مشاريع ومبادرات

إطلاق استراتيجية الجيش للطاقة المستدامة والمياه
إعداد: روجينا خليل الشختورة

المنشآت العسكرية مشاريع خضراء

 

«الجيش اللبناني الذي أثبت على مدى السنوات وفي أكثر من محطة مفصليّة مرّ بها الوطن، أنّه صمّام الأمان ومصدر القوّة والطاقة...، يضمّ أيضًا عقولًا وطاقات كرّست علمها ودراساتها لخدمة الوطن ورسم الرؤى المستقبلية التي تحصّنه وتحمي ثرواته...».
هذه الكلمات لوزير الدفاع الوطني يعقوب رياض الصراف خلال تمثيله رئيس الجمهورية العماد ميشال عون ورئيس الحكومة سعد الحريري في رعاية احتفال إطلاق استراتيجية الجيش للطاقة المستدامة والمياه، المموّلة من الاتحاد الأوروبي، والتي يتعاون على تنفيذها كلّ من مديرية الهندسة في الجيش ومشروع «سيدرو» التابع لبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي.


الحضور والوقائع
أقيم الاحتفال في النادي العسكري المركزي – المنارة في حضور كلّ من وزراء الدفاع الوطني يعقوب رياض الصراف، الطاقة سيزار أبي خليل، البيئة طارق الخطيب (ممثّلاً بالدكتور جوزيف الأسمر)، الاتصالات جمال الجراح، الاقتصاد والتجارة رائد خوري، ووزير الدولة للتخطيط ميشال فرعون، إلى جانب قائد الجيش العماد جوزاف عون، ورئيس الأركان اللواء الركن حاتم ملاك وممثلين عن وزراء وشخصيات رسمية ودبلوماسية وعسكرية.
استُهلّ الاحتفال بنشيدي الاتحاد الأوروبي والوطني اللبناني، أعقبهما عرض إيجاز لكلّ من مدير مشروع «سيدرو» الدكتور حسان علي حراجلي، والمقدم المهندس يوسف حريقة من مديرية الهندسة حول أهميّة استراتيجية الطاقة المستدامة الخاصة بالجيش اللبناني ومراحل المشروع والخطوات التي تمّ إنجازها لغاية تاريخه.
ثمّ تعاقب على الكلام كلّ من: رئيسة بعثة الاتحاد الأوروبي في لبنان السفيرة كريستينا لاسن، ممثلة الأمين العام للأمم المتحدة السيدة سيغرد كاغ، قائد الجيش العماد جوزاف عون، وزير الطاقة والمياه أبي خليل، وممثل وزير البيئة، ووزير الدفاع الصراف.


الوزير الصراف
قال الوزير الصراف: إن الجيش، هذه المؤسسة التي تجسّد الأمن والاستقرار، وتذود عن الحدود وتواجه أيّ اعتداء يطاول الوطن وأهله، تلاحق الإرهاب وتحاربه، هي نفسها المؤسسة التي وجدت نفسها معنيّة بالحفاظ على موارد لبنان الوطنية وحماية مخزونه الاستراتيجي، ورسم رؤية مستقبلية لخدمة هذه الأهداف الوطنية السامية... فالجيش اللبناني الذي يضمّ في صفوفه الضباط والعسكريين، والذي أثبت على مدى سنواتٍ وفي أكثر من محطّة مفصليّة مرّ بها الوطن، أنّه صمّام الأمان ومصدر القوّة والطاقة... يضمّ أيضًا عقولاً وطاقاتٍ كرّست علمها ودراساتها في خدمة الوطن ورسم الرؤى المستقبلية التي تحصّن البلد وتحمي ثرواته...
وأضاف: اليوم بات التفكير في الطاقة المتجدّدة أكثر من ملحّ. فالنفط سينضب يومًا ما... لكنّ الطاقة المتجدّدة سوف تستمرّ وسيؤدي استخدامها إلى الحدّ من تلوّث البيئة، فضلاً عن أنّها ستكون في متناول الجميع، وبالتالي فإنّ استخدامها سيكرّس مبدأ العدالة بين الدول.
وأشار الوزير الصراف: إلى أنّ إطلاق استراتيجية الجيش للطاقة المستدامة والمياه يشكّل الخطوة الأولى في مسيرة طويلة يحتاج لبنان إليها لتطبيقها عمليًا، وإذا ما استمرّ الجهد ونجحنا في وضع هذه الاستراتيجية موضع التنفيذ، فإنّ مفاعيلها سوف تكون إيجابية، إذ سيتمكّن الجيش اللبناني من تحديث معدّاته وأسلحته، وسينعكس ذلك على أساليب تدريب ضباطه وعسكرييه، من خلال اعتماد تقنيات حديثة ومتطورة، وسيخفّف عن كاهل الخزينة الكثير من الأعباء المالية، وسيفتح الباب أمام إيجاد فرص عمل للشباب، وسيحقّق إنجازًا في الحدّ من تلوّث البيئة.
وتوجّه الوزير الصراف إلى الحضور، قائلًا: إنّنا اليوم نطمح وإيّاكم للعمل سويًا في سبيل إنجاح هذا المشروع الذي يجسّد شراكةً بين القطاعين العام والخاص. وهذا الإنجاز بالطبع، إذا ما تحقّق، فإنّه سيترك مفاعيله على كلّ الصعد، العسكرية والاقتصادية والاجتماعية والإنسانية والبيئية...


الوزير أبي خليل
?بدوره، عبّر وزير الطاقة سيزار أبي خليل عن سروره بإرساء مفهوم الأمن الطاقوي في أدبيات الحكومة والإدارة وسلوكياتهما، وفي القطاعات العسكرية، وأشار إلى استخدام الطاقة الشمسية في عدّة منشآت حكومية في لبنان... انسجامًا مع احتياجاتها المتزايدة للطاقة الكهربائية والحرارية.
وأضاف: سيتمّ تركيب محطات طاقة شمسية نموذجية على عشر مبانٍ حكومية في طليعتها 4 مبانٍ تابعة لوزارة الدفاع والجيش اللبناني، وسيتمّ تعزيزها من خلال تبادل الكميات المنتجة والمستهلكة مع مؤسسة كهرباء لبنان، ما سيؤدي إلى تخفيض فواتير الكهرباء والمازوت، ويجعل منشآت الجيش اللبناني مشاريع خضراء من حيث التصنيف الطاقوي والبيئي...


الوزير الخطيب
من جهته، ألقى الدكتور جوزيف الأسمر ممثّلًا وزير البيئة الأستاذ طارق الخطيب، كلمةً عرض فيها واقع البيئة في لبنان والتغيرات المناخية التي يشهدها، والدراسات التي تقوم بها الوزارة، لا سيما تلك المتعلّقة بالطاقة المتجددة... وأكّد الدعم الكامل لمشروع «سيدرو» في الجيش اللبناني الذي سيقدّم حلولًا اقتصادية وبيئية واجتماعية لمشاكل الطاقة في لبنان.

قائد الجيش
في كلمته، قال قائد الجيش العماد عون: «يسير بنا هذا اللقاء إلى أحد الأدوار الرئيسة للمؤسسة العسكرية وهو الدور الإنمائي، فالجيش اللبناني ومنذ أن ارتسمت الملامح الأولى لنشأته في العام 1916 مع تأسيس فرقة «الشرق» آنذاك ولغاية تاريخه، لم ينقطع يومًا عن القيام بالمهمّات الإنمائية والإنسانية من المساهمة في بناء المنشآت العامة، إلى شقّ الطرقات في المناطق النائية وإقامة الجسور، إلى أعمال الإغاثة والإنقاذ خلال الحروب والأحداث الأمنية والكوارث الطبيعية، وغيرها الكثير من النشاطات على امتداد مساحة الوطن.
وبموازاة ذلك كلّه، حرصت المؤسسة باستمرار على تطوير نفسها والاهتمام بالشؤون الحياتية والاجتماعية للعسكريين، سواء بالاعتماد على إمكاناتها الذاتية، أو بالتعاون مع هيئات المجتمع المدني. وها نحن اليوم نطلق بكلّ فخرٍ واعتزاز استراتيجية الجيش للطاقة المستدامة والمياه، بمبادرة كريمة من مشروع «سيدرو» وبالتعاون مع مديرية الهندسة في الجيش، آملين أن تحقّق هذه الاستراتيجية الأهداف المرجوّة منها في أسرع وقت ممكن».
وأضاف: «في زمن التحديات والمشكلات الاقتصادية، حيث الحاجات تفوق الإمكانات، والواقع الصعب يقف حجر عثرة أمام التطلعات، قرّرنا بالاشتراك مع مشروع «سيدرو»، أن نبادر إلى العمل في قطاع حيويّ ملحٍّ... وأن نبدأ المسار من نقطة ما، إذ إنّه من غير المقبول في عصر ثورة المعرفة والتكنولوجيا أن نقف على رصيف الانتظار ولا نبادر، كما أنّه من غير المقبول أن لا نستثمر ما لدينا من طاقات وخبرات، وقبل كلّ شيء من إرادة وعزم على تعزيز فرص التطوير والنهوض بالمؤسسة، خصوصًا وأنّ الجيش يضمّ شريحة واسعة من الشعب اللبناني، وبالتالي فإنّ أيّ نشاط إنمائي فيه، يعتبر جزءًا لا يتجزّأ من الإنماء الوطني الشامل. ولا شكّ في أنّ الخطوات التمهيدية التي حققناها حتى الآن، والمتمثلة بتجهيز معهد التعليم والكلية الحربية بأنظمة تسخين مياه تعمل على الطاقة الشمسيّة، إنّما تمثل أساسًا صالحًا لتعميم هذه التجربة على مختلف وحدات الجيش في المراحل المقبلة».
وتابع قائد الجيش: «كلنا أمل وثقة، أن يقدم النجاح المنشود لخطة استراتيجية الجيش للطاقة المستدامة والمياه، نموذجًا يحتذى حذوه لدى سائر مؤسسات الدولة والمجتمع المدني، وأن يشكّل إطارًا للتعاون الخلّاق والمثمر بين الجميع».
ختامًا، توجّه بالتحية للحضور الكريم، والشكر والتقدير للقيّمين على مشروع «سيدرو»، وعاهدهم بأن يبقى الجيش كما عرفوه، يدًا تقبِضُ على الزِنادِ للدفاعِ عن الوطن، ويدًا تشدّ أزر المواطن وتسهم بقوة في بناء مجتمع آمنٍ مستقر.
 

السيدة كاغ
ممثّلة الأمين العام للأمم المتحدة السيدة سيغرد كاغ، أثنت في كلمتها على عمل مديرية الهندسة في الجيش اللبناني ونشاطها الكبير في تعزيز الطاقة الخضراء في لبنان، ورأت في استراتيجية الطاقة المستدامة والمياه خير دليل على ذلك... وقالت: لن يكون تنفيذ هذه الاستراتيجية سهلًا من دون دعم كلّ من وزارتي الطاقة والمياه والبيئة... وشكرت الوزيرين أبي خليل والخطيب على الدعم الذي يقدمانه في هذا المجال، كما شكرت وزير الدفاع وقائد الجيش على تعاونهما الدائم والمستمرّ في كلّ ما فيه خير للبلاد...


السفيرة لاسن
رئيسة بعثة الاتحاد الأوروبي في لبنان السفيرة كريستينا لاسن، عبّرت في كلمتها عن سرورها بهذه المناسبة التي تجمع موضوعات ذات أهمية كبرى بالنسبة للاتحاد الأوروبي وهي دعم القطاع الأمني والسير نحو بيئة أفضل... وقالت: للمرّة الأولى تقوم قوات مسلحة في المنطقة بإطلاق استراتيجية بيئية تطمح إلى تنفيذها جميع الجيوش... وأشادت بالمساهمين في إطلاق هذا العمل في القطاعين العام والخاص، معربة عن دعم الاتحاد الأوروبي الكامل له... مشروع «سيدرو» يضيف بعدًا آخر إلى دعمنا اللبنانيين ويظهر ما يقوم به الاتحاد الأوروبي لقطاع الطاقة وتعزيز الطاقة المتجددة في لبنــان...
اختتم الاحتفال بتبادل الأنخاب بين الحاضرين الذين تمنّوا الانتقال إلى مرحلة التنفيذ في القريب العاجل.