أخبار جيشنا

إنطلاقاً من إحترام المواثيق والأعراف الدولية تعاون دائم بين الجيش والصليب الأحمر
إعداد: نينا عقل خليل

وحلقة تدريبية في كلية القيادة والأركان حول قانون النزاعات المسلّحة

 

نظراً لتفاقم الصراعات والنزاعات المسلحة في العالم وما يشهده من خروقات وانتهاكات لحرية الإنسان وحقوقه, وضعت المنظمات الدولية إتفاقيات ووثائق قانونية عدة خاصة بالنزاعات المسلحة. ومن بينها إتفاقيات جنيف سنة 1949 التي شملت مرضى وجرحى القوات المسلحة في البر وجرحى وغرقى القوات المسلحة في البحر ومعاملة أسرى الحرب وحماية الضحايا المدنيين, الى إتفاقية 1972 الخاصة بحظر إستخدام وإنتاج وتخزين الأسلحة البيولوجية والسامة وتدميرها.
ولبنان من الدول التي عانت كثيراً من الإعتداءات الإسرائيلية منذ عام 1948 وحتى اليوم, وهو لم ينفك يطالب بتطبيق القوانين الدولية وقرارات الأمم المتحدة والإلتزام بقانون النزاعات المسلحة, ومعاقبة العدو الإسرائيلي لإرتكابه المجازر الواحدة تلو الأخرى.
ويعلّق الجيش اللبناني أهمية كبرى على قانون النزاعات المسلحة, لا سيما وأن ثمة قوات حفظ سلام دولية تنتشر على الحدود الجنوبية, وهي كانت ولا تزال معنية مباشرة بتطبيق القوانين الدولية المتعلقة بالنزاعات المسلحة.
وضمن دائرة إهتمام الجيش بتطبيق هذا القانون, وفي إطار التعاون بينه وبين اللجنة الدولية للصليب الأحمر في نشر قانون النزاعات المسلحة, والتدريب عليه, نظمت بعثة اللجنة الدولية في لبنان حلقة تدريبية في كلية القيادة والأركان حول قانون النزاعات المسلحة, ترأسها العقيد المتقاعد سيرج برجوا من الجيش البلجيكي, وأشرف عليها رئيس مركز البحوث الإستراتيجية العسكرية في الكلية العقيد الركن علي عواد. كما شارك في الحلقة التي استمرت من 8/5/2002 ولغاية 15/5/2002, 26 ضابطاً من مختلف وحدات وقطع الجيش اللبناني.
برنامج الدورة تضمن تعليم قواعد ومبادئ وأحكام الإتفاقيات والمعاهدات المكونة لقانون النزاعات المسلحة, وكيفية تدريبها في وحدات وقطع الجيش اللبناني, وسبل تطبيق هذه الأحكام أثناء السلم وأثناء خوض العمليات العسكرية والقتالية.
في نهاية الحلقة التدريبية جرى حفل تخريج للضباط المشاركين في قاعة المحاضرات في الكلية, حضره قائد الكلية العميد الركن عباس نصرالله ممثلاً العماد قائد الجيش والمدربون من بعثة اللجنة الدولية للصليب الاحمر في لبنان. بداية جرى عرض لفيلم وثائقي حول النزاعات والحروب التي شهدها العالم في مراحل تاريخية مختلفة, والتي ما زال بعضها مستمراً في الألفية الجديدة, الى الإنتهاكات التي يتعرض لها المدنيون والإتفاقيات والأعراف الدولية للنزاعات المسلحة...

 

بعدها ألقى ممثل قائد الجيش العميد الركن عباس نصرالله كلمة تطرق فيها الى مصادر قانون النزاعات, وهنا نص الكلمة:
حضرة ممثل اللجنة الدولية للصليب الأحمر في لبنان

أيها الضباط المتخرجون
كانت الحرب, التي عانت منها الإنسـانية خلال ما هو معروف في تاريخها المأساة الأعمق للبشرية. وقد ظلـت حتى عهد قريب, تعد الوسيلة الحاسمة لتسوية النزاعات الدولية, تؤدي الى إنتصار طرف على آخر لإنهاء النزاع وفرض الإستسلام, وكان يعترف للمنتصر بحقوقه الكاملة على الطرف الآخر.
من عمق معاناة الإنسان وآلامه, إهتدى هذا الأخير بعد أن خسر ملايين الضحايا, الى صيغة تجنبه قسماً من هذه الآلام, والصيغة التي واجهت صعوبات قبل قبولها من قبل معظم دول العالم, سميت إصطلاحاً بقانون الحرب وحديثاً بقانون النزاعات المسلحة. وهو وإن كان مشابهاً لمفهوم قانون الحرب فهو أيضاً مختلف لأن الحروب تكون بين دول مستقلة, أما النزاعات فقد تكون بين جماعات داخل كل دولة. وبذلك أصبح القانون أكثر شمولاً يتناول كل إشتباك مسلح أو إنقلاب أو ثورة أهلية, وذلك بهدف حماية السكان المدنيين خلال تلك النزاعات حتى ولو كانت داخلية. أما مصادر قانون النزاعات المسلحة فهي الإتفاقيات والأعراف الدولية وأهمها الوثائق القانونية الدولية الخاصة بالنزاعات المسلحة:
­ مؤتمرات لاهاي في سنة 1899 و1907 المتعلقة ببداية الأعمال العسكرية وقوانين الحرب وتقاليدها وحقوق الدول الحيادية وتحويل السفن التجارية الى حربية.
­ إتفاقيات جنيف سنة 1949 والتي شملت مرضى وجرحى القوات المسلحة في البر وجرحى وغرقى القوات المسلحة في البحر ومعاملة أسرى الحرب وحماية الضحايا المدنيين.
­ وفي العام 1977 تم إعتماد بروتوكولين, الأول لحماية ضحايا المنازعات المسلحة الدولية والثاني يتعلق بضحايا المنازعات المسلحة المحلية.

 

أما أهم الإتفاقيات الدولية فهي:
1­ بروتوكول جنيف للعام 1925, الخاص بحظر الإستعمال الحربي للغازات الخانقة أو السامة أو البكتريولوجية.
2­ إتفاقية لاهاي لعام 1954, الخاصة بحماية الممتلكات الثقافية.
3­ إتفاقية 1972 الخاصة بحظر إستخدام وإنتاج وتخزين الأسلحة البيولوجية والسامة وتدميرها.
4­ برتوكول 1977, حول حماية السكان المدنيين وتجنب التسبب بالآلام التي لا مبرر لها وحماية البيئة.
كما صدرت عن الأمم المتحدة نصوص تتعلق بالوضع القانوني للمقاتلين الذين يناضلون ضد الأنظمة الإستعمارية والعنصرية من أجل تقرير المصير (1973). الى المبادئ الرئيسية لحماية السكان المدنيين في أوقات النزاعات المسلحة (1970).

 

أما أهم المبادئ القانونية فهي:
1­ تقيّد الأطراف المحاربة بوسائل وطرق إدارة الحرب.
2­ منع أو تقييد إستعمال الوسائل العسكرية ذات الدمار المفرط كأسلحة الدمار الشامل.
3­ تنظيم حالة الحياد للدول غير المشاركة في النزاع المسلح.
4­ حماية السكان المدنيين.

 

إن لبنان الذي عانى من الإعتداءات الإسرائيلية منذ عام 1948, كان ولا يزال يطالب بتطبيق القوانين الدولية وقرارات الأمم المتحدة والإلتزام بقانون النزاعات المسلحة ومعاقبة العدو الإسرائيلي, لارتكابه المجازر منذ مجزرة حولا عام 1948 التي ذهب ضحيتها 70 شخصاً, مروراً بمجزرة قانا التي حدثت في موقع للأمم المتحدة لأكثر من مئة مواطن مدني معظمهم من النساء والأطفال لجأوا الى خيمة تابعة للأمم المتحدة. يضاف الى ذلك إرتكاب المجازر المتكررة ضد الشعب الفلسطيني وآخرها مجزرة جنين.
كما وإن قانون النزاعات المسلحة يلقى إهتماماً خاصاً بالنسبة للجيش اللبناني, خاصة وأن قوات حفظ سلام دولية تنتشر على الحدود الجنوبية, وهي كانت ولا تزال معنية مباشرة بتطبيق القوانين الدولية المتعلقة بالنزاعات المسلحة.
هذا من ناحية, ومن ناحية أخرى, فقد قطع الجيش اللبناني أشواطاً تعتبر متقدمة في تدريس وتعميم مضمون هذه القوانين على العسكريين كافة, ومن مختلف الرتب. ويعتبر تعاونه مع اللجنة الدولية للصليب الأحمر متميزاً, لجهة إنتداب ضباط من الجيش للتدريب في هذه المادة, أو للتدريب في هذه المادة, أو التدرب عليها في المؤسسة الدولية للقانون الإنساني في مدينة سان ريمو ­ إيطاليا. وكذلك في تدريسها في كلية القيادة والأركان, وفي المدرسة الحربية وفي معهد التعليم. وهدفنا من هذه الحلقة الدراسية اليوم, هو تدريب ضباط من كافة الوحدات, لتكليفهم مستقبلاً بتعليم هذه القوانين في وحداتهم, أو الإشراف على تعليمها, بغية تعميم الفائدة على العسكريين كافة. وتجدر الإشارة هنا, الى أن منشوراتنا العسكرية المختلفة تتناول أحياناً كثيرة وفي أبواب مختلفة منها, إرشادات وتعليمات ودراسات تتعلق بتطبيق قانون الحرب.
ويبقى السؤال الهام وهو:
ما جدوى تعليم هذه المادة لكافة العسكريين, وخاصة الضباط؟

 

ونلخص الإجابة على ذلك فنقول, إننا نتعلم قانون النزاعات المسلحة ونلتزم بتطبيقه للأسباب الآتية:
أولاً: إحتراماً للإتفاقيات الموقّعة بين الدول (هناك 188 دولة وقّعت على إتفاقيات جنيف أي معظم الدول).
ثانياً: معرفة كيفية تطبيق قوانين النزاعات المسلحة من قبل القوات المسلحة نفسها, في حالتي الحرب والسلم.
ثالثاً: إلمام القادة العسكريين بهذه التعليمات وتحميلهم المسؤولية في ما خص تطبيق وتنفيذ هذه التعليمات من قبل جميع العاملين بإمرتهم.
رابعاً: إعتبار قانون الحرب ومؤتمرات جنيف جزءاً لا يتجزأ من التعليمات العسكرية المعممة على العسكريين, وتحديداً لجهة مساءلة ومحاسبة المسؤول عن عدم تنفيذ هذه التعليمات والإجراءات المناسبة بحق المخالفين.
أختم لأتقدم بإسم قيادة الجيش بالشكر الجزيل للجنة الدولية للصليب الأحمر عبر ممثلها في لبنان, على تعاونها طالباً منكم بذل الجهود المطلوبة لتحقيق الإستفادة القصوى من هذه الدورة.

عشتم وعاش الجيش وعاش لبنان

 

ختاماً وزّع العميد نصرالله الشهادات على الضباط المتخرجين, كما قدّم درع الكلية لرئيس البعثة العقيد سيرج برجوا الذي ساهم في إنجاح الحلقة التدريبية.