إقتصاديات الذهب

إقتصاديات الذهب
إعداد: د. بسام الحجار
دكتور في الاقتصاد والمصارف والمال

ماهيّةُ الذهب:
لعبَ الذهبُ دوراً هاماً في تطوّر البشريةِ، ويحتل في الظروف الراهنة مكانة هامّة في الاقتصاديات المحلية، وفي العلاقات الاقتصادية الدولية. ويعتبر رمزاً للثروة والسلطة، وهو معروفٌ من الجميع. وقد طرأ على وضعيته تغيّرات أساسيّة، ويعيش الآن مرحلة مهمّة من مراحل تحوّله التاريخي. والكثير يرغب في التعرّف على ماضيه، حاضره ومستقبله.
الذهب أبو المعادن وسيّدها، وأكثر السلع في التاريخ حساسية. السياسة والاقتصاد والنفط والسيول والعواصف والعوامل الطبيعية، والعلاقات الدولية كلها عوامل تؤثّر في سعره([1]).

الذهب معدن ثمين وجميل ويتمتّع بمجموعة من الخصائص الطبيعية والكيميائية التي جعلت منه معدناً فريداً من نوعه بين سائر المعادن، ويمكن تلخيص مزايا الذهب في ما يلي([2]):

1- إن للذهب من الصفات الذاتية ما يجعله مقبولاً بوجهٍ عام في التعامل.
2- للذهب أساساً، قيمة مرتفعة بالنسبة لغالبيّة المعادن والسلع الأخرى، أضف إلى ذلك أن  اختياره للاستعمال النقدي رفع من سعره. فالذهب قبل استخدامه في الأغراض النقدية كان يتحدّد بالكميّات المعروضة والمطلوبة منه لأغراض الصناعة والزينة. وهذا هو الطلب الاصلي على الذهب كسلعة؛ بعد استخدامه للاستعمال النقدي، يضاف إلى الطلب الاصلي عليه، طلب نقدي، الأمر الذي يؤدّي إلى ارتفاع سعره.
3- سهل الحمل وكلفة نقله أقلّ، فقيمة الذهب مرتفعة نسبياً مما يجعل وزنه معقولاً ويمثّل قيمة كبيرة.
4- الذهب لا يتأثّر بالتقلّبات الجوية، هو المعدن اللمّاع ولا يتعرّض للتلف بعكس غالبية المعادن والسلع الأخرى (على سبيل المثال هو لا يتعرّض للصدأ كالحديد أو تكسوه طبقة من الزنجار كالنحاس). ومن ثم فهو أقدر من غيره على القيام بوظائف النقود كمستودع للقيمة.
5- الذهب، بعكس الاحجار الكريمة، قابل للتجزئة وبدون نقص يذكر في قيمته وهو لا يختفي باستهلاكه، وهذه ميّزة من ميّزات الذهب، إذا ما قورن بالماس مثلاً. فالذهب مهما بدّل من مكانه ومهما تحوّلت أشكاله وتغيرّ مالكو، فهو يتابع القيام بوظائفه التي تتعدّد بتعدّد الانشطة الإنسانية، وفي هذا المجال ليس من المستبعد مطلقاً أن يكون «المحبس» الذي تلبسه قد صنع من ذهب استخرج منذ آلاف السنين في مصر، أو منذ أكثر بقليل من ثلاثماية سنة في البرازيل([3]). ومن الممكن أيضاً أن يكون هذا الذهب قد اتّخذ في مرحلة ما شكل سبيكة أو مسكوكة أو حتى حلية، والله وحده يعلم أيّة أشكال أخرى قد اتخذ.

هذه الخواص بالإضافة إلى مرونة الذهب وسهولة طرقه، وعدم إمكانية تزييفه جعلت من الذهب معدناً نفيساً.
 

الذهب في الطبيعة:

الذهب معدن نادر الوجود، إكتشفه الإنسان قديماً على شاكلة فلذات، وفي باطن التربة وقعور الانهار، وكان بالامكان استخدامه في الصناعات البسيطة دون اللجوء إلى صهره. والقسم الاعظم من الذهب يتمّ إستخراجه من المناجم، حيث يكون قد تكوّن بفعل التأثيرات الجيولوجية للقشرة الأرضية، وقد يتواجد غالباً، في مجاري الأنهار أو على شاكلة فلذات، والتي تم اكتشاف العشرات منها، وأكبرها تلك التي تمّ اكتشافها في البرازيل والتي قدّر وزنها الصافي بـ 193 كلغ من الذهب([4]).
وتجدر الاشارة إلى أن الذهب لم يعد مركّزاً بكميّات كبيرة في التربة، فقديماً كانت عمليّة الاستخراج تشكّل وفراً كبيراً، علماً أن الادوات المستخدمة كانت بدائية جداً. فقد كان الطنّ الواحد من التربة يحوي مئة غرام وأكثر من الذهب. أما اليوم فتعتبر التربة غنية، إن كانت كمية الذهب في الطنّ الواحد في التربة لا تزيد على عشرة غرامات وحتى أن الانتاج يعتبر مربحاً إن كانت الكمية لا تزيد عن الخمس غرامات. وهذه النسبة كما هو معروف، أقل بآلاف المرّات من نسبة الحديد أو حتى النحاس والزنك والرصاص.

 

الذهب في العلاقات الاقتصادية الدولية:

يعود تاريخ معرفتنا بالذهب إلى ما يقارب الستة آلاف سنة، وقد مضى أكثر من 2500 سنة منذ ظهور أولى النقود المصنوعة من الذهب. وقد أدت الاكتشافات الجغرافية في القرنين الخامس عشر والسادس عشر، التي يعود تاريخها إلى فاسكو دي غاما وكريستوفر كولومبس إلى اتساع نطاق التجارة وتدّفق المعادن النفيسة إلى أوروبا وتحوّل اقتصاد العصور الوسطى من إقتصاد ضيّق التبادل إلى إقتصاد قائم على استخدام النقود المعدنية، هذا كان عصر المركنتالية ([5]).

وتتلّخص الفكرة الاساسية التي قام عليها المذهب المركنتالي (التجاري) بأن المعادن النفيسة، وبالأخص الذهب، هي أساس للثروة الحقيقية ومن ثم يكون المظهر الحقيقي لغنى الدولة هو مراكمة هذا المعدن لديها.

وقد كان اكتشاف الذهب في كاليفورنيا وأستراليا عاملاً مهماً في النموّ الاقتصادي، وفي تشكّل الاسواق العالمية، ومما لا شك فيه أن تدفّق الذهب إلى أوروبا وبكميات كبيرة، كان أساساً لإدخال قاعدة الذهب.

ومع اكتشاف الذهب في جمهورية جنوب أفريقيا في نهاية القرن التاسع عشر، بدأت مرحلة جديدة في تاريخ المعدن الاصفر، مع إنتاج جمهورية جنوب أفريقيا لثلثي الانتاج الرأسمالي العالمي، حيث تراوحت كمية الانتاج العالمي للذهب في الثمانينيات بين 950 - 1000 طناً سنوياً، كانت حصة جنوب أفريقيا منها تقدر بـ 650 - 700 طناً سنوياً.
ولم يكن للذهب المستخرج نفس المصير، فحتى الحرب العالمية الأولى استخدم قسمٌ منه في سكّ النقود، وما يعادل هذه الكمية إستخدم كغطاء للاصدار النقدي. وفي كلتا الحالتين كان الذهب يتّخذ شكل النقود، فينتقل من الاحتياط إلى التداول، وبالعكس عن طريق سك وصهر المعدن، هذا كان عصر القاعدة الذهبية.

 

نظام الذهب (القاعدة الذهبية) Gold Standard:

نظام نقدي لعب الذهب في ظله دور مقياس القيمة ووسيط التبادل، ولكي يتحقّق تشغيل هذا النظام على المستويين المحلي والدولي يقتضي توافر شروط نذكر منها وباختصار:

أوّلاً: تحديد قيمة ثابتة للعملة الوطنية بوزن وعيار معيّن من الذهب، كأن يحدّد المشرع الأميركي. 888671,0 = 1$ غراماً من الذهب، وهذا الشرط هو الذي أعطى للذهب سعره القانوني.

ثانياً: ضمان حرية صهر وسك الذهب، دون تكلفة كشرط ضروري لتحقيق التعادل بين السعر السوقي والسعر القانوني للذهب.

ثالثاً: ضمان قابلية العملة الوطنية للصرف بالذهب وبالعكس بلا قيد ولا شرط.

رابعاً: ضمان حرية تصدير واستيراد الذهب للمحافظة على التعادل بين القيمة الداخلية والقيمة الخارجية للذهب، وكان من شأن هذا التدبير أن حافظت أسعار صرف العملات على ثباتها واستقرارها.

وقد أدّى انفجار حمم الحرب العالمية الأولى في العام 1914 إلى إنهيار قواعد اللعبة التي قام عليها نظام الذهب. واضطرّت الحكومات للتوقّف عن سك النقود وأوقفت كل أشكال صرف الأوراق النقدية بالذهب، وتكون بتلك قد أعلنت السعر الالزامي للأوراق النقدية التي تحوّلت إلى نقود إنتهائية ([6])، وباتت تتمتّع بقوّة الابرام العام المستمدّة من قانون الدولة التي تصدرها.

 

العودة إلى قاعدة الذهب: 

في 25 أبريل (نيسان) 1925 أعلن ونستون تشرشل عودة بريطانيا إلى قاعدة الذهب، ولكن في صورة السبائك الذهبية في الفترة 1925 - 1931، وألغيت القيود المفروضة على تصدير الذهب، ووقوف بنك إنكلترا على استعداد لبيع الذهب في شكل سبائك، شرط أن لا تقلّ الكمية عن 400 أونصة من الذهب.

عودة إنكلترا إلى نظام السبائك الذهبية، جعلتها غير قادرة على الصمود، مما اضطرّها في النهاية إلى الخروج عن قاعدة الذهب إسوةً بالدول الأخرى، خاصّة وأن سعر صرف الاسترليني كان فعّال فيه على أساس القوّة الشرائية لكلا العملتين الدولار والجنيه.

وانعكس ضعف مركز لندن الاقتصادي على الاسواق النقدية العالمية فجعلها غير مستقرّة. وهذا ساعد على تحوّل إفلاس البورصات في نيويورك خريف 1929 إلى أزمة عالمية، لم يعرف العالم مثيلاً لها من قبل.
ومع تحوّل هذه الأزمة إلى حالة زعر مالي طاغٍ ناتجٍ عن عدم الثقة والخوف من احتمالات المستقبل، تهافت الأفراد على تحويل أوراق البنكنوت إلى ذهب. ولما كانت الكمية المغطّاة بالذهب لا تزيد عن %40  فإن تهافت الافراد على الصرف بالذهب، عرّض مؤسّسات الائتمان إلى حالة عجز حقيقي عن الدفع، مما أدّى إلى إفلاسها([7]).
إزاء هذا الوضع، أعلنت بريطانيا في 19 أيلول (سبتمبر) إيقاف شرط تحويل الأوراق النقدية إلى ذهب، ومن ثم خروجها عن قاعدة الذهب، توالت بعدها حركة الانهيار في النظم النقدية، فخرجت الولايات المتحدة الاميركية عنه في العام ,1931 ولم يأت عام 1936،  إلا وكانت جميع الدول التي تسير على نظام الذهب قد خرجت عنه، ويكون بذلك هذا النظام قد انهار انهياراً تاماً([8]).

ولم يعد الذهب بعدها يلعب دور النقود في الاقتصاديات المحلية، وأكثر فأكثر أخذ الذهب بالتمركز في البنوك المركزية، ولم يخرج منها إلا بهدف تسوية المدفوعات والديون الخارجية، وكان مصير الذهب المستخرج بالتالي الانتقال من حفرة إلى حفرة جديدة، أي من المنجم إلى أقبية البنوك المركزية.

 

مؤتمر بريتون وودز ([9]): 

في النظام النقدي لفترة ما بعد الحرب العالمية الثانية، أصبح الدولار الاميركي ممثّلاً للذهب، فاختارت كل دولة قيمة إسمية لعملتها مقوّمة بالدولار الأميركي، أي أن الدولار، أصبح هو المركز الذي يتمّ بموجبه ربط وتحديد سعر صرف العملات الأخرى، وارتباط كل عملة بالدولار يجعل سعر الصرف بين عملتين معلوماً، وضمنت الولايات المتحدة حرية تحويل الدولار إلى ذهب أميركي بالسعر الرسمي الثابت وبواقع 35 دولاراً للأونصة ([10]). لكن الولايات المتحدة لاحقاً تخلّت عن التزاماتها، وبالتالي انقطعت الصلة بين النظام النقدي العالمي والذهب.
والذهب اليوم لم يعد يلعب ذلك الدور الذي كان يلعبه من قبل في النظام النقدي العالمي، ويعود ذلك إلى أنه مع حلول العام 1970، تحوّل الفائض في الميزان التجاري الاميركي إلى عجز بسبب تضاؤل القوّة الشرائية للولايات المتحدة الاميركية في الاقتصاد العالمي وبفعل التأثير الشديد لحرب فييتنام.

بيد أن الولايات المتحدة لم تكن تأبه بهذا العجز لاعتمادها في تمويله على الدور الذي يلعبه الدولار الاميركي كعملة دولية، يعني ببساطة «أن في إمكانها أن تتوسّع في الاصدار التضخّمي دون أن تخشى آثاره التضخمية طالما أنها تقوم بتصدير هذا التوسّع إلى مختلف دول العالم»([11]).
بيد أن الأزمة النقدية في العام 1971 بدأت تتّخذ شكلاً حاداً واهتز الوضع العالمي للدولار، وقامت الولايات المتحدة بإجراء تخفيضين في سعر صرف الدولار، مرة في 18 آب 1971، وثانية في 13 شباط 1973، وقد شكّل التخفيضان ما يقارب 20% تقريباً من القيمة الخارجية للدولار الأميركي. وبذلك يكون سعر الاونصة من الذهب، قد ارتفع إلى 222,42 دولاراً، وكان هذا السعر آخر وأعلى سعر رسمي للذهب. إزاء هذا الوضع أعلنت الإدارة الأميركية في 15 آب من العام 1971 عن إغلاق نافذة الذهب موقفة بذلك تحويل الدولارات الأميركية إلى ذهب([12]) وقطعت بذلك آخر صلة تربط عالم النقود الورقية بالذهب. وتحوّلت الأوراق النقدية إلى أوراق نقدية إلزامية.

 

مؤتمر جمايكا:

في العام 1974، في الدورة العادية لصندوق النقد الدولي، شكّلت لجنة مؤقّتة لإعداد دراسة حول قضايا إصلاح النظام النقدي العالمي ضمّت ممثّلين عن مختلف الدول الاعضاء في الصندوق، إنحصرت مهمّتها في إعداد اقتراحات للتكّيف مع مقتضيات الحاضر، وقد عرض هذا الاتفاق في كانون الثاني 1976 في كينغستون (عاصمة جمايكا) بعد المصادقة عليه من قبل 85 % من الدول الاعضاء والتي تتمتع بـ 52,78% من الحجم الاجمالي للحصص في الصندوق، وقد عرف هذا المؤتمر بمؤتمر جمايكا، وفيه تم التعديل الثاني لاتفاقية بريتون وودز.

 

ما الجديد في إتفاقية جمايكا؟

1-     أعطت الاتفاقية الدول الاعضاء في الصندوق، وبحسب المادة الرابعة من إتفاقية الصندوق، حرية إختيار ما تشاء من نظم الصرف، أسعار صرف ثابتة أو أسعار صرف عائمة، أو مسألة الدمج بينهما.

2-     إلغاء السعر الرسمي للذهب، ونزع الصفة النقدية عنه، وحظر أية وظيفة له في ترتيبات الصرف، وتحقيقاً لهذا الهدف قام الصندوق بالتخلي عن جانب من مقادير الذهب الموجود في حيازته.

3-     الإعلان عن «حيادية» نقود دولية على شاكلة حقوق السحب الخاصة SDR لتلعب دور أصول إحتياطيّة دولية.

باختصار، فقد توقّف الذهب عن أن يكون نقوداً عالمية. ولكن السؤال الذي يطرح: كيف يمكننا أن نفسّر الاصرار على إبقاء الذهب كأصل من الأصول الدولية؟ وما هو دوره المستقبلي؟

للإجابة على هذه الأسئلة، لا بد أوّلاً، من الاخذ في الاعتبار للحيازات الرسمية منه، وكم تشكّله احتياطياته من مجمل الأصول الدولية (الخارجية) لدى السلطات النقدية؟ وثانياً، ما هي التحرّكات في سعر الذهب؟

 

الاحتياطيات الرسمية:

في ظلّ قاعدة الذهب، كانت الاحتياطيات الرسمية تنمو بشكل منتظم لمقابلة الطلب النقدي على الذهب، وبعد التخلّي عن قاعدة الذهب ونزع الصفة النقدية عنه، بدأت مرحلة جديدة من تاريخه، فلم يعد الذهب يمثّل أساساً للنظم النقدية، كما أنه توقّف عن أن يكون أداة لتسوية المعاملات الدولية. ولكن وعلى الرغم من ذلك فإن غالبيّة الحكومات والبنوك المركزية ما زالت «تجلس على صناديقها» ولا تبدو راغبة في التخلي عن احتياطيها المكدس([13]). وقد قدّرت الكميات التي تركّزت في البنوك المركزية حتى العام 1945، أي مباشرة بعد انتهاء الحرب العالمية الثانية، ما يقارب ثلثي إحتياطي الذهب، أو ما يعادل 30 ألف طناً، بلغت حصّة الولايات المتحدة منها 22 ألف طناً أو ما يعادل 70% من الاحتياطي الرسمي للذهب، وما تبقّى من الاحتياطيات توزّع على سائر البلدان الأخرى.

هذا وتصل الاحتياطيات الرسمية بمجملها إلى أكثر من 32 ألف طناً تقريباً، أو ما يعادل 5,1076 مليون أونصة من الذهب الخالص. (أرقام نوفمبر 1998). وهذه الكميّة تفوق الكميّات التي استخرجت من المناجم في العالم الرأسمالي على امتداد العشرين سنة الأخيرة. وهذا ما يجعل الذهب ثاني أهم أصل دولي بعد الدولار الأميركي.

 

جدول رقم -1 - الحيازات الرسمية من الذهب إحصاءات صندوق النقد الدولي
 

كمية الذهب الصافي بملايين الاونصات كما هي في نهاية الفترة

1996

1997

1998

اجمالي البلدان منها:

 

906.6

 

890.6

 

879.4

 

البلدان الصناعية:

 

748.2

 

732.5

 

724

 

المؤسسات المالية الدولية:

 

202

 

199.1

 

197.1

 

المؤسسات المالية الدولية:

 

1108.6

1089.7

1076.5

 

Source: World Gold Council, Gold Demand trends No 22.February 1998.

 

من الطبيعي جداً أن تمتلك البلدان الصناعية القدرة على تحديد السياسات تجاه الذهب، كون الكميات الاساسية تكدّست لدى مجموعة قليلة من البلدان الغنية. فقد شكّلت حصّة البلدان الصناعية أكثر من 70 % من الاحتياطيات الدولية في العام .1998

والملكية الحالية للذهب، هي نتيجة للعلاقات النقدية لفترة ما بعد الحرب، فقبل العام 1971، كان الرصيد الذهبي للبلدان يتبدّل بسرعة وبشكل منفرد، فقد هبط على سبيل المثال، إحتياطي الولايات المتحدة بقوّة، وارتفعت بالمقابل حصّة البلدان الصناعية الأخرى (ألمانيا، فرنسا، سويسرا، إيطاليا والبلدان المنخفضة)، وتعتبر هذه البلدان حالياً من أهم البلدان المالكة للذهب. الجدول رقم (2).

جدول رقم - 2 - الحيازات الرسمية للذهب ونسبة تمثيلها من الاصول الدولية كما هي نهاية العام 1999 (بالاطنان)
 

البلد

الكمية

( طن)

نسبة الذهب من اجمالي الاحتياطات

البلد

الكمية

( طن)

نسبة الذهب من اجمالي الاحتياطات

1- الولايات المتحدة الاميركية

8137

53.6%

11- إسبانيا

523

9.5%

2- المانيا

3469

33.6%

12 – روسيا

424

36.4%

3- صندوق النقد الدولي

3217

--

13 – تايوان

422

4.3%

4- فرنسا

3025

50.8%

14- أستراليا

404

20.4%

5- سويسرا

2590

39%  

15- الصين

395

2.3%

6- إيطاليا

2452

48%

16- الهند

357

9.6%

7 –هولندا

1012

47%

17- فنزويلا

302   

20.5%

8- اليابان

754

--

18- لبنان

287

27.9%

9- المملكة المتحدة

715

17.6%

19- بلجيكا

269

17.2%

10- البرتغال

622

27.5%

20- BIS

199

-

 

Sources: 1- WGC Calculations based on data in IMF, IFS May 1999.

               2- World Gold Council. Table of official Holding. Jun.mar1999.

 

وبالرغم من التباين النسبي في الحيازات الرسمية الاجمالية من الذهب، تحصل بعض التغيّرات في أرصدة مجموعات الدول، فقد هبط إحتياطي البلدان الصناعيّة بشكل بسيط (الجدول رقم 3) بينما ازداد رصيد بعض البلدان الأخرى، وهذا لا يشكّل ميلاً أساسياً لدى بعض الدول للتخلّي عن الذهب، وإنما هو نتيجة لظروف خاصة تجد الدولة نفسها مضطرة للتنازل عن قسم من ملكيتها للذهب، على سبيل المثال، مبيعات بلجيكا في العام 1989 والتي قدرت بـ 200 طناً وفي العام 1990 قامت أيضاً ببيع 202 طناً.

ونؤكّد أن التنازل عن ملكية الذهب، لا يمكن اعتباره، ولا بأي حال من الأحوال، ظاهرة عالمية، طالما أن العمليّة ما زالت منحصرة بعدد محدّد من البنوك المركزية، ونشير إلى أن السبب الرئيسي في انخفاض حصّة الذهب من الاحتياطيات الدولية، يعود إلى أن البنوك المركزية إضافةً إلى أصولها الدولية وأصول أخرى تتمثّل في العملات القابلة للتحويل، مثل الدولار والين واليورو والجنيه الاسترليني (جدول رقم 2).

الحركية البطيئة للاحتياطيات الدولية، تظهر وكأن الصراع على امتلاك الذهب قد توقّف نهائياً، ولكن إعادة توزيع ثروات الذهب، ما زالت تتم بشكل غير مرئي، ويشكّل احتياطي الذهب من إجمالي الاحتياطيات الدولية أكثر من 10 %. بينما هناك ستة دول تمتلك أكثر من ثلثي احتياطي الذهب الرسمي، القابع في أقبية البنوك المركزية. فبالإضافة إلى الولايات المتحدة الاميركية التي تمتلك، كما هو مبيّن في الجدول رقم (2) 8138 طناً من الذهب، فإن ألمانيا أيضاً تمتلك كميّات كبيرة من هذا المعدن 3469 طناً وفرنسا 3025 طناً، سويسرا 2590 طناً وإيطاليا ,2452 وهولندا 1012 طناً، بينما لا تزيد ملكيّة اليابان والمملكة المتحدة من هذا المعدن عن 754 و 715 طناً على التوالي، بالإشارة، فإن لبنان يمتلك 287 طناً وبهذا فهو يحتل المرتبة السابعة عشر بين الدول إن استثنينا صندوق النقد الدولي والتي تقدّر ملكيته 3127 طناً ويأتي بالمرتبة الثالثة بعد ألمانيا.
 

الذهب والسيولة الدولية (الذهب النقدي):
يدخل الذهب النقدي في السيولة الدولية ([14]) نظراً لإمكانيّة إقتراضه أو حتى رهنه. وهناك صعوبة في قياسه نظراً للتبدّل في أسعاره في الأسواق العالمية. ولا يتوقّع منه في المستقبل أن يلعب أكثر من دور

ثانوي في تدبير حاجة العالم إلى السيولة الدولية. ويظهر الجدول رقم (3) تراجعاً في دور الذهب، حيث بلغ إجمالي الذهب الرسمي، بحسب أسعار لندن 236 مليار وحدة من حقوق السحب الخاصة في العام 1995، أو ما يشكل 19% من الاجمالي العام للسيولة الدولية، وتراجع في العام 2000 إلى 3,200 مليار وحدة من حقوق السحب الخاصة SDR([15])، أو ما يشكّل 11,5%  من إجمالي السيولة الدولية.

 

جدول رقم - 3 - الحيازات الرسمية من الاحتياطات الدولية 1995 - 2000 كما هي في نهاية السنة (مليار وحدة من حقوق السحب الخاصة)

 

1995

1996

1997

1998

1999

2000

جميع الدول:

 

إجمالي الاحتياطات

988.44

1142.2

1261.2

1243.8

1368.4

1537.7

باستثاء الذهب ( أسعار سوق لندن)

236

232.4

190.8

197.6

204

200.3

الاجمالي العام شاملاً  الذهب

1224.4

1374.6

1452

1441.3

1572.4

1737.9

الدول الصناعية:

 

إجمالي الاحتياطات باستثاء الذهب

487.7

548.8

577.7

545.6

586.3

649.5

إجمالي الذهب ( أسعار سوق لندن)

196.4

192.1

157.5

165.3

171.4

167.8

الاجمالي العام شاملاً  الذهب

684.1

740.9

735.2

710.9

757.7

817.3

الدول النامية:

 

إجمالي الاحتياطات باستثاء الذهب

500.7

593.4

683.6

698.2

782.1

888.1

إجمالي الذهب ( أسعار سوق لندن)

39.6

40.2

33.3

32.3

32.6

32.5

الاجمالي العام شاملاً  الذهب

540.3

623.7

716.8

730.5

814.7

920.6

 

 

 

 

 

 

 

 

Sources: IMF.IFS Annual Report 1995, P.158-159.

IMF.IFS Annual Report 2001, P.102.

 

الدولار الاميركي العملة الدولية الرئيسية منذ نهاية الحرب العالمية الثانية. وحتى يومنا هذا، وعلى الرغم من انخفاض دوره نسبياً بعد انهيار بريتون وودز، عاد ليكون أكثر العملات استعمالاً كعملة احتياطية دولية، ويظهر الجدول رقم (4) أن نصيب الدولار الأميركي من الاحتياطيات الدولية إرتفع من 3,51 % في العام 1991 إلى 2,68 % في العام 2000 ومن 6,43 إلى 3, %73 ومن 6,63 إلى 3,64 في الدول الصناعية والنامية على التوالي لنفس الفترة.

 

جدول رقم - 4 - نصيب بعض العملات في إجمالي الحيازات الرسمية للاحتياطيات الدولية من العملات الاجنبية 1991 - 2000 (%)
 

 

1991

1997

2000

العملة

الدول الصناعية

الدول النامية

كل الدول

الدول الصناعية

الدول النامية

كل

 الدول

الدول الصناعية

الدول النامية

كل

الدول

الدولار الاميركي

43.6

63.3

51.3

57.9

66.2

62.4

73.3

64.3

68.2

الين الياباني

9.7

6.7

8.5

5.8

4.7

5.2

6.5

4.4

5.3

الجنيه الاسترليني

1.8

5.5

3.3

1.9

5.1

3.7

2

5.2

3.9

اليورو*

16.6

--

10.2

10.9

--

5

102

14.6

12.7

 

ويشهد الين الياباني إستقراراً في نصيبه من السيولة الدولية 5% تقريباً هذا وشكّل نصيب اليورو أكثر بقليل من 10% في البلدان الصناعية، وما يقارب %15  في العام 2000 في البلدان النامية.

 

إتفاقية واشنطن حول الذهب:

في 26 أيلول 1991، أعلنت الدول الأعضاء في الاتحاد الاوروبي هذه الاتفاقية، وبمشاركة سويسرا، وعدم مشاركة كل من الدانمارك واليونان([16])، وتنصّ هذه الاتفاقية على التالي:

1-تحدّد الدول الموقّعة على الاتفاقية حجم مبيعاتها المستقبلية من الذهب والتي تبدأ فـي أيار العام 2000، وبحسب البرامج التي تم الاتفاق عليها، إلتزمت الدول المشاركة في الاتفاقية أن لا يزيد حجم مبيعاتها من الذهب عن 400 طن في السنة الواحدة، وأن لا تزيد هذه الكمية عن 2000 طن على امتداد سنوات الاتفاقية الخمس.

2-بالامكان إذا اقتضت الحاجة إعادة النظر بهذه الاتفاقية بعد مضي السنوات الخمس.

3-تأكيد كل من الولايات المتحدة واليابان عدم التدخّل في سوق الذهب، بائعة أو مشترية للمعدن، في حين التزمت كل من BIS و IMF بروحية الاتفاق.

وتهدف هذه الاتفاقية إلى خلق وتشجيع سوق للذهب أكثر شفافية واستقراراً، خاصة لجهة التزام البلد المشارك بالحصّة المحدّدة له للبيع خلال مدّة سريان الاتفاقية وأن لا يقوم بمدّ السوق بأيّة كميّات إضافيّة إن دعت الحاجة لذلك.

   

التحرّكات في أسعار الذهب:

يعتبر التقلّب في سعر الذهب من العوامل التي تعيق عودته لأداء وظائفه التقليدية، فسعر الذهب والذي على امتداد فترة تمتد من العام 1934 وحتى نهاية الستّينيات عملياً لم يتبدّل، وبلغ ذروته في كانون الثاني من العام 1980، حيث سجّل سعر الأونصة رقماً خيالياً 850 دولاراً  وهو اليوم يتقلّب في حدود الـ 400 - 450 دولاراً.

من الممكن أن نؤرّخ ولوضع المعاصر للذهب مع ذلك الوضع الذي نشأ على وجه التحديد في آذار 1968، ففي هذا اليوم، تمّ لقاء طارئ في واشنطن لممثلّي البلدان الرأسمالية واتخذ فيه قرار بالتوقّف عن دعم السعر السوقي للذهب عند مستوى السعر الرسمي والمحدد بـ 35 دولاراً للأونصة، وقرار آخر يقضي بحلّ مجمع الذهب([17]) وهذا يعني بالتالي أنه بات للذهب سعران: سعر حر يتحدّد كأي سلعة أخرى بقوى العرض والطلب، وسعر رسمي بالتعامل بين الحكومات والبنوك المركزية.

وأدّى انقسام السوق العالمي للذهب إلى قطاعين خاص وبين البنوك المركزية، إلى تسرّب قسم كبير من الذهب من تحت الرقابة الحكومية وانخفض تبعاً لذلك تأثير الحكومات على تجارة الذهب الدولية، وأخذ السعر السوقي للذهب بالانحراف عن سعره الرسمي وحتى السعر الرسمي بدوره ارتفع من 35 دولاراً للأونصة إلى 38 دولاراً في 1971 و 22,42 دولاراً في العام 1973 (هذا السعر على الذهب لا نهائي المرونة من قبل القطاع الخاص). وبعدها لم يعد السعر الرسمي يحمل أهمية تذكر بالنسبة لعملية استخراج الذهب، فالتأثير الاساسي بات لسعر السوق، والذي منذ العام 1972 إنفلت من عقاله. ومع هذا، إستمرّ الذهب في أداء وظيفته بتسوية المدفوعات الدولية. بشكل غير مباشر، عن طريق تسييل الذهب، أي تحويله إلى عملات قابلة للتحويل، على سبيل المثال، الحكومة الاميركية أقدمت على بيع الذهب في السوق، وقد قدّرت الكمية التي بيعت في الفترة بين 1976 و 1979 بـثلاث مليارات وحدة من حقوق السحب الخاصة.

 

آفاق تطوّر سعر الذهب:

تميّز إنتاج الذهب، في ظلّ ظروف العمل بالسعر الرسمي، عن غيره من الفروع الانتاجية الأخرى ببعض الخواص، نذكر منها على سبيل المثال لا الحصر، إن إنتاج أية سلعة يرتبط بحالة السوق، أما الذهب فكان ينتقل من الانتاج إلى التداول، والمحدّد في إنتاجه كان سعره الرسمي، القانون الاميركي عرف الدولار الأميركي في العام 1837، عند مستوى 67,20 دولاراً للأونصة، فإن كان بإمكانيّة أي صناعي زيادة هامش أرباحه فذلك يكون عن طريق خفض نفقات الانتاج أو رفع الاسعار، وفي ظلّ ثبات السعر الرسمي للذهب لم يكن أمام منتجي الذهب سوى سبيل واحد ألا وهو خفض الانتاج.

وفي أساس دراستنا لآفاق تطورّ سعر الذهب، يجب أن نأخذ بالاعتبار الظروف الجيولوجية والصناعية لإنتاجه، كذلك الأمر المسائل المتعلّقة بعرضه والطلب عليه، وليس باستطاعتنا في تحديد أسعار الذهب أن نتجاهل معدلات التضخّم والتطوّرات التي تطرأ على أسعار النفظ، وكذلك الأمر غياب أو إقبال المستثمرين المهمّين في المعدن، والمفاضلة بين الفائدة الاسمية والعائد من الاستثمار بالذهب.

بتقديرات لجنة من خبراء الأمم المتحدة التي ترأسّها الاقتصادي الاميركي ليونتيف، رأت أن التحوّل في الستّينيـات، من قبل المنقبين إلى المناجم ذات الانتاجية الأقل والتي تتطلّب إما كثافة في عنصر العمل أو كثافة في رأس المال، إلى المناجم الافقر والاعمق التي يتعذّر استخدام التقنيّات فيها بشكل واسع، تعود إلى الارتفاع المضطرد في نفقات إنتاج المعدن، والتي وبالضرورة سوف تشكّل عاملاً في دفع أسعاره إلى الأعلى (الجدول رقم 5).

 

جدول رقم (5) كلفة إنتاج أونصة الذهب (دولار أميركي)* في أهمّ البلدان المنتجة له

 

السنة

1985

1995

جنوب أفريقيا

189

364

أستراليا

195

268

كندا

90

150

الولايات المتحدة

302

291

بابوا غينيا الجديدة

--

246

متوسّط الكلفة مع جنوب افريقيا

214

315

متوسّط الكلفة بدون جنوب افريقيا

245

300

 

Sources: Minerals Year Book (Various issues)

  • مع الاشارة الى ان كلفة إنتاج أونصة الذهب، كما هي واردة في الجدول لا تتضمّن  النفقات الرأسمالية أو أي تخفيض في سعر صرف العملات الوطنية بالدولار الاميركي.

 

والسؤال الذي يطرح، ما هي الكمية المثلى من غرامات الذهب التي يجب أن تتوافر في كل طن معالج من التربة؟ لكي يكون إنتاج الذهب مجدياً، وكي يكون باستطاعة المنتج إن باع هذه الكمية بالاسعار السائدة في السوق، أن يقوم، كحدٍّ أدنى، بتغطية أكلاف إنتاجه. لهذا الغرض سوف نستخدم بعض المعادلات، المحدّدة لهذه العلاقة، ونأخذ جنوب أفريقيا مثالاً لذلك.

PL (gramme/tonne)= c (rand/tonne)
  Pg (rand/gram)                               

حيث: الراند - عملة جنوب أفريقيا

Pg - سعر غرام الذهب مقوّماً بالراند

C  - كلفة التنقيب عن الذهب - مقوّمة بالراند

وتتحدّد qg بالمعادلة التالية:
 

[18]qg (grams)= ag (grams/tonne) x q0 (tonnes)

حيث qg - تعبر عن الانتاج الكلي للذهب مقوّماً بالغرامات، المستخرج من أطنان التربة التي تمّ معالجتها.

     - كميّة السبائك من الذهب الخالص التي تمّ استخراجها.

يتّضح من الجدول رقم (5) أن كلفة إنتاج أونصة الذهب في جنوب أفريقيا، هي الأعلى بين سائر الدول المنتجة له، وفي فترات معيّنة، كانت كلفة إنتاج جنوب أفريقيا الذهب بسعر 300 - 320 دولاراً للأونصة في العام 1995، في حين شكّلت التكلفة 364 دولاراً في نفس الفترة، ومن المتوقّع أن ينخفض إنتاج الذهب في جنوب أفريقيا إن لم تتّجه أسعار الذهب نحو الارتفاع.
 

ويوفّر إرتفاع سعر الذهب إمكانية لزيادة الارباح بالنسبة للمنتجين، كما يعزّز إمكانية التحوّل، في عملية الاستخراج، من المناجم الغنية إلى المناجم الافقر، ويشجّع على زيادة التنقيب عن المعدن واكتشاف مواطن جديدة له. وللتأكيد على ذلك، نشير أنه بعد وقف العمل بالسعر الرسمي للذهب شكّل ارتفاع السعر السوقي للذهب حافزاً على اكتشاف مناجم جديدة للذهب والتي أنتج منها 90 % من إنتاج الذهب في هذا البلد و 66 % من إنتاجه العالمي([19]).

 

التضخّم والذهب:

يعتبر التضخّم من العوامل الأساسية التي تحدّد مصير الذهب، فالتضخّم كظاهرة، بالمفهوم البسيط - يتمثّل في ارتفاع الأسعار فتسير القوّة الشرائية للنقود أو قيمتها الحقيقية باتجاه عكسي مع التغيّرات  في مستوى الاسعار، وينتج عن التضخّم تدهور في قيمة العملة وإضعاف ثقة الأفراد بها، فيزداد لديهم التفضيل السلعي، فينشط دور الذهب كأداة لاختزان القيمة (كأداة للادخار) ويزداد الطلب عليه لأغراض المضاربة والاستثمار. وليس هناك، كما يبدو، من أساس يشير إلى فرضية انعدام هذا الطلب في المستقبل.

ويؤثّر التضخم على بائعي الذهب، الذين يسعَوْن إلى تعظيم أرباحهم، فارتفاع أسعار السلع والخدمات في السوق يعتبر مؤشّراً لهم لرفع سعر المعدن وعلى الأقل بنفس النسبة التي ارتفعت فيها أسعار السلع والخدمات الأخرى. فكما هو معروف، فإن القوّة الشرائية للذهب  تتحدّد بقدرة المعدن على التحوّل إلى سلع وخدمات.

 

الدولار والذهب:

كما هو معلوم، يتمّ بيع وشراء الذهب بالدولار الأميركي، ويتحدّد سعره أيضاً بالدولار الأميركي. لذلك فمن الواضح جداً، أن يتأثّر السعر السوقي للذهب بشكل ملحوظ، بسلوك الدولار الأميركي. في حال ارتفع سعر صرف الدولار الأميركي، من الممكن أن نتوقّع تباطؤ أو حتى انخفاض في سعره، على سبيل المثال، قبل بدء العمل بالوحدة النقدية الأوروبية، وحين بلغ سعر صرف الدولار 33,3 مارك، بلغ سعر أونصة الذهب 300 دولاراً، وحين تقييم الدولار الاميركي بـ 56,1 ماركاً، يجب أن يرتفع سعر أونصة الذهب إلى 500 دولاراً، وحين يساوي الدولار ماركين إثنين، يجب أن تساوي أونصة الذهب أكثر بكثير من 360 دولاراً.

وليس من المجدي عمليّاً، التخلّي عن الذهب، إن كانت هناك توقّعات بارتفاع سعره، لأن البائع، في مثل هذه الحالة، يتكبّد خسارة، على سبيل المثال، مبيعات الولايات المتحدة من الذهب في الأعوام 1978 ,1970 و 1979 لأكثر من 530 طناً، أو ما يساوي في تلك الفترة 3,4 مليارات دولار، وهذا يعني بالتالي أن سعر الأونصة قد شكل 8,254 دولاراً. فلو كان سعر الذهب متوقّعاً توقّعاً كاملاً، واحتفظت الولايات المتحدة بالمعدن حتى نهاية العام 1980، حيث بلغ سعر الأونصة 5,589 دولاراً، لشكّلت مبيعات الولايات المتحدة ما قيمته 10 مليارات دولار، وكما يبدو فإن الفارق يشكّل:  10 - 4.3 = 5.7 مليارات دولار.

من خلال ما أوردناه أعلاه، يتبيّن لنا أن مسألة إختيار اللحظة المناسبة لتسييل الذهب، تحمل أهمية بالغة، والبائع يجب أن يمتلك الفطنة التجارية، وبعد النظر ورباطة الجأش، ذلك أن تبدّل السعر فرضاً بحدود 200 دولار للأونصة، سيشكّل الفارق في الطن الواحد، ستة ملايين دولاراً أميركياً.

ولا بدّ هنا من التوقّف، عند هذه المسألة، ففي فترات معيّنة، إرتفعت أصوات في لبنان، مطالبة بتسييل الذهب، ولو تمّ هذا الأمر وبتطبيق القاعدة أعلاه، لشكّلت خسارة لبنان:

 

287 طناً × 000,000,6 = 000,000,722,1 دولاراً أميركياً

 

وكلّما كان التوقّع بارتفاع السعر أكثر، يكون حجم الخسارة أكبر، لذلك فإن بعض البلدان تهدف إلى الحصول على فائدة من رصيدها الذهبي دون أن تضطر إلى التخلّي عنه. فهي تلجأ إلى وسائل مختلفة للحصول على عملات قابلة للتحويل بمقابل الذهب دون أن تفقد الحق في ملكيّته، مثال ذلك ما يسمّى بعمليات «السواب» ([20]) حيث يباع الذهب لأجل بمقابل العملة وبحسب السعر السوقي مع إحتفاظ البلد البائع بحقّ إعادة شرائه بالسعر نفسه، بالإضافة إلى علاوة معيّنة، وبمثل هذه العمليّات لجأت جنوب أفريقيا، حيث قامت ببيع 250 طناً من الذهب من احتياطياتها الرسمية إلى بعض البنوك السويسرية والتي أعيد شراؤها في العام 1979 - 1980.

 

مناطق الانتاج:

لا يزيد عدد البلدان المنتجة للذهب عن خمسين  بلداً، غير أن عدد البلدان التي تنتجه بمستوى صناعي لا يزيد عن  عشرين بلداً، وتتركّز أهم مناطق الانتاج:

 

1- جنوب أفريقيا:

تقع أهم مناجمها في إقليم الران وترانسفال وغرب جوهانسبورغ. أما أهم شركاتها فهي: انكلو غولد والتي سجّل إنتاجها 215 طناً من الذهب في العام 1999 (المرتبة الأولى عالمياً) وغولد فيلدز ليمتدّ والتي بلغ انتاجها 119 طناً في نفس الفترة (المرتبة الثالثة عالمياً).
 

شكّل إنتاج الذهب في هذا البلد، منذ الحرب العالمية الأولى وحتى الخمسينيات نصف الانتاج العالمي، وقد أنتج في هذا البلد في الماية سنة الأولى من مزاولة عمليّات التنقيب فيه أكثر من 37 ألف طن من الذهب، أو ما يشكّل 40% من الكميات التي تمّ استخراجها عالمياً. وسجّل إنتاج الذهب ذروته في العام 1970 حيث بلغ حجم الانتاج 1000 طناً. ومنذ ذلك الحين وإنتاج المعدن في هذا البلد آخذ بالتراجع تدريجياً وقد سجّل في العام 2003 بحدود 363 طنا، ويعتبر هذا المعدّل هو الأدنى منذ خمسين سنة.

ويعود السبب في ذلك إلى الارتفاع الذي طرأ على أكلاف إنتاج الذهب والذي يمكن ردّه لسببين رئيسيين:

1- إختلاف الكلفة التشغيلية.
2- تدنّي نسبة الذهب في الطن الواحد من التربة المعالجة.

وقد ارتفعت الكلفة التشغيلية ومعالجة الطن الواحد من التربة من 189 دولاراً في العـام 1985 إلى 364 دولاراً في العـام 1995 ([21])، أضف إلى ذلك أن محتوى غرامات الذهب في الطن من التربة انخفض في نهاية الثمانينيات وبداية التسعينيات إلى حدود 5 غرامات.

 

الولايات المتحدة الاميركية:
تنتشر أهم مناجمها في كولورادو، كاليفورنيا، داكوتا، اريزونا، نيفادا، يوتا وألاسكا، أما أهمّ شركاتها فهي: نيومونت (130 طناً في العام 1999 وتحتلّ المرتبة الثالثة عالمياً)، بينما هومستيك (74 طناً - 1999) وتحتلّ المرتبة السابعة عالمياً، وفريبورت ماكموران (74 طناً أيضاً - 1999).

وكان إنتاج الولايات المتحدة، قد سجّل في بداية التسعينيات نموّاً ملحوظاً، عاد ليهبط بعدها، بشكل حاد في السنوات الأخيرة، ويعود السبب في ذلك إلى تدنّي إنتاج مناجمها، ومع هذا، ما زالت الولايات المتحدة الاميركية تحتل المرتبة الثانية عالمياً، بإنتاج وقدره 2,285 طناً في العام 2003 وبفارق 2,1 طناً عن أستراليا.

 

أستراليا:

قابل الهبوط في إنتاج الذهب في جنوب أفريقيا وفرة في إنتاجه في أستراليا في الثمانينيات من القرن الماضي، حيث وصل إلى 157 طناً في العام ,1988 وأهم شركاتها نورماندي 59 طناً (1999) (المرتبة التاسعة)، ونيو كرست، 26 طناً (1999) المرتبة الرابعة عشر. وتحتل أستراليا، المرتبة الثالثة في إنتاج الذهب (284 طناً في العام 2003)، مع الإشارة أن كلفة إنتاج الأونصة سجّلت 268 دولاراً في العام 1995 وهذا يعني، أن كلفة إنتاج أونصة الذهب، في هذا البلد باتت أقرب إلى سعره السوقي، وهذا قد يؤّدي إلى إحجام المنتجين الأستراليين عن زيادة الانتاج أو حتى خفضه نظراً لتدنّي هامش الربح.

 

الصين الشعبية:

 تقع أهمّ مناجمها في منشوريا وفي منطقة تسين لينغ شان وجنوب شنسي، إرتفع إنتاجها من 160 طناً في العام 1998 إلى 4,207 أطنان في العام 2003، وبات هذا البلد ضمن مجموعة الاربعة الكبار (B4).

وتشترك روسيا مع البيرو في إحتلال المركز الخامس 5,181 طناً (2003).

وهذا كما يبدو أن الانتاج تركّز في الدول «الاربع الكبرى B4 » وهي جنوب أفريقيا، التي ما تزال حتى الآن تعتبر المصدر الرئيسي للذهب، والولايات المتحدة وأستراليا والصين، وقد بلغ إنتاج هذه الدول مجتمعة في العام 2003 ما يقارب 6,1209 طناً، وهذا ما يشكّل تراجعاً بالمقارنة مع أرقام 1996 حيث سجّل انتاج B4 ما يقارب 1277 طناً([22]).

 

جدول رقم (6) أهمّ الدول المنتجة للذهب (بالاطنان) 2003 - 1998 (كما هي في نهاية الفترة)
 

البلد

1998

1999

2000

2001

2002

2003

جنوب أفريقيا

464

450

430.8

394.8

399.23

363

الولايات المتحدة

366

342

353

335

298

285.2

أستراليا

310

303

296.34

285.08

273.01

284

كندا

164

158

156.21

158

148.86

129.6

الصين

160

156

180

185.87

190

207.4

روسيا

124

138

143

152.5

158

181.5

أندونسيا

139

155

124.59

166.09

135

155.5

أوزبكستان

80

86

85

87

90

--

بيرو

94

127

132.58

138.02

157.01

181.5

البرازيل

55

54

50.39

53.207

50.5

--

الانتاج العالمي

2541

2576

2584

2604

2592

260

 

Source: United States. Geological Survey Mineral


ويقدّر مكتب التعدين الأميركي، الإحتياطي العالمي من الذهب، موزّعة على النحو التالي: 50% لجنوب أفريقيا و 20% لجمهوريات الإتحاد السوفياتي السابق، وتتوزّع 30% المتبقّية على الدول الأخرى.

 

عرض الذهب:

لم يتّصف إنتاج الذهب بالثبات والانتظام على امتداد سنوات القرن العشرين، ويعود السبب في ذلك إلى عوامل سياسية وإقتصادية، وقد كانت الموجة الأولى لزيادة إنتاج المعدن، كما أشرنا أعلاه، مرتبطة باكتشاف مناجم جديدة في جمهورية جنوب أفريقيا.

الموجة الثانية للزيادة في إنتاجه نتجت عن إرتفاع السعر الرسمي للذهب من 67,26 دولاراً للأونصة إلى 35 دولاراً في العام .1934 وقد رافق هذا الارتفاع في سعر الذهب ،إنخفاض في أسعار السلع الأخرى الناتج عن أزمة الكساد الكبير 1929 - 1933، حيث بلغ إنتاج الذهب في العام 1940 حدّاً لم يسجّله من قبل 1165 طناً.

أما الموجة الثالثة، فترتبط بتحوّل بلدان كانت تعتبر ثانوية في إنتاج المعدن، إذا ما قورنت بجمهورية جنوب أفريقيا إلى بلدان أساسية في إنتاجه قبل الولايات المتحدة، كندا وأستراليا والصين.

 

جدول رقم (7) عرض الذهب للفترة  2003 - 1996 (بالأطنان)

السنة

1996

1997

1998

1999

2000

2001

2002

2003

انتاج المناجم

2358

2481

2541

2576

2584

2604

2592

2601

المبيعات الحكومية

275

376

370

420

489

504

559

591

إعادة تصنيع خردة الذهب

641

629

1098

613

607

706

834

940

تحوط المنتجين

142

504

97

484

--

--

--

--

إعادة الاستثمار

103

241

--

--

290

53

--

--

العرض الكلي

3520

4231

4106

4092

3970

3868

3984

4133

 

 كما هي في نهاية الفترة
Sources: GIMS- Gold survey 2004


 

الطلب على الذهب:

بداية، لا بدّ من الاشارة إلى أنه بعد اختيار الذهب لأداء وظائف النقود، أضيف للطلب الاساسي عليه (الطلب عليه كسلعة)، طلب نقدي، مما أدى إلى ارتفاع قيمته قياساً بالسلع الأخرى.

والطلب على الذهب لا يتّصف بالثبات، والسؤال الذي يطرح، ما هي العوامل التي تمارس تأثيرها في مسألة الطلب عليه؟

كما يتبيّن من الواقع العملي، أنه يمكن تلخيص هذه العوامل بثلاث:

أولاً: القوّة الشرائية للذهب، وبصرف النظر عن استخدامات الذهب، فللذهب سعره، والذي يتحدّد بكمية السلع والخدمات التي يمكن الحصول عليها مقابل وزن معيّن من الذهب.

ثانياً: بعد نزع الصفة النقديّة عن الذهب، تنامى الطلب على المعدن لأغراض الصناعة والزينة.

ثالثاً: الطلب الاستثماري: يتمتّع الطلب الاستثماري على الذهب بمرونة أكبر من الطلب عليه لاغراض الزينة وبرأي المحلّلين، يعتبر الطلب الاستثماري. العنصر الأساسي في تحديد تغيـّرات أسعار الذهب مع العلم أنه يشكّل أقل بقليل من 25 % من إجمالي الطلب عليه.

ويقوم المستثمرون بشراء الذهب، غالباً، على شاكلة سبائك ومسكوكات([23])، ويتراوح عادة وزن السبيكة بين الأونصة الواحدة و 400 أونصة، وتعتبر السبيكة من وزن 100 أونصة الأكثر تداولاً في أسواق الذهب، وتشير المعطيات، أن هناك ترابطاً وثيقاً بين التغيّرات في أسعار الذهب والطلب الاستثماري عليه، ينخفض الطلب الاستثماري على الذهب إذا ارتفع سعره، وعلى العكس من ذلك، يزداد الطلب عليه إذا انخفض سعره.

ويقابل المستثمرون بين الذهب وشتّى الاستثمارات الأخرى، والمستثمر قبل إقدامه على شراء الذهب، يجب أن يكون مقتنعاً بتوافر فرص جيدة، وبأن العائد الذي يؤمّنه سوف لن يكون أقل من العائد الذي يحقّقه الاستثمار بالأوراق المالية، وذلك من أجل التعويض عن المخاطر التي قد تنتج عن استثمار الذهب.

 

جدول رقم (8) الطلب العالمي على الذهب كما هي في نهاية الفترة (بالاطنان)
 

السنة

1996

1997

1998

1999

2000

2001

2002

2003

لأغراض الزينة

2851

3345

3151

3128

2689

3026

2680

2532

الأشكال الأخرى للطلب

486

562

568

594

486

365

360

385

السبائك

186

324

157

230

217

232

252

--

الطلب الاستثماري

--

--

229

140

128

359

373

314

إجمالي الطلب

3520

4231

4106

4092

3978

3749

3423

3231

 

وكقاعدة عامة، تعتبر المسكوكات الذهبية الأكثر طلباً، ويعود السبب في ذلك إلى خفّة وزنها واعتدال سعرها. هذا ما يسهّل الحصول عليها من قبل الافراد ذوي الدخل المحدود، هذا بالإضافة إلى سهولة حملها واختزانها. وبالامكان تقسيم المسكوكات الذهبية إلى مجموعتين:

1-المجموعة الأولى وتضم ما يمكن تسميته بالمسكوكات التقليدية، وهي عبارة عن المسكوكات التي أصدرت حين كان الذهب أساساً للنظام النقدي في ظل قاعدة الذهب، العارضون في هذا السوق هم بشكل أساسي البنوك المركزية والمؤسّسات الحكومية. الأكثر انتشاراً «السوفيرين» الانكليزي من فئة الجنيه الاسترليني ويحوي عشرين قيراطاً من الذهب، ويبلغ وزنه الاجمالي 98805,7 غراماً من الذهب ووزن الذهب الخالص فيه 807,5 غرامات.

المسكوكات النقدية الاميركية من فئة العشرين دولاراً «دوبل إيغل» وهي من عيار 900 ووزنها الاجمالي 447,33 غراماً، ووزن الذهب الخالص فيها 093,30 غراماً «والنابوليون الذهبي» و «السنيتناريو» المكسيكي الذي يعتبر أكبر المسكوكات النقدية الذهبية، وهو من فئة الـ 50 بيزوس ووزنه الاجمالي 667,41 غراماً، بينما وزن الذهب الخالص فيه 5,37 غراماً ويبلغ قطره 37 ملم وسماكته 8,2 ملم.

2-المجموعة الثانية وهي مجموعة «السبائك النقدية» وهي عبارة عن ابتكارات حديثة في تجارة الذهب، وتزن السبيكة عادة أونصة واحدة أو حتى أجزاء من الاونصة وهذا النوع من السبائك مربح جداً في التعامل، لذلك فإن صناعته آخذة في التوسّع، ومنها الميداليات الذهبية، والمسكوكات التي ينتجها القطاع الخاص، وهي عبارة عن تقليد لنماذج تقليدية، ومنها الراندكروغير الجنوب أفريقي، والذي يزن 99,33 غراماً ووزن الذهب الخالص فيه 104,31 غراماً أو ما يعادل بالتمام أونصة واحدة من الذهب([24]).



الطلب على الذهب لأغراض الزينة:

لا يتّصف الطلب على الذهب لأغراض الزينة بالثبات، وتعتبر التقلّبات في الطلب على الذهب لهذه الغاية نتيجة لتفاعل معقّد لعوامل مختلفة، منها ما يتعلق بخصائص إنتاجه، ومنها ما يتعلّق بالطلب على المصاغ في البلدان المختلفة، ولكن تبقى أسعار المعدن المحرّك الاساسي للطلب عليه لهذا الغرض.

وما هو متوافر من معطيات يخوّلنا القيام باستنتاج في ما خصّ الطلب عليه لأغراض الزينة، الجدول رقم (9):

 

جدول رقم (9) الطلب على الذهب لأغراض الزينة كما هو في نهاية الفترة (مليون أونصة من الذهب الخالص)
 

السنة

1975

1980

1985

1990

1995

1999

البلدان الصناعية

10

10.7

20.2

28.5

33.1

34.5

البلدان النامية

6.6

6.8

17.3

32.4

53.5

58.3

إجمالي الطلب لأغراض الزينة

16.6

17.5

37.5

60.9

88.6

92.8

 

هناك إتساع في الطلب على الذهب لأغراض الزينة، حيث يشكّل الطلب عليه لهذه الغاية بين 60 - 70% من إجمالي الطلب (إرتفع إجمالي الطلب على الذهب لأغراض الزينة من 6,16 مليون أونصة في العام 1975 إلى 8,92 مليون أونصة في العام 1999 أو ما يعادله تقريباً 5,5 مرات).

ولا بد من الاشارة إلى أن الطلب على الذهب لأغراض الزينة في البلدان النامية، ما يزال مرتبطاً بالعادات والتقاليد، كون الذهب ما يزال في ذاكرة الناس في هذه البلدان كممثّل للثروة والجاه والقوّة، وكما يتّضح من الجدول رقم (9) أن الطلب على الذهب في البلدان المتقدمة إرتفع من 10 مليون أونصة في 1970 إلى 5,34 مليون أونصة في العام 1999، بينما ارتفع الطلب عليه في البلدان النامية من 6,6 مليون أونصة (1975) إلى 3,58 مليون أونصة في العام .1999

 

الأشكال الأخرى للطلب على الذهب:

تقسم الاحصاءات الدولية الاشكال المختلفة للطلب على الذهب إلى ثلاثة مجموعات:

1- إستخدام الذهب في الصناعات الالكترونية.

2- إستخدام الذهب في طب الاسنان.

3- إستخدام الذهب في أعمال الديكور والزخرفة.

إستخدام الذهب لهذه الاغراض، أدّى إلى ولادة فئة جديدة من المنقبين عن الذهب، وتشير الاحصاءات الدولية أن استخدام الذهب لهذه الغاية، هو أقلّ بكثير من استخدامه لأغراض الزينة بعدّة مرات وللذهب من الخصائص ما تجعله أكثر المعادن استخداماً في صناعة الإلكترونيات، نذكر منها:

1- إن الذهب موصل جيد للطاقة الكهربائية.

2- هناك امكانية لطرقه وسحبه على شاكلة رقائق بسماكة 1/1000 ملم.

3- عدم قابليته للتلف.

وتحتلّ اليابان والولايات المتحدة الاميركية بدون منازع، المرتبة الأولى عالمياً، في استخدام الذهب في هذه الصناعة.


الذهب في المزاد  (Auction):

البيع بالمزاد طريقة معروفة لامتلاك السلع عن طريق العروض المنافسة ويتمّ البيع لمن يوافق أن يدفع السعر الأعلى شرط بلوغه سعر التحفّظ.

وبيع الذهب في المزاد ارتبط بالتغيّرات التي طرأت على وظائف الذهب في النظم النقدية الحديثة. وقد رأت الولايات المتحدة، ضمن الخط الذي انتهجته برفع الصفة النقدية عن الذهب، أن من مصلحتها أن تفعّل انتقال الذهب من الاحتياطيات الرسمية إلى الاسواق الخاصة. إكتسب بيع الذهب أهمية كبرى من قبل صندوق النقد الدولي في المزاد، حتى باشر الصندوق بالعمل بالقرار الذي اتخذ في جمايكا في العام 1976، حيث قام بإجراء أوّل مزاد له في حزيران 1976، فقام ببيع كمية تقدّر بـ 780 ألف أونصة من الذهب (3,24 طناً) وبسعر وسطي قدّر بـ 126 دولاراً للأونصة. ولم يكن المزاد شبيه بالمزادات الأخرى، فقد كان يعلن مسبقاً عن برنامج المزاد مع تحديد الوقت وكمية المعدن المعروضة. وكان بإمكان الجميع الاشتراك في المزاد بصرف النظر عن البلد الذي ينتمون إليه، وقد استثنيت من المشاركة البنوك المركزيّة والمؤسسات الحكومية([25]).

ويتقدّم المشترك بطلب في مغلّف، يحدّد فيه الكمية التي يرغب أن يشتريها، والسعر الذي يقترحه، وقد شكّل الحد الأدنى لحجم الطلب 1200 أونصة أو ما يقارب 3,37 كلغ من الذهب.

وانتهى برنامج المزاد الذي نظّمه الصندوق في حزيران العام 1980 وقد أجرى الصندوق 45 مزاداً باع فيها 778 طناً من الذهب، من ضمنها 46 طناً بيعت لبعض البلدان النامية وبشروط تشجيعية.

وقدّر أدنى سعر للذهب في المزاد بـ 109 دولاراً للأونصة وذلك في أيلول 1976، بينما سجّل السعر الاقصى 712 دولاراً للأونصة في شباط 1980، وقد حقّق الصندوق من مبيعات الذهب في المزاد إيراداً قدّر بـ 7,5 مليارات دولار، إقتطع منها 6,4 مليارات دولار لمساعدة البلدان النامية، إتخذت شكل قروض ميسّرة لتلك البلدان التي اعتبر الصندوق أنها أحقّ من غيرها في المساعدة وهي البلدان الاشدّ فقراً([26]).

 

أمّا بيع الذهب في الولايات المتحدة فكان يحمل هدفين:

يهدف الأوّل إلى تخفيض العجز المتزايد في ميزان المدفوعات الأميركي الناتج عن تضاؤل القوّة التجارية للولايات المتحدة في الاقتصاد العالمي وبفعل التأثير الشديد للانفاق العسكري الأميركي خارج حدود البلاد.

ويتلخّص الهدف الثاني في تأكيد رغبة الولايات المتحدة في عمليّة إلغاء الوظيفة النقدية للذهب، ودعم الدولار الاميركي. فقد ارتفع حجم مبيعات الذهب من الخزينة الأميركية من 3,9 طناً إلى 3,23 طناً ثم 7,46 طناً.

السوق بدوره، إلتهم الذهب الأميركي دون بروز بوادر تشير إلى الإشباع، فعاودت الولايات المتحدة الأميركية مبيعاتها في الفترة الممتدّة بين 1978 - 1979، وتقدّر الكمية التي بيعت في هذه الفترة بـ 500 طناً لتتوقّف الولايات المتحدة بعدها عن بيع الذهب في المزاد في تشرين الثاني من العام نفسه.

وقد استطاعت الولايات المتحدة أن تجني نتائج الوضع المميّز للدولار الأميركي، وتظهر هذه النتائج وقبل كل شيء:

أوّلاً: إن الولايات المتحدة باتت قادرة أن تغطّي العجز في ميزان مدفوعاتها ليس فقط بالذهب، وإنما أيضاً بالدولار، الذي هو عملتها الوطنية، في حين يتعيّن على البلدان الأخرى للحصول على الدولار أن تحقّق فائضاً في موازين مدفوعاتها، وهذا يعني، أن البلدان الأوروبية على العكس من الولايات المتحدة الأميركية كانت مجبرة على ضبط علاقاتها الاقتصادية الخارجية.

ثانياً: الولايات المتحدة كانت تصدّر النقود الورقية إلى البلدان الأخرى، وتمتلك بها أصولاً إنتاجية، إستناداً إلى عنصر الثقة، والقبول العام، التي كان يتمتّع بها الدولار الأميركي، في العلاقات الإقتصادية الدولية.

بعض الحكومات الأخرى، ولأسباب مختلفة، كانت مجبرة على بيع جزء من احتياطياتها الخاصة. البرتغال، التي كانت تعاني من مصاعب مالية باعت كمية من الذهب، كذلك الأمر، الحكومة الهنديـة لجأت إلى بيع كميات من إحتياطياتها الذهبية في الأسواق الداخلية بمحاولة منها لإيقاف عملية التهريب إلى الداخل وكنا سابقاً، قد أشرنا إلى مبيعات بلجيكا والمملكة المتحدة التي لجأت أيضاً إلى مبيعات الذهب.

كما أن الذهب هو مادّة للتهريب، ولا تتوافر إحصائيات دقيقة حول حجم تهريبه، ولكن الارقام التقديرية تبيّن أن التصدير غير الشرعي للذهب، يقاس بمئات الأطنان، وتحتلّ الهند المرتبة الأولى في هذا المجال، فقد دخلها عن طريق درب الذهب، ما يقدّر بـ 215 طناً في العام ,1970 ما زال الأمر على هذه الحال، على الرغم من عدم توافر الارقام لدينا.

 

بورصة الذهب:

موضوع التجارة في بورصة الذهب ليس المعدن بحدّ ذاته، الذي يغيّر مالكه بشكل فوري، وإنما العقد، وهو عبارة عن تعهّد قانوني بتسليم كمية محدّدة من الذهب خلال فترة زمنية محدّدة (في العادة يحدّد شهر التسليم) وبالسعر المتّفق عليه، ويحقّ لمشتري العقد، في فترة الاستحقاق، أن يحصل على الكمية المستحقّة له من المعدن، وبدوره البائع ملزم أن يسلم المعدن وبالسعر الذي حدّد في العقد.

وسوق الذهب عرضة للمضاربات الحادة، وإذا كان الأفراد يقدمون على شراء القطع الصغيرة، فإن المصارف والاثرياء يشترون السبائك ويتدخّلون بقوّة في أسواق الذهب الحرّة داخل الولايات المتحدة([27]). إن حصل وارتفع سعر الذهب في السوق يحقّق من اشتراه ربحاً، في حين يتكبّد البائع خسارة في حال انخفاض السعر، وعلى هذا تتأسّس تجارة الذهب في البورصة، شأنها في ذلك شأن سائر السلع الأخرى.

ويرتبط المتعاملون بحالة السوق والتغيّرات المرافقة له، وغالباً ما يقومون بإبطال ما ينطوي عليه العقد من تعهّدات، وبحسب المصطلحات «يقومون بتصفية مراكز» عن طريق اتخاذ وضعيّة معاكسة، على سبيل المثال، إذا ما اتجه سعر الذهب إلى الارتفاع، يعمد الشاري لتحصيل ما حقّقه من أرباح، فيقوم ببيع العقد حين يرتفع سعره، وذلك قبل حلول أجله، وعلى العكس من ذلك، إذا ما اتجه سعر الذهب نحو الانخفاض، يحقّق البائع، الذي قام بتصفية مراكزه مسبقاً، ربحاً وذلك عن طريق شراء العقود في البورصة ذاتها وفي الوقت نفسه.

ويتركّز الحجم الأكبر من عمليّات الذهب في الولايات المتحدة الأميركية، حيث يقوم الأميركيون بإجراء عمليّات واسعة على الذهب في بورصتين في نيويورك، والتي تأتي في مقدّمة أسواق الذهب لأجل، وثلاث بورصات في شيكاغو، ويتركّز في هذه البورصات 95% من الحجم الإجمالي لعمليّات بورصة الذهب داخل الولايات المتحدة الاميركية، أما أسواق زوريخ ولندن فقد أقصيت إلى الدرجة الثانية.

ويتمّ الاتجار عادة، في الولايات المتحدة الاميركية، بعقود «قياسية» 100 أونصة، أو ما يعادل تقريباً، 1,3 كلغ من الذهب عيار 599، وذلك لجذب صغار المدّخرين، ولهذا الغرض تمت، منذ العام 1982 American Stock Exchange)) مركزاً يعرف بالـ ((American Gold Coin Exchange، والاميركيون حين يقومون بشراء الذهب، فهم يعبّرون إما عن خشيتهم تجاه العملة أو لاعتقادهم بأن الكميات المعروضة في الذهب لا تتناسب مع الكميات المطلوبة.

 

كيف تعمل بورصة الذهب؟

يتّسم العمل في بورصة الذهب بالمواصفات التالية:

أولاً: القواعد والعادات التي تنظّم تجارة الذهب في البورصة، هي نفس القواعد التي تحدّد الاتجار بسلعٍ أخرى، وفي البورصة لا يتم اللقاء بين بائع الذهب (العارض) وشاريه (الطالب)، وإنما تتم العملية عبر البورصة، فالشركات الوسيطة، التي يتم توكيلها بعمليّة البيع والشراء عن طريق السماسرة الذين يعملون في البورصة، تقوم بدراسة القوائم ونتائج التقلّبات في أسعار الذهب، خلال فترة العقد. وتقوم، أخيراً، بتسوية الحساب مع الزبائن نهائياً، وبالنتيجة فإن كل بائع أوكل شاري يتعامل فقط مع البورصة، ومعها ينهي جميع حساباته، فيحصل إما على أرباح أو يتكبّد خسائر. وهذه الآلية مريحة، ليس فقط من الناحية التقنية، أي من ناحية إتمام المعاملات والقيام بالمدفوعات المقابلة لها، بل أيضاً من ناحية «التضامن المسؤول» للوسطاء الاعضاء في البورصة الذي يزيد من ضمان مراعاة مصالح الزبائن على أكمل وجه.

ثانياً: عند القيام بعمليّة جديدة في البورصة، المتعامل في البورصة، بصرف النظر أكان بائعاً أم شارياً، عليه أن يدفع لوسيطه ما يسمى بـ «الرهن»، وهو عبارة عن قيمة نقدّية يدفعها لضمان القيام بـ «قواعد اللعبة» في البورصة، ولا يشكّل حجم «الرهن» عادة أكثر من 10% من قيمة القرض وقد يكون أقلّ من ذلك.

يتوجّب على من يقوم بشراء معدن الذهب مباشرة، أن يسدّد قيمة الذهب، الذي اشتراه في الحال، وبعدها يضطر أن يتكبّد نفقات إضافية تتعلّق بالتأمين والحراسة. أما حين يتم شراء المعدن في البورصة، باستطاعة المتعامل أن لا يدفع قيمة الذهب بالكامل، بل يسدّد قسماً غير كبير من قيمته، ويستثمر ما تبقّى لديه من النقود، في أوراقٍ مالية تدر له دخلاً، ومن الناحية العملية، هناك دائماً عنصر مخاطرة، فقد تسير التطوّرات في البورصة باتجاهٍ عكسي (غير ملائم) لتوقّعات المتعاملين، كأن ينخفض السعر بالنسبة للشاري ويرتفع بالنسبة للبائع. في مثل هذه الحالة، يملك الوسيط الحق، خاصة وإن وجد أن الزبون على وشك الوقوع في عجز (عدم قدرته على السداد) مع انتهاء الفترة، أن يطلب من الجهة الخاسرة أن تقوم بإيداعات إضافية تعادل حجم الخسائر المحتملة. ومن الواضح، تحسّباً لمثل هذه الحالات، على المتعامل في البورصة أن يحتفظ بما يكفي من الموارد المالية لمواجهة مثل هذه الاحتمالات، وإلا فإنه يكون مهدّداً بفسخ العقد، دون التعويض عن الأموال التي تمّ إنفاقها.

ويفرّق عادة، في البورصة، بين مجموعتين من المتعاملين:

أوّلاً: المضاربون، وليس لهم، كقاعدة عامة، علاقة مباشرة مع الذهب، ولكنهم أصحاب رأس المال، يستثمرونه في البورصة بهدف تحقيق أرباح، وهم يشكّلون عادة أكثرية المتعاملين في البورصة.

ثانياً: رجال الاعمال، وهم عادةً من يقومون بمثل هذه العمليات ليحصّنوا أنفسهم تجاه النتائج غير المرغوبة، الناجمة عن التقلّبات الدائمة في سعر الذهب. ويطلق عليهم تسمية «هيدجزر»، أما العملّيات التي يقومون بها فتسمى Hedging (تغطية أو تحوّط).

 

التغطية أو التحوّط:

عملية خفض عدم التيقّن في أسعار السوق المستقبلية، وذلك بتغطية رهان (خيار) Option، برهان موازن، وغالباً ما يتم استخدام حقوق البيع (Put) وحقوق شراء (Call) كأداة للتحوّط([28]).

ويعتبر الشكل العادي لعملية التغطية (التحوّط) عملية الشراء التي يقوم بها الصاغة، لإنجاز طلبيّات، بأسعار ثابتة متّفق عليها مسبقاً. لنفرض أن شركة «براون» إتفقت أن تقوم في شهر آذار، بتصنيع كمّية من الحلى الذهبية، بمناسبة أعياد الميلاد، والكمّية التي ترغب بتصنيعها 1000 أونصة من الذهب الخالص، إنطلاقاً من السعر الثابت للتسليم 510 دولارات للأونصة.
لكي يكون باستطاعة شركة «براون» أن تحصّن نفسها من تقلّبات محتملة في أسعار الذهب، تقوم بالشراء في سوق الذهب لعشرة عقود في كانون الأول بقيمة 100 أونصة للعقد الواحد، وبسعر 500 دولاراً للأونصة الواحدة. في حال ارتفاع سعر الذهب فليس من مشكلة،  لأن هذه العقود سوف يتم تسعيرها في تشرين الثاني على اساس 550 دولاراً للأونصة. في هذه الحالة تقوم شركة «براون» لصناعة الحلى الذهبية، ببيع الذهب قبل الاستحقاق، وتحقّق من هذه العملية ربحاً وقدره 550 - 500 = 50 دولاراً للأونصة الواحدة.

حينئذٍ، باستطاعة شركة «براون» أن تشتري الكمية الضرورية من المعدن لتصنيع الحلى الذهبية، وحتى حين بلوغ سعر أونصة الذهب 560 دولاراً، لن يضعها هذا التطوّر أمام خسارة، فإن حصل وانخفض سعر أونصة الذهب، فسوف تباع العقود في تشرين الثاني بـ 450 دولاراً. وتتكبّد شركة «براون» في هذه الحالة خسارة وقدرها 50 دولاراً للأونصة الواحدة. التغطية في مثل هذه الحالة، متوفّرة، إذ أن كمية المعدن المطلوبة لتأمين الطلبية، سوف يتم شراؤها بسعرٍ أقل من السعر الثابت المحدّد في العقد.

 

عقود الذهب الآجلة: Futures or forward Gold market:

وهو عبارة عن سوق بيع وشراء السلع (الذهب) والاوراق المالية أو العملات، على أن يتمّ التسليم في موعد لاحق في المستقبل.

ويتّخذ التجار وضع التسليم الآجل عندما يتعاملون مع سلعة كالذهب يتقلّب سعرها كثيراً مع الوقت، وذلك لتقليل الريبة والمخاطرة، التي تحيط بأعمالهم على المدى الطويل إلى الحدّ الادنى، وذلك بالبيع أو الشراء الآجل، أي عقود تتعهّد ببيع أو شراء الذهب في تاريخ لاحق، بسعر متّفق عليه([29]). ويمكن للمتعامل أن يتّخذ مركزاً مكشوفاً أو مركزاً دائناً. في الحالة الأولى، يدخل في عقد ويتعّهد تسليم الذهب بسعر معيّن، وفي الحالة الثانية، يدخل في العقد متعهّداً بقبول الذهب ودفع السعر المتّفق عليه عند التسليم، وكما أشرنا سابقاً، فإن الكثير من عقود التسليم الآجل تتّخذ شكل خيارات تستخدم للتحوّط والريبة، فيما يتعلّق بسعر متّفق عليه ضمن مدة محدّدة من الزمن.

والذهب بخلاف السلع الأخرى، بالامكان تخزينه وبأكلاف طفيفة جداً (بنس واحد في السنة عن كل أونصة من الذهب)، ومن الواضح أن هذه التكلفة لا تترك أثراً ملحوظاً على أسعار العقود، طالما هي منخفضة جداً قياساً بسعر المعدن. والذهب أيضاً، بخلاف غيره من السلع الأخرى، لا يوفّر لصاحبه دخلاً (يتكبّد حائز الذهب أكلاف تخزين وتأمين)، في الوقت الذي يكون بمستطاعه أن يستثمر في سندات توفّر له دخلاً منتظماً.

من هنا ضرورة، أن يعوّض على حائزي الذهب، فمن يشتري الذهب، يحصل بالمقابل على مكافأة عن عملية آجلة، وهذه المكافأة، تعكس نسبة الفائدة التي سوف يجنيها المتعامل، وهذه الفائدة، تعكس الفارق في سعر الذهب، بين تاريخ إبرام العقد، وما هو عليه سعره في تاريخ تسليمه، ويطلق على العلاقة التي تربط بين السعر العاجل والسعر الآجل تسمية

(forward - spot price - parity relation).

 

للتعمّق أكثر في الفهم، نفرض أن أحد الاشخاص يرغب بتوظيف أمواله في عمليات الذهب، ولنفرض أن مدّة العقد هي السنة، أمام هذا الشخص حلاّن، وبحسب الأول قيامه بشراء الذهب بالسعر العاجل، ولنفرض أنه يساوي 400 دولاراً للأونصة، والاحتفاظ به، ثم القيام ببيعه في فترة لاحقة بالسعر       (في نهاية الفترة)، ولنفرض أن s هي عبارة عن تكلفة تخزين وتأمين الذهب، معبّر عنها كنسبة من الاسعار العاجلة، ولنفرض أن كلفة تأمين وتخزين الذهب هي 2%، وعلى هذا، فإن معدّل العائد يشكّل:


rGold= S1-S  -s     =S1 – 400  - 0.02
               S                   400

 

وبحسب الحلّ الثاني، مع فرضيّة أن مدّة العقد هي السنة أيضاً، بدل القيام بشراء الذهب بشكل مباشر، باستطاعة المتعامل أن يخلق (Synthetic Gold)، عن طريق استثمار 400 دولاراً، وهو كما بيّنا أعلاه السعر العاجل للذهب، في أصول عديمة الخطورة، ويتّخذ المتعامل، في هذه الحالة، وضعيّة آجلة مع تاريخ لتسليم الذهب في نهاية الفترة، ويشكّل الإيراد في هذه الحالة:


rGold= S1 –F   +r
               S

حيث تعبّر F عن السعر العاجل.

    

وإن شكّل، على سبيل المثال، معدّل العائد من الاستثمار من الأوراق المالية عديمة الخطورة 8%، يجب أن يكون الاستثمار بالذهب مساوياً:

rGold= S1 –F +0.08

400

وباستطاعتنا أن نسوّي بين المعادلتين، بافتراض أن هذان الشكلان من الاستثمار يحقّقان نفس العائد:

  +S1 –F + r= S1 – s  S[30]
     S                    S

ومنها نحصل على: F= (1+r+s) xS

وفي مثالنا، يجب أن يشكّل السعر العاجل للتسليم بعد انقضاء مدة العقد:

F = (1+0.02+0.08) x400

F = (1+0.1) x400

F= (1,1) x 400 = 440

       

وكما يبدو، فإن السعر الآجل، شكّل في مثالنا 440 دولاراً للأونصة الواحدة، فما هي ردّة فعل المراجح في مثل هذه الحالة؟ عليه أن يقوم بشراء الذهب بالسعر العاجل، ليعيد بيعه في نفس الوقت، من أجل التسليم في المستقبل، بالسعر الأجل. فإن كل السعر العاجل هو دون 440 دولاراً للأونصة، عليه أن يقوم ببيع قصير الأجل للذهب في السوق الفوري (العاجل)، بمعنى أن يقوم بإقراضه على الفور، ويستثمر الاموال في أصول عديمة الخطورة، متّخذاً وضعيّة آجلة بعقد آجل.
مثال: إذا كان السعر العاجل (SPOT) لأونصة الذهب 400 دولاراً ومعدّل الفائدة السنوية 12,5% يصبح السعر عند التسليم 450 دولاراً ويضاف إليها كلفة التأمين والتخزين.
في حال انحرف العقد الآجل، ومدّته السنة، عن 450 دولاراً تنشأ فرصة مراجحه (اربيتراج Arbitrage)(31[31])، وكنا قد بيّنا أن عمليات المراجحة تتحدّد بالفوارق بين الأسعار الآجلة والأسعار العاجلة. ولنفرض أن قيمة العقد ارتفعت عن قيمته النظرية من 400 دولاراً إلى 460 دولاراً، هذا يسمح للمتعامل بالذهب أن يشتري أونصة الذهب بالسعر العاجل 400 دولاراً، ويقوم ببيع العقد بـ 460 دولاراً، وبفرضيّة أن المتعامل إستوفى شروط العقد الآجل، وقام بالتسليم، في هذه الحالة سوف يحقّق عائداً، على شاكلة فائدة (علاوة) وقدرها 15%، وهو معدّل أعلى من الفائدة الاوّلية (5,12%)، ويكون المتعامل في هذه الحالة، قد حقّق دخلاً ناتج عن الارتفاع في سعر العقد الآجل.
سعر الذهب العاجل  معدل الفائدة السنوية    السعر النظري للذهب الآجل،

400 دولاراً                    12,5%                  الذي سوف يتمّ تسليمه بعد

                                                           سنة بـ 450 دولاراً

 

حين ارتفع السعر إلى 460 دولاراً، قام تاجر الذهب ببيع العقد الآجل، ومدته السنة، بمبلغ وقدره 460 دولاراً للأونصة، ويكون المتعامل، بعد مرور السنة، قد استوفى شروط العقد وقام بتسليم الذهب بـ 460 دولاراً للأونصة ويكون بذلك قد حقّق عائداً وقدره 60 دولاراً للأونصة الواحدة  (460 - 400) والتي تمثّل ما نسبته 15% من الاستثمار الذي قام به.

في حال عدم توافر السيولة لدى المتعامل، التي تخوّله من شراء كميات كافية من الذهب بالسعر العاجل، باستطاعته أن يلجأ إلى الاقتراض من البنك بفائدة وقدرها 5,12 %، ويستخدم هذا القرض في شراء الذهب، ولكن النتيجة في هذه الحالة لا تتطابق مع النتيجة أعـلاه فبدل أن يحقّق المتعامل، عائداً ثابتاً وقدره 15%، يجنـي، فقـط، عائـداً وقـدره

15% - 12.5 % = 2.5%.

يقترض 200.000 دولاراً           يشتري 500 أونصة       يبيع خمسة عقود آجلة

مدة القرض سنة واحــدة   بسعر 400 دولاراً للأونصة   يتم تسليمها بعد سنة

                                                           الفائدة السنوية 12.5%

بعد مرور سنة:

سوف يشكّل القرض، مع احتساب               يسلّم الذهب، بعد أن يفي

الفائدة السنوية:                                           المتعامل بشروط العقد.

225.000 دولاراَ                                        230.000 دولاراً

الربح = 5000 دولاراً          

    

وباستخدام المثال أعلاه، نفرض الآن أن السعر إنخفض إلى 440 دولاراً، أي بـ 10 دولارات أقلّ من قيمته النظرية، باستطاعة المتعامل في هذه الحالة أن يبيع الذهب بالسعر العاجل 400 دولاراً للأونصة، ويقوم بشراء عقوداً آجلة     يتم تسليمها بعد سنة بـ 440 دولاراً للأونصة. ولنفرض أن المتعامل يحصل على الذهب، الذي استحقّ، سوف يحصل في هذه الحالة، على فائدة وقدرها 10 % أي بـ 2.5 % أقل من الفائدة الاوّلية وقدرها 12.5% سعر الذهب العاجل 400 دولاراً للأونصة.

يشتري المتعامل بالسعر العاجل                 يبيع عقد آجل مدته السنة

400 دولاراً للأونصة                            بـ 440 دولاراً للأونصة

    

بعد مرور السنة:

يحصل التاجر على قرض لمدّة سنة، وبفائدة قدرها 10% أو بـ 5,2% أفضل من النسبة الأولية ليستوي شروط العقد، ويقوم بتسليم الذهب بسعر 440 دولاراً للأونصة.

وإن لم يكن المتعامل بحاجة([32]) Low - cost funds باستطاعته أن يستثمر أونصة الذهب بسعر 400 دولاراً، ويحصل على فائدة ومعدّل 12.5% ويحقّق ربحاً وقدره 50 دولاراً في الأونصة الواحدة. وبعد إعادة شراء الذهب بـ 440 دولاراً للأونصة، يحقّق المتعامل ربحاً وقدره 10 دولارات في الاونصة الواحدة من الذهب.

يبيع 500 أونصة من الذهب    يستثمر 000,200 دولاراً       يقوم بشراء خمسة عقود

بـ 400 دولاراً للأونصة        بفائدة وقدرها 12.5%     آجلة، يتم تسليمها بعد                                                      سنة بسعر 440 دولاراً

 

بعد مرور السنة:

يكسب التاجر 5000 دولاراً         يجمع 225.000 دولاراً        يّتخذ وضعيـة التسليـم

                                 من جرّاء الاستثمار             لخمسـة عقـود  آجلـة

                                                                              بسعر 220.000 دولاراً

 

وتقوم البنوك المركزية في البلدان المتقدّمة، بالعادة بتنظيم عمليات اقراض الذهب، كونها تمتلك إحتياطيات هائلة من المعدن، فتقرضه بمعدلات فائدة سنوية متواضعة 0.5-2%. ومع انخفاض سعر الذهب، بعد انقضاء فترة زمنية عن سعره النظري، تنشأ فرصة للقيام بعملية مراجحة بالسعر العاجل للذهب. وبما أن البنوك التجارية بغالبيّتها لا تمتلك كميات كبيرة من الذهب، لتشارك وبفاعلية في عمليات المراجحة لذلك فهي تقوم باقتراض الذهب من البنوك المركزية، وتبيعه بسعر السوق العاجل، بعد إعادة شرائه في أسواق العقود الآجلة وتعيد الذهب بعدها، إلى البنوك المركزية حيث تمّ اقتراضه.

وبشكل عام، تنشأ فرصة المراجحة، من خلال المضاربة في الاسواق، حين يكون هناك رهان على ارتفاع أسعار العقود العاجلة، وحين يرافق ارتفاع أسعار الذهب، ارتفاع معدّلات الفائدة في الاسواق، في هذه الظروف ترتفع اسعار العقود الآجلة بنسبة أكبر من نسبة ارتفاع أسعار العقود العاجلة يلجأ العديد من المتعاملين في سوق الذهب إلى بيعه على أمل حصول تغيّرات كبيرة في السعر. وإن ارتفع سعر العقود الآجلة عن المستوى المعتاد، تحصل العقود الآجلة على مكافأة أكبر من تلك المكافأة التي تجنيها العقود والأسعار العاجلة وهذا كما رأينا يخلق فرصة للأربيتراج.

 

روزنامة العمليّات الشرطية المركّبة في سوق الذهب:

يعكس معدّل الفائدة الاختلاف بين عقدين آجلين، ويعرف بالعائد الناتج عن عملية شرطيّة مركّبة.

مثال: لنفرض وجود عقدين آجلين للذهب تم العقد الأول في شهر أيلول وقيمته 420 دولاراً، وعقد ثان في كانون الثاني بقيمة 424 دولاراً، وبهذا، يشكّل الفرق بين العقدين 424 - 420 = 4 دولارات، أو ما يعادل 3.8 %، وتعكس هذه النسبة العائد من عملية شرطية مركبة.

ويتمّ احتساب العملية الشرطية المركّبة بالمعادلة التالية:

D-N x 360    x 100
  N      Td   - Tn

حيث :  D     ترمز إلى سعر العقد الاجل

       N       سعر العقد قريب الأجل

      Td       تاريخ أقرب موعد لتسليم العقد الآجل

      Tn                 تاريخ أقرب موعد لتسليم العقد قريب الآجل

 

بالإمكان تطبيق هذه المعادلة على مجموعة من الامثلة في تحديد نسبة التمويل بين السعر العاجل للذهب وعقد آجل مدّته السنة. أما عامل الزمن فيعتبر جزءاً من المعادلة وهو يساوي دائماً الواحد الصحيح، وهو يحتسب في العمليات الشرطية المركّبة الآجلة على أساس: شهر واحد = 30 يوماً.

لنفرض وجود عقدين، العقد الأول تم في كانون الأول وقيمته 500 دولاراً، وعقد آخر تم في حزيران وقيمته 525 دولاراً، بالامكان احتساب العائد السنوي ويساوي في هذه الحالة 10%.
 

525- 500 x                360      =10%
كانون الأول 30 – حزيران 31            500   

          

بعد عمليّة الاحتساب هذه تواجهنا مشكلة تتعلّق بأسعار الذهب، فسعر الذهب عرضة للتغيّر عبر الزمن تحت تأثير عوامل مختلفة، ومنها سعر الفائدة.

ومن المعروف أن بين معدّل الفائدة وسعر الذهب علاقة طردية، إن ارتفعت معدّلات الفائدة، إرتفعت أسعار الذهب، وبالعكس، ولكن لسوء الحظ، قد لا يعمل هذا القانون إلا لفترة قصيرة، وفي العديد من الحالات قد لا يعمل إطلاقاً، ومن السهل أن نتخيّل حالة، تكون عبارة عن مزيج من معدّل مرتفع للفائدة يترافق مع معدّل منخفض نسبياً للتضخّم والذي يشكّل حافزاً للاستثمار في أدوات توفّر دخلاً ثابتاً إن قورنت مع الخسارة في الذهب. وهذا ما حصل في الولايات المتحدة الاميركية، على وجه التحديد، في بداية الثمانينيات من القرن الماضي، حين استفادت عمليّات الذهب الشرطية المركّبة قصيرة الأجل من انخفاض سعر الذهب.

ويبيّن The Tail (مجال الانحرافات الكبيرة في عمليات شراء أو بيع الذهب) والذي لا يتأثّر بتحرّكات السعر المستقل للذهب، أنه لاحتسابه يجب أن نستخرج العائد وذلك باستخدام المعادلة التالية:

    حيث تمثّل r العائد.

Tail = y + Td – Tn  x (leg)

                      360        

 

وبعد احتساب العائد بالامكان احتساب The Tail عن طريق المعادلة التالية:

    حيث leg عدد العقود في الفرع الواحد من العمليات الشرطية المركّبة.

 

وإن كان قد أسّس لـ Tail بدقّة، باستطاعة المتعامل أن يحقّق ربحاً ينتج عن التغيّرات في العمليات الشرطية المركّبة، بغضّ النظر عن حجم التغيّرات في سعر الذهب، على سبيل المثال، يتوقّع المتعامل أن يحقّق عائداً وقدره 10 % من العمليات الشرطية المركبة.

ولنفترض       1- العقد القريب الأجل                               = 400 دولاراً

                2- العقد الآجل ومدته السنة               = 440 دولاراً

       

الفرق بين السعرين، يخوّلنا الحصول على عائد من العمليات الشرطية المركّبة يعادل 10%، وربما بسبب التدنّي في معدّلات الفوائد، يعتقد المتعامل بأن العائد من العمليات الشرطية المركّبة سوف ينخفض تبعاً لذلك، فيعمد المتعامل إلى تقصير مدّة العملية الشرطية. وقد يحدث ما هو غير متوقّع ويتضاعف سعر الذهب ويرتفع إلى 800 دولاراً للعقد القريب الآجل، و 880 دولاراً للعقد الآجل. مع بقاء معدّل العائد على حاله دون تغيّر 10%، يخسر المتعامل 40 دولاراً من العملية الشرطية أو ما قيمته 4000 دولاراً. وعلى الرغم من هذا، لا تغيّر في معدّل العائد من العملية الشرطية.

 

ولنفرض الآن بأن المتعامل، وبهدف تدوير الارقام، استخدم Tail  وقرّر بيع مئة عقد شرطي، سوف يكون في مركز يؤدّي إلى خسارته 000.400 دولاراً، وذلك دائماً بحسب السيناريو، الذي اعتمد أعلاه، وان استخدمنا معادلة Tail، سوف يكون Tail الحقيقي عشرة عقود.

 

X 360 x 100 contracts Tail= (10%)
                        360
   

عقود Tail = 10

 

ولندرس الآن وضع المتعامل في حال استخدام أو عدم استخدام Tail

 

أولاً: بدون استخدام Tail:

يشتري 100 عقد بسعر 400 دولاراً              يبيع 100 عقد مدّتها سنة

للعقد                                            بـ 440 دولاراً للعقد.

 

دخل المتعامل في هذه المعاملات، معتقداً بأن العائد من العملية الشرطية المركبة هو 10%، وبأن السعر سوف ينخفض وعلى عكس التوقّعات، يرتفع سعر الذهب، ولكن العائد يبقى على حاله دون تغيّر = 10%.

 

يبيع المتعامل 100 عقد بسعر 800 دولاراً      يشتري 100 عقد لسنة واحدة

يحقّق ربحاً وقدره 4 ملايين دولار        880 دولاراً

النتيجة: 4 ملايين دولار                           الخسارة 4,4 ملايين دولار

 

إستخدام Tail :

يشتري 110 عقود - 400 دولاراً                يبيع 100 عقد مدّتها سنة

                                                بسعر 440 دولاراً

يبيع 110 عقود - 800 دولاراً                  يشتري 100 عقد مدة سنة واحدة

                                                بسعر 880 دولاراً

الربح - 4.4 ملايين دولار                      الخسارة 4,4 ملايين دولار

 

النتيجة = صفر

    

كما نرى، من الأمثلة أعلاه، أن Tail يجنّب التاجر الخسارة الناجمة عن التحرّكات المستقلّة في سعر الذهب. ومن الوجهة النظرية، إن استخدام Tail، بشكل صحيح ودقيق سوف لن يحقّق المتعامل ربحاً أو خسارة، طالما أن العائد من العمليات الشرطية هو ثابت، وفي مثالنا = 10%.

وسنحاول الآن، أن نوضّح، كيف ينتج عن التغيّرات في سعر الذهب تغيّراً في العائد من العملية الشرطية، ومع هذه التغيّرات سوف يكون التاجر عرضة للربح أو الخسارة.

يشتري 110 عقود بسعر 400 دولاراً            يبيع 100 عقد مدّتها سنة

                                                بسعر 440 دولاراً

 

وكما توقّع التاجر، ينخفض العائد من العملية الشرطية إلى 8%، ولزيادة الإيضاح، سنفترض أسعار جديدة للعقد 400 دولاراً و 432 دولاراً.

يبيع 110 عقود بسعر 440 دولاراً         يشتري 100 عقد بسعر 432 دولاراً

الربح = صفر دولار                         يربح = 80 ألف دولار

 

النتيجة = يربح المتعامل 000.80 دولاراً

من ناحية أخرى، لا بد من الاشارة إلى أن Tail لا يحمي التاجر تجاه المتغيّرات غير الملائمة في العائد من العمليّات الشرطية.

لنفرض أن العائد من العمليّة الشرطية، إرتفع إلى 12%، ولنفرض أن السعر قفز إلى 500 دولاراً و 560 دولاراً على التوالي.

 

يبيع 110 عقود بسعر 500 دولاراً         يشتري 100 عقد بسعر 560 دولاراً

يربح 1.1 مليون دولار            يخسر 1.2 مليون دولار

 

النتيجة، يخسر 100.000 دولاراً

 

الوضع المستقبلي للذهب:

لفهم الدور المستقبلي للذهب ومكانته في النظام النقدي العالمي، لا بد من توضيح بعض النقاط:

أوّلاً: لم يعد الذهب، بأيّ حال من الأحوال، كما بيّنا في سياق البحث، يؤدّي الوظائف الاساسية للنقود، فهو اليوم مادة للتجارة، وعليه نوعان من الطلب، طلب صناعي وطلب استثماري.
ولم يعد الذهب يشارك في تكوين الاسعار حتى ولو بشكل غير مباشر، وباستطاعة المراقب، أن يرى أن هناك تحرّكات دائمة في المستوى العام للأسعار (للأسعار إتجاه، هبوط أو ارتفاع)، وعدم وجود رابط بين تغيّرات أسعار الذهب والتغيّرات في المستوى العام للاسعار. فالأسعار تعيش اليوم عالمها ويعيش الذهب عالمه.

ثانياً: فقد الذهب اليوم وظيفته كوسيط للتبادل وكأداة للمدفوعات الآجلة، فهو إما يرقد خاملاً في أقبية البنوك المركزية وإما يستهلك من قبل القطاع الخاص ولأهداف لا تمتّ للنقود بصلة. وسعر الذهب اليوم، يتكوّن في مجال ضيّق التخصّص لتجارة الذهب، حيث يتعرّض لتقلّبات كثيرة يصعب التكّهن بها.

والذهب اليوم ليس بنقود، وهذا واقع حقيقي، وإذا لم يعد الذهب أساساً للنظام النقدي، فماذا هو إذاً؟

تبيّن التجربة العملية وبشكل واضح، أن الذهب ما يزال له وزنه في الميزان الاقتصادي والسياسي العالمي، فما زال الذهب يستخرج وبكميّات أكبر من ذي قبل، وما زال الذهب يباع ويشترى ويستخدم، آلاف الاطنان من الذهب ما زالت مجمّعة على شكل ملكيات رسمية، وفي القطاع الخاص لا يحاولون أيضاً، إفلاته. فما هي ضمن هذه الشروط الطبيعة الاقتصادية للذهب؟ وما هو الوضع الاقتصادي الجديد للذهب؟

من الصعوبة بمكان إعطاء جواب مقنع، كامل ومفصّل على هذه الاسئلة ومن الضروري الاستمرار في المراقبة، والتعمّق في البحث، لأن التغيّرات الجذرية، والتحوّل من حالة نوعية إلى حالة نوعية أخرى تتم حرفياً أمام أعيننا، وأنها لم تبلغ نهاياتها بعد.

فقدان الذهب الغوّاصة النقدية، لا يعني بالتالي أنه وبكل بساطة تحوّل كلياً إلى عالم السلع، فالذهب ما يزال يحتفظ، ومن المؤكد أنه سيحتفظ لمدة طويلة بصيت «سلعة من نوع خاص» وما يجعله كذلك، صناعته الاستخراجية وتسويقه عبر آلية السوق، واستخدامه كمادة تجارة في البورصات بالاضافة إلى ما يتمتّع به من صفات تقنية.

والذهب ما يزال في سلوك وعادات ووعي الناس يحيطونه بميّزات خاصة، والتي من الصعب التخلّي عنها بسهولة. وحتى بعد أن توقّف المعدن عن أن يكون نقوداً، من الظاهر أن العادات والتقاليد والخصال ووجهات النظر، قوّة الاستمرار النفسية والاجتماعية، التي في مكان وزمن ما، اقتربت من الوعي الباطني الغريزي... جميع هذه الامور إن أخذت بمجملها فهي تشكّل صنمية معدنية فريدة من نوعها، ولهذه الأسباب ما زال الذهب يتميّز بصفاته التي تميّزه عن السلع الأخرى، وخاصة الذهب كسلعة نقدية سابقة تظهر في يومنا هذا، في شكلين أساسيين، تركّزه على شكل احتياطيات رسمية لدى الحكومات وادخاره من قبل القطاع الخاص.

ويبدو وكأنّ إحدى الأسباب الرئيسية التي ما تزال تدفع البنوك المركزية للاحتفاظ بالذهب، تتلخـّص بضرورة وضع إستراتيجية موحّدة تتعلّق بالسلوك تجاه المعدن النقدي القديم، وهذا بطبيعة الحال يتطلّب وقتاً ليس بالقصير. هذا إن أخذنا بالاعتبار، الخلافات وعدم التفاهم التي ترافق عادة بحث وحلّ مثل هذه المسائل.

ولا بدّ في النهاية من الاستشهاد برأيٍ لأحد أصحاب البنوك السويسرية ويدعى رينارغون، الذي أشار «من وجهة نظري أن العودة الآن إلى قاعدة النقد توازي تحوّل سيارة تسير بسرعة 150 ميلاً في الساعة من السرعة الأمامية إلى سرعة خلفية»([33]).

 

المراجع

أ. انيكين، الشيطان الاصفر، الذهب والرأسمالية، موسكو، ملدايا غفارديا، 1978

بسام الحجار، الاقتصاد النقدي والمصرفي، مؤسّسة دار الريحاني، للطباعة والنشر، الطبعة الأولى، بيروت 1999

بسام الحجار، العلاقات الاقتصادية الدولية، المؤسّسة الجامعية للدراسات والنشر والتوزيع، الطبعة الأولى، بيروت  2003

وسام ملاك، البورصات والأسواق المالية العالمية، الطبعة الأولى، الجزء الأول، دار المنهل اللبناني، بيروت.

 وسام ملاك، البورصات والاسواق المالية العالمية، الطبعة الأولى، الجزء الثاني، دار المنهل اللبناني، بيروت 2003

مجلّة العربي، العدد 366، مايو 1989

سمير عبده، «إقتصاديات الذهب»، دراسة مؤثرات الذهب على الاقتصاد العالمي، دار الطليعة، بيروت 1980

كريستوفر باس، برايان لوز، لزلي دايفيز، قاموس المصطلحات العلمية، ترجمة عمر الأيوبي، أكاديميا، بيروت 1998

رمزي زكي، دراسة في آثار التضخّم بالبلاد الرأسمالية الصناعية على البلاد العربية، جامعة الدول العربية، الأمانة العامة للشؤون الاقتصادية، دار المستقبل العربي، القاهرة 1986

رمزي زكي، التاريخ النقدي للتخلّف، سلسلة عالم المعرفة، الكويت، 1987

 

المراجع باللغة الأجنبية

1- Brock H. W. The Future world price of Gold. Supplement to “Optima” Vol 30 N.2 1981.
2- GFMS- Gold Survey 2004
3- Gold and the modern world Economy. Edited by Noon Joong Tcha. Raoutledge, London, New York, 2003
4- IMF, Annual Report 1980
5- IMF. IFS. Annual Report 1995
6- IMF. IFS. Annual Report 2001
7- Minerals Year Book (Various issues)
8- Mining Survey N. ¾ 1980
9- US Gold Commission Report, 1982. Vol. 1
10- United States Geological Survey Mineral.
11- US News and World Report, 17 September 1979
12- US News and World Report, 26 October 1981
13- WGC Calculations based on data in IMF, IFS, May 1999
14- World Gold Council, Gold Demand Trends n.22 February 1998
15- World Gold Council, Table of official Holdings. Jan/Mars 1999
16- World Gold Council, Gold Demand Trends 2004, N. 42
17- Zvi Bodie, Robert C. Merton. Finance Prentice Hall. New Jersey 2004

 

 

 

[1] مجلة العربي، العدد 366 مايو .1989

[2] بسام الحجار، الإقتصاد النقدي والمصرفي، مؤسسـة دار الريحاني للطباعـة والنشر، الطبعة الأولى، بيروت 1999، ص .31

[3] أنيكين، الشيطان الاصفر، الذهب والرأسمالية، موسكو، ملدايا غفارديا، ,1978، ص .41

[4] أنيكين، المصدر السابق، ص 41

[5] المذهب المركنتالي أو المذهب التجاري.

[6] النقود الانتهائية هي النقود غير القابلة للتحوّل إلى أنواع أخرى من النقود

[7] رمزي زكي، التاريخ النقدي للتخلّف، سلسلة عالم المعرفة، اكتوبر، الكويت 7891، ص 115 - 121

[8] بسام الحجار، العلاقات الاقتصادية الدولية - المؤسسة الجامعية للدراسات والنشر والتوزيع، الطبعة الأولى، بيروت 2003، ص 107

[9] عقد مؤتمر بريتون وودز في ولاية نيوهامبشر في الولايات المتحدة الاميركية في فترة ما بين الأول والثاني والعشرين من شهر تموز العام 1944

[10] تزن الأونصة 104,31 غراماً من الذهب الخالص

[11] رمزي زكي، دراسة في آثار التضخّم بالبلادالرأسمالية الصناعية على البلاد العربية، جامعة الدول العربية، الامانة العامة للشؤون الاقتصادية، دار المستقبل العربي، القاهرة 1986، ص 77

[12] US Gild Commission Report 1982, Vol1

[13] سمير عبده «إقتصاديات الذهب» دراسة الذهب على الاقتصاد العالي، دار الطليعة، بيروت 1980، ص .62

[14] يفرّق العلماء الاقتصاديون بين مفهومين للسيولة الدولية، مفهوم ضيق ويميّز حالة المدفوعات الخارجية لبعض الدول أو المناطق، على سبيل المثال، سيولة الدول المنتجة والمصدّرة للنفط OPEC وأساس هذه السيولة إحتياطيات هذه الدول أو المناطق في الذهب النقدي والعملات القابلة للتحويل. أما السيولة بمعناها الواسع فتبيّن حالة المدفوعات في الدول أجمع. ويمكن التمييز بين أربعة مصادر للسيولة الدولية: 1- الذهب النقدي 2- العملات الاجنبية 3- الوقف الاحتياطي في صندوق النقد الدولي 4- حقوق السحب الخاصة

[15] SDR - Special Drawing Right - أصل نقدي تحتفظ به الدول الاعضاء في صندوق النقد الدولي كجزء من احتياطياتها الدولية، وليس لحقوق السحب الخاصة عمراً ملموساً قائماً بذاته. فصندوق النقد الدولي «ينشئها» وتتّخذ شكل قيود دفترية في حساب يديره الصندوق وتستمد قيمتها من التزامات الدول الاعضاء في الصندوق، بمد غيرهم من الاعضاء بعملات قابلة للتحويل بمقابل حقوق السحب الخاصة، ومنذ العام 1978، إتخذ الصندوق قراراً قضى بتخفيض عملات الدول (إلى خمس عملات) المستخدمة ونسب تثقيلها، كقاعدة لاحتساب SDR.

 

[16] مجموعة الدول غير الموقّعة على الاتفاقية تضم كل من كندا، الولايات المتحدة الاميركية، استراليا  bank for international settlements))BIS- (بنك التسويات الدولية) و IMF

[17] مجمع الذهب: أسّس في العام 1961، وهو عبارة عن صندوق مشترك بين البنوك المركزية، نسبة تمثيل الولايات المتحدة فيه 50%، 11 % لألمانيا الغربية، 9 % لكل من إنكلترا وفرنسا وإيطاليا، أما بلجيكا وهولندا وسويسرا فلم تتعد نسبة تمثيلها 4%. وقد أدّى بيع الذهب من قبل «مجمع الذهب» إلى استقرار نسبي في سعره في السنوات الأولى لمزاولة نشاطه، لكن مع التوقّعات بانخفاض سعر صرف الجنيه الاسترليني بدأت موجة شراء جديدة للذهب، الأمر الذي ادى إلى فقدان الدول المشاركة في هذا المجمع لكميات كبيرة من أرصدتها الذهبية وأوقف بالتالي، مجمع الذهب نشاطه في العام .1968

[18] للتوسـع أكثر انظر Gold and the modern world Economy. Edited by Moon Joong

[19] Tcha. Routledge, London, New York, 2003, P. 147

[20] عمليات السواب: والتي تتعلّق بتوزيع آجال الاستحقاق، وتستخدم عمليات السواب من قبل المتعاملين في سوق الذهب، كوسيلة ملائمة تمكنهم من التغطية أو التحوط Hedging الناجم عن تغيّرات أسعاره. ويعتبر تحليل عمليات السواب SWAP مدخل لفهم أصل سعر الخصم في المعاملات الآجلة، وينتج عن استمرار عمليات السواب، رفع السعر الحالي للذهب (سعر الشراء) Call وخفض السعر الآجل (سعر المبيع) PUT

[21] Source Minerals Year book (various issues)

[22] Golds Fields Mineral Services LTD Gold May P. 18, 1998

[23] المسكوكة: النقود المعدنية المصنوعة من المعدن (الذهب)

[24] Mining Survey, No 3, p, 4 1980

[25] Us News and world Report

[26] Annual Report IMF. P. 85 1980

[27] وسام ملاك، البورصات والاسواق المالية العالمية، قضايا نقدية ومالية، الطبعة الأولى، الجزء الثاني، دار المنهل، بيروت 2003، ص 41 - 40

[28] مبادئ العملية: شراء الخيار بالبيع (Put) أو الخيار بالشراء (Call) يضع الحائز في وضعية مريحة، لأنه يحتفظ بحق التنفيذ أو عدم التنفيذ لخياره وعلى العكس من ذلك، فإن البائع يلتزم (ملزم) بقبول قرار المشتري: أنظر في ذلك وسام ملاك، البورصات والاسواق المالية العالمية الطبعة الأولى، الجزء الأول، دار المنهل اللبناني، بيروت 2003، ص .356

[29] أنظر في ذلك، كريستوفر باس، برايان لوز، لزلي دايفيز، قاموس المصطلحات العلمية، ترجمة عمر الايوبي، أكاديميا، بيروت 1998، ص 174

[30] انظر في ذلك: Zvi Bodie, Robert C, Merton. Finance. Prentice Hall, New Jersey 2004,

[31] أربيتراج Arbitrage: شراء السلع أو بيعها بين سوقين أو أكثر للاستفادة من فروقات الاسعار في هذه السوق. عند الشراء في سوق منخفض السعر والبيع في سوق عالي السعر،  يستطيع المتعامل جني الربح من تباين الاسعار بين السوقين، رغم أن المتعامل، يضيف أثناء عملية البيع والشراء إلى الطلب في السوق منخفضة السعر إلى العرض في السوق مرتفعة السعر، ومن ثم يزيل تباين السعر

[32] عزل الأوراق المالية (أو الذهب) والتي هي على درجة عالية من السيولة (سهولة تحويلها الى نقود وبدون خسارة أو بحد أدنى من الخسارة) الى «إحتياطي مالي» لقاء السنوات المستثمرة بقصد تصفية السندات أو الالتزامات الطويلة الأجل عند استحقاقها

[33] U.S news cud world Report 26 October 1981,P.61

 

The Economies of Gold

Gold does not play nowadays the same role it had before in the world monetary system, owing to two main reasons: 1- The declaration of the United States of America of stopping the conversion of US American dollars into gold from the American treasury. 2- Stop working by the official price of gold at the Jamaica Conference, and taking off its monetary quality, and prohibiting any of its function in the current change dispositions. Since gold is no more international money, the researcher asks about its new definition and future role? To answer these questions, the researcher considers the necessity to take into consideration two factors: The official acquisitions of gold, as governments do not seem willing to dispose of their needs that reach 32 000 tons, that brings gold to be the second international asset after the American dollar. The author shows that the main quantities of this metal have been accumulated with regard to a little group of industrialized countries as a result of the monetary relations in the post-war period. The researcher presumes that the monetary gold is still part of international liquidity in view of the possibility of taking it up as a loan or a gage.

2. The price of gold: The researcher believes that the fluctuations in theprice of gold are factors that object to the return of its traditional functions. The price of gold is linked to, on one hand, the inflation rate, as the inflation activates its function as a depot for currency, and the demand for this metal increases due to competition or investment reasons, and on another hand, the performance of the American dollar, as this metal is sold and purchased in American dollar, and if the dollar price increases, it becomes possible to expect a slowdown or a decrease in the price of gold; therefore, the researcher insists on the necessity of selecting a convenient plan in case there is a will to transform gold into liquidity. According to the author, the monetary authorities can earn interest from their gold funds without being forced to lose their rights of owing it, by conducting SWAP operations where gold is sold for a price against currency, and following the price of the market, with the seller country

 maintaining the right of buying it again at the same price with a certain allowance added to it. The researcher thinks that the demand on gold is an oriented market, where he defines several factors that influence this demand. The demand can be for ornamental or industrial reasons or for dentistry. But the most important demand is investment that is considered as the essential factor in defining the course of gold price.

The researcher adds that the loss of the traditional particularities of gold does not necessarily imply its conversion to the commodity world. Customs and habits, particularities, point of views, and the psychological and social strength of persisting that at a certain moment became close to the instinctive latent awareness, still provide gold the quality of “product of a special kind”.

The gold strength of persevering certainly emerges from disagreeing on one strategy concerning the metal, in addition to the disputes and misunderstandings that go along with the examination of this issue, and finally it is necessary to indicate that the special status of gold does not automatically involves the possibility of the return of its traditional functions.

Les économies de l’or

L’or ne jouit plus de nos jours du même rôle qu’il détenait auparavant dans le système monétaire mondial; ceci est du à deux principaux facteurs:

1. La déclaration des Etats-Unis de stopper la conversion des dollarsaméricains en or du trésor public américain.

2. Arrêter d’employer le prix officiel de l’or à la Conférence deJamaïque, le déposséder de sa qualité monétaire et lui interdire toute fonction dans les actuelles dispositions de change. Vu que l’or ne fait plus figure de monnaie internationale, le chercheur se demande sur sa définition et son rôle futur ?  Afin de répondre à ces questions, il est nécessaire, selon le chercheur, de prendre deux facteurs en considération : 1.Les acquisitions officielles de l’or, au moment où les gouvernements ne semblent pas vouloir renoncer à leurs besoins alors qu’ils atteignent les 32 000 tonnes, ce qui pousse l’or au rang de deuxième actif international après le dollar américain. Le chercheur démontre que les principales quantités du métal se sont accumulées auprès d’un groupe réduit de pays industrialisés à l’issue des relations monétaires durant la période de l’après-guerre. Le chercheur conclut que l’or monétaire fait toujours partie de la liquidité internationale vu qu’il est possible de l’emprunter ou de l’hypothéquer.

 

2. Le prix de l’or: le chercheur considère que les fluctuations du prix de l’or constituent un des facteurs qui entravent le retour à l’accomplissement de ses fonctions traditionnelles. Le prix de l’or est lié, d’une part, au taux d’inflation vu que l’inflation active la fonction de l’or en tant que dépôt de la monnaie, et la demande en or augmente pour des raisons de compétition et d’investissement, et d’autre part, au comportement du dollar américain, l’or étant un métal qui s’achète et se vend en dollar américain, et quand le prix du dollar est à la hausse, un ralentissement voire une baisse du prix de l’or deviennent alors envisageable. A partir de là, le chercheur insiste sur la nécessité de choisir le plan convenable quand il s’agit de rendre l’or liquide. Selon le chercheur, il est possible pour les autorités monétaires d’obtenir un intérêt sur leurs provisions en or sans qu’elles se trouvent dans l’obligation de perdre leur droit de propriété sur ce métal, et ce par la réalisation d’opérations SWAP où l’or se vend en contre partie d’une monnaie et selon le prix prédominant au marché, avec la possibilité pour le pays vendeur de le racheter au même prix avec une certaine majoration ajoutée. Le chercheur estime que la demande sur l’or est un marché dirigé et détermine plusieurs facteurs qui influent sur cette demande. L’or est demandé pour des raisons ornementales, industrielles et pour la médecine dentaire. Mais la plus importante demande concerne l’investissement considéré comme le facteur essentiel dans la détermination du cours du prix de l’or. Le chercheur en vient à dire que la perte des particularités traditionnelles de l’or ne signifie pas pour autant sa conversion complète au monde des marchandises. Les us et les coutumes, les particularités, les points de vue ainsi que la force de continuité psychique et sociale qui, à un certain moment s’est rapprochée de la conscience latente instinctive, fait que l’or conserve toujours sa qualité de « marchandise de genre spécial ». Sans aucun doute, la force de continuité de l’or provient du désaccord sur une stratégie unique concernant le métal, en plus des disputes et de la mauvaise compréhension qui accompagnent habituellement cette question, et finalement il est important d’indiquer que le statut spécial de l’or n’implique pas nécessairement son retour à ses fonctions traditionnelles.