- En
- Fr
- عربي
إلى الأمام
«صحيح أنّ الجيش اللبناني يمتلك معدات وتجهيزات متواضعة مقارنةً مع باقي جيوش العالم لكنّه يملك سلاحًا أقوى وأفضل هو سلاح العلم والمعرفة الذي يتسلّح به ضباطنا وعسكريونا على اختلاف رتبهم».
هذا ما أكّده قائد الجيش العماد جوزاف عون خلال توقيعه مع رئيس الجامعة اللبنانية البروفسور بسام بدران، بروتوكولَي تعاون أكاديمي بين الجامعة اللبنانية وقيادة الجيش، ينص الأول على إنشاء ماستر إداري وأكاديمي في العلوم العسكرية في كلية فؤاد شهاب للقيادة والأركان يكون مرتبطًا بوحدة كلية الحقوق والعلوم السياسية والإدارية في الجامعة اللبنانية. وينص الثاني على تمكين التلامذة الضباط في الكلية الحربية من الحصول على إجازة مدنية في أحد الاختصاصات الآتية: الجغرافيا السياسية، العلوم السياسية، والمعلوماتية الإدارية، إضافة إلى اختصاصهم الأساسي الذي يؤهلهم للحصول على إجازة في العلوم العسكرية.
يأتي توقيع هذين البروتوكولَين في سياق توجهات قيادة الجيش التي تقضي بمواكبة التطور العلمي في مختلف المجالات مع مراعاة حاجات الجيش على الصعيد الأكاديمي. وهذا ما أدى إلى ارتفاع عدد الاتفاقيات الموقّعة بين قيادة الجيش والجامعات والمعاهد في لبنان، إذ تضاعف هذا العدد عدة مرات خلال السنوات الأخيرة.
ماستر العلوم العسكرية والإدارية
أهمية هذا البروتوكول وفق ما يوضح قائد كلية فؤاد شهاب للقيادة والأركان العميد الركن حسن جوني هي في كونه يُعطي دورة الأركان بعدًا أكاديميًا رسميًا مهمًا جدًا، فهو يتيح للضباط الذين يتابعونها فرصة متابعة الدراسات العليا في اختصاصات العلوم العسكرية، أو في اختصاصات أخرى ملائمة للعلوم العسكرية (أمن دولة، دراسات استراتيجية وغيرها...) داخل البلاد أو خارجها، وذلك أسوة بالعديد من البلدان كالولايات المتحدة الأميركية والأردن ومصر.
معادلة شهادة الأركان من كلية فؤاد شهاب للقيادة والأركان بماستر في العلوم العسكرية كانت نتيجة دراسة بيّنت أنّ ما يتلقاه الضابط من تعليم خلال الدورات المتعاقبة وصولًا إلى دورة أركان، يفوق ما تتطلبه شهادة الماستر من ساعات وأرصدة دراسية.
قُسّم منهاج الماستر إلى سنتين، تُخصص السنة الأولى M1 للتدريب على قيادة الكتيبة (دورة قائد كتيبة)، بينما تُخصص السنة الثانية M2 لدراسة منهاج قيادة مهمات الأركان (دورة أركان). وقد تمّ تطوير المناهج وتعديلها وإضافة بعض المواد المهمة التي تفتح آفاق الضابط على المستويين الأكاديمي والاستراتيجي، كما تمّ تحقيق الشروط المطلوبة لحيازة شهادة الماستر بمعايير الجامعة اللبنانية.
شملت مفاعيل هذا البروتوكول «دورة الأركان الـ36» التي تخرّجت في حزيران المنصرم، وهذا الخبر أبلغه قائد الجيش لضباط الدورة خلال زيارته الكلية بمناسبة تخرجهم.
إجازة في العلوم المدنية
يوضح قائد الكلية الحربية العميد الركن جورج صقر أنّ بروتوكول التعاون الذي تم توقيعه أخيرًا هو خطوة تكمّل ما سبقها من خطوات في هذا المجال، لا سيما قرار منح الإجازة في العلوم العسكرية للضباط الذين يتخرّجون من الكلية الحربية الذي بدأ العمل به منذ العام 2011. وأكّد أنّ القيادة تسعى إلى تفعيل التحصيل العلمي للضباط على غرار المدارس العسكرية في الخارج.
ويشير العميد الركن صقر إلى أنّ البروتوكول المذكور يفرض اتخاذ تدابير داخلية أبرزها تمديد السنوات الدراسية للتلامذة الضباط لتصبح أربع سنوات بدلًا من ثلاث، ينال الضابط في ختامها إلى جانب الشهادة في العلوم العسكرية، شهادة في الاختصاص الذي اختاره شرط النجاح في المواد التي يدرسها.
أما بالنسبة إلى المعايير التي اعتُمدت في اختيار الاختصاصات، فيوضح قائد الكلية أنّه تم اختيار العلوم التي تتكامل مع حاجات المؤسسة العسكرية. فالمعلوماتية الإدارية مثلًا تتكامل مع فن القيادة الذي يجب أن يتقنه الضابط. وبما أنّ عصرنا هو عصر التكنولوجيا، تم اختيار المعلوماتية الإدارية. أما بالنسبة إلى العلوم السياسية، فهي توسع آفاق الضباط وتطوّر تفكيرهم. وعلى صعيد الجغرافيا، يشمل برنامجها نظام المعلومات الجغرافية GIS وغيره من المواد التي تُدرّس في الكلية الحربية بما في ذلك الجغرافيا السياسية التي تتقاطع مع العلوم السياسية.
العلم سلاح
تجهد قيادة الجيش من خلال الاتفاقات مع مؤسسات التعليم العالي إلى توفير فرص التعلّم للعسكريين وأولادهم، فضلًا عن تبادل الخبرات والخدمات، وتوسيع مساحة التفاعل بين العسكريين والشباب الجامعي.
تتضاعف أهمية هذه الاتفاقيات في ظل الأوضاع القائمة نظرًا لما تتيحه من حسومات للعسكريين وعائلاتهم. وفي حين ازداد في السنوات الأخيرة عدد الجامعات والمعاهد المتعاقدة مع الجيش ارتفعت نسبة الحسومات ونسبة العسكريين الذين يتابعون الدراسات العليا أيضًا.
يندرج سعي القيادة إلى رفع المستوى التعليمي في الجيش في إطار العمل على بناء القدرات العامة والفردية وتعزيز مفهوم الاحتراف، وهو يتوازى مع سعيها إلى تخفيف أعباء كلفة تعليم أبناء العسكريين خصوصًا في هذه الظروف الصعبة. وفي النهاية يبقى العلم السلاح الأمضى، خصوصًا في عصرنا.