العوافي يا وطن

إنتشار متواصل وتدابير مكثّفة
إعداد: باسكال معوض بو مارون
تصوير: الرقيب وجيه نصر

في قلب بيروت النابض يتمركز فوج التدخل الرابع، المهمة على جانب كبير من الدقة: حفظ الأمن في محيط تكثر فيه الحوادث والإشكالات الأمنية.
الانتشار الكثيف للجيش أشاع أجواء الإطمئنان بين المواطنين الذين تجاوبوا بشكل ملحوظ مع التدابير المتخذة، ومدّ العسكريين بمزيد من الاندفاع حسب ما عاينّاه في هذه الجولة.

 

فوج التدخل الرابع

قائد الفوج:سيطرة كاملة على القطاع
قائد الفوج العقيد الركن عبد السلام سمحات تحدث عن الإجراءات الإستثنائية التي اتخذها الفوج قائلاً: تمت زيادة الإجراءات بشكل كبير نسبياً حيث تصاعدت وتيرة الدوريات لتصبح على مدار الساعة، كما تضاعفت أعداد مراكز المراقبة لتشمل الأحياء كافة، كذلك أصبح العديد الموجود على الأرض أكبر من السابق حيث استحضرت القيادة سريتين من الفوج المجوقل لمؤازرتنا وأخريين من اللواء الحادي عشر.
والجدير بالذكر أنه ومع وصول اللواء الثاني من الجنوب وتسلّمه بعض المناطق التي كانت في عهدتنا، أصبح قطاعنا أصغر والسيطرة عليه أصبحت كاملة وتامة.
هذه التدابير كلها اتخذت في الحادي عشر من شهر تشرين الثاني الماضي، ومعها وصلت جهوزية العسكر الى التسعين في المئة للتصدي لأي حادث أو طارئ قد يحصل في ظل هذا الجو المتوتر في البلاد.

 

أمن الوطن فوق كل اعتبار
حيث تتمركز السرية الأولى للفوج بإمرة الرائد المغوار غابي حبيب مجموعة من العسكريين يتلقون تعليمات جديدة تتعلق بعملهم الحيوي في المنطقة التي يتولون أمنها، وبابتسامة عريضة قال الرائد حبيب: منذ ثلاث سنوات ازدهر عملنا جداً! لقد تصاعدت وتيرة «الحجز» وأصبحت أسهمه عالية جداً في هذه المؤسسة لأنها دعامة الأمن الأساسية في هذا الوطن. مسؤولياتنا اليوم كبيرة جداً أما ثقة الشعب بنا فأهم وأكبر.
وأضاف: لن نبتعد عن الشر بل سنقترب منه  ونقطع دابره تماماً. هدف القيادة استقرار البلد وسلامة المواطن، مؤسستنا ليست طرفاً في النزاع الحاصل وهذا ما يجعل قراراتها وتدابيرها مقبولة من الجميع.
أمّا عن الفرق بين المهمات القتالية ومهمة حفظ الأمن فقال: المهمات القتالية أسهل إذا صح القول لأن العدو معروف ومواجهته تكون بكل السبل المتاحة، بينما ينبغي توخي الحذر والدقة خلال عمليات حفظ الأمن ما يجعل المهمة أصعب.وختم الرائد حبيب قائلاً: الضغط كبير على الجيش لكننا حاضرون كما دوماً للمواجهة، يبقى الضغط الأكبر من عائلاتنا، نسرق الوقت لرؤيتهم ساعات معدودة في الأسبوع، لكن أمن الوطن فوق كل اعتبار.

 

محبة المواطنين «بتكبّرلنا قلبنا»
على أحد حواجز الفوج كانت تحيات أحد المواطنين تزرع ابتسامة على ثغر الرقيب بشير نجم من السرية الثانية المسؤول عن الحاجز الذي بادرنا بالقول: «تجاوب المواطنين الكبير يسهّل مهمتنا جداً. فهم يحبون الجيش كثيراً وكلماتهم الدائمة هي «الله يعطيكن العافية»، «الله يقويكن»، «عوافي يا وطن»؛ هذه المحبة من المواطن «بتكبرلنا قلبنا» وتدفعنا الى العمل باندفاع وحماسة أكبر.
وأشار الرقيب نجم الى أن الجيش في هذه المرحلة هو المنقذ الوحيد من الأزمة، لذلك فإن مسؤولية العسكري كبيرة، والتزامه ومناقبيته أكبر، وهو مستعد لتنفيذ أية مهمة توكل اليه، خصوصاً أن لا تهاون في الأمن أبداً!
أما الرقيب الأول نبيه عقيل من السرية الأولى فيرى أن آمال الشعب معلّقة اليوم على دور الجيش الحاسم في الحفاظ على الاستقرار في البلاد. مسؤوليتنا في هذا الإطار كبيرة جداً، لأن الأمن حيوي جداً خصوصاً في هذه المرحلة، إن المهمة الملقاة على عاتقنا في هذه المنطقة تشكّل جزءاً هاماً من أمن البلاد وهذا ما نعمل ونسعى اليه ولو كانت حياتنا هي الثمن، فهذا عملنا وهذا شعبنا ووطننا، وواجبنا كان وسيبقى تأمين سلامة الوطن وأمنه واستقراره. إننا نبقى ساعات متواصلة على الحاجز وأياماً طويلة في العمل، ولا نشعر بأي تعب أو ملل، لأن التنفيذ الصحيح لمهماتنا ينأى بأمن وطننا عن أي خطر يتهدده، أما عائلاتنا فقد اعتادت هذا الوضع.

 

أبعد من الواجب
أمام الملالة المتمركزة في أحد أحياء بيروت وقف عدد من الجنود مع الضابط المسؤول عنهم يراقبون، يفتشون ويدققون، وجلّ اهتمامهم عدم ترك أي شخص أو حادث يعكّر صفو الأمن المستتب في الحي.
جنود نقطة المراقبة هذه هم من اللواء الحادي عشر المفصولين عملانياً مع فوج التدخل الرابع منذ ستة أشهر. تحديداً إنها السرية 1106 التي التقينا قائدها المقدّم نعيم طرّاف والذي بادرنا بالقول: إن التدابير التي تنفّذ في قطاع بيروت والضواحي تتم بشكل متواصل وهدفها الأول الحفاظ على الأمن ومنع التعديات على الأملاك الخاصة والعامة.
وأكد المقدّم طرّاف عند سؤاله عن التفاعل بين العسكر والمدنيين عموماً: كل همّنا هو راحة المواطن وسلامته وهو أمر انعكس إيجاباً على تعاطيه اليومي معنا، ما جعل معنويات العناصر في ذروتها. والجدير بالذكر أن جميع المواطنين يعاملون معاملة متساوية فليس من فرق بين مواطن وآخر لأي جهة انتموا أو تحت أي لواء انضووا.

 

كل الأمور تحت السيطرة
عن الحوادث التي حصلت في القطاع قال المقدّم طرّاف: كل الأمور تحت السيطرة والحوادث كلها كانت نوعاً ما فردية، إلاّ أن تطويقنا لها وحصرها في نطاقها الضيق حال دون توسعها.
وختم المقدّم طرّاف بالقول: هذه المهمات هي جزء من عملنا اليومي الذي نحرص على تنفيذه بحسب توجيهات قيادتنا الحكيمة.  
ومن على الملالة المتمركزة، أكّد الجندي زياد العويك من اللواء الحادي عشر السرية 1106، على المعنويات العالية والشعور بالفخر والاعتزاز للاعتماد على الجيش وعناصره في مهمة دقيقة كهذه.
واستطرد الجندي العويك قائلاً: لقد أمضيت حوالى 40 يوماً في معركة نهر البارد أعالج المصابين وأرى بطولات الجنود، إلاّ أن دوري اليوم في مهمة حفظ الأمن ونظرات المدنيين المحبّة إليّ، تجعلني أتخطى حدود الواجب لأصل الى التضحية في سبيل الوطن.
أمّا الرقيب أحمد مرسل من السرية ذاتها فشرح أن المهمة هي لحماية المواطنين ومنع التعديات على الأملاك. وأضاف: نحن اليوم في الواجهة والأنظار شاخصة صوبنا، فالبلد بحاجة الينا أكثر من أي وقت مضى لأننا دعامة الوطن وضمانته.
وعند سؤاله عن معنوياته ورفاقه يقول: نشعر بالفخر لكوننا ننتمي الى هذه المؤسسة، ومعنوياتنا تطال السماء، فحين يمر المواطنون من أمامنا نرى في عيونهم نظرات الثقة والأمل والتقدير، نشعر بالمسؤولية، مهمتنا صعبة لكن وبإذن الله «نحن لها» حتى النهاية.