosnie.