تحقيق عسكري

إناث واثقات يلتزمنَ الرسالة بشجاعة وفخر
إعداد: ندين البلعة خيرالله

إنها الخامسة والنصف صباحًا... استيقظت حنان، ارتدت البزّة العسكرية، انتعلت الحذاء الصحراوي، رفعت شعرها وربطته، تأكّدت من هندامها بأدقّ تفاصيله، وضعت «البيريه» وانطلقت إلى الخدمة... رافقتها عينا أمّها وأعين الجيران المبتسمة فخرًا وإعجابًا بهذه الفتاة التي باتت من عداد الجنود الإناث اللواتي تطوّعنَ حديثًا لمصلحة المؤسّسة العسكرية، واللواتي يتابعنَ أوّل دورة لهنَّ، المكتب الدراسي الرقم واحد- القسم المشترك.

 

على طريق الجندية:

على الطرقات، في السيارات والباصات، على شرفات المنازل وفي السوبرماركت... فتيات يرتدينَ بزّة الشرف والتضحية والوفاء. تلك البزّة التي لطالما كان لها طابع ذكوري، ترتديها بجدارة فتيات يتحلّينَ بالشجاعة والالتزام، ويرغبنَ بإثبات قدراتهنَّ في مختلف المجالات. وهل أجمل من أن يكون للمرأة اللبنانية شرف المشاركة في أداء واجب مقدّس: واجب التضحية من أجل الوطن من خلال المؤسّسة العسكرية؟

 

تفعيل دور المرأة في الجيش
دخلت المرأة اللبنانية السلك العسكري منذ سنوات، لكن حضورها في هذا السلك ظلّ خجولاً إذ اقتصر على عدد قليل من المتطوّعات. في ظلّ توجيهات ولكن قائد الجيش العماد جوزاف عون وحرصه على تفعيل دور المرأة في الجيش، شهدت المؤسّسة العسكرية دفقًا غير مسبوق للمتطوّعات اللواتي لن يقتصر وجودهنَّ على قطاعات الإدارة واللوجستيّة والطبابة والشرطة العسكرية والمخابرات. إذ أكّد العماد جوزاف عون أنّ القيادة تتطلّع إلى تعزيز دور المرأة في الجيش وصولاً إلى مشاركتها في صفوف الوحدات المقاتلة.
هذا الكلام تُرجم واقعًا من خلال فتح باب التطوّع أمام عدد كبير من الفتيات من مختلف الاختصاصات لمصلحة مختلف القطع العسكرية. هؤلاء المتطوّعات يتابعنَ حاليًا المكتب الرقم واحد الذي ينقلهنَّ من الحياة المدنيّة إلى الحياة العسكرية، فيزوّدهنَّ المبادئ والقوانين والأنظمة الخاصة بالمؤسّسة قبل التحاقهنَّ بالقطع التي تطوّعنَ لمصلحتها.
للاطّلاع على طبيعة التدريبات التي تخضع لها المتطوّعات، وأدائهنَّ, زارت «الجيش» مركزَي تدريب، الأول في ثكنة لواء الحرس الجمهوري والثاني في الوروار، مع العلم أن ثمّة أماكن أخرى يتمّ تدريب الإناث فيها (مقر عام الجيش، ومناطق البقاع وبيروت وجبل لبنان والجنوب والشمال، والقوات الجوية والبحرية، اللواء اللوجستي، والكلية الحربية والطبابة العسكرية).

 

مخيم الحرس الجمهوري
في ثكنة لواء الحرس الجمهوري، مخيّم تدريبي خاص بالجنود الإناث تمّ تجهيزه بكل ما يلزم لتسهيل الأمور عليهنَّ خلال فترة تدريبهنَّ. قبل الدورة الحالية التي تضمّ متطوّعات لمصلحة الطبابة العسكرية، استقبل المخيّم دورتَين من الجنود الإناث تطوّعن لمصلحة الحرس الجمهوري.
عند مدخل المخيّم نشاهد المتطوّعات وقد نفّذنَ أمر مدير الدورة الرائد فادي نجم: «بالقطار انتظم». مشهد بديع لعشرات الجنديات الواقفات بثبات واعتزاز.
نسأل عن التدريبات التي تتابعها الفتيات خلال هذه الدورة التي تمتدّ لفترة عشرة أسابيع، فيشرح الرائد أحمد رشيدي المسؤول عن التدريب في القسم الثالث في اللواء: يُطبَّق في هذه الدورة منهاج التدريب المعمّم من القيادة. وقد أعطى قائد لواء الحرس الجمهوري العميد سليم خليل الفغالي توجيهاته للمدرّبين للتركيز على ثلاثة محاور: الثقافة العسكرية، الانضباط وتعزيز الثقة بالنفس واللياقة البدنية.

 

إلى العسكرية...
استنادًا إلى توجيهات القيادة وقائد اللواء، تمّ العمل على ستّة أبواب بهدف الوصول إلى صقل معارف الفتيات وقدراتهنَّ بما يتناسب والحياة العسكرية وفق ما يخبرنا به الرائد أحمد رشيدي الذي كان مديرًا للدورتَين السابقتَين، وهو يفصّل هذه الأبواب:

 

الحاجات اللوجستية:
بدايةً، تمّ تأمين الحاجات اللوجستية اللّازمة والتركيز على النظافة الفردية والنظافة العامة. المخيّم مؤلّف من أربع غرف منامة مجهّزة بمكيّفات وحمامات خاصة بالمتدرّبات، بالإضافة إلى غرفة لمساعدي المدرّبين وأخرى لأمانة السرّ، وقاعة تدريب فيها أحدث التجهيزات.
 

منهاج التدريب:
قُسِّمت الدورة إلى مرحلتَين: تمتدّ الأولى على مدى أسبوعَين تلازم خلالهما المتطوّعات المخيم ويتابعنَ التدريب على النظام المرصوص والقتال والدفاع عن النفس. بعدها تبدأ المرحلة الثانية التي تُمنح خلالها المأذونيات في نهاية كل أسبوع.

 

الثقافة العسكرية:
يعمل المدرّبون على تزويد المتطوّعات  ثقافة عسكرية ذات مستوى عالٍ وذلك من خلال مواد عامة مثل، التوجيه والإعداد المعنوي، والتنشئة الوطنية والأمن العسكري، والتنشئة على الأنظمة والقوانين (النظام العسكري العام، قوانين الخدمة في الموقع وفي الميدان، قانون الدفاع الوطني، القضاء العسكري والقانون الدولي الإنساني...)، أمّا التنشئة التقنية فتشمل: علم الأسلحة، الرمايات، الطوبوغرافيا والخرائط، الوقاية من أسلحة الدمار الشامل، الاستعلام، والنظام المرصوص. وفي مجال التنشئة التكتيّة، تتابع المتدرّبات دروسًا في القتال، والأفعال الفردية للمقاتل... يُضاف إلى ما سبق دروس في الإسعافات الأولية، محاضرات مختلفة، وفي ختام الدورة تُتوَّج التدريبات بمعمودية النار.

 

الانضباط:
لا يمكن العمل على تطوير المعارف العسكرية لدى المتدرّبات من دون تحقيق الانضباط الذي يتطلّب التدريب على السلوك الفردي بموجب قواعد معيّنة. ولهذا الهدف اتُّخِذَت خلال الدورة إجراءات وتدابير مثل منع إجراء أو استقبال أي مكالمة هاتفية (الاتصال بالأهل مرّة واحدة في الأسبوع وفي حال الطوارئ)، منع التعاطي مع أي عنصر من اللواء خارج الكادر التدريبي، التزام الهندام القانوني، التقيّد التام بجميع التوقيتات، التشدّد في تطبيق النظام المرصوص (عصب الانضباط) والتزام التعليمات والأنظمة والقوانين.
لا مزاح في ما يتعلّق بقواعد الانضباط، وعقوبة المخالفة مزيد من التمارين الرياضية فضلًا عن الحجز وتأخير المأذونية.

 

اللياقة البدنية:
يتمّ العمل خلال الدورة، على رفع مستوى اللياقة البدنية وقدرة التحمّل لدى المتدرّبات اللواتي تمّ تقسيمهنَّ إلى مجموعات، وفق قدراتهنَّ البدنيّة، وبعد خضوعهنَّ لاختبار الوزن BMI خُصِّصَ لكلّ منهنَّ نظام غذائي مناسب.
تنفّذ المتدرّبات يوميًا رياضة صباحية لمدّة ساعة، ويتابعنَ تمارين دفاع عن النفس وتمارين سير وجولة مقاتل ومعمودية النار، فضلًا عن محاضرات التثقيف الصحّي.

 

تنمية الشخصية والثقة بالنفس:
تتكامل النواحي النفسية والشخصية والجسدية في التدريب، ويعمل المدرّبون على تنمية الشخصية ورفع المستوى الثقافي والثقة بالنفس لدى المتدرّبات، من خلال محاضرات بعناوين مختلفة، منها: المشاعر السلبية الكبرى وكيفيّة تحجيمها، المشاعر الإيجابية الكبرى وكيفية مضاعفتها، مشاعر الضغط الكبرى وكيفيّة إلغائها، بناء علاقات طويلة الأمد والحفاظ عليها، الحفاظ على المؤسّسة الزوجية، التعامل مع الأهل والأولاد، التواصل الإيجابي، الإسعافات الأولية، والسلامة المروريّة...
يُضاف إلى ما سبق، التعرُّف إلى اللواء وأركانه وأقسامه... وإعداد محاضرات ثقافية أو اجتماعية أو عسكرية وإلقاؤها.

 

اهتمام خاص
يشير الرائد رشيدي إلى أن السيّدة الأولى ناديا عون والسيّدة كلودين عون رئيسة الهيئة الوطنية لشؤون المرأة أولتا هذا المخيّم اهتمامًا خاصًا، وحضرتا مع المتدرّبات دروسًا ومحاضرات، وقد أبدتا إعجابهما بهذا المكان الذي زيّنته الفتيات برسوماتهنَّ الوطنية الإبداعيّة.
رتيب انضباط الدورة الحالية المؤهل سوسن فوّاز تشرح أنّ الفتيات يحتجنَ عادةً إلى فترة من الوقت للانتقال من الحياة المدنية إلى الحياة العسكرية ونظامها والتأقلم معها. ولكن الملاحظ أنّ الجنود الإناث يتقيّدنَ بالانضباط ولديهنَّ نسبة عالية من الالتزام والتنظيم، خصوصًا أنّ مستواهنَّ العلمي والثقافي متقدّم. هنَّ يحاولنَ إثبات أنفسهنَّ في هذا المجتمع الذكوري، ويتفاجأ المدرّبون بإصرارهنَّ وقدراتهنَّ في التنفيذ.

 

فتيات في الخدمة
الجندي المتمرّن بولين الحصري أنهت شهادتها الثانوية وتطوّعت لمصلحة الطبابة العسكرية، ولكنها ستتابع تحصيلها الجامعي إلى جانب خدمتها في الجيش. هي تحب الحياة العسكرية والنظام، أخبرتها رفيقاتها اللواتي تابعن الدورات السابقة عن التجربة، فتشجّعت وتحمّست لخوضها بنفسها.
تقول بولين: «اختلفت أمور كثيرة في حياتي بعد أن ارتدَيت البزّة: الانضباط، التوقيت، القوانين والدروس. إنها المرّة الأولى التي أنام فيها خارج المنزل، البداية كانت مزعجة وصعبة، ولكن منذ الليلة الثانية اعتدت الأمر خصوصًا وأنّ كل حاجاتنا مؤمّنة».
الجندي المتمرّن مارني غانم، حائزة على إجازة في علم النفس العيادي، وهي تأمل أن تسهم في تطوير خدمات علم النفس في المؤسّسة. «أجمل ما في الدورة»، تقول مارني والابتسامة على وجهها، «الاستيقاظ سويًا، تعاوننا وتشاركنا اللحظات الصعبة واللحظات المميّزة في هذه الدورة». وهي تطمح للتقدّم في المؤسّسة بحسب اختصاصها والتخصّص بعلم نفس الجريمة Criminology.
أمّا الجندي المتمرّن جويل يوسف المتخصّصة بالعلاج الفيزيائي، فتقول عن تجربتها هذه: «لقد اختلف الأمر... في الحياة المدنية هناك أوقات راحة غير موجودة في يوميات العسكري. الواجب قبل أي شيء آخر. المؤسّسة تستحق التضحية، وهذه البزّة التي أرتديها تشعرني بالفخر».

 

إلى الوروار
في الوروار جنود إناث تطوّعنَ لمصلحة الشرطة العسكرية ومديرية التوجيه وكلية القيادة والأركان، يتدرّبنَ يوميًا بإشراف مدير الدورة النقيب إدي طراد الذي يعتبر أن وجود الأنثى في الجيش مازال يحظى ببعض الخصوصية. ويشرح: هذه الدورة ضرورية وإلزامية لزرع المبادئ والأفكار والتوجيهات وأسس الحياة العسكرية لدى كل فرد يرغب التطوّع في المؤسّسة. مع الفتيات يختلف الأسلوب قليلًا، فالأمر يتطلّب وقتًا أطول للتأقلم مع الأوامر العسكرية الصارمة.
تأتي الفتيات إلى مركز التدريب يوميًا ويغادرنَ في نهاية الدوام إلى منازلهنَّ. ويتضمّن البرنامج في مرحلته الأولى: العلوم العسكرية الأساسية والأفعال الفردية للمقاتل والرياضة الإجمالية. وفي المرحلة الثانية دروسًا في النظام المرصوص وعلم الأسلحة ووضعيات الرمي، بالإضافة إلى قراءة الخرائط وحفظ الأمن وتمارين السير، ليخضعنَ في الختام لامتحان نهاية المكتب ومعمودية النار.
يشيد مدير الدورة بالفتيات المتمرّنات: جميعهنَّ متعلمات ومثقفات وهذا الأمر ساهم في رفع نسبة الاستيعاب لديهنَّ. هنَّ على قناعة تامة بما يقمنَ به، ينفّذنَ كل المطلوب حتى الأمور الصعبة التي قد تكون خاصة بالذكور. يُطِعنَ الأوامر ونشعر يوميًا باندفاعهنَّ لتعلّم كل جديد في الحياة العسكرية، مثل النظام المرصوص الذي كنَّ يشاهدنَه فقط على شاشات التلفزيون واليوم هنَّ ينفّذنَه بحماسة، وكذلك استخدام الأسلحة وفكّها وتركيبها، الأمر الذي جعلهنَّ فخورات بأنفسهنَّ فمن النادر أن نرى فتاة تستخدم سلاحًا.
يشير النقيب طراد إلى أنّ دور الفتاة مهمّ جدًا في الجيش اللبناني وتحديدًا في الشرطة العسكرية، ويقول: نحتاج المرأة في عدّة مجالات وخصوصًا في التحقيق مع الإناث، وتفتيشهنَّ وفي سجن النساء، وفي الأدلّة الجنائيّة. وهنَّ قادرات من خلال علمهنَّ وثقافتهنَّ وخبراتهنَّ، على تطوير عمل أمانة السرّ في المكاتب.

 

في الصفوف
تمّ توزيع الفتيات في هذه الدورة وفق التقسيم العسكري: فصيلتان، تقسّم كل منهما إلى حضائر، وتتضمّن تلميذ خدمة وآمر فصيلة ولكلٍّ دوره. آمر الحضيرة يعدّ عناصره ويعطي التعداد لتلميذ الخدمة الذي بدوره يقدّم الصف للضابط. بهذه الطريقة يتعلّمنَ إعطاء الأوامر فتقوى شخصيّاتهنَّ، يشرح النقيب طراد.

 

«بنت قبضاي»
ترافق الفتيات في فترة التدريب، مدرّبات إناث لديهنَّ خبرتهنَّ في الحياة العسكرية. التقينا الرقيب أول جورجيت فاعور (رتيب انضباط في الدورة) التي تتحدّث عن دور الفتيات في الجيش بحماسة واندفاع: «نحن عسكر... ممنوع الغنج...» وتضيف: أنتنَّ اخترتنَّ الحياة العسكرية، وعليكنَّ التزام ضوابطها وتحمّل مشقّاتها. من ترتدي البزّة العسكرية تبقى بكامل أنوثتها، ولكن عليها أن تدرك أنها أصبحت عسكريًا يلتزم الأوامر والتعليمات والقوانين، عليها أن تكون «بنت قبضاي أخت الرجال»!
بدوره يشير رتيب انضباط الدورة المؤهل أول حبيب طانيوس إلى أنّ التدريب مع الإناث يختلف من حيث حساسيّتهنَّ ودقّة التعامل والحديث معهنَّ، وهنَّ يحتجنَ إلى وقت أطول للتحوّل من الفكر المدني إلى الفكر العسكري. في المقابل جميعهنَّ على مستوًى عالٍ من التعليم، واختصاصاتهنَّ متنوّعة ومفيدة للمؤسّسة، ونحن نزوّدهنَّ العلوم العسكرية التي تحدّد تصرّفاتهنَّ مع الآخرين وحقوقهنَّ وواجباتهنَّ.

 

رياضيًّا سِر
في ساحة التدريب تنفّذ الفتيات النظام المرصوص، ورؤيتهنَّ بهذا التنظيم والدقّة والإصرار يزرع الفخر في قلب من يشاهدهنَّ، وخصوصًا مدير الدورة الذي يقول: يتدرّبنَ على المرصوص منذ أسبوعَين فقط، وها هنَّ ينفّذنَ التدريبات على أفضل وجه.
«اعتبارًا من الحضيرة الأولى باتجاه القاعة رياضيًا سِر»... تعطي تلميذ الخدمة هذا الأمر، فتسير الفتيات بالنظام نحو قاعة الدروس حيث يبدأ درس عن السلاح م16. أمامهنَّ بطاقة تعليميّة حول تفكيك السلاح وتركيبه، يشرح لهنَّ النقيب طراد الدرس وتقوم كل فتاة بتطبيق عملي حتى تترسّخ المعلومات في ذهنها فيتبدّد خوفها من السلاح بعد أن تتعلّم تدابير الحيطة الضروريّة لتجنّب أي حادث ذا صلة.
الجندي المتمرّن دانيال سعاده متطوّعة لمصلحة مديرية التوجيه، تشعر منذ صغرها برهبة البزّة العسكرية وتحب النظام والانضباط. تخصّصت في الإخراج والتصوير بالإضافة إلى أمانة السرّ، وهي اليوم تخوض تجربة الحياة العسكرية بشجاعة واندفاع.
تخبرنا: أكثر ما أحبّه هو النظام المرصوص وأنتظر تجربة الرماية بفارغ الصبر، لا أجد أي صعوبات لأنني شخص يتكيّف مع مختلف الظروف. وتضيف: إنها تجربة جديدة تجعل الناس ينظرون إلينا كفتيات في الجيش إمّا باستغراب وإما بفخر، وبرأيي «صار لازم يعرفوا العالم» أنّ المرأة إلى جانب أنوثتها تتمتّع بالانضباط والقساوة، وقادرة على التنفيذ مثل أي رجل. وإذا قيل لي لا يمكنك... أصرّ على إثبات العكس.
أطمح لأن أترك أثرًا إيجابيًا في أي مكان أكون فيه وفي أي مهمّة أوكل بها.

 

الوصول إلى أعلى المراكز
الجندي المتمرّن ماري- رين كلّاس تطوّعت لمصلحة كلية القيادة والأركان، تابعت عدّة اختصاصات منها أمانة السرّ والإدارة والتسويق والتعليم، تخبرنا عن رأيها بهذه التجربة: نحن نعيش في نظام عسكري في المنزل (أبي وأخي في الجيش). لديّ فكرة عن النظام والتدريبات، ومهما كانت الصعاب لن أتراجع وإذا تمّ افتتاح دورات أخرى متقدّمة وفيها خطورة، لن أتردّد في المشاركة.
لم يتقبّل أهلي فكرة دخولي إلى المؤسّسة كوني فتاة وحيدة، ولكنّني أصرّيت وهذا ما أريده.
تحب الجندي المتمرّن أنجوا بو راشد المتخصّصة في الحقوق والمتطوّعة لمصلحة الشرطة العسكرية، أن تتحدّى نفسها وتنفّذ مهمّات تتطلّب القوة ولا تستطيع كل الفتيات القيام بها. وتخبرنا: أحب بلوغ أعلى المراكز في المؤسّسة وسوف أقوم بكل ما يتطلّبه الأمر علميًا وعملانيًا لأحقّق طموحي.
بدورها تعبّر الجندي المتمرّن في الشرطة العسكرية باميلا طنّوس (اختصاص حقوق)، عن فرحها وفخرها بالانتساب إلى المؤسّسة العسكرية وتقول: نحن نساء لكننا قادرات على تحمّل المشقّات...

 

نظرة أخرى
اختصاص الجندي المتمرّن كاترينا صيداوي مميّز ونادر في لبنان وهو العلوم الجنائية، وقد دفعها حبّها للمؤسّسة العسكرية إلى التطوّع في صفوفها. تقول: تطوّعت لمصلحة الشرطة العسكرية لأنهم بحاجة إلى اختصاصي وأنا أطمح لأن أصبح في عداد وحدة الأدلّة الجنائيّة.
وتضيف: بفضل التدريبات التي نتابعها نتعلّم الانضباط والنظام وننمّي ثقتنا بأنفسنا. وأكثر ما لاحظته من تغيّر في حياتي هو اختلاف نظرتي إلى الأمور، إذ بات لديّ نظرة أمنية عسكرية.
غادرنا متمنّين للفتيات أن يحقّقنَ أعلى المراكز في المؤسّسة، وفي قلبنا ثقة بأنهنَّ سيَكُنَّ على قدر المسؤولية التي ستعطى لهنَّ، وسيُثبِتنَ للجميع أن الفتاة في المؤسّسة العسكرية ركن أساسي.